يلزمني أولاً الإعتذار للقراء والزملاء، وإدارة تحرير الصحيفة الذين يضجرهم شغل مساحة العمود بمادة لغير صاحبه العبد الفقير لله. ونستميحهم جميعاً عذراً في نشر الرسالة أدناه التي تخيرناها من بين العديدات لإتاحة الفرصة للرأي الناقد لبعض ما نكتب إيماناً بحق الآخر المختلف في إحترام رأيه وإتاحة الفرصة له، وإن كان لنا من تعليق على إتهام صاحب الرسالة لنا بعدم الموضوعية في بعض ما نكتب فلن نزيد على القول له صح إتهامه أو لم يصح، ومن أين نأتي لك بالموضوعية يا صاح في وضع كله مأزوم وغير موضوعي والجزاء من جنس العمل وما بني على باطل فهو باطل كما يقولون...
كتب الأستاذ / حيدر المكاشفي في عموده «بشفافية» بالعدد 6613 بتاريخ 72/21/1102م واصفاً خليل إبراهيم بالراحل «الكبير» والشجاع الباحث عن الموت، داعياً المؤتمر الوطني لطي الأعلام حداداً على وفاته وإعترافاً ببطولاته كما فعل «ونستون تشرشل» الذي أثني على شجاعة أنصار الإمام المهدي عليه السلام.
أتابع يومياً ما يسطره المكاشفي، وهو ما ينفك يكتب ويعيد ما يكتب وكلها مواضيع لا تخرج عن ذم الإنقاذ وأهل الإنقاذ، وكأن الله قد خلقهم براء من كل محمدة، وينسى أنه يحدثنا في ذات الموضوع أعلاه عن الأخلاق المرعية إعترافاً بفضل الآخرين .
و في بعض ما يكتبه لا يصدر عن فكر أو رؤية بل ضغينة نتلمسها لا تخطئها العين ولا تعرف كنه مصدرها. فما بال الرجل يكيل الثناء لخليل القيادي الإسلامي الإنقاذي، شئ لم نسمع به منه ولم يصرح به إلا بعد إنقلاب خليل على الإنقاذ.
أكاد أجزم أنه لو إشتعل عود ثقاب لأكد المكاشفي أن الخرطوم تشتعل، ولو شاهد طابوراً لرياض أطفال في طريقهم لحافلة تنقلهم لحدثنا الرجل بغلظة الإنقاذ في إخماد المسيرات. ونستون تشرشل يفرق تماماً بين أصحاب الرسالات وبين شذاذ الآفاق الذين جعلوا من القتل مهنة في سبيل إستعلاء عنصري مزعوم فهل سمع أحد أنه أشاد ببطولات جيش الفوهرر أو ببطولات جيش موسولينى أو أفراد الجيش الايرلندي؟ فالإقدام والجسارة ترفدها قيم الوطن وقيم الحق وهذه ماتحلى بها الأنصار وإعترف بها السياسي البريطاني .
فما القيم التي دافع عنها خليل وطلب من أجلها الموت؟ هل هي قيم الوطنية التي هبطت عليه وهو يعقد مؤتمر جماعته الأول بألمانيا وليس دارفور؟ أم هو إستجداؤه المنظمات الكنسية لتمده بالمال والسلاح؟ أم استمد مثله الرفيعة من مكتبه بجناحه الخاص بأرقى الفنادق الليبية وليس من معسكرات النازحين أم المناصب والأموال المحتكرة لذوي القربى والعشيرة.
وما هي مكامن العظمة في الرجل وهو يقتل العزل الأبرياء في طرابلس إرضاءً لولي نعمته ومموّل حملته. وماهي مواصفات «الكبير» التي يتصف بها وهو يهاجم القرى الوادعة في كردفان ودارفور ويرتهن أطفالها أسرى نفس ترى أن الله قد خصها لتطهير هذا الوطن من سحنات تري أنها لا تتجانس مع سمرة هذه القارة.
وما المثل الاعلى الذي قاتل من أجله خليل أهو الكتاب الأسود والذي لايضارعه سوءاً سوي «برتوكولات حكماء صهيون» تجمع بينها كراهية الآخر وتجريده من كل قيمه والدعوة لسلبه من كل منفعة.
فالذين يعنيهم خليل في كتابه لم يبغوا على أحد ولم ينهبوا مال أحد ساهموا عن طيب خاطر في نشر العلم والثقافة في كل أرجاء الوطن دون منٍ أو أذي. تصاهروا مع كل قبائل السودان فكان نسيج الوسط هو وعاء السودان الجامع الذي يحفظ قيمه ومثله وحضارته وليس البحر حكراً لقبيلة ولايحرم منه وارد. فلماذا يؤكد خليل أن حدود دارفور هي مصر ودنقلا وكوستي، ولحساب من يحاول الغاء ولايات ما كانت قط منبتةً عن أرض هذا الوطن ؟
«أولاد البحر» قد سمعوا الصوت الذي أكده خليل لأطفاله من المقاتلين قبل غزو أم درمان وهو يهيب بهم «أسمعوا صوت الجبخانة لأولاد البحر» سمعنا وفهمنا ونعلم ان خليل ومن لفّ لفه الحلو/ وعقار وعبد الواحد يرفعون راية التهميش وجنة المركز؟ لا لقضية نحمدها لهم؟ فليس في الشمال أو الوسط ما نملكه ولا يملكه الآخرون؟ ولكنهم يستهدفون تفكيك الروابط الاجتماعية والاقتصادية وإبدالها بتركيبة عنصرية كما حدث في زنجبار وراوندا والبوسنة وداغستان. وهذا ما نستوعبه تماماً؟ نتدارسه في مجالسنا وأنديتنا ونعلّمه لتلاميذنا وطلابنا في المدارس، فالأمر لم يعد أمر دين فللبيت رب يحميه، إنما الأمر حياة أو موت أخذنا الحيطة واخترنا المعسكر الذي يشبهنا بقيمه وعاداته وتراثه.
أما القضايا التي تحبرُ بها الصفحات كالديمقراطية والفساد والحكومة العريضة وأموال الدستوريين فلاشك إنكم تحسنون الكتابة حولها ويلازمكم فيها الكثير من الصواب ولكن هذا الصواب لن يصرفنا أبداً عن رؤية أشجار نراها تتحرك.
عثمان محمد عبد الدائم
الولاية الشمالية
دنقلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق