الأحد، 29 يناير 2012

العيون


بلا جدال فإنّ عيون المرء من النعم التي أنعم بها الله عليه وحظيت باهتمام من قبل الشعراء والمتيمين والمغنيين منذ القدم ، فكم من شاعر وشاعر في العهد القديم نظم وطرز أنيق الكلمات وأنشأ أعذب الأشعار في العيون ، فهاهو أحدهم يقول: عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري وآخر قال أبياتاً يقف حيالها البعض مشدوهاً ، فجاءت عباراته سلسة ، تخلب الألباب وتذهل العقول وتذهبها! فكانت: إن العيـون التي في طرفهـا حـور قتلننـا ثـم لـم يحيّـن قتلانـا يصـرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعـف خلـق الله إنسانا غير ذلك هنالك الكثير من الأشعار والأقوال التي تفتتن بالعيون وتتغزل فيها. وكم من محب ومتيم وقع في هوى إحداهن بتأثير عيونها عليه فترمي سهامها فتصيبه في مقتل , فهاهو أحدهم يقول: رمتّنـي سـهـام العـيـون الـتـي رأتنـي ضعيـفـا أمــام السـهـام ولـسـت ضعـيـفـاً ولا هـمـتـي ولـسـت قـويــا بـهــذا الـمـقـام فالأشعار والكلام العذب عن العيون لايتسع هذا المجال له، فهو تمتلئ به الكتب والدواوين. إذا انتقلنا للتحدث عن النظرات وهي بالطبع مرتبطة بالعيون ، فنظرات العيون عند الإنسان عموماً لها مغازي ودلائل في كثير من الأحيان سواء كان مغزى طيب أو غير طيب . فهنالك نظرات سخرية تحدث في مواقف بعينها من قبل احدهم تجاه آخر ، فهو لايتفوه بكلمة ولكنّ عينيه تقولان ذلك الأمر الذي يغضب الطرف الآخر ويعكر صفو العلاقة بينهما كيفما كانت. كذلك هنالك نظرات العتاب التي يطلقها أحدهم في وجه الآخر عندما بقترف الآخر مثلاً خطأ ما ، فيدرك الآخر هذا الخطأ ويعتذر عما بدر منه. غير ذلك وتلك هنالك نظرات يشوبها العطف والرثاء والشفقة التي تبدو في عيون البعض من الناس من ذوي القلوب الرحيمة عندما ينظرون إلى من هم يلتحفون الأرض فراشاً ويقتاتون من أوراق الشجر ويعانون من شظف العيش وضيق ذات اليد ، فلاسبيل لهم غير التسول وسؤال الناس وتبدو الذلة في أغوار نظراتهم ، كذلك مثل أولئك الأشخاص ينظر إليهم البعض من ذوي القلوب التي تفتقر للحنان بنظرات يقفز منها الاشمئزاز واللؤم والقسوة. وغير ذلك من النظرات. يستطيع البعض من الناس قراءة دواخل غيرهم من خلال النظر في عيونهم والتي تكشف ما بالدواخل من سعادة أو تعاسة أو حزن أو فرح أو اطمئنان أو خوف أو حب أو كره ، أوخبث أوبراءة وما إلى ذلك من كافة الأحاسيس غير الملموسة ويمكن معاينتها بالعين من خلال النظر للعين! ووفقاً لها يحلل البعض مايخفيه الغير في بواطنهم. نهاية المداد : عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ... وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق