• مذكرة الإسلاميين.. لم تكن مجرد ورقة كتبها غاضبون عن نظام الحكم الذي جاءوا به وساندوه.. كما لا يمكن وصفها بأنّها تعبيرٌ عن ظرفٍ وقتيٍّ لم يلبِّ طموحاتهم.. (مع العلم أنّ هنالك أكثر من مذكرة). • وتجارب السودان مع المذكرات السياسية ليست تجارباً سعيدة.. فمذكرة الجيش في عهد الديمقراطية الثالثة كانت انقلاباً مع وقف التنفيذ.. فالرسالة العامة للمذكرة هي أنّ القوات المسلحة تعاني أوضاعاً صعبة.. بينما تنشغل القيادة السياسية بلعبة الكراسي. • والرسالة الخاصة – حسب د.الترابي – أنّها كانت موّجهة لرئيس الوزراء لإخراج الجبهة الإسلامية من الحكم أو يقوم الجيش بتسلّم الحكم.. والشاهد هُنا أنّ المذكرة كانت انقلاباً مُعلناً دون تحديد ساعة الصفر. • وكذلك كانت (مذكرة العشرة) داخل المؤتمر الوطني إيذاناً بانقلاب أبناء الدكتور الترابي على (سلطاته المطلقة وطموحاته الزائدة) حسب وصفهم.. وإخراج القرار من بين أياديه القابضة. • ورغم أنّ كلا الطرفين (الغاضب والمغضوب عليه) من قياديي الحركة الإسلامية إلا أنّ الترابي يعتبر أنّ مذكرة العشرة كانت إيذاناً بإخراج الحركة الإسلامية من الحكم وتسليم مقاليده إلى القوات المسلحة في شخص قائدها الأعلى. • وبذات السياق ينظر الترابي إلى المذكرة/ات التصحيحية التي راجت هذه الأيام على أنّها (المسار العكسي) لمذكرة العشرة.. بمعنى أنّها تريد نقل الحكم من قائد الجيش إلى الإسلاميين. • وبالطبع فإنّ رأي د.الترابي مردودٌ عليه.. فليس صحيحاً أنّ مذكرة العشرة كانت نقلاً للسلطة من (الحركة الإسلامية) إلى (الجيش). • أولاً لأنّ الحركة الإسلامية لم تكن حاكمة.. فقد حلّ د.الترابي كلّ أجهزتها.. وأصبح ينتقي من يشاء ليشغل ما يشاء من المناصب.. ولم يكن للمجلس الأربعيني (أو مجلس الشورى) يدٌ في اختيار من يتولون المناصب في الإنقاذ.. وبذا يمكن القول أنّ مذكرة العشرة نقلت السلطة من يد الترابي إلى أيادٍ أخرى. • ثانياً: الجيش لم يكن كمؤسسة هو الحاكم.. بل كان يؤدي دوره في تراتيبية مؤسسات الدولة.. فالأيادي الأخرى التي تمّ نقل السلطة إليها هي مجموعة صغيرة من (الإسلاميين) تُحسب على أصابع اليد الواحدة. • وقد يكونُ من المفيد هُنا أن نذكر ما قاله السيد جان برونك.. المغضوب عليه والمطرود من البلاد شرَّ طردة.. في مدونته التي جلبت له السخط. • برونك قال إنّ هنالك مجموعات حول الرئيس هم الذين يشكلون القرار.. ومن وقتٍ لآخر تقوى مجموعةٌ منهم على حساب المجموعة الأخرى.. وهم (بعض الإسلاميين– كبار العسكريين– الجهات الأمنية- وكبار التجار وأصحاب المال). • ولا أعتقد أنّ الأمر كان في حاجة للاستشهاد بمقولة برونك.. لأنّ هذه هي البطانات التي تكون دائماً حول أيِّ أميرٍ أو ملكٍ أو رئيس.. وقد يحضونه على الخير أو الشر.. حسب الحديث الشريف.. والمعصومُ من عصمهُ الله. • كنُا بنقول في شنو؟؟. • نعم.. مذكرة الإسلاميين في تقديري تحاول أن تسحب (اللوم) من الحركة الإسلامية.. وتقول- في حال التغيير السياسي- بأنّها لم تكن راضية بما يحدث.. ولترمي بكلّ الغضب الشعبي في وجه المتنفذين.. إخوانهم الكبار. • وبالتقريب فالمذكرة هي محاولة غير شجاعة لسحب بساط الدعم الذي توفره الحركة الإسلامية للحكومة الحالية.. حتى إذا هلكت.. وجدت الحركة الإسلامية فرصة لها في الساحة السياسية في مقبل الأيام.. واللهُ أعلم. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق