الأحد، 22 يناير 2012

المزكرة


{ المذكرة التصحيحية التي رفعتها مجموعة غير قليلة من أعضاء الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني مؤخراً، لا تشبه (مذكرة العشرة) التي افضت مآلاتها إلى انقسام حزب (الإسلاميين) الحاكم إلى حزبين، فتلك وقعتها (عشر) قيادات من أبرز رموز الحزب والحركة، في مواجهة قبضة (شيخ) الحركة، بإسناد المؤسسة العسكرية والقصر الرئاسي.
{ مذكرة العشرة تلاها الأستاذ «سيد الخطيب» داخل اجتماع لهيئة شورى المؤتمر الوطني في العام (1998) بينما كان الدكتور «الترابي» على المنصة يراقب صاحب المذكرة مدير مكتبه السابق بدهشة وعجب!! المذكرة كانت مباغتة وموجعة، ولذا ترصد (الشيخ) الموقعين عليها.. واحداً تلو واحد، ثم أسقطهم بالجملة في انتخابات التصعيد للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني عام (1999)!! ولم ينج منهم إلا «غازي صلاح الدين» بفضل معاونة المرحوم «مجذوب الخليفة» الذي كان يمسك بالكليات الانتخابية التابعة لولاية الخرطوم بتدابير أرهقت (جماعة الشيخ) فتسرب منها «غازي»!! بينما سقط «إبراهيم أحمد عمر» و»أحمد علي الإمام» و»عثمان خالد مضوي» و»سيد الخطيب» - نفسه - وبقية العشرة.
{ تداعيات المذكرة، وليست بنودها، هي التي أفضت إلى المفاصلة الشهيرة وصدور قرارات (الرابع من رمضان 12/ 12 /1999) القاضية بحل البرلمان الذي كان يرأسه الدكتور «الترابي» ثم حل الأمانة العامة للمؤتمر الوطني، ليخرج (الشيخ) الغاضب إلى ساحة أخرى وحزب آخر هو حزب (المؤتمر الوطني الشعبي)، ليتم إسقاط كلمة (الوطني) - لاحقاً - في سياق التبرؤ الكامل من ذلك التاريخ!!
{ المذكرة التصحيحية الجديدة مؤرخة بشهر (ديسمبر)، وهو ذات الشهر الذي شهد التغيير الأكبر في مسيرة حكم الحركة الإسلامية للسودان، لكنها لم تحمل توقيعات، كمذكرة «سيد» وإخوانه، ربما لأن العدد أكبر هذه المرة، عشرات وربما مئات!! وربما لضرورات (تأمينية) حتى لا يتم استهداف أبرز الموقعين وأنشطهم.
{ البروفيسور «إبراهيم أحمد عمر» أكد على موضوعية ومشروعية مطالب المذكرة، وكذا قال الدكتور «قطبي المهدي»، ولكن ماذا سيفعل المؤتمر الوطني في التعامل مع هذه الأفكار؟ هل سيلجأ إلى سياسة (التخدير) وكسب الوقت على طريقة تفكير بعض القيادات؟!
{ المذكرة تتحدث عن ضرورة إقرار دولة العدالة والقانون واعتماد شفافية ونزاهة الانتخابات، حتى ولو كانت النتيجة السقوط في الانتخابات!! المذكرة تطالب بمحاسبة رموز الفساد وعدم التستر على أخطاء المسؤولين، وتكثيف جرعات التربية الروحية والعودة إلى مرتكزات الحركة الإسلامية في التربية والدين.
{ هذه المذكرة - في رأيي - لن تقود إلى مفاصلة جديدة، ولن تشق صف المؤتمر الوطني، بل على العكس، ستوحده، ولكن صوب وجهة أخرى، باتجاه (التغيير).. التغيير الحقيقي، الذي سيكفي البلاد مخاطر التجارب (التونسية)، (المصرية)، (الليبية)، (اليمنية) و(السورية).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق