الثلاثاء، 31 يناير 2012

مذكرة الإسلاميين أم مذكرة السودانيين


محمد بشر كرم الدين: عرفت الحركة الإسلامية السودانية منذ تكوينها او استقلالها عن حركة الاخوان المسلمين المصرية بنهجها الخاص المراعي لظروف المجتمع السوداني، وقد اختلف الرعيل الاول من الاسلاميين السودانيين بسبب تمسك البعض بنهج الحركة الام في مصر والبعض الآخر بالتمسك بأصول الدعوة مع مراعاة الفوارق بين المجتمعين المصري والسوداني مثلهم مثل الوطنيين السودانيين قبل الاستقلال ،حيث كان الخلاف بين المنادين بالاندماج مع مصر او الاستقلال التام كما في حالتي حزمة الامة وحزب الاشقاء وفي كل الحالات كانت الغلبة للتيار الاستقلالي حيث نال السودان استقلاله واستقلت الحركة الاسلامية السودانية عن الاخوان في مصر مع الفارق وحققت لنفسها ما لم تحققه الحركة الام بدليل انها استطاعت ان تصل الى سدة الحكم في زمن متقدم بأكثر من عقدين من الزمان وبتضحيات اقل وما كان ليتحقق كل هذا لو لا اجتهادات عدد من قادتها وعلى رأسهم الدكتور المفكر حسن الترابي الذي حضر في بداية الستينيات من باريس وكان في هيئة التدريس ومع بريق هائل لافت للانتباه وفي مؤتمر العيلفون استطاع ان يبذ الآخرين، فالرجل صاحب طاقات فكرية جبارة واجتهادات فقهية جريئة اضافة الى شخصيته الآسرة استطاع ان يتربع على عرش الامانة دون منافس سنين عددا فالشيخان الدكتورجعفر شيخ إدريس والاستاذ الصادق عبدالله عبدالماجد وآخرون بالرغم من غزارة علمهم وفهمهم الا انهم لم يستطيعوا الابحار مع دكتور الترابي في مركب واحد فكان الخلاف الاول ولم يكن خلافا حول مباديء حسب اعتقادي بقدر ما هو خلاف اجتهادي فدكتور الترابي اما ان تسير معه اوتفارقه منافسته امر منهك رجل في قامته لو جلس يدس الناس تجربته مع الاسلام السياسي لافاد الناس كثيرا لقد كان مستوعبا لواقع الحال السوداني والواقع العالمي بحكم احتكاكه كان متقدما في الفهم على كثير من نظرائه من الاسلاميين في المنطقة والعالم مما سبب له خلافات معهم، استطاع خلال مسيرة ما يزيد عن نصف قرن من الزمان ان يجعل الحركة الاسلامية السودانية في المقدمة وان يتجاوز بها كل المطبات الى ان وصل بها الغاية المنشودة وهي الوصول الى السلطة وفي سبيل ذلك جوز لاتباعه كل الوسائل و لو كان صاحب كتاب الامير بيننا اليوم لظل مشدوها ، فالضرورات تبيح المحظورات ، فصارت حياتنا كلها ضرورة ، فاذا سار تلاميذه علي نهجه فلا غرابة في ذلك فالخروج علي السلطان الجائر لا يجوز الا وفق اشتراطات وطبعا انا هنا لست فقيها انا تلميذ صغير من تلاميذ الترابي معجبا به ومختلف معه فعلي شيخي الا يبيح لنفسه ما يحرمه علي الاخرين . خروجه او اخراجه من المؤتمر الوطني يراه البعض ليس من حسن التقدير ولو بقي في الوطني لافاد الوطن وافاد الوطني لانه كان يمثل قائد الفريق يضع الخطط لكل نزال ومن حظه انه كان يمتلك وفرة من لاعبين مخضرمين يلعبون في كل الخطوط بلغة اهل الكرة وبخروجهم من الوطني وانشاء المؤتمر الشعبي فقد المؤتمر الوطني عدد كبيرمن لاعبي الوسط ومعروف اهمية الوسط لاي فريق يريد ان يحقق نتائج اصبح المؤتمر الوطني يهاجم بالدفاع ويدافع بالهجوم او الاثنين معا واختل الفريق و النتائج التي حققها معظمها نتيجة تحكيم فاشل كما يقول صديقي الساخر ..
الحديث عن المؤتمر الوطني والمذكرات التي ترفع هو حديث لابد له من ان يجر الي الحديث عن حالة الاحزاب السودانية والحال من بعضه والحديث عن ساس يسوس يطول و(الانسان حيوان سياسي) كما يقول الفيلسوف ارسطو فالانسان ان لم يكن مدنيا فهو متوحش كاسر مثل الحيوان ولكنه الوحيد بين االحيوانات من يمتلك العقل والنطق والصوت ، الصوت يمكن ان يكون صوتا انتخابيا ينفع في السياسة ، انا طبعا لست سياسيا انا صاحب خدمات سياسية ولا حرج وكما هو معلوم فان الاحزاب السياسية ومنذ نشاتها هي مواعين للممارسة السياسية فان كانت نظيفة فان السياسة نظيفة والا فقذرة وافة السياسة السودانية تكمن في نظامها الحزبي فالاحزاب هنا اشخاص ، بيوتات ، مجموعات وطوائف ، دون استثناء القديم والحديث كلها تعاني بدرجات مختلفة من علل وامراض فالمؤتمر الوطني مطالب باعتباره اكثر الاحزاب السوداينة بقاء ا علي سدة الحكم مطلوب منه تقديم نموذج في الاصلاح والعمل الحزبي فبعد ثلاثة وعشرون عاما في الحكم لا بد من ان تظهر تيارات داخل الحزب مطلوب تشجيعها لا اخمادها كل الاحزاب الكبيرة في العالم تفعل ذلك ولكنها لا تصل الي درجة الانشقاقات المنتشرة وسط احزابنا السودانية ، تجربة حزب الامة ماثلة للعيان بعد انشقاق مسارونهار انشق نهار عن مسار و الاحزاب الاخري ليست استثناءا اذا هناك خلل في بناء الاحزاب السودانية تعشعش فيها الطائفية والقبائلية والجهوية والشلل وكل انواع العلل مما يضعفها ويقلل من فاعليتها وتصبح الممارسة داخلها ممارسة غير حقيقية وباسم الاغلبية الصامتة يتم التزييف والاغلبية الصامتة هي الاذية فبصمتها ترتكب الاخطاء وكل الفظائع وهي تبارك وتؤيد فقد عانت الشعوب والمجتمعات من عدم فاعلية الاغلبية الصامتة .
نعود للمذكرات ونقول ان اسلوب المذكرات اسلوب متطور علي المظاهرات لان الذين يكتبون المذكرات يكتبونها وهم جلوس اما المظاهرات فالناس وقوف فالمطلوب من السودانيين وليس الاسلاميين وحدهم ان يقدموا مذكرات يطالبون فيها بالاصلاح في مؤسساتهم الخربة ابتداء ا من الحزبية وهيئاتهم النقابية ومنظمات المجتمع المدني لان الاصلاح الشامل للحياة مطلب والادارة الامريكية والدول الغربية لم تتخلي عن حليفاتها في دول الربيع العربي وفي اماكن اخري من العالم الا بعد ما فشلت محاولات الاصلاح ، اول ما طالبت به الادارة الامريكية من حسني مبارك هو اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ولم تطالبه بالرحيل الا بعد ما احست عدم جديته في الاصلاحات( حل بالايد ولا حل بالسنون) كما يقول المثل . الي متي نظل ننتفض ونثور ونغير الانظمة باخري اسوة منها ثم ننتفض مرة اخري لناتي باخري الم يكن اصلاح الموجود اهون من تركيب الجديد كل شعوب العالم لها ثورة واحدة تعرف بها نحن ثوراتنا لا حصر لها عندما نسئم من الاحزاب ناتي بالعسكر وعندما نسئم من العسكر ناتي بالاحزاب الي متي نحن علي هذا المنوال الم يكم من المفيد التفكير في طريقة افضل للخروج من الدائرة الخبيثة اعتقد ان النظام الحزبي هو خيارنا علي الدولة ان تخصص ميزانية كبيرة دعما للاحزاب لانشاء دورها وتسير العمل فيها علي الاقل في الحد الادني وفق معاييير حتي لا تكون الحكاية فوضي ليس من المعقول في دولة مثل السودان ان يكون عدد الاحزاب فيها بعدد حبات الرمل ، كل دول العالم يوجد حزبان كبيران او ثلاثة مع مجموعة احزاب صغيرة لا تتعدى اصابع اليد تتحالف معها اما ظاهرة السبعين حزبا والاربعين مرشحا رئاسيا فهذه ظاهرة سودانية بحتة تدل على عدم مسئولية .
ينبغي للاسلاميين ان يحاوروا بعضهم بالمذكرات وغير المذكرات لمناقشة القضايا ولماذا لا يتجاوز الاسلاميون قادتهم ويبدأوا حوارا بين الشعبي والوطني لان الخلاف تضرر منه الشعبي والوطني والوطن ألم يكن مثل هذا الحوار هو المطلوب في وطن معطوب ولماذا لا يحاورالاسلاميون عبر المذكرات الاحزاب السودانية الاخرى والحركات التي تحمل السلاح وتتخذه وسيلة حوار والحركات نفسها مطالبة باسلوب الحوار غير المسلح فيما بينها فما دام الاسلاميون هم من بدأوا عليهم ان يستمروا في مخاطبة السودانيين والا يقصروا الحوار داخل البيت فتبادل المذكرات مع الطوائف الاسلامية الاخرى والسودانيين الوطنيين مطلوب لان المفقود اليوم هو من يجمع شمل الوطن على حد ادنى لا يختلف حوله إثنان .
والله المستعان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق