الجمعة، 23 ديسمبر 2011

النظام في قاموسهم..!!


إليكم


النظام في قاموسهم..!!

الطاهر ساتي
tahersati@hotmai.com

** الأمانة الهلامية المسماة بأمانة النهضة الزراعية ليست ذات جدوى، ولا ذات شرعية في مؤسسية الدولة، هذا إن كان نهج الدولة يعترف ويؤمن بالمؤسسية..وزارة الزراعة الإتحادية تكفي جهازا مركزيا يؤدي مهام التخطيط والإشراف والمتابعة، وكذلك بكل ولاية وزارة زراعة لها ذات مهام الوزارة الإتحادية، فلماذا تأسيس تلك الأمانة وسط كل هذا الفيلق الوزاري؟، وما هي سلطاتها التي تميزها عن كل هذه الوزارات، المركزية منها والولائية؟..ثم من أية خزينة تصرف تلك الأمانة ميزانيتها؟، هل تصرفها خصما من ميزانية وزارة الزراعة أم لها ميزانية موازية لميزانية وزارة الزراعة؟..فلندع كل هذا جانبا، ونسأل بكل براءة : ألم تعد الحكومة - عبر تصريحات سادتها الموثقة- الناس والبلد بحكومة رشيقة في مرحلة الجمهورية الثانية .؟
** فالرشاقة المنشودة لاتعني تخفيض عدد الوزراء من (77) إلى (66)، أو كما فهمتها ونفذتها الحكومة..ولكن المعنى بالرشاقة هو خلق دولة المؤسسات، وليست دولة مراكز القوى وكيانات الموازنات الحزبية أوالقبلية الموازية للمؤسسات ذات الوضع الدستوري والقانوني في الدولة..وتلك الأمانة نموذج للتضخم الذي لامعنى له غير إرضاء بعض الذين فاتهم قطار مجلس الوزراء أو مجالس وزراء الدولة، والنماذج كثيرة..منها، صندوق الإسكان الذي يمارس سلطات وزارة الإسكان، تخطيطا وإشرافا وتنفيذا، فقط لأن وزير الإسكان لم يكن عضوا في المؤتمر الوطني..وكذلك وحدة السدود التي كانت محض إدارة في وزارة الري، قبل أن تصبح (دولة بي حالها) ..وصندوق دعم الطلاب الذي ألغى سلطات الجامعات واتحاداتها ويكاد أن يلغي الجامعات والاتحادات ذاتها بالإستيلاء على أراضييها..ووحدة تنفيذ مطار الخرطوم التي تجاور هيئة الطيران المدني وإدارتها الهندسية..و..و..نماذج الترهل والفوضى والعبث لاتحصى، بحيث يكاد أن يكون لكل وزير وزارة أمين أمانة مساو له في السلطات ومنافس له في بنود الحوافز والنثريات و(ما خفي أعظم) ..!!
** كنت من الحالمين بأن تبدأ الحكومة هذه الجمهورية بإعادة أمور المؤسسية ومؤسساتها الى نصابها، أي كما كانت قبل (30 يونيو)، وليست قبل نيفاشا فقط.. نعم نيفاشا تسببت في هذا الترهل المريع، وبسوء الظن تم تشليع كل وزارات الحركة الشعبية وأحزاب البرنامج الوطني، وتجريدها من سلطاتها بخلق أجسام موازية للوزارات وعلى سدتها سادة الحزب الحاكم، لتؤدي مهام تلك (الوزارات المشلعة).. وصدق وزير تجارة ما قبل الإنفصال حين صرخ في الناس والصحف ذات يوم ( وزارتي شلعوها)..وما كان هذا التشليع إلا بمثابة تركيب كيان آخر في مكان آخر، ليصبح الوزير والوزارة بلا سلطات، أي فقط يكمل به مجلس الوزراء نصاب الإجتماع ..وهكذا أتقنوا سوء الظن وفن التشليع والتركيب حتى عمت الفوضى وتقاطعت السلطات، بحيث لم نعد نعرف - على سبيل المثال - من المسؤول عن أمر الزراعة في البلد؟، الدكتور المتعافي وزير الوزارة أم الدكتور عبد الجبار أمين الأمانة ؟
**ولمزيد من التأمل، فلنقرأ الخبر التالي، مثال للعبث أيضا وليس للحصر..(إعترفت أمانة النهضة الزراعية بصعوبة تحقيق برامجها عبر موارد الدولة ووصفت ميزانية البرامج بالفلكية، وكشف الأمين العام عبد الجبار حسين في اجتماعه مع لجنة الشؤون الزراعية بالبرلمان عن مقترح تغيير مجلس ادارة مشروع الجزيرة وقانون المشروع )..تأملوا، مجرد كيان هلامي لاموقع له في إعراب مؤسسية الدولة، ومع ذلك يجتمع بالبرلمان ويقترح له تغيير مجلس إدارة مشروع إتحادي يتبع لوزارة الزراعة وكذلك يقترح تعديل قانون هذا المشروع الاتحادي..إن كانت للأمانة كل هذه السلطات والمساحات، فلماذا الإعلان عن وزارة زراعة في التشكيل الوزاري الأخير..الغوها،وكذلك سرحوا مجلس الوزراء، لتدار الدولة بمراكز القوى والكيانات الهلامية، وقد يكون العبث والفوضى أفضل من هذا المسمى - مجازا - بالنظام ..!!
..............

الليبراليون كسبوا المعركة

الليبراليون كسبوا المعركة

عبد الرحمن الراشد

ديكتاتورية الحكام الليبراليين الذين سقطوا ومعهم جوقتهم الليبرالية المثقفة، كانت أحد أسباب الصعود الصاروخي للإسلاميين»، هذا رأي ردده البعض بحماسة وشماتة، وآخرهم الصديق الدكتور حمد الماجد.
من يقول إن القذافي والأسد وصالح ليبراليون، لا بد أنه لا يعرف معنى ما يتحدث عنه. فما كل من ليس بإسلاموي، ليبراليا. الليبرالي شخص يؤمن بالحريات للجميع، والتساوي في الحقوق. فهل يعقل أن يصنف بشار الأسد، فقط لأنه يلبس بدلة وحليق الذقن، ليبراليا إلا بمقدار أن نصنف كاسترو الملتحي إسلاميا أيضا! هؤلاء عسكريون قمعيون توتاليتاريون، ولا يهم إن كان الزعيم منهم يلتحف بجلباب مثل آية الله في إيران، أو يتجمل ببدلة عسكرية مزركشة مثل البشير في السودان، أو يرتدي بدلة بيريوني إيطالية مثل الأسد.
الخطأ الأدهى، هو الاعتقاد بأن الليبراليين خسروا في مصر وتونس، بناء على نتائج الانتخابات التي اكتسحها الإسلاميون في البلدين. الحقيقة أن الليبراليين كسبوا بما لم يحلموا به، كسبوا النظام، مصر وتونس تبنتا الفكر الليبرالي. فالاحتكام للصندوق الانتخابي، والقبول بمبدأ الحريات، والاعتراف بالحقوق والحريات للجميع، للنساء والأقليات الدينية، كلها قيم ليبرالية. لقد فاز الليبراليون على ظهور الخيول الإسلامية والقومية وغيرها ممن انخرط في العملية السياسية الجديدة.
يا أخي حمد.. صدقت خسر الليبراليون، لكن فازت الليبرالية. وحدث ذلك في أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والنظم الشيوعية، حيث فاز فيها شيوعيون ولم يحتج أحد أو يطالب بمنعهم. الليبرالية ليست جماعة، بل مفاهيم عامة تستوعب الجميع بمن فيهم خصومها طالما يقبلون بمبادئها، بخلاف النهج الشيوعي أو الديني المتطرف أو البعثي الذي يقوم على الإقصاء.
وانتصار الليبرالية يتمثل جليا في الخطاب الذي تبناه الإخوان المسلمون والجماعة السلفية في مصر، وحرص حركة النهضة الإسلامية التونسية على تكرار تأكيدها بتبنيها مفاهيم الحقوق والحريات. بل المفاجئ قدرة السلفيين، وهم الأكثر تحفظا وتشددا، على التأقلم مع النهج الجديد، حيث إن أحد شباب السلفيين رفض أن ينسب لتياره شعار «معا نصلح الدنيا بالدين»، قائلا: إن شعارهم هو «هوية وعقول عصرية بأيادي مصرية». ونرى قوة الفكر الليبرالي في أن من اعتمدته فئات ثلاث، العسكر والسياسيون والشارع، ونحن نشهد حالة الانتقال من الادعاء الليبرالي، كما كان في زمن مبارك وبن علي، إلى التطبيق الليبرالي. وهو الفكر الذي شاع في أنحاء العالم، من اليابان الصناعية، إلى الهند الروحانية، إلى روسيا مهد الشيوعية، إلى الغرب المادي. لكن يجب أن نقول أيضا إن المجتمعات صاغت تطبيقات مختلفة للمفاهيم الليبرالية، بحسب ظروفها الاجتماعية والثقافية. ولهذا، نرى في مصر فشل تطبيق قوانين انتخابية تمنع استخدام الدين، المساجد والخطب، في التكسب السياسي، أي الشق العلماني في التجربة الليبرالية المصرية، والفشل أمر مقبول ومفهوم ومبرر.
ومن خلال تجربتهم الخاصة، سيقرر المصريون لأنفسهم ما يلائمهم، وليسوا مضطرين لنسخ تجربة ويستمنستر، أو تبني المفهوم العلماني الفرنسي.
أما فوز الإسلاميين فقد أعطى شرعية للفكر الليبرالي، وفوزهم فوز لليبراليين، وليس العكس كما قرأها البعض خطأ.

الشرق الاوسط

أجبن خلق الله الطُغاة ..!!!!


بالمنطق


أجبن خلق الله الطُغاة ..!!!!

صلاح الدين عووضه
salahawouda@yahoo.com


الطغاة الذين يستأسِدون على الناس هم أجبن خلق الله حين يُوشك أن يُفعل فيهم مثل الذي يفعلونه في الآخرين ..
إنهم تماما مثل (كبيرهم ) الذي علمهم ( الفرعنة !!) عندما صاح في جذع : ( آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل) وهو الذي كان يقول لشعبه : ( أنا ربكم الأعلى ) ..
وحين نقول إنهم أجبن خلق الله - وليس البشر وحسب - ذلك لأن ( أشباههم !!) من الوحوش والدواب والهوام لا تعرف ( الإنكسار!! ) في لحظات ( الزنقة !! ) ..
إنها تدافع عن إعتدادها بـ(الفرعنة) حتى الرمق الأخير من حياتها ..
ولكن أُنظر إلى ما فعله القذافي - مثلاً – حين وجد نفسه في مواجهة الذين كان يصفهم بالجرذان من أبناء شعبه بعيداً عن( حرسه !!) و( أمنه !!) و( عسسه !!) ..
لقد بدا ذليلاً ، مهاناً ، مُنكسِراً وهو يستجدي الرحمة من ( جرذان !!) لم يرحمهم هو يوماً ..
واُنظر إلى ما فعله إبن علي قبل أن يهرب بـ(جلده !!) خلسةً مثل (الحرامية ) ..
فقد طفق يردد في ( مذلةٍ ) عبارة ( الآن فهمتكم !! ) وهو الذي كان يزعم قبل ذلك أن نساء تونس لم يلدن من هو ( أفهم ) منه ..
واُنظر إلى ما فعله مبارك بُعيد إستهزائه بالمعارضين قائلاً : ( خليهم يتسلوا شوية ) ..
لقد طار ( فُريرَة ) إلى شرم الشيخ هرباً من غضب الشعب الذي قال إنه إختاره بنسبة ( 97% ) عبر صناديق الإقتراع في آخر إنتخابات ( مزورة !! ) ..
ثم (تمدد ) من فوره على سرير المرض وهو الذي كانت صحته مثل ( البُمب !! ) حتى آخر لحظاته في الحكم ..
وإذ يُكثر من البكاء الآن - مبارك - فإن أخشى ما يخشاه أن يكون مصيره مثل مصير الذين (أزهق!!) أرواحهم إبان الثورة ولو كان إزهاقاً ( قانونياً !!) ..
أي إزهاق روحه هو ...
واُنظر إلى ما فعله علي صالح حين أحس بحبل الغضب الشعبي يلتف حول عنقه ..
فقد أطبق بيديه على طوق النجاة الذي ألقته نحوه دول مجلس التعاون الخليجي - إنقاذا لعنقه هذا – بعد أن كان مسترخصاً لأعناق الثائرين من أبناء شعبه ..
أو بعبارة أُ خرى ؛ لحق بقطار النجاة (السعودي ) - في اللحظات الأخيرة - وهو الذي كان يقول للثائرين هؤلاء : (لقد فاتكم القطار!!) ..
وبالأمس القريب بثت قناة " العربية " فيلماً وثائقياً لوقائع قتل رجل أدمن ( إسترخاص !! ) أرواح الأبرياء باسم (الدين !!!! ) ..
إنه أُسامة بن لادن الذي عدَه الكتيرون ممن يحكموننا باسم ( الدين !!) هذا من ( الشهداء !! ) ..
فإبن لادن هذا درج على استهداف الأبرياء هؤلاء في كل مكان -عدا إسرائيل- بحجة محاربة (إسرائيل!!) ..
والحجة ( المُضحكة !!) هذه لم ينفرد بها زعيم تنظيم القاعدة وحده وإنما ( نافسه !!) فيها صدام حسين كذلك حين كان يغزو الدول من حوله ويبيد شعبه بـ(الكيماوي !!) ..
صدام هذا الذي أُخرج ( ذليلاً!!) من حفرة كان يختبئ فيها من الذين توعدهم بـ(الإنتحار عند أسوار بغداد!!)..
وينافسه فيها - أيضاً - الأسد الصغير الذي يواجه شعبه بـ(الدبابات !!) هذه الأيام بدعوى إعاقته عن تحرير الجولان المُحتلة منذ ( أربعين !!!) عاماً ومحاربة ( إسرائيل !!) ..
والفيلم الذي بثته ( العربية ) هذا - للعلم - هو فيلم حقيقي وثقته الكاميرات المُثبتة على فوهات بنادق أفراد القوة الأمريكية الخاصة التي نفذت مهمة إغتيال بن لادن ..

فقد ظهر صاحب ( مجزرة !!) برجي التجارة واقفاً عند باب غرفته مستكشفاً لحقيقة ما يجري في أنحاء منزله ( الحصين !!) ..
وفور أن وقع بصره على نفرٍ من الذين أقسم بـ(الذي رفع السماء بلا عمد !!) ألاّ يدعهم يعيشون في (سلام!!) هُرع إلى داخل غرفته تلك ينشد ( السلامة !!) ..
ثم ظهر وهو ملصقٌ ظهرَه ويديه بالحائط وينظر بـ(رعب !!) شديد نحو فوهة رشاش أول جندي يقتحم الغرفة ..
وكان ذلك آخر ما رآه بن لادن قبل أن يودع الدنيا ..
وكان - بالطبع - آخر (ما يتمنى !!) أن يراه ..
ووُجِد سلاحُه في جيبه دون أن يُدافع به عن نفسه دفاع ( الشجعان!!) حتى النهاية ..
فهم كذلك (الطغاة !!) في كل زمان ومكان ..
( أجبن !! ) خلق الله حين يُواجهون بالذي ( يفعلونه !!) في الناس ..
ولو كان الذي يفعلونه هذا باسم ( الدين !!) م

العصب السابع اغتيال طفولة..!!

العصب السابع

اغتيال طفولة..!!

آخر إحصاءات خرجت إلى الملأ من ولاية الخرطوم حول بلاغات اغتصاب الأطفال بلغت (4321) بلاغ اغتصاب أطفال خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، ونحن على مشارف نهاية العام 2011م، هذا الرقم الفلكي يخص فقط ولاية الخرطوم، حيث أفادت ذات المعلومات أنّ (80%) من جرائم الاغتصاب تقع من الأقارب والقريبين من الأطفال سواء سائقي الترحيلات وأساتذة مرحلة الأساس وأصحاب الأعمال التجارية هذه طبعاً حسب البلاغات المقيّدة بسجلات الدولة بصورة رسمية، وبعملية حسابية سريعة نجد أنّ "4" بلاغات يومياً تدوّنها الشرطة، طبعاً هذا ما وجد طريقه إلى أقسام الشرطة أمّا ما كُتب له الكبت فليس بعيداً أن يكون أكبر من الرقم المعلن أضعافاً مضاعفة، فلأننا مجتمع تمثّل فيه قضايا الشرف خط أحمر فلا يرى ثمة شرف في إيصال القضية إلى الشرطة، وهنا حقيقة تتضاعف الكارثة، ولو أنّ كل مغتصب وجد جزاءه الذي يستحق لأصبح عظة وعبرة لكل من في رأسه مجرد تفكير.. وليت هذه المعلومات أفادت بصورة أكثر تفصيلاً لتوضح لنا كم عدد الإناث وكم عدد الذكور الذين يتعرّضون للاغتصاب وفي تحديد النوع قد يوجد مؤشر لمعرفة الأسباب. إنّ ظاهرة اغتصاب الأطفال من الظواهر التي باتت وفي الفترة الأخيرة بالذات تضرب في عصب المجتمع السوداني بصورة تهدد أمنه وسلامته وبحكايات تقشعر لها الأبدان، وإحصائيات لا يستوعبها العقل البشري العادي، ولا ندري إن كان الإعلام هو السبب في خروجها إلى العالم باعتبار أنّها في الأساس موجودة أم أنّ الظاهرة جديدة كليّاً... والمعنيون بهذا الأمر لم يجتهدوا كثيراً حتى الآن في دراسة هذه الظاهرة بكل حيثياتها وجوانبها وإيجاد مسببات واضحة تجعل هذه الظاهرة تستشري بهذا الشكل اللا محتمل، حتى يُمكّن من علاجها، طبعاً هناك كثيرون يحمّلون المسؤولية للإنفتاح الفضائي الذي حدث خلال السنوات الأخيرة، نعم وحقاً إنّ أغلب الشاشات وللأسف العربية والإسلامية تبيع مثيرات الجنس مجاناً، وليس عليك إلا الضغط على الريموت، ولا مبالغة إن قلنا أنّ الشاشات الأجنبية أكثر التزاماً ووعياً منّا نحن الذين ندعي الالتزام، لكن ليس من المنطقي أن نختزل كل القضية في سبب واحد، خصوصاً وأنّ اغتصاب الأطفال يمثل حالة شاذة نوعياً ولا يُمكن أيضاً أن نأخذه بمنحى عن المنظومة الأخلاقية التي انفرطت بشكل عام. إذاً هي مجموعة أسباب تحكم هذه الظاهرة الخطيرة التي تتضاعف صباح كل يوم، ولابد أن نأخذ في الاعتبار الضغط المعيشي والاقتصادي والنفسي الذي يعصر المواطن أكثر من المحتمل، ولابد أيضاً والأهم أن نرمي سياط لوم مباشرة للأسر ذلك لغياب الرقابة، وعدم الرقابة الأسرية في مرحلة الطفولة يؤدي إلى نتائج كارثية، ومعروف للجميع أنّ سن الاغتصابات التي حدثت كلها تقع في سن خطرة جداً، وهي السن التي تمثل فيها الأسرة الدور الأكبر من التربية والتوجيه، وبعيداً عن الأحاديث البكائية التي تدعي أنّ هذه الظواهر لا تشبه المجتمع السوداني ولا تشبه قيمه فالذي يجب فعله وما يلي الأسر باعتبارها الواقع عليها الأذى وهي صاحبة "الوجع" فلابد من رفع درجة الرقابة بضعف الرقابة الأسرية على الأطفال وتخيّر الأشخاص الذين يرتبطون بالأطفال بشكل يومي، نعم هموم المعيشة والضغط الاقتصادي وغياب الأب والأم لساعات طويلة بسبب ظروف العمل وضعت الأطفال في طرف الشارع لكن هذا لا يُبرر ما يحدث للأطفال من جرائم، ولابد من عقوبة رادعة لهؤلاء المجرمين، عقوبة لا ترحم ولا تجعل ثغرة للرحمة، لا ينبغي أن نتهاون في هذه الجرائم.
إرسال : 0طباعة : 0

الصفر البــارد. فنون وعبقرية النساء

الصفر البــارد.

فنون وعبقرية النساء

يقال الشيطان يكفيه عشر ساعات ليخدع رجلاً ويتمكن من إقناعه بارتكاب حماقة.. والمرأة يكفيها ساعة واحدة لتخدع ثلاثين شيطان.. وستين رجل..!!! وبعملية حسابية نجد أن الرجل لا يحتاج لأكثر من دقيقة لتخدعه المرأة.. لكن كيف تستطيع أن تخدع كذلك بنفس الزمن ثلاثين شيطان.. ويكمن السر في وقفة المرأة لثواني صامته أثناء حديثها.. فهي تخدع بين كل رجلين شيطان في سرها.. المرأة تستخدم أسلوب الانهمار والاندفاع في سرعة الحديث.. مما يجعلها أقرب للشلال في تدفق الكلام.. لأنها لو توقفت عن الحديث يضيع منها حبل الأفكار وتفقد المعلومة.. لذلك تحتاج دومًا لمعين يذكرها أين وقفت في حديثها كي تواصل وتربط المواضيع في نقاشها.. النساء في التحصيل العلمي أكثر حفظًا من الرجال.. لأن المرأة تعتمد على ذاكرة الحفظ الصورية وليس ذاكرة الفهم العقلي(الاستيعاب).. ولذلك يجد المصحح نتائج وإجابات النساء نموذجية.. فتمنح أعلى الدرجات الأكاديمية.. وهذا سر تفوق المرأة على الرجل في (طرش المقررات الأكاديمية).. المرأة لا تستطيع أن تتصرف في المواقف الصعبة.. لأنها لا تستطيع أن تفكر وتتصرف في نفس الوقت.. إما تفكر أو تتصرف.. ولذلك سرعة اتخاذ القرار مفقودة لدى المرأة.. يقال إذا غضبت المرأة وبقيت صامتة.. فليس ذلك دليلاً على ضعفها.. بل هي تتناقش مع إبليس على خطة تنهي مستقبل الرجل.. وإبليس يحاول يهديها.. تلاقيه يقول ليها.. يا بت الناس أعقلي.. دا ما أبو أولادك.. يا زول أصبري.. طيب شوفي حل أخف مصيبة من المصيبة دي.. وهي تقول ليه (امشي من وشي الساعة دي قبل ما أجيب خبرك وأحرش عليك إبليسة مرتك).. يقال أن أحسن طريقة لتجعل امرأة تغير رأيها عن فعل أو أمر معين هو أن توافق عليه.. فإن عقل المرأة دومًا يقول لها إذا وافق الرجل على أمر معين بسرعة فهو لا يصلح لها.. وأكيد الرجل دا عنده هدف خلف سرعة الموافقة.. لذلك إن شئت أن تجعلها تنفذ ليك أمر معين (عصلج ليها في الموافقة) وإن شئت أن تصرفها عن أمر معين وافق لها بسرعة عليه.. فهي لا تحب السهل الممتنع في الحياة (هههههههه).. إن شئت أن تفوز بقلب امرأة معينة اهرب منها.. فهي تتبعك" وإن شئت أن تطفشها من حياتك فتابعها وكون لصيق بها.. (تشمك قدحة ملوحة مخلوطة بي فسيخ وكجيك بس).. قال صفروية (تحب المرأة أولاً بعينيها ثم بقلبها ثم أخيراً بعقلها).. ولذلك هن فارغات عين (جيب ليها دهب 10 كيلو) والله عينها تتملي وتدفق زااتو وتشجع ليك فريق رابطة كركوج بدل برشلونا زاااتو.. قال أحد العقلاء عن المرأة: في رأس المرأة فكرتان.. إنها تريد كل شيء ولا تعمل أي شيء. قال أحد المجانين: إذا تقدم رجل لامرأة ليخطبها وكانت في العشرين من عمرها سألت في هدوء كيف هو؟. وإذا كانت في الثلاثين سألت باهتمام من هو؟.. أما إذا كانت في الأربعين فإنها تصرخ أين هو!!!! وأخيرا: ألف عفو يا مليكتي. فأنتي أمي وأختي وابنتى وزوجتي العزيزة.. أنا بس قلت أوريكن بيقولوا عليكن شنو.. الناس التانيين الكعبين ديييلك(يعني مش أنا) (كابي الزوغة مالكم).
إرسال : 0طباعة : 0

حديث المدينة قصر .. نظر..!!

حديث المدينة

قصر .. نظر..!!

وزير المالية أعلن عن نية الحكومة تعطيل مشروع مطار الخرطوم الجديد.. والاستفادة من تمويله الذي يفوق الـ(800) مليون دولار.. في بنود صرف أخرى أكثر إلحاحاً.. ألا يحتاج مثل هذا القرار إلى نظارة نظر .. لينظر أبعد قليلاً من مرمى الأزمة المالية الحالية.. ربما يظن وزير المالية أن (المطار) هو مجرد صالات ركاب بهيجة تسر الناظرين.. ونوع من الفخامة وربما (البوبار الرسمي).. المطار الجديد - سادتي- هو مشروع إيرادي من الدرجة الممتازة.. لأنه بمواصفاته العالمية القياسية سيصبح منافساً لمطاري القاهرة ونيروبي.. ويتوفق عليهما في كونه حلقة وصل (Hub) تربط شمال وجنوب القارة الأفريقية وشرقها وغربها.. خاصة إذا خفضت الحكومة أسعار وقود الطائرات بما يجعل من مطار الخرطوم الجديد محطة تزود جاذبة للطيران الدولي.. ولو تمدّد بصر الحكومة أبعد قليلاً من أرنبة أنفها.. تفتح المجال الجوي السوداني على مصراعيه.. تحرير الأجواء السودانية بحيث تصبح كل مطارات السودان التي تستطيع استقبال الطيران الدولي.. نيالا.. دنقلا.. بورتسودان ومروي.. وربما مطار الأبيض أيضاً.. مفتوحة لكل حركات الطيران.. فالسودان– لا يزال- بلداً (حار جاف ومترامي الأطراف) كما كان يكتب أستاذنا عبد الله عبيد في عموده الشهير "من طرف الشارع".. حركة الطيران الدولي – بما فيها العابر فوق سماواتنا دون الهبوط - والمحلي تحقق عائدات ضخمة بالعملة الأجنبية.. وبصورة غير مباشرة تساهم في ترفيع البنية التحتية لمزيد من الاستثمار الأجنبي.. والمشكلة الأكبر.. أن مشروعات المطارات الكبرى.. تحتاج إلى سنوات طويلة.. وعندما توقف الحكومة مشروع مطار الخرطوم فإنها تقتل الأمل في عدة سنوات قادمة.. ربما تتآكل خلالها بعض البنية التحتية التي أنجزت من المطار حالياً.. وترتفع تكلفة التشييد بصورة باهظة ربما تزيد من تعطيله سنوات أخرى. ليس من الحكمة تجميد مثل هذا المشروع الحيوي.. إلا إذا كنا ننظر إليه بعين مترعة بالرمد.. تفترض أن مطار الخرطوم الحالي.. والذي خنقته المباني الشاهقة من حوله يستطيع أن يمارس مهامه في المستقبل الذي ربما تصبح فيها كثير من الدول حولنا تجاوزنا.. فالشقيقة جارتنا تشاد شرعت في تشييد مطار دولي عملاق كلفته أكثر من مليار دولار.. ولم تجمده رغم ظروفها الاقتصادية.. صحيح .. الأزمة الاقتصادية التي نمرّ بها كالحة .. لكن الأصح أنها كانت بسبب مثل هذه السياسيات التي لا تحسن ترتيب الأوليات.. فهناك كثير من بنود الصرف الأخرى التي تحتمل التهذيب والتشذيب.. وهناك موارد معطلة لم تستغل.. وأكبر من كل هذا.. هناك الاستثمار الأجنبي الذي نفرط فيه بسياساتنا الانغلاقية.. ونهدر فرصه الذهبية بحماقتنا البيروقراطية.. والفساد الضارب في الأطناب.. الذي يجعل أموال المستثمر غنيمة في يد المتربصين خلف دهاليز الإجراءات الحكومية.. وربما المتنفذين فيها.. بالله عليكم لا تعطلوا ولا تجمدوا مشروع مطار الخرطوم.. أكثر مما تعطل.. فهو مورد اقتصادي مهم.. بغيره سنصبح أكثر دول القارة الأفريقية تخلفاً..
إرسال : 0طباعة : 0

أجــندة جريــئة. خشية غندور الغريبة..!!


وصف البروفسور إبراهيم غندور الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني.. زيارة رئيس دولة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت بالمشبوهة.. وقال: (ما أخشاه استخدام دولة جنوب السودان أداة للتآمر على السودان). عن نفسي مقتنعة ومنذ التوقيع على اتفاقية نيفاشا.. إن ما يخشاه البروفيسور غندور (الآن) سوف يحدث عاجلاً أم آجلاً.. بل إن هذا الأمر مخطط له منذ سنوات طوال.. لذلك تم دعم التمرد في جنوب السودان في مراحله المختلفة.. ثم خطط لتوقيع اتفاقية السلام في نيفاشا التي أسست لانفصال جنوب السودان.. وجعله دولة ذات سيادة يمكنها أنشأ سفارة لدولة إسرائيل داخل أراضيها.. كما يمكنها استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو أي مسؤول أمني رفيع من دولة إسرائيل وغيرها من الدول الأخرى الطامعة في التغلغل في الأراضي السودانية.. الحزب الحاكم وحده الذي لا يعلم (مجازاً) كل ذلك.. فهو الذي تعامل مع الشريك السابق (الحركة الشعبية) بكل عنجهية واستعلاء ..في وقت يعلم تماماً فيه أن الحركة الشعبية تضع صك حريتها داخل جيبها.. وليس هناك ما يجبر الحركة الشعبية أو شعب الجنوب اختيار الوحدة في ظل السيطرة الكاملة للحزب الحاكم على الدولة.. مني أركو مناوي رئيس حركة التحرير والعدالة.. دخل أيضاً القصر فوجد نفسه داخل القصر كبقية الأناتيك ليس إلا.. فغادره دون رجعة من حيث أتى.. وغدا يفعل ذات الشيء دكتور السيسي رئيس حركة العدالة والتنمية.. وربما الشركاء الآخرون.. الحكومة وحدها من فتح الباب لدولة إسرائيل لدخول جنوب السودان.. الذي أصبح الآن دولة ذات سيادة تفعل ما يحلو لها.. ومؤكد أن إسرائيل لا تريد جنوب السودان.. دولة الجنوب بمثابة معبر تسلكه دولة إسرائيل إلى السودان الشمالي. إذن هذا السيناريو معلوم للحكومة ولكنها تأبي أن ترى أو تسمع في ذلك الوقت وربما حتى الآن.. ففضلت التعامل مع الأمور بفوقية لا تتناسب مع حجم حكومة دولة مثل السودان.. يتربص بها الأعداء من كل جانب.. وتحاك ضدها المؤامرات المختلفة.. وحتى لا أدعم (دون قصد مني) الأجندة التي تقول عن القضايا الداخلية مؤامرات خارجية.. فهذه القضايا هي القشة التي قصمت ظهر البعير.. انتهاك واضح وظلم بائن وتهميش متعمد لقضايا المواطنين.. هكذا تنظر الحكومة للدولة على أنها الخرطوم ..وحتى الخرطوم الآن تمر بذات التهميش وذات الظلم الذي يقع على بقية الولايات. فكانت ولا تزال هذه القضايا هي الوقود المحرك لهذه الأجندة التي يخاف منها البروفيسور غندور.. لذلك نقول للناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني.. فعلاً دولة جنوب السودان ستكون (معبر) أيضاً وليس أداة فقط للتآمر على السودان الشمالي.. وليت هذه الخشية والخيفة تتحول إلى أجندة عمل داخل المؤتمر الوطني.. يناقش خلالها كيفية إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. بعد الانفصال قلنا: لابد للحكومة من احتواء الحكومة الوليدة وتنمية العلاقات المشتركة بصورة جديدة تراعي فيها سيادة دولة أخرى وحكومة بأمر الواقع.. الآن نقولها مرة أخرى سلفاكير أو غيره من أبناء الجنوب.. هم سودانيون وإن انفصل الجنوب إلى دولة أخرى.. ولا يزال الانتماء للوطن موجوداً حتى لو هناك في العقل الباطن.. ما الذي يمنع تشكيل قوة مشتركة لدولتين من رحم واحد.. إن توافرت الجدية والمسئولية وبنيت جسور الثقة.. لا تلوموا سلفاكير فقد وجد في إسرائيل ما افتقده في الوطن حتى وإن قدم له من أجل أجندة.

سفراء آخر زمن

سفراء آخر زمن
مشاركات
السفير في أية دولة، بما في ذلك السودان، هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب ولرئيس الجمهورية وفي الخارج.. بالتالي من حق الشعب ومن حق رئيس الجمهورية أن يختار وأن يُعيِّن من يأنس فيه قوة وأمانة بعد تمحيص دقيق.. في أمريكا والدول المتقدمة عمومًا، يتم فحص السفير المرشح من عدة جوانب إضافة إلى مؤهلاته وخبراته وتخصصه، مثل الجنسية والأسرة والتوجه الوطني ومعرفته بالدولة المرشح لها وحسن سلوكه ولباقته وصحته وهندامه. السودان ليس مثل أمريكا لأنه دولة نامية بينما أمريكا هي الآن الدولة العظمى الوحيدة في العالم.. ولكن للسودان حضارة ضاربة في القدم وقوة كامنة لا يستهان بها ومواطنوه متدينون والدين أساسه العدل.. ومنذ فجر الاستقلال كان اختيار الدبلوماسي السوداني من درجة سكرتير ثالث إلى سفير يتم بعناية فائقة، وفقًا للمعايير الدولية.. يتم فحص المؤهلات وتجري الامتحانات والمعاينات بواسطة لجان محايدة وعادلة.. معظم هذه المعايير اختفت الآن مما أثر سلبًا على الدبلوماسي السوداني بعد أداء متميز عبر السنين على المستوى العالمي. كان الرعيل الأول من الدبلوماسيين شامخاً بقدراته ووطنيته وحماسه للعطاء.. برزت منه في الساحات الدولية شخصيات لا تنسى ولم تجد حتى الآن ما تستحق من تقدير.. منهم من كان من رواد الحركة الوطنية مثل الوزراء مبارك زروق ومحمد أحمد محجوب وأحمد خير وإبراهيم المفتي.. ومنهم من تفانى في عمله كوكيل دائم لوزارة الخارجية، مثل محمد عثمان يس وخليفة عباس العبيد وجمال محمد أحمد.. ومنهم من جاهد سفيرًا للسودان في أوقات صعبة في دول هامة مثل يوسف مصطفى التني ويعقوب عثمان وفخر الدين محمد وبابكر الديب. وجاءت بعدهم أرتال من الدبلوماسيين الوطنيين.. منهم من عمل وكيلاً ووزيرًا مثل علي أحمد سحلول وهاشم عثمان أحمد.. منهم الوزراء أمثال محمد ميرغني ومحجوب مكاوي ومنصور خالد ومامون سنادة والرشيد الطاهر بكر وأحمد عبد الحليم وحسن عبد الله الترابي ومصطفى مدني أبشر وفاروق أبو عيسى وحسين سليمان أبو صالح ولام أكول ودينق ألور.. منهم الوكلاء أمثال إبراهيم محمد علي وفضل عبيد وجعفر أبو حاج وميرغني سليمان خليل وعلي عبد الرحمن نميري وفاروق عبدالرحمن وعمر بريدو.. منهم من كان سفيرًا بارزًا مثل عبد الله الحسن وعثمان السمحوني وعبد الماجد بشير الأحمدي وعيسى مصطفى سلامة وفيليب أوبانق والطيب حميدة وفرنسيس دينق ورحمة الله عبد الله وعبد العزيز النصري ويوسف مختار وعبد الله محمد عثمان وعمر شونة وسر الختم السنوسي والأمين عبداللطيف وأحمد صلاح بخاري وصلاح أحمد محمد صالح وعباس المعتصم وميرغني النور جاويش.. منهم خبراء المراسم والمؤتمرات الدولية مثل عوض حسين.. منهم من كان أديبًا وشاعرًا مثل جمال محمد أحمد ومحمد أحمد محجوب ومحمد المكي إبراهيم وصلاح أحمد إبراهيم وعمر عبدالماجد عبدالرحمن وسيد أحمد الحردلو وعبد الهادي الصديق.. منهم من برز في المنظمات الدولية مثل التيجاني الماحي (الأمم المتحدة) وأحمد السيد حمد ومهدي مصطفى الهادي والدرديري أحمد إسماعيل (الجامعة العربية) وعطا الله حمد بشير (الايقاد).. منهم الرياضيون مثل شارلس مينانق وحيدر حاج الصديق قاقارين وعبد المحمود عبد الحليم.. منهم المتصوفون أمثال هاشم عبد الرازق صالح وأحمد التيجاني محمد الأمين. والكثير منهم من المحامين.. وغيرهم كثيرون عملوا في صمت وبنكران ذات ومعظمهم تولاهم الله برحمته أو تقاعدوا بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا.. أما في آخر الزمن، زمننا هذا، فإن معظم السفراء وكبار المسؤولين قد ابتلى الله بهم الشعب السوداني ورئاسة الدولة.. يدخلون العمل الدبلوماسي من الشباك بالواسطة أو التعينات الحزبية والطائفية.. لا يتم فحص المؤهل والتخصص والخبرة والسن والجنسية السودانية.. الكثيرون غير معروفين للشعب السوداني ولا يعرفون عن السودان شيئًا ربما عدا مكان مولدهم!! وعلى مستوى السفراء أصبح العمل جاذبًا للمغضوب عليهم أو الطامعين من الوزارات الأخرى أو الأحزاب السياسية مدنيين وعسكريين. وتدني العمل الدبلوماسي: 1- تعددت منابر العلاقات الخارجية وأصبحت الدول تتردد في قبول ترشيحات السودان. 2- أصبحت الأغراض الشخصية أهم من مصالح الدولة القومية. 3- لم يعد الدبلوماسي قادرًا على تقديم المشورة للدولة. 4- لم يشترك الدبلوماسيون في مفاوضات خارجية مصيرية. 5- أصبح السودان هدفًا لشكاوى متعددة في منظمات دولية. 6- أصبحت العلاقات تتوتر بسرعة مع دولة هامة. 7- أصبحت السفارات السودانية مدعاة للسخرية والاستخفاف والسخط من الأجانب والجاليات السودانية على حد سواء. لاشك أن لكل مشكلة سببًا والعلاج يبدأ من جذور المشكلة.. وكلنا ما زلنا نحلم مستقبلاً بدبلوماسية فعالة وسفارة سودانية محترمة كما كانت من قبل.. مع تحياتي لمن تبقى في الخدمة من طلابي وزملائي الدبلوماسيين الأكفاء والمتقاعدين ورحم الله من رحل منهم. (بقلم:د. عم محمد علي محمد )..

الساقطون و قائمة العار


الساقطون و قائمة العار
مشاركات
الحزب الاتحادي الديمقراطي هو حزب الحركة الوطنية الأصيلة، حزب الجماهير السودانية الكادحة من عمال وزراع وطلاب ومهنيين وتجار ومثقفين، منذ نشأته رفع رايات الوحدة والحرية والديمقراطية والليبرالية، وظل عبر كل الحقب التاريخية محافظاً وفياً و أميناً على مبادئه تلك ، فحقق الاستقلال وحافظ على وحدة البلاد ودافع عن الديمقراطية وتصدى لكل الأنظمة الشمولية . عارض بقوة الحكم العسكري الأول عام 1957 وحرّم على أعضائه المشاركة فيه، فأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في جلسته الستين في التاسع من يوليو 1961 قراره باعتقال الزعيم الأزهري و بعض قادة الحزب، كما أصدر في اجتماعه السابع و الستين الذي انعقد في 19 أغسطس 1962 قراره رقم 278 القاضي بمنع الأستاذ علي محمود حسنين من مزاولة مهنة المحاماة . و رغم تضييق الخناق على قادة الحزب فقد قاموا بدور أساسي و فعال في تنظيم المعارضة وقيادة الشارع في ثورة أكتوبر 1964 الخالدة ، و شارك الحزب في حكومتي أكتوبر ممهداً الطريق للحكم الديمقراطي،ذلك باستثناء قادة الختمية الذين أصدروا مذكرة تأييد للنظام العسكري نتيجة لسياسته الخارجية المتوافقة مع توجهات المراغنة ، و قد سمّتها أجهزة الإعلام "مذكرة كرام المواطنين". في 25 مايو 1969 أعلن الحزب معارضته التامة للانقلاب منذ الإعلان عنه، وقاد المعارضة في الداخل والخارج ،واعتقل الإنقلابيون قادة الحزب وفي مقدمتهم الزعيم الأزهري والذي بعث من سجن كوبر برسالة للشريف حسين في 27 مايو 1969 ،حملها الشهيد بابكر عباس إمام ،بارك فيها تكوين الجبهة الوطنية وحدد فلسفة الحزب وسياسته فقال" نحن أصحاب مبادئ و لسنا طلاب سلطة " ودفع الزعيم الأزهري روحه الطاهرة ثمناً لمبادئ الحزب إذ استشهد وهو قيد الاعتقال. هذا وبينما قادة الحزب في السجون أصدر السيد محمد عثمان بياناً يؤيد فيه الانقلابيين رغم تحذيرات الشريف حسين له . حمل الراية بعد استشهاد الزعيم الأزهري الشهيد الشريف حسين الهندي الذي قاد المعارضة بعزيمة لم تلن وأعطى النضال حقه كاملاً،و أعلن أن الحركة الوطنية السودانية لا تباع و لا تشترى و أن مبادئ الحزب ثابتة وواضحة ليس فيها منفذ للهروب وأنه خير لنا أن تقتلنا البنادق من أن يقتلنا التناقض بين مبادئنا وأفعالنا و قال" سنظل نكافح من أجلها، و لن ندنس موقف حزبنا في التاريخ بالتخلي أو التنصل أوالمساومة و لن نقبل أن نتسربل بالعار في الدنيا والآخرة" وظل يرفع الراية ويطور أساليب النضال فكانت المعسكرات وحركة يوليو 1976 وخطابات التحريض المسجلة واستشهد الكثيرون و امتلأت سجون النظام بالوطنيين الشرفاء ، محبي الوطن وعشاق الحرية والديمقراطية فكانوا وساماً في صدر حزبنا وفي تاريخ الحركة الوطنية، و تعلمنا أن نمتلك ناصية التاريخ ونمسك بزمامه بوقوفنا إلى جانب مبادئنا وقضايانا الوطنية و غرس فينا الشريف شجاعة معينها لا ينضب ونبعها لا يجف لننتزع بها الحرية و الديمقراطية التي ننشد، وحلق بحزبنا في رحاب العالمية حتى أضحى سندا حقيقيًا و داعمًا أساسيا لكل الشعوب الثائرة من أجل الحرية و الديمقراطية. و كما وعد رحمه الله بأنه سيحمل الراية كالمشعل دليلاً على اجتياز طريق الحرية إلى أن يسلمها لأي فرد أمانة ووديعة وواجب وطني وقومي،فعل ذلك ،وبعدما استشهد في التاسع من يناير 1981 استلم الراية المناضل علي محمود حسنين فحمل الأمانة بقوة و إخلاص وهو خير خلف لخير سلف، صان المبادئ وحفظ للحزب مكانته وأعلن معارضته لانقلاب الإنقاذ منذ الإعلان عنه و ما زال إلى يومنا هذا ، لا تلين قناته و لا تفتر همته، مقاتلاً شرسًا من أجل مبادئ و أهداف الحزب الوطنية . هذا، فخلال مسيرة الحزب النضالية سقط الكثيرون ، أفراداً وجماعات سقط أولاً أفراد سرقوا اسم الحزب، وخرجوا عن مبادئه وقيمه المكتوبة والمتوارثة ،وهم قادة ما يعرف بالحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل أي الاتحاديون بحكم قانون الإنقاذ للأحزاب و التنظيمات السياسية ، ولنا معهم شأن، وخرجت مجموعة انضمت للحزب الحاكم، ونحن نحترم خيارهم، ثم حدث السقوط الأكبر، وكان متوقعاً، فقد كثرت المؤامرات ونشطت المناورات وضعف موقف المترددين وسال لعاب الضعفاء الطامعين الذين اتخذوا الحزب مطية لأهدافهم وطموحاتهم الشخصية فدفعوا رئيس الحزب للقبول بالاشتراك في حكومة الإنقاذ، وقد فعل. اشترك الميرغني و من معه في الإنقاذ فانزاح الستار وسقطت الأقنعة، و انتهت التصنيفات القديمة وفقد مكتبه السياسي شرعيته بعد أن خرج عن مبادئ الحزب جميعها وانتهك دستوره وأساء لتاريخه ومستقبله. لقد أُجهضت و اندثرت كل الأُطر الفوقية التنظيمية للحزب وأصبحت غير شرعية وغير معترف بها من قبل الجماهير، فهناك قيادة فرضها الوضع الراهن وفرضتها واجبات النضال وفرضتها جماهير الحزب وأولتها ثقتها في قيادة النضال داخل و خارج السودان وأوكلت لها القيام بهذا الدور التاريخي في مسيرة حزبنا، تلك هي قيادة الأستاذ علي محمود حسنين . لقد انكشفت الحقيقة وتطهرت الصفوف من الانتهازيين والوصوليين الذين تاجروا بالمبادئ واستبدلوها بالوزارات و الوظائف و بئس ما فعلوا فقد بارت بضاعتهم وخسرت تجارتهم ، فهم اليوم يأكلون من جثامين شهداء الحرية والديمقراطية ويشربون من دماء المناضلين الشرفاء الذين ضحوا في سبيل الحفاظ على مبادئ وقيم حزبنا العملاق، وقد علمت أن لجان الحزب داخل وخارج السودان ستصدر قائمة بأسماء جميع الذين شاركوا في الإنقاذ باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي تسمى قائمة العار تكون مرجعاً تاريخياً لكل عمل وطني في المستقبل. فهنيئاً لهم بما كسبت أيديهم . (بقلم: الأمين محمود جميل amin.gamil3@gmail.com )..

ولاية الجزيرة ازمة قيادة ؟


ولاية الجزيرة ازمة قيادة ؟
تاج السر ود الخير
في الأيام الماضية ظلت ولاية الجزيرة موضوعاً راتباً وساخناً في صحفنا السيّارة، تصدّرت سيرتها المينشيتات الرئيسة لهذه الصحف على مدى قرابة الشهر، سألت نفسي بكل براءة ما هي دوافع هذا الاهتمام الإعلامي بالجزيرة؟ ولماذا بهذا الحجم؟ وهذا التنوع في موضوعاته؟ تارة في الأراضي وأخرى في دريم لاند وتارة في العقد الملياري لأم بارونا ( كوكس ) أو ( قيت)، وتارة أخرى تقرير المراجع العام والذي أشار فيه إلى الاعتداء على المال العام ليبرز أبرز المخالفات التي وقع فيها والي الولاية. السؤال لماذا ولاية الجزيرة؟! للإجابة عن هذا السؤال لابد أن نستعرض أحداث ما قبل تعيين الزبير والياً وسر الختم سفيراً، أقولها بصدق أنّ إمارة الزبير على الجزيرة جاءت في وقت تشهد فيه الجزيرة استقراراً سياسياً وتمدداً تنموياً، وتماسكا ووحدة صف على مستوى أجهزة الولاية التشريعية والتنفيذية والسياسية، وحركة شورية واسعة على مستوى مؤسسات المؤتمر الوطني وأجهزته المختلفة، فشهدت في خواتيم عهده ( أي سر الختم) اكتمال تشييد مركز ود مدني لجراحة القلب، ومركز ود مدني لجراحة الأطفال، وطريق الحوش، ومشروع البرياب والتفتيش العاشر، وطريق الشرق وكوبري رفاعة، ومشروعات ضخمة في مجال الطرق والكهرباء والمياه وغيرها، إضافة إلى بعض المشروعات التنموية الأخرى والتي أصبحت جاهزة للافتتاح علي يد السيد رئيس الجمهورية في زيارته المحددة مسبقاً. • للتاريخ :ظُلم سر الختم الذي لم يشهد افتتاح منشآته التي اجتهد فيها، بل وصل الأمر حد أن تمّ نزع بعض اللافتات التي تحوي صور سر الختم، والتي تشير إلى أنّ هذا الانجاز تمّ في عهده، فوجدها خلفه الذي لم يبذل فيها أي جهد يذكر سوى مراسم بروتوكولية لاستقبال الرئيس، أتى الزبير والياً في مشهد مهيب اجتهد فيه سر الختم ( رجل الدولة والسياسة) في أن تكون مراسم التسليم والتسلم مشهودة ومحضورة، لتخرج في أبهي صورة فأعدّ مُجلّداً ضخماً يحتوي على كافة أصول الولاية ومشروعاتها والالتزامات المالية التي ترتبت عليها، ما سدد منها وما تبقى، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى تسليمه لبعض المواقع الهامة التي تنبني عليها رفعة الولاية كبنك الجزيرة ومشروع السكن المنتج وبعض المواقع الأخرى. يشكر سر الختم علي ما قام به بل يؤجر ولكن ماذا حدث؟ مجموعة متنفذة قليلة خبرة, تنظر تحت أقدامها، أظهرت أنّ عهد سر الختم عبارة عن فساد مقنن، واختلاسات وديون، فكانت بئس البطانة فأثّرت هذه المجموعة على الجو السياسي العام بالولاية بخطاب عدائي يتحدّث عن الفساد دونما دليل وعن تكتلات وجهويات في المناقل وشرق الجزيرة، وبكل أسف لم يكن للزبير قول فصل فانفرط العقد وأصبح في يد مجموعة تدعي كمال الفكرة، والرؤية المنقذة للولاية من فساد العهد البائد، وأصبح كل من يريد أن يتقرّب من هذه المجموعة، أن يكيل السباب والاتهامات الجزاف لعهد سر الختم فيكون ذلك صك غفران وبراءة من الإقصاء. أصبح منهج الولاية هكذا خطابها عدائياً، واتهاماتها طالت الجميع، فبدأت هذه المجموعة تصفيات معلنة وغير معلنة لبعض الكوادر الفاعلة في وزارات الثقافة والإعلام والتخطيط العمراني، وغيرها ليس لتهمة سوى أنّهم كانوا من المقربين من سر الختم، وامتدت بؤر الصراع والعداء المعلن فطالت القيادات التشريعية والتنفيذية، وتمّت تصفيات مؤلمة في محليتي المناقل وشرق الجزيرة أدّت إلى شرخ عميق في تركيبة المؤتمر الوطني، وفقدت الجزيرة جراء ذلك هيبتها ووحدتها وتماسكها، وافتقدت كذلك مبدأ الشورى عبر مؤسسات المؤتمر مكتبه القيادي ومجلس شوراه وأجهزته الأخرى. أين الفساد؟ حتى هذه اللحظة لم تثبت حكومة الزبير فساداً مستتراً أو ظاهراً في عهد سر الختم، واتضح لها بعد فوات الأوان أنّ مبلغ الديون ما هي إلا مشروعات تنمية واضحة، وما عداها ديون متوارثة منذ أعوام خلت من فترة الولايات الوسطى مروراً بأعوام 95 و96،97 وغيرها، ومؤخراً جداً فطن الزبير إلى المجموعة التي لا مصلحة لها في استقرار الولاية ولم تقدم رؤية لحل مشاكل الولاية سواء كانت مالية أو اقتصادية أو حتى على مستوى الخدمات والمنشآت، وذلك لضعف خبرتها وقصور رؤيتها وعدم قدرتها على إدارة الأزمات بالولاية، حتى جاءت قضيّة المطبعة الحكومية والتي كانت طوق نجاة لهذه الحكومة والتي قدمت من خلالها أحد رموزها للمحاكم، ولم تحسم بعد ولنا كلمة بعد أن يفصل القضاء في القضية. أزمة قيادة: تهاوت الولاية تماماً وأصبحت الصراعات واضحة بين الوزراء بعضهم البعض وبين مجموعات أخرى مقربة من الوالي وأخرى مناصرة للقضايا الجهوية، وأخرى ذات علاقات بالمركز ( مع بعض المتنفذين) وتراجع أداء بعض الوزارات خاصة التخطيط العمراني، وبعض المحليات أمّا البقية فحدث ولا حرج. أكبر المآسي أمانة الحكومة :- لعل أكبر المآسي في هذه الولاية ما يسمى بأمانة الحكومة والتي أصبح أمينها العام ناطقاً باسم الحكومة، ومعبراً عنها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويستضاف في المنابر الإعلامية وعلى شاشات القنوات الفضائية، علماً بأنّ وظيفته إدارية ويعد سكرتارية تنفيذية لرئاسة الولاية. نعم هي أزمة قيادة لأنّ مؤسسات المؤتمر الوطني مغيبة تماماً، لم نسمع بانعقاد مجلس شورى أو مكتب قيادي أو مجلس قيادي، ولم نشهد تحاوراً مع القوى السياسية على مستوى الولاية لبرنامج الحد الأدنى ليس على مستوى المشاركة ولكن على الأقل على مستوى الهم الوطني ومصلحة الولاية ومواطنيها وأهدافها، التي تتطلب وقوف القوى السياسية كافة كما كان في عهد سر الختم. أين مستشار الوالي للشئون السياسية من كل هذا؟ وأين أصحاب النهى والألباب، أين.. وأين.. وأين..؟ أسئلتنا حيرى بلا إجابة، وكل ولايات السودان تعيد في ترتيب أوراقها السياسية وتشرع في تكوين حكوماتها الجديدة لمواجهة تحديات ما بعد الانفصال جزيرتنا كأنّها جزيرة في المحيط الأطلسي، لم نسمع حسّا ولا مؤسسات تتحدث عن تعديلات وزارية، أو حتى على مستوى هياكل الوزارات والمؤسسات التابعة لها. النيّة (زاملة سيدا): لا أشكك أبداً في وقار الزبير ولا أقدح في خبراته ولا أشكك في نزاهته ورعه وتقواه، هو مجاهد حمل السلاح، زهد في الدنيا وما فيها ولديه الرغبة في تقديم انجازات حقيقية لولاية الجزيرة ولكي يتحقق له ذلك لا بد أن يحرك كافة مؤسساته الحزبية للم الشمل من جديد وأن يتواضع من مناصريه ومخالفيه على برنامج هدفه مواطن الولاية. عندما أقول النيّة (زاملة سيدا) أعني ما أقول، فتقرير المراجع العام الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، في باطنه الرحمة وإن كان ظاهره المخالفة لقوانين المحاسبة المالية. عندما أقول أزمة قيادة فهي الحقيقة بعينها؛ لم تفطن الحكومة ممثلة في لجنتها التي سودت الصحف ببيانها التوضيحي مدفوع الأجر ولم تجنِ من كل هذا إلا المزيد من الأقلام التي تكتب ومازالت ويا لجنة الحكومة مهما فعلتِ فسيظل تقرير المراجع هو المرجعية لأنّه بُني على قانونٍ مالي ودون هوى، ولكنّكم لم تفطنوا لنقاط القوة في هذا التقرير ولم تستطيعوا أن تستثمروا ايجابياته والإشادات التي وجدتها من المراجع نفسه، حيث اثبت التقرير( تراجع الاعتداء على المال العام ( 1,5) مليون، تمت إحالة 73% منها للمحاكم لاستردادها، وما بقي لا يسوى إلا القليل من جملة الموازنة المراجعة؛ وحتى هذه تمّ استرداد 60% منها ولم يتبق إلا القليل، والقليل جداً، وتواصل وزارة المالية جهودها لاسترداده ( أو كما قالت وزارة المالية).. فقد اشتريتم بحر مال الشعب تهمةً ألبستموها وطوقتم بها عنق واليكم صاحب الخطأ الإجرائي في مقصد طيّب يشبهه؛ لدفع الضرر عن مواطني الولاية، ولكن لم تظهر القيادة الرشيدة لتحليل ما جرى من بعض الصحف، وتفسيره التفسير الموضوعي، ومن ثمّ يأتي الرد عبر الصحف أو عبر مؤتمر صحفي أو أي وسيلة أخرى تراها. • لماذا وصلت الولاية في عهد الزبير لهذا المنعطف: 1. التركيبة الوزارية الحالية والتي منحها صلاحيات واسعة غير مؤهلة وغير قادرة على ترجمة الأفكار للواقع، وإن كان هنالك استثناء ففي الزراعة والصحة خير دليل. 2. التفكك في بنية الحزب الحاكم وانعدام الشورى، قاد بصورة واضحة لتعميق الخلافات وبدأت في الظهور القضايا الاثنية والقبلية. 3. انعدام التنسيق بين الجهازين التشريعي والتنفيذي ولّد حالةً من الاحتقان والعداء غير المعلن مما أدى إلى انقسام المجلس نفسه - بعض من قياداته- إلى مؤيد ومعارض واعتقد أنّها ظاهرة إيجابية إن كان التوجه فيها صادقاً لمصلحة المواطن لا لمصلحة انتصار الذات. 4. أمانة الحكومة إحدى العوامل المهمة في تردي الأداء الإداري بالولاية لاهتمامات أمينها العام بالعمل السياسي إضافة إلى مواقعه المتعددة في خارطة الولاية ( أمين التخطيط الاستراتيجي ـ أمين القطاع الاقتصادي ) وغيرها ولعل أكبر أخطاء أمين هذه الحكومة ظهوره المتكرر على وسائط الإعلام، ومناكفاتها، ومحاولة إظهار قدرات لا يمتلكها وفهم يدعيه (وفي بيان الحكومة التوضيحي خير دليل) هنا التواضع واجب وإعطاء العيش لخبازه (وزير الثقافة) فيه خير كثير. المخرج :ولاية الجزيرة وحكومتها في أزمة ( قبلت ذلك أم لم تقبل) من حيث تدري ولا تدري أوقعت نفسها في لجتها والمخرج أقرب إليها من حبل الوريد فكل الذي أثير مؤخراً ضد الولاية هو انجاز لها ولكن كيف المخرج؟ 1. يشكل الزبير حكومته الجديدة وهي البداية الأولى لإصلاح جهازه التنفيذي وليكن تشكيله الجديد للحكومة قوامه التجانس والنظرة إلى إنسان الولاية المغلوب على أمره وكما ذكرت لك من قبل استعن بالأذكياء من بعد الله في حكومتك. 2. للجزيرة انجازات كبيرة ولكن تضن حكومتها بالتبشير بها عبر المنابر الإعلامية والملتقيات ( منبر سونا ـ منبر ديوان الحكم الاتحادي) وغيرها من المنابر المتاحة.. وهذا يعود إلى عدم التمكين للأجهزة المعنية بالإعلام ودعمها مادياً وبشرياً عبر فرص التدريب وخلافه. 3. إعلاء قيم الشورى وترميم مؤسسات المؤتمر الوطني والدعوة من خلال هذه المؤسسات إلى وحدة صف الحزب وتماسكه وتمتين مكوّناته لتتجانس وتعمل كما كانت سابقاً 4. إتّباع المؤسسية والمنهجية وأن يكون منهج اختيار القيادات وفق معيار الكفاءة والقدرة على اتخاذ القرار حتى لا نقع في أخطاء قاتلة عاني منها الاستثمار، وديوان شئون الخدمة، ولجنة الاختيار للخدمة العامة. • أخيراً: بروف الزبير، أرجو ألا تتشكل لجنة للرد علي ما ذكرت حتى لا تصرف )لجنتك الجاهزة للرد على الصحف) مبلغ 88 مليون جنيه أخرى، أحوج بها أهلنا بالجزيرة، حتى وإن أنفقت على استراحة السرطان، أو دار الأمل، وآخر قولي لك همساً استعن من بعد الله بالأذكياء في إدارة الجزيرة التي أعطتك أصوات مواطنيها، ولم تبخل ولا يكن عطاؤك تجاه مواطنيها رد لجنتك التي أهدرت مالا عاما وما أشبه الليله بالبارحة، في ما أشار إليه تقرير المراجع من إهدار للمال في تقرير المراجعة للعام القادم مقصدي الإصلاح ما استطعت وأشهد الله على ذلك.
إرسال : 1طباعة : 0

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

ما هي الأسباب الموضوعية التي تقف في طريق التغيير بالسودان؟!


قمر الدولة الفكي: * ما تزال سفن الثورة السودانية المرتقبة رواكض في عرض بحر الثورات العربية انتظارا للمزيد من الرياح التي تملأ أشرعة هذه السفن في رحلة البحث والرسو على شواطئ الأمن والأمان والحرية والديمقراطية والكرامة!!.
* وليس من الأسباب التي أدت لتأخر هذه الرياح ما ذكره وزير خارجيتنا الأستاذ علي كرتي من خلال تعليقه على الدعوة التي وجهها الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي حيث قلل من احتمالات قيام ثورة شعبية لأن السودان في تقديره يختلف عن الدول التي شهدت ثورات مؤخراً خاصة وان السودان ليس بهذا الاحتقان الذي كان موجودا في تلك الدول، وان دواعي الثورة في السودان لن تكون مبررة لأن الناس ليسوا بهذه السذاجة حتى يحركهم شخص فشل في الحصول على أصوات الجماهير في الانتخابات ويحاول البحث عن وسائل لتحريك الشعب ليجد مكاناً في السلطة!!
* وليس من الأسباب التي ادت لتأخير الثورة في السودان ما ذكره سعادة الفريق صلاح قوش مستشار السيد رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية حيث قال في تصريح له نشرته (الصحافة) الغراء (ان الثورات التي جرت في المنطقة العربية اندلعت بسبب القهر والفساد والعلاقات مع الغرب بجانب النفوذ الإسلامي الموجود في قلب التظاهرات وان كل هذه الأسباب تنتفي في السودان وان الحزب الحاكم يستمد قوته من الجماهير)!!.
* الفريق صلاح قوش سخر من دعاوى المعارضة بالخروج للشارع وتعبئة الجماهير لاسقاط النظام ونفى بشدة أي فساد في قيادات المقدمة في المؤتمر الوطني، وقال ان الحزب قدم قيادات طاهرة، للحكم ومع ذلك فانه لم يستبعد وجود (تجاوزات) في المستويات الدنيا وطالب بان لا تطرح قضية الفساد من باب المزايدات السياسية وقطع قوش بان المؤتمر الوطني وحده هو المؤهل لمحاربة الفساد والمحسوبية!!
* هذه المبررات التي ساقها الأستاذ علي كرتي والفريق صلاح قوش هي نفس المبررات التي تعلق بها زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك واتضح فيما بعد وبعد ان تمت اطاحتهما ان لكل منهما من الاموال ما تنوء بمفاتحه العصبة من الرجال أولي القوة والشدة!!
* بل ان ما يعاني منه الشعب السوداني هو نفس ما كان تعاني منه الشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن واكثر مما تعاني منه الشعوب في بعض دول الخليج العربي حيث الرخاء والرفاهية والتين والزيتون وفواكه مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحيث الاموال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة وحيث يعيش المواطن الخليجي حتى (أخمص قدميه) ان جاز التعبير في النعيم والكفاية والرفاهية!!
* ولن يجدي فتيلاً ان يفكر الاستاذ كرتي والفريق صلاح قوش ما يعيشه شعب السودان من فقر وجوع ومسغبة وبطالة وظلم وغبن وتفرقة ما بين (أولاد المصارين البيض) وأولاد الغلابى والمسحوقين.. الذين سدت في وجوههم أبواب العمل والرزق لا لشيء الا لأنهم ليسوا مؤتمراً وطنياً!.
* وما يعانيه السودان من قضايا ومشاكل وفساد وظلامات اكثر مما تعانيه تلك الدول التي تم اقتلاع نظم الحكم فيها!!
* ولأن ما يعانيه السودان اكبر عشرات المرات مما تعانيه تلك الدول فقد تأخرت رياح الثورة وظلت سفنها رواكض في عرض البحر تنتظر ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً!.
* ولله الحمد والمنة فان الله قد وهب السودان شعبا على درجة عالية من الوعي والفكر والفهم فهو شعب ذو بصيرة نافذة وعقل راجح ويحسن الصبر على الشدائد وهو شعب بارع في ضبط اعصابه وتصرفاته في أصعب الأوقات وأقسى الظروف!.
* وما يحيط بالسودان من مخاطر وكوارث وبراكين هي التي جعلت الشعب لا يندفع نحو الهاوية وهو معصوب العينين فقلب الوطن مايزال ينزف دماً ويتقطر حزنا على ذهاب ثلثي أراضيه لتأسيس دولة جديدة تشير كل المعطيات والاحداث انها لن تتعايش سلاماً مع الدولة الأم في الشمال خاصة وان عشرات الأرواح البريئة تزهق يوميا في أبيي وان ترسيم الحدود وحسم قضايا الدين الخارجي ماتزال تنتظر اما نزع الفتيل عنها بالطرق السلمية او افساح المجال بعودة الحرب الملعونة من جديد!
* وما يزال شعبنا يقبض على جمر الصبر في انتظار الحل العادل لمشكلة دارفور وحل القضايا المتنامية في جنوب كردفان والنيل الازرق وشرق السودان!!
* وستظل الملاحقات الدولية هاجساً يؤرق مضاجع شعبنا الأبي لأنها ملاحقات ستطال سيادة الوطن فمهما حدث من تجاوزات في دارفور فان علاجها وحسمها يجب أن يكون بيد الشعب السوداني وداخل الاراضي السودانية وليس بيد قوة أجنبية وخارج حدود الوطن وبعيداً عن سيادة الشعب وحقه المشروع في الاقتصاص لنفسه!
* والشعب السوداني يعلم علم اليقين ان هناك كمية هائلة من السلاح في أيدي بعض المليشيات والجماعات وان الدخول في أية مغامرات غير مدروسة قد تحول بلادنا الى محيط من الدماء والى كومة من الرماد والى هشيم تذروه الرياح!.
* ومن واقع التجارب التراكمية التي اكتسبها الشعب من خلال تفجير أكبر ثورتين عرفتهما الشعوب الأفروعربية وهما ثورتا 21 اكتوبر 1964م والخامس من ابريل 85 ومآلاتهما فان الشعب لن يقبل الدخول في تجربة ثورية جديدة ما لم يعرف البديل المقبول لحكم المؤتمر الوطني، وهذا هو السؤال الذي يدور في اذهان الكثير من الشباب وهذا قد يكون واحدا من الاسباب التي أدت الى تأخر وصول رياح التغيير!!.
* وغني عن القول ان شعبنا يدرك ان النظم الشمولية والعسكرية التي حكمت السودان منذ ايام حكم نوفمبر الذي استمر لست سنوات ومرورا بحكم مايو الذي استمر لستة عشر عاما وحكم الانقاذ الذي استمر لفترة 21 عاما ومايزال قائما قد نجحت بدرجة الامتياز في اضعاف الاحزاب السودانية والتنكيل بها وتشتيت شملها وتحويلها الى كيانات صغيرة وضعيفة حتى يسهل التهامها كما نشاهد ونعايش هذه الايام من قبل المؤتمر الوطني.
* ان حالة الوهن والضعف والشتات والبيات الشتوي الذي طال واستطال لا تؤهل الاحزاب السودانية لتحمل تبعات السلطة في الوقت الراهن وهذا ما يجب ان تقر به الاحزاب السودانية وتعترف به وان يصبح هذا الامر مدخلاً لحوار وطني تشارك فيه كل الاحزاب السودانية ويقود في قائمة المطاف لرؤية سياسية ثاقبة يتم الاتفاق عليها..
* ان ما يحدث في ليبيا واليمن وربما البحرين لن يكون مقبولاً في اعتقادي لا في نظر اهل المؤتمر الوطني ولا في نظر قوى المعارضة ولا في نظر الشعب السوداني الذي عانى كثيرا من ويلات الحروب في الجنوب ودارفور!!
* ولن يكون السودان بمعزل عن تدخل خارجي كبير تدعمه قوى عسكرية باطشة كما يتوقع ان يحدث في ليبيا وذلك في حالة لجوء الحكومة والمعارضة للعنف وذلك تحت ستار حماية المدنيين.
* ان رياح التغيير ستهب على السودان مهما سعى أهل المؤتمر الوطني التقليل من احتمال وصول هذه العواصف الهوجاء لبلادنا وهذه الحقيقة المرة ادركتها كل النظم الملكية في العالم العربي واستبقت هذه الرياح بالعديد من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل ان بعض هذه النظم أجرت العديد من التعديلات الوزارية وفتحت ابواب العمل امام كل الشباب المتطلع للكسب الشريف وقامت بزيادة الاجور وتخصيص منح مالية للعاطلين عن العمل واعتمدت ميزانيات ضخمة وبمليارات الدولارات لتنفيذ مشروعات تنموية والتوسع في السكن والعمران ومع ذلك فان هذه الاجراءات لم تجد اذناً صاغية عند العديد من الشعوب التي تطالب بالمزيد من الحرية والشفافية والديمقراطية ومحاكمة الفساد!.
* ان قول الفريق صلاح قوش بان المؤتمر الوطني وحده هو المؤهل لمحاربة الفساد والمحسوبية قول يجانبه الصواب ويجافيه الواقع ولا يستند الى نظرة موضوعية حيث ان الاخ صلاح قوش يعرف ان الاتهامات حول الفساد تدور حول حزب المؤتمر الوطني و(ان كان في مستوياته الدنيا) كما اعترف هو فكيف للمؤتمر الوطني ان يدين نفسه بنفسه وما هو الدور الذي لعبه المؤتمر الوطني في حالات السرقة والنهب التي كشفتها تقارير المراجع العام ولماذا لم يقم بمتابعة ومحاسبة كل من حامت حوله تهمة فساد طالما انه الحزب الحاكم ولماذا اراد الفريق قوش ان ينطبق عليه قول (عين الرضى عن كل عيب كليلة)!!
* ان محاربة الفساد لا تحتاج الى كثير جهد وعناء وتفكير او الى كثير بحث وتقصي وفي مقدور المؤتمر الوطني وقياداته التي تزعم بانها مؤهلة لمحاربة الفساد ان تفعل نفس الشيء الذي فعله سيدنا ابوبكر الصديق رضي الله عنه وهو على فراش الموت!.
* طلب خليفة رسول الله من السيدة عائشة ان تنظر في امواله قبل ان يكون خليفة لرسول الله وبعد ان اصبح خليفة لرسول الله وان ترد ما زاد الى بيت مال المسلمين!.
* وبعد انتقال الخليفة الى الرفيق الأعلى ولحق بصاحبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نظرت السيدة عائشة في مال ابوبكر فلم تجد غير (قرعة) تحلب له فيها الشاة وبعير يسقي عليه الماء وعباءة يقابل بها الوفود فحملت السيدة عائشة هذه التركة المتواضعة لأبي بكر وسلمتها للخليفة الجديد سيدنا عمر بن الخطاب الذي جلس على الأرض يبكي وينتحب وهو يقول لقد اتعبت من يأتي بعدك يا أبابكر!!
* المؤتمر الوطني مطالب بأن يفعل نفس الشيء الذي فعله سيدنا ابوبكر الصديق فينظر في اموال (مستوياته الوسطى وليس قيادته العليا) قبل ان يصبحوا مسؤولين في المؤتمر الوطني أو حكومة المؤتمر الوطني وبعد ان اصبحوا مسؤولين فيقوم برد ما زاد في اموالهم الى الخزينة العامة!!
* تلك هي الوصفة الشفافة لمحاربة الفساد والمفسدين التي يمكن ان تقدم للمؤتمر الوطني دون زيادة او نقصان وحتى (لا تطرح قضية الفساد من باب المزايدات السياسية)!.
* إن التحوط من حدوث ما يحدث في ليبيا واليمن ومن قبلهما تونس ومصر بيد المؤتمر الوطني لا بيد سواه فالاعتراف بالذنب فضيلة والرجوع الى الحق فضيلة وطالما ان دم المسلمين عند الله سبحانه وتعالى أعظم من هدم الكعبة فيجب ان يكون دم اهل السودان عند اهل المؤتمر الوطني أغلى من الحكم والكراسي الموسيقية التي يجلس عليها الحكام، فالحكم الى زوال طال الزمن ام قصر وعند الله تجتمع الخصوم!.
* ولأهل المشروع الحضاري الذين غرتهم الحياة الدنيا نقول لهم ما قاله الحسن لأمير المؤمنين العادل الراشد سيدنا عمر بن عبد العزيز عندما كتب سيدنا عمر اليه طالباً الموعظة، فكتب الحسن يقول (ان استقمت استقاموا وان ملت مالوا.. يا أمير المؤمنين لو ان لك عمر نوح وسلطان سليمان ويقين ابراهيم وحكمة لقمان ما كان لك بد من ان تقتحم العقبة.. ومن وراء العقبة الجنة والنار ومن اخطأته هذه دخل تلك!.
* فلما أتاه الكتاب أخذه ووضعه في عينيه ثم بكى ثم قال (من لي بعمر نوح ويقين ابراهيم وسلطان سليمان وحكمة نعمان ولو نلت ذلك لم يكن بد من ان ابشرك بكأس الأولين)..

لبلاد تحتاج إلى مفوضية للشفافية لمعرفة مواقع الفساد بأثر رجعي دون قيد زمني..؟!!

حوار الاقتصاد الاسبوعي(الأرشيف)
٭ كرد فعل لكثرة الاحاديث المتداولة في معظم مجالس أهل السودان ومناسباتهم الاجتماعية حول الفساد وأنواعه وأحجامه والمستفيدين منه من الطبقة الحاكمة وأسرهم وأصهارهم وحاشيتهم اضافة للاحداث والتغييرات المشتعلة في الدول من حولنا، اعلنت رسمياً مبادرة إنشاء مفوضية للفساد تتبع لقمة قيادة السلطة بالبلاد..؟؟!! وبعد هذا الاعلان صدرت بالصحف العديد من التعليقات وفي مجالس أهل السودان حول ان هنالك العديد من الاجهزة القائمة فعلياً لهذه المهمة فلماذا لم تقم بواجبها في مكافحة الفساد. وفي الاسبوع الماضي قرأت ضمن تحقيق اجرى مع أحد وكلاء الوزارات السابقين ان الدولة أبطأت إجراءات قرارات الذمة مع القياديين تفادياً للحرج؟!!
٭ أحاديث الفساد سببها الاول ظاهر يشاهد بالعين المجردة ولا داعي للدخول في تفاصيله وخلال العام الماضي كتبت مجموعة حلقات بعنوان من الذي استفاد ومن الذي خسر خلال الواحد وعشرين عاما المنصرمة من عهد الانقاذ..؟!! وطبعاً في السودان كما ذكرت من قبل السيرة الذاتية لمعظم أهله كتاب مفتوح بين أبناء القبيلة أو الحي أو المدينة أو الدفعة الواحدة حيث في لحظات تجد من يتطوع ويعطيك كافة التفاصيل من زواج الاب والام الى اسم الداية التي ولدته وهل كانت الولادة متعثرة أم سهلة وخروف أو خرفان السماية ومراحله الدراسية تفوقاً ورسوباً وكيف تحصل على وصيفته الحالية وكافة تفاصيل سيرته الذاتية في العمل وكيف تملك منزله وقبل ذلك اين كان يسكن وكيف تزوج وكيف سافر البعثة الدراسية ومن الذي ساعده في القبول وكيف انتدب للعمل في المرفق الفلاني وكيف اخذ اول سلفية أو أول منفعة غير قانونية (رشوة)، وهكذا من نوعيات التفاصيل لمرحلة من هم شركاؤه الحاليون هو واولاده واصهاره..؟!! ومن استماع كل شخص لمثل هذه الروايات في السيرة الذاتية بالتفصيل عليه ان يستوعبها حسب فهمه للامور ويأخذ يما يريد من الصالح والطالح منها وكما يقول المثل البلدي.. كل إناء بما فيه ينضح ..؟!!
٭ الدولة لديها العديد من التشريعات والاجهزة التي مهمتها مكافحة الفساد والثراء الحرام لكن من الواضح انها لم تقدر على القيام بما هو متوقع منها الامر الذي جعل قمة قيادة البلاد تعلن التفكير الجاد في إنشاء مفوضية للفساد الامر الذي حرك بعض الجهات بالقول ان هذا من مهامها كالاجهزة التشريعية وجهات أخرى..؟!!
٭ أهم أسباب انتشار الفساد هو عدم الشفافية في معظم المعاملات المتعلقة بالدولة..؟!! وسبق ان كتبت أنه تقريباً حتى عهد الفريق عبود كان مصدر ثروة الأثرياء بالسودان معروفاً لدى العامة والخاصة..؟!! وبعد ثورة اكتوبر وتطهير الموظفين بدأت ظواهر بيع رخص الاستيراد والتصدير وإعفاءات الاستثمار وظهرت كل أنواع الثراء الحرام من المال العام وهو شأن لم يكن معروفاً لدى التجار التقليديين الوطنيين بل وحتى وسط الاجانب الذين عرفوا الفساد وعمليات الإفساد بعد صدور بعض قرارات المصادرة والتأميم الناتجة عن حقد وتصفيات حسابات ودخل عليهم بعض المثقفين وأشباه المثقفين من المستشارين الذين عملوا معهم وارشدوهم لطرق تهريب أموالهم للخارج قبل وبعد صدور قرارات المصادرة، وهنالك العديد من الاسماء الشهيرة عملت في هذا المجال تتداولها مجالس أهل السودان..؟!! وطبعاً كان قبل ظهور ذلك نجد ان مكاتب المحاماة والمستشارين القانونيين مثل مكتب المرحوم الاستاذ محمد أحمد محجوب والمرحوم الاستاذ مبارك زروق والمرحوم الاستاذ عابدين اسماعيل محل احترام وتقدير وفخر من كل اهل السودان ومراكز للإشعاع الفكري والادبي ورغم ذلك لم يحدث ان سمعنا عنهم النرجسية أو ممارسة افعال تخالف القانون وكانوا المثل الاعلى لمثقفي السودان..؟!!
٭ بعد ذلك وخلال الديمقراطية الثالثة امتد الصراع بين قيادات الاحزاب كما كان في عهد الديمقراطية الثانية حول وزارة التجارة والصناعة والمالية وبقية الوزارات التي تؤدي معاملاتها للثراء وفعلوا ما فعلوا فيها لدرجة أنه في خلال حوالي ثلاث سنوات انفضت خمس مرات لاسباب تتعلق بالفساد بدأت بقصة معروفة وشهيرة (استنشق شطة فعطس) وهلمجرا والنتيجة فقدان المصداقية حتى ذهبت الديمقراطية الثالثة بسبب الاستهتار والمكايدات مثل الموافقة على اتفاقية السلام (الميرغني/ قرنق بتحفظاتها)..؟!!
٭ خلال الاثنين وعشرين عاماً الاخيرة ظهرت ممارسة خاطئة عديدة بدأت برغيف المناسبات والرغيف الفاخر ودفع مبالغ مع صلاة الصبح لاصحاب القرار في مكاتب معروفة بالسوق العربي بالخرطوم وللجان الشعبية مقابل أذونات استلام تصدر من تلك الجهات ومعها انتشرت قصص حمل ملايين الجنيهات في ضهريات العربات واللاندكروزرات وكما يقول المثل البلدي المال السائب بيعلم السرقة..؟!! ثم بعد ذلك ظهرت شركات الحكومة والنظام والحزب الحاكم وبعض الأجهزة وفي مرات عديدة صدرت تصريحات بأن عددها حوالي سبعمائة وحوالي ألف شركة وكل مرة يصدر تصريح بتوجيهات بتصفية هذه الشركات لايقاف الممارسات الخاطئة وتلبية لمطالب القطاع الخاص الشيء الذي لم يحدث حتى اليوم..؟!!
٭ الشيء المحزن والخطير في أحاديث واتهامات الفساد خلال الاثنين وعشرين عاماً الاخيرة انها انتشرت لدرجة انها قتلت روح الطموح لدى معظم شباب السودان الذين صاروا يفكرون في اسرع وأسهل طرق ووسائل الثراء عن طريق الصلة بالطبقة الحاكمة بالمصاهرة أو العمل معها وهكذا..؟!! ونسى معظم هؤلاء الشباب الطموح والتميز في الدراسة والنبوغ الاكاديمي كمدخل للحصول على عمل مميز بالقطاعين العام والخاص كمدخل لجمع المال والثروة بالطرق الشريفة والحلال والابتعاد عن الثراء بالممارسات الخاطئة عن طريق إعفاءات القطاع العام واحتكار السلع والمقاولات والتمويل المصرفي بالنقد المحلي والاجنبي وخلاف ذلك من المخالفات والممارسات الخاطئة..؟!! وللاسف الشديد مرة أخرى خطورة انتشار احاديث الفساد لم تقف عند اضرارها الحالية في تخريب الاقتصاد بل امتدت لاحداث عمليات غسيل مُخ لاجيال المستقبل الذين للاسف الشديد للمرة الثالثة ادخلت مفاهيم جديدة في عقول الكثيرين من الشباب بأن النجاح والتفوق والتميز في الدراسة او إجادة المهنة أو الحرفة بالعمل الشريف نوع من ضياع الوقت ولن توصلهم لتحقيق طموحاتهم بالزواج وتكوين الاسرة وامتلاك عربة وخلافه من طموحات أي شاب..؟!! وبما أن الاغتراب اصبح اضافة الى انه صعب فهو غير مجزي حتى ولو كان بامريكا او اوربا وكندا بعد الازمة المالية العالمية الاخيرة والكساد الذي ضرب تلك البلدان وارتفاع معدلات البطالة بها..؟!! إذن فالحل الامثل هو مصاهرة الطبقة الحاكمة دون وضع إعتبار لمستوى الجمال أو العمر وخلافه..؟!! بالتالي اتمنى ان تهتم مراكز الدراسات العديدة المنتشرة ببلادنا دراسة ظاهرة الفساد وتأثيراته السالبة على شباب السودان والذين حالياً ومؤقتاً يعمل معظمهم في بيع مناديل الورق والخردوات في الشوارع وفي الصواني وبالدرداقات في الاسواق أو عمال مباني وسائقو رقشات وذلك لايجاد ما يغطي دخلهم خاصة ان معظمهم من الاقاليم خارج العاصمة القومية والمدن ويسكنون في اطرافها في انتظار الفرصة ليجدوا مدخلاً لممارسة الفساد..؟!! وهنالك تعبير بلدي انتشر في الفترة الاخيرة حول ذلك بأن الواحد منهم في انتظار (شطر يرضع منه لبن بارد؟!!).
٭ لإيقاف مثل هذه التوجهات الخطيرة وسط شباب السودان المطلوب عاجلاً في هذه المرحلة التركيز على الشفافية لما حدث في الماضي قبل وخلال الاثنين وعشرين عاماً الاخيرة بكل مصداقية بهدف التأكد من عدمه لكل ما تروج له المجالس الخاصة لاهل السودان من قصص وحكاوي الفساد والإفساد وذلك من خلال الآتي:-
٭ أولاً: الاستفادة من القوانين السارية حالياً في توفير الحماية الكاملة لكل من يدلي بمعلومات موثقة او شبه موثقة حول الفساد واذا كانت لا توجد تشريعات تضمن ذلك على الدولة اصدارها في عجالة وتكوين جهاز للشفافية بحيث يعطي كل فاسد مارس أي نوع من الفساد وجنى من ورائه مصلحة واعترف بها وضعه (شاهد ملك) بطريقة المحاكم الامريكية بحيث تضمن له عدم السجن وغرامة رمزية وهذا العرض يشمل الفاسد والمفسد..؟!! مثال لذلك اذا كان هنالك مسؤول في أي مستوى استلم رشوة من شخص ما عليه إلا ان يتقدم باعتراف بذلك وفي هذه الحالة تسقط عنه العقوبة ويعتبر (شاهد ملك) ويعذر بغرامة رمزية؟!! ونفس الشيء يكون متاحاً للذين سلموا الرشاوي أو مارسوا الفساد والإفساد؟!! وأتوقع ان يؤدي ذلك لكشف الكثير من عمليات الفساد والافساد لأن كل طرف سوف يكون خائفاً من ان الطرف الثاني سوف يبادر ويتقدم قبله ويصبح (شاهد ملك)..؟!! أما الذي يصمت ويرفض التجاوب يستحق العقوبة المنصوص عليها في القانون..؟!!
وأنا متأكد ان هنالك من سوف يعترضون على مثل هذه الفكرة بحجج قانونية ومبررات خلافها لكن اقول لهؤلاء ان هذه هى الطريقة الوحيدة لكشف نوعيات وحجم الفساد ببلادنا لأن كل اطراف الفساد والإفساد سوف تتسابق للفوز بموقع (شاهد ملك) مع ضمان سُترة الحال وعدم التشهير بهم في الاعلام. لأن الهدف من مثل هذه الفكرة معرفة حجم ونوعيات الفساد واسترداد المال العام من العمولات المحلية والاجنبية ومن الممارسات الخاطئة في منح القروض من البنوك بدون ضمانات اضاعت أموال المودعين وخلافها من نوعيات الفساد والإفساد..؟!!
٭ ثانياً: التركيز والتأكيد على الشفافية في كافة المعاملات بكل وضوح حتى لا تنشر الشائعات عن الفساد بالقدر الموجود اليوم..؟!! حيث تنتشر اليوم شائعات واخبار في الشبكة العنكبوتية عن معدات وماكينات المصنع (الفلاني) الذي أرسى عطاؤها بأكثر من اثني عشر مليون دولار لشركة مسجلة لاصحاب النفوذ بالخارج وهذا المبلغ زيادة عن اعلى العطاءات الاخرى التي قدمت من شركات أخرى منافسة هذا كمثال عن ضرورة الشفافية في معاملات المال العام..؟!! ثم هنالك مثلاً الاخبار والتصريحات الصحفية عن وجود منتجات صناعية من بعض المصانع المحلية غير مطابقة للمواصفات بل وضارة بصحة الانسان كالعصائر والمياه الصحية وتصدر مثل هذه التصريحات الرسمية دون ذكر لاسماء تلك المصانع التي قبضت متلبسة بمثل هذا الجرم الخطير الذي يؤدي لامراض الفشل الكلوي وخلافه..؟!! وبالتالي فان الشفافية مطلوبة في مثل هذه الحالات بشدة..؟!!
٭ ثالثاً:- التركيز على الشفافية وفضح كل الممارسات الخاطئة سوف يعيد للمعاملات توازنها ويعيد للحياة السودانية عافيتها وصحتها بحيث تعود طموحات شباب السودان للدرب المستقيم ويتركون التفكير في الثراء الحرام السريع ومصاهرة الطبقة الحاكمة لتسهيل عمليات الثراء السريع..؟!!
كما سوف يعيد للنشاطات الاقتصادية طبيعتها التنافسية بدلاً من حالات الاحتكار الموجودة حالياً في عطاءات المباني العديدة وكافة عطاءات الاعمال المدنية وتوريد الماكينات والمعدات للقطاع العام التي اصبحت محتكرة لشركات محددة وأسماء معروفة وابتعد معظم العاملين في هذه المجالات من الذين لا صلة لهم بالطبقة الحاكمة من مجرد التقديم للمنافسة في العطاءات الحكومية لانهم يعرفون مسبقاً بصاحب العطاء الفائز والذين بعضهم في بعض الحالات صاروا يعلنون ذلك مسبقاً ويبحثون عن منفذ من الباطن لتلك العطاءات بنصف المبلغ الذي اخذوا به العطاء كما يتداول في عالم العطاءات وذلك بسبب عدم الشفافية في مثل هذه المعاملات..؟!!
٭ الحديث عن الفساد في عموميته كثير جداً خاصة خلال الاثنين وعشرين عاماً الاخيرة ومعظمه مربوط بالطبقة الحاكمة ومن يدور في فلكها وزاد من تفاقمه عدم اهتمام السلطات العليا بالبلاد بحسم مدى صحته من عدمها الشيء ساعد على انتشاره بحيث اصبح يسري عليه المثل البلدي القائل (الفساد ماشي والناس بتتكلم عنه..؟!!) أو (الفساد حاصل وموجود والناس بتتكلم عنه..؟!!) بل ان بعض المسؤولين صاروا يكرهون كل من يتكلم عن الفساد ولا يطيقون سماع أى كلام عنه ويبعدون عن مجالسهم كل من يتكلم عنه خاصة بعد ان ارتبط بمحور السلطة والطبقة الحاكمة في ظل انعدام الشفافية التي جعلتنا نفكر في تكوين مفوضية للفساد..؟!!
نواصل إن شاء الله

طيـش

من أهم المعلومات التي يسعى أي مستثمر للحصول عليها في مرحلة اتخاذ قرار الاستثمار هي الموقف القانوني في حال تعثّرت الشركة أو النشاط ماليا بحيث أصبحت ديونها تفوق قيمة أصولها وقيمة التدفقات النقدية المتوقعة، فالقاعدة العامة أنه في حال إفلاس أو تصفية الشركة فإن الدائنين يقتسمون ما تبقى من أصول الشركة وممتلكاتها عقارية كانت أم منقولة أو حقوقا مالية بينهم بنسبة ديونهم على الشركة المفلسة أو المصفّاة،ولهذه القاعدة العامة بعض التفاصيل، فالاقتسام يكون بين الدائنين في درجة واحدة فالمعروف أن الدائن الممتاز يكون مقدّما على الدائنين العاديين كما أن مسألة ترتيب حقوق الأولوية بين الدائنين ينظّمها القانون في البلد المعيّن، وتختلف باختلاف المدارس الفكرية التي صيغ القانون على أساسها ، ففي بعض الدول يكون لحق الدولة والمجتمع الأولوية وفي هذه الحالة يجب استيفاء مطالبة مصلحة الضرائب أولا، كما أن في بعض القوانين ذات النزعة الاجتماعية يكون للعمّال الأولوية في استيفاء مستحقاتهم قبل الدائنين الآخرين وهكذا. إذن فترتيب أولوية حقوق الدائنين في حالة الشركة المفلسة أو المراد تصفيتها هو أمر يحظى بالأهمية القصوى لدى جميع الأطراف المنخرطة في علاقات اقتصادية أو مالية مع الشركة، فمثلا يكون الأسئلة الجوهرية بالنسبة لأي بنك يرغب في تمويل الشركة في أي نشاط لها إضافة إلى دراسة المخاطر الخاصة بالمعاملة المعينة هي:
هل يجيز القانون مفهوم الدين الممتاز ويعطيه اولوية في السداد في حال إفلاس الشركة أو تصفيتها؟
كم من الزمن تستغرقه الاجراءات القضائية حتى يتمكّن البنك من استرداد ما له من استحقاقات على الشركة في حالة تصفيتها؟
ماهي نسبة الاسترداد بالنسبة للبنك من جملة مطالباته المالية في حالة التصفية؟
هذه الأسئلة لا تطرح حصريا من البنوك فالمورّدون للشركة والمتعاقدون معها جميعا يحتاجون لأن يجيبوا على هذه الأسئلة قبل الدخول في أي علاقات تعاقدية مع الشركة. تمت دراسة المدى الزمني والتكلفة المالية ونسبة الاسترداد في حال تصفية الشركة أو إفلاسها في أكثر من 183 دولة حول العالم بواسطة مشروع ممارسة أنشطة الأعمال(Doing Business Project) ولجعل النتائج قابلة للمقارنة فقد تم اعتماد افتراضات موحّدة على النحو التالي:
افتراضات حول الشركة:
1- الشركة شركة خاصة ذات مسؤولية محدودة.
2- تمارس الشركة نشاطها في المدينة الأكبر من حيث النشاط الاقتصادي في الدولة.
3- جميع المساهمين في الشركة هم من مواطني الدولة ولها رئيس مجلس إدارة يملك 51% من الأسهم في حين لاتزيد ملكية أي من المساهمين الآخرين على 5%
4- تمتلك الشركة عقارا في مركز المدينة وهو عبارة عن فندق قيمته تساوي 100 ضعف متوسط دخل الفرد في الدولة أو مئتي ألف دولار أمريكي أيهما أكبر.
5- للشركة مدير عام متخصص مهنيا.
6- يعمل بالشركة 201 شخص والشركة متعاقدة مع 50 مورّدا لكل منهم استحقاق مالي على الشركة حيث لم يستلم مقابل آخر توريد قام به للفندق.
7- حصلت الشركة على تمويل من أحد البنوك المحلية بضمان رهن عائم على جميع أصولها وممتلكاتها.
8- قامت الشركة بالوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في عقد التمويل إلى تاريخه.
افتراضات حول الوضع الراهن:
تعاني إدارة الفندق من مشكلة في السيولة ، فخسارة الشركة في العام 2009 جعلت من أرباحها بالسالب ولن تستطيع الشركة الوفاء بأقساط البنك المستحقة في هذا الشهر، وعليه تفشل الشركة في عقد التمويل وتعتقد الإدارة أن الخسائر ستتواصل في هذا العام والعام المقبل والمبلغ المطلوب من قبل البنك يساوي قيمة الفندق ويمثل 74% من مديونية الشركة .
فالبنك الآن يرغب في استرداد أكبر نسبة من مستحقاته بأقل تكلفة ممكنة فالعمال يرغبون في استمرار الشركة وعدم تصفيتها والحفاظ على وظائفهم وبالنسبة للمساهمين يأملون في إمكان التغلّب على هذه المشاكل في المستقبل دون تصفية الشركة ويفضلون إعادة تأهيلها وتنظيمها بأمر قضائي أو باتفاق مع الدائنين.
بتطبيق هذه الافتراضات على السودان توصّل البنك الدولي إلى النتائج الآتية:
أولا : يحتل السودان المركز الأخير (الطيـش) من بين جميع دول العالم المشمولة بالدراسة وعددها 183 دولة.
ثانيا: نسبة الاسترداد في السودان هي صفر% بينما نسبة الاسترداد في دول أفريقيا لجنوب الصحراء23.2% والمتوسط العالمي لنسبة الاسترداد 69.1% .
ثالثا: الزمن الذي تستغرقه الاجراءات القضائية في دول أفريقيا جنوب الصحراء هو ثلاث سنوات ونصف بينما المتوسط العالمي هو سنة ونصف تقريبا ، أما بالنسبة للسودان فالزمن غير معروف.
رابعا : أما بالنسبة للتكلفة المالية التي يتكبدها الدائنون فهي في السودان غير معروفة وفي دول أفريقيا جنوب الصحراء هي 20.7% وأما المتوسط العالمي هو 9.1% .
نود الإشارة إلى أن النتائج أعلاه بالنسبة للسودان قد تكون بسبب غياب المعلومة الدقيقة، لابد ألا يكون ذلك مصدر ارتياح بالنسبة لمن يقرأون هذه النتائج فقد تنطوي على إشكال أكبربالنسبة لمجتمع الأعمال ، فالضبابية وعدم الوضوح يعتبر من المخاطر غير القابلة للإدارة ولا تعرف أية آلية لحسابها وعليه فإن النتيجة المحتّمة هي الإحجام عن التعامل التجاري إلا بشروط شديدة التعسف والقسوة مما يفضي بنا إلى مناخ اقتصادي معتل وغير جاذب.

هو صاحب شركة (كوباكت) العاوزين يدمروا ليهو إقتصادنا اقتباس

هو صاحب شركة (كوباكت) العاوزين يدمروا ليهو إقتصادنا

اقتباس:
الخرطوم: المثنى عبد القادر
علمت «الإنتباهة» أن اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام لخصخصة الشركات الحكومية قامت بالاتفاق على بيع شركة شواهق الهندسية المحدودة لشركة تدعى «كوباكت» للبنيات التحتية مقابل مبلغ «29» مليون جنيه في حين أن شركة شواهق الهندسية يبلغ رأس مالها «40» مليوناً بالإضافة إلى أصول تبلغ «50» مليوناً
وأرباح عن عام 2010م وصولت لـ«22» مليوناً بجانب مشاريع عاملة حالياً في عام 2011م بمبلغ 250 مليوناً علمت «الإنتباهة» أن اللجنة الفنية للتصرُّف في مرافق القطاع العام لخصخصة الشركات الحكومية التي يرأسها عبد الرحمن نورالدين مصطفى قامت بالاتفاق على بيع شركة شواهق الهندسية المحدودة لشركة تدعى «كوباكت» للبنيات التحتية بمبلغ أقل من أصولها، وكشف عقد بيع الشركة الذي تحصلت «الإنتباهة» على نسخة منه بيع «85»% من شركة شواهق مقابل مبلغ «29» مليون جنيه في حين أن الشركة الهندسية التي قامت بالعديد من الأعمال الهندسية بالبلاد يبلغ رأس مالها «40» مليوناً بالإضافة إلى أصول تبلغ «50» مليوناً وارباح عن عام 2010 م وصلت لمبلغ «22» مليوناً بجانب مشاريع عاملة حالياً في عام 2011م الجاري بمبلغ 250 مليوناً، وإذ جمعنا فقط الأموال الخاصة بشركة شواهق سنجدها تبلغ «362» مليون جنيه أو مليار بالقديم، مقابل «29» مليوناً أو مليار جنيه ، فإن فرق عملية البيع من الأموال حقيقية الشركة تبلغ «333» مليون جنيه أو مليار بالقديم ، فكيف يعقل أن تبيع اللجنة المختصة تلك الشركة بذلك الثمن البخس!
، وبحسب صدر«الإنتباهة» فإن عملية البيع كانت مقررة التوقيع عليها يوم الأربعاء الماضي لكن ظروفاً أخرى حالت دون التوقيع عليها، حيث تم الاتفاق نهائياً على بيع الشركة بمقابل «29.750.000» مليون جنيه خلال الأسبوع الجاري، كما أن طريقة سداد ثمن الشركة فيها العديد من التساهيل غير المبررة منها، أن شركة «كوباكت» ستدفع ملبغ «14» مليون جنيه عقب التوقيع على العقد و«15» مليوناً عبارة عن «سندات حكومية»!. ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث إن السندات الحكومية نفسها ستدفع على أقساط وتكون مستحقة الدفع كالآتي: السند الأول في العام القادم بمبلغ «5» ملايين جنيه ، والثاني في عام 2013 بـ«5»ملايين الأخرى، والثالث في العام 2014 م بالـ«5» ملايين الأخيرة،
كان تمت هذة المهزلة الاقتصادية تكونوا ما خفتوا الله فينا

تنفيذ العقود وكفاءة السلطة القضائية


إن أهم المطلوبات لتطوير النشاط الاقتصادي والتجاري في أية دولة أو مجتمع هي وجود قواعد متفق عليها وملزمة تحكم العلاقات ذات الطابع التجاري بين أفراد هذا المجتمع، فضلا على ذلك يجب أن تتميز هذه القواعد والقوانين بالمعقولية والموضوعية والحياد وقناعة المواطنين أن هذه القواعد هي في مصلحتهم لتحقيق مقبوليتها، هذه المقبولية هي شرط لازم لاضفاء الشرعية على أي قانون كي ما يسهل تنفيذه، ولكي ما يزدهر النشاط التجاري ويتوسّع التعامل فإن أول سؤال يسأله الشخص الذي يود الاستثمارهو ما إذا كان النظام القضائي في هذه البلد هو نظام قضائي مستقل؟ وكم من الزمن سأستغرق للحصول على حقوقي المالية إذا قاضيت أحد المتعاملين معي في حال فشله في السداد أو في الالتزام بأي عقد أبرمه معه؟ وكم من المال ستكلفني مقاضاة أي شخص فشل في الوفاء بالتزاماته التعاقدية معي؟.
وكما درجنا في الحلقات السابقة فإننا سنتناول هذا الموضوع بحسب ما ورد في مشروع ممارسة الأعمال (Doing Business Project) والذي أطلقه البنك الدولي للإنشاء والتعمير لدراسة البيئة القانونية والادارية لممارسة النشاط الاقتصادي في 183 دولة حول العالم، ومن ضمن مؤشرات المشروع المؤشر الذي يقيس تنفيذ العقود ، حيث يعنى هذا المؤشر بقياس كفاءة القضاء في أية دولة على حل المنازعات التجارية وقد استعان المشروع بقوانين الاجراءات المدنية في الدولة المعنية كما استبين واسترشد بآراء المحامين والقضاة في هذه الدول ولجعل ما توصّل إليه المشروع من نتائج قابلة للمقارنة فقد تم اعتماد افتراضات موحّدة.
النزاع المفترض:
1- قيمة الدعوى محل النزاع تساوي 200% من متوسط دخل الفرد في الدولة.
2- أطراف النزاع هما بائع ومشتري مقيمان في المدينة الأكبر من حيث النشاط الاقتصادي في الدولة.
3- باع البائع للمشتري بضاعة قيمتها تساوي 200% من متوسط دخل الفرد في الدولة وبعد تسليم البضاعة رفض المشتري دفع الثمن بحجة أن البضاعة ليست في حالة جيدة.
4- قام البائع (المدعي) برفع دعوى على المشتري (المدعى عليه) مطالبا بقيمة البضاعة (الثمن)، ناهض المشتري (المدعى عليه) الدعوى بحجة أن البضاعة غير مطابقة لشروط العقد.
5- المحكمة التي نظرت الدعوى هي محكمة مختصة قيميا ومكانيا ونوعيا وفصلت فيها.
6- قام المدعي بالحجز على الأموال المنقولة للمدعى عليه كالسيارات والأدوات المكتبية وهو إجراء تحفظي قام به المدعي قبل صدور الحكم لتخوفه من أن المدعى عليه قد يعلن إفلاسه قبل صدور الحكم ومن ثم قد يتساوى جميع الدائنين في مطالبتهم لما تبقى من أموال المدعى عليه.
7- استعانت المحكمة ببينة خبير لتحديد حالة البضاعة المستلمة.
8- جاء قرار المحكمة في مصلحة البائع (المدعي) وذلك بعد أن قررت المحكمة أن البضاعة هي بحالة جيدة وأمرت المدعى عليه بدفع ثمن البضاعة إلى المدعي.
9- المشتري لم يستأنف الحكم في المدة الزمنية التي يحددها القانون وبذلك أصبح الحكم نهائيا وغير قابل للاستئناف .
10- اتخذ البائع (المحكوم له ) مباشرة جميع الاجراءات المطلوبة لتنفيذ الحكم وتحصّل على أمواله بعد بيع أموال المشتري المحجوز عليها بالمزاد العلني.
وبتطبيق هذه الافتراضات على السودان جاءت النتائج على النحو الآتي:
أ- عدد الاجراءات القانونية التي يقوم بها المدّعي من بداية فتح الدعوى إلى تحصيل أمواله هي 53 إجراءً.
ب- الزمن الذي تستغرقه هذه الدعوى إلى مرحلة التنفيذ هو 810 يوم (ثمانمئة وعشرة أيام فقط لا غير).
ت- المصروفات التي يتكبدها المدعي مقارنة بقيمة الدعوى أو المطالبة هي 19.8 % حيث كانت أتعاب المحاماة 12.3 % ورسوم المحكمة 5% ورسوم التنفيذ 2.5%.
قد جاء ترتيب السودان في المرتبة رقم 146 من 183 دولة حول العالم.
من النتائج أعلاه يتضح لنا الصعوبة البالغة التي يعانيها المواطنون إذا اضطروا للجوء إلى المحاكم، مما يضعف الثقة ويؤدي إلى تقلص النشاط الاقتصادي إلى حدود المضمون ويؤدي بالمواطنين إلى فقدانهم الثقة في السلطة القضائية ويجعلهم خاضعين لابتزاز المدينين (المال تلتو ولاكتلتو)، ونحن كمحامين نتضرر ضررا بالغا من هذا التطويل اللامعقول في الاجراءات والذي قد يكون مرده قلة عدد القضاة مقارنة بعدد السكان وهذا الأمر يحتاج إلى عملية إصلاح سريعة إن كنا نريد تعزيز ثقة المواطنين في إمكانية انخراطهم في السوق والنشاط الانتاجي وتوسيع حجم القطاع الخاص.
ملحوظات:
هذا المؤشر لم يعنِ بقياس مستويات الفساد وعدم الحيدة ومستوى التأهيل المهني للقضاة واستقلالهم عن السلطة التنفيذية، كما لم يشمل هذا المؤشر مراحل الاستئناف والطعن أمام المحكمة العليا والمراجعة لا في الدعوى الأصلية ولا في التنفيذ.

( إلى إجتثاث الفساد هل من سبيل؟ )


كلنا فاسدون أنا وأنت وعظيم البلاد،إن لم يتداركنا الله برحمة توازنات القوة، ( ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض، ولكنَّ الله ذو فضلٍ على العالمين ) البقرة 251، (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامعٌ وبِيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يذكر فيها اسم الله كثيراً، ولينصرن الله من ينصره إن الله قويٌ عزيز) الحج 40 ،فإذا اتفقنا على أن الفساد داء فالواجب أن نبحث عن أصله قبل توصيف الدواء، وهذا للأسف ما تقافزت فوقه الحكومة حين أعلنت قيادتها أن علاج الفساد يكون بإستيلاد مفوضية جديدة تتولى أمر مكافحة هذا الداء العضال، فذهبت في تركيب وصفة العلاج على طريقة دفن الرؤوس في الرمال،مع الجفول عن حقيقة أن غياب توازن القوة هو السبب الرئيس في توالد الفساد وانتشار خلاياه المسرطنة على امتداد البلاد، أسمع معي الكواكبي ماذا يقول بصدد بحثه عن الداء الدفين الذي أقعد أمة العرب والمسلمين عن النهوض، يقول عليه رحمة الله في فاتحة كتابه طبائع الاستبداد (أقول وأنا مسلم عربي مضطرٌ للاكتتام، شأن الضعيف الصادع بالأمر، المعلن رأيه تحت سماء الشرق، الراجي اكتفاء المطالعين بالقول عمن قال، وتعرف الحق في ذاته لا بالرجال، إنني في سنة ثماني عشر وثلاثمائة وألف هجرية ،هجرت دياري سرحاً في الشرق، فزرت مصر.... فوجدت أفكار سراة القوم في مصر كما في سائر الشرق، خائضةً في المسألة الكبرى ، أعني المسألة الاجتماعية في الشرق عموماً، وفي المسلمين خصوصاً، إنما هم كسائر الباحثين ، كلٌ يذهب مذهباً في سبب الانحطاط ، وفي ما هو الداء، وحيث أني قد تمحص عندي أن أصل الداء هو الاستبداد السياسي ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية، وقد استقر فكري على ذلك - كما أن لكل نباءٍ مستقر- بعد بحث ثلاثين عاما)،أ.هـ، هكذا بعد مقدمات وترجيحات مبسوطة في سِفره العظيم وصل الكواكبي عليه رحمة الله إلى أن الاستبداد أصل كل أدواء الأمة ، ومن بين هذه الأدواء الفساد الذي نجأر منه بالشكوى في بلادنا، فإذا كانت نوايا القيادة صادقةً حقاً في مكافحة هذا الداء ، فينبغي أن تسلك سبيلاً سالكة لعلاجه، تصلنا بجوهر الديمقراطية لا بهيالكها وأشكالها النخرة ، فإذا بسطت الحرية بيننا، ونهضت دولتنا الديمقراطية المدنية الدستورية فإن مافيا الفساد ستزول تلقائياً ولن تحتاج منا إلى مفوضيات، ذلك أن الأمر كله منوطٌ بالتدافع، وحفظ توازن القوة في المجتمع ، فإن غاب هذا التوازن وهجس بيننا التدافع ،فلا تبشرنا بأية أدوات أو آليات لمكافحة أدواء المجتمع فهي بلا شك ستولد ميتة، يدلك على ذلك فشل نيابة مكافحة الثراء الحرام والمحاكم المتخصصة التي فُرِّغ قضاتها لهذا الغرض فلم تؤد الغرض، لا لنقص الكفاءة، ولكن لغياب الإرادة واختلال الميزان لمصلحة ذوي النفوذ والسلطان، فلا صلاح ولا فلاح ولا سبيل لمحاربة الفساد في ظل غياب الديمقراطية حتى ولو كان القائمون على أمرالحكم يقيمون الليل كله في محراب التحنث والعبادة، وفي معنىً قريب من ذلك يقول الكواكبي في صفحة (8) من سفره العظيم «طبائع الاستبداد» ( ويكفي هنا الإشارة إلى أن صفة الاستبداد، كما تشمل حكومة الفرد المطلق الذي تولى الحكم بالغلبة أو الوراثة، وتشمل أيضاً الحاكم الفرد المقيد المنتخب متى كان غير مسؤول ،وتشمل حكومة الجمع ولو منتخباً، لأن الاشتراك في الرأي لا يدفع الاستبداد، وإنما قد يعدله الاختلاف نوعاً، وقد يكون عند الاتفاق أضرَّ من استبداد الفرد، ويشمل أيضاً الحكومة الدستورية المفرقة فيها بالكلية قوة التشريع عن قوة التنفيذ وعن قوة المراقبة، لأن الاستبداد لا يرتفع ما لم يكن هناك ارتباط في المسؤولية ،فيكون المنفذون مسوؤلين لدى المشرعين ، وهؤلاء مسؤولون لدى الأمة، تلك الأمة التي تعرف أنها صاحبة الشأن كله، وتعرف أن تراقب وأن تتقاضى الحساب)أ.هـ، فقل لي بالله عليك كيف تستطيع المفوضية المقترحة أن تؤدي الدور المنوط بها وأن تتقاضى الحساب نيابةً عن الأمة ،إذا ما كانت هي ذات نفسها ستخضع لأهواء ذوي النفوذ والسلطان؟، شأنها شأن الأجهزة العدلية التي فشلت في مهمة مكافحة الفساد لهذا السبب الذي ذكرناه، ودليل فشلها أن ولاة الأمر في الدولة يبحثون الآن عن بديلٍ فاعل لمكافحة الفساد أو ما أسماه رئيس الجمهورية (بمفوضية مكافحة الفساد)،وهذا الفشل سيبقى بيننا إلى ما شاء الله إن لم تجنح الحكومة إلى تبني نهج الإصلاح الذي طرحته المعارضة،بل دعا إليه حتى بعضٌ من الفاعلين في الحزب الحاكم، وينبغي أن ينصب هذا الإصلاح على جوهر القضايا، ممثلةً في الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخاب الحر الشفاف، فإذا بسطت هذه المعاني بيننا فإن شهوة المال ستكبح ضرورةً بأدوات الشفافية والمساواة أمام القانون ولن نخشى بعد ذلك على المال العام من متنفذٍ ، ومن غلبت شهوته فإن القضاء المحايد النزيه سيكون له بالمرصاد، فالعلة كلها يا سادتي تكمن في داء غياب توازن القوة في بلادنا، فالبرلمان والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية تتداخل الآن في دولتنا بصورةٍ تعيق التصدي لأي فساد مالي،وينبغي للخروج من هذا النفق المظلم أن تتكاثف الجهود الصادقة من الحكومة والمعارضة معاً على التوافق على نهج إصلاحي تكون غايته إقصاء الاستبداد من بيننا لأنه سبب كل الكوارث والإحن ،وصدق الكواكبي حين قال : ( الاستبداد لو كان رجلاً وأراد أن يحتسب وينتسب لقال: أنا الشر، وأبي الظلم ، وأمي الإساءة ، وأخي الغدر، وأختي المسكنة ، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر، وبنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة، ووطني الخراب، أما ديني وشرفي فالمال المال المال)أ.هـ ، ولا سبيل لرفع كل هذه السواءات عن كاهل الشعب السوداني إلا بتبني نهج الإصلاح الذي يبسط بيننا الديمقراطية ويلجم شهوة النفوذ، فهل يا ترى تستجيب حكومتنا السنية لنداءات أولي النهى من قيادات المعارضة وبعض قيادات المؤتمر الوطني؟ ، أم أنها ستضطر شعبها أن يردد مع حكيم معرة النعمان قوله :( إذا لم تقم بالعدل فينا حكومةٌ ..فنحن على تغييرها قُدَرَاءُ )؟، والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

إلى متى يدور فينا هذا الخطاب ؟


كنا نعتقد أن اقتطاع أرض الجنوب والمشكلات التي تهدد ما تبقى من الوطن المهيض ستكون صدمة تفيق على إثرها العقول من غيبوبتها، لتسأل نفسها ، أين تنكبت الطريق؟ وما هو أس الداء وسبب التراجع القهقرى؟ ، ولماذا في كل يوم نذل ونهان؟، لكن ظهر لي أن استخفاف قيادتنا بالبشر لم يترك سبيلاً إلى التصحيح والتقويم ، أو محاسبة النفس على ما اغترفت في حق الوطن من آثام، كيف لا وطاحونة الخطاب العاطفي العتيق لا زالت تدور فينا بممجوج الخطابة وفطير الكلام، على نحوٍ يفترض في المخاطبين الخفة والسفه والجهل والغباء ، وكاني بالشعب السوداني الأشم قد صار طفلاً أو معتوهاً تناط مصالحه بما يقرره الأوصياء والقيمون.
أقول قولي هذا ، وقد حزَّ في النفس مانقلته قناة النيل الأزرق يوم أول من أمس من خطاب أحد أهل الحظوة أمام جماهير رومي البكري الصبورة، خطاباً دغدغ عاطفتهم الدينية إلى أن أشمأزت، بل أصابها الذهول من هول ما سمعت، فقد فاه منشدهم «ربان الدبلوماسية السودانية» الرجل الموصوف بالرزانة والوقار ، بما تخر منه الجبال هدا، قال الرجل من غير أن يرف له جفن أو يقشعر له بدن، مخاطباً أهله يوم أول أمس: أن السيد رئيس الجمهورية ذهب إلى المدينة المنورة وأنه موجود هنالك الآن ليجدد البيعة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على المرحلة الجديدة - أو ما أسماها الجمهورية الثانية - وكانت المناسبة التي فاه فيها بهذا القول الجلل افتتاح مجمع سكني طلابي يحمل اسم أحد الشهداء ممن جادوا بدمائهم من أجل وحدة التراب السوداني الذي لم ينقص من أطرافه،وإنما انمزق ثلثه مودعاً في يوم التاسع من يوليو المشهود، من غير أن تثكله ثواكل أو تزرف الدمع عليه بواكٍ ، وإنما زفته الإنقاذ عروساً بكراً إلى بني صهيون، بلا مهرٍ ولا صداق ، وأظن أننا سمعنا ترحيب القادة الإسرائيليين بهذا الزفاف الميمون، وقد كان هذا الفشل المخيب للآمال بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي في السياسة السودانية خاصةً على عهد الإنقاذ التي أدمنت وأفلحت في تدبيج الخطاب العاطفي الذي يستخف بالعقول ،فلن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان ، هكذا بشرونا ، إلى أن عشنا ورأينا بأم أعيننا يوم ذلنا وهواننا على أنفسنا وعلى العالمين جميعا..
إن مثل هذا الخطاب العاطفي الفج ، هو الذي أوردنا موارد الذل، وأسقانا كأس الدنيئة صاباً لا يساغ ،ولكننا تجرعناه على مضاضة ، تجرعناه وكلنا نعلم أن الأمر أمر سياسة زمنية تتطلب وضع الخطط والبرامج لتوفير الأمن الغذائي والاجتماعي ودحر الجوع والأمية والتخلف،وهذا ما يقول به الدين وتؤيده الشريعة لا بني علمان (الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف)الآية ،«اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به» رواه مسلم. ، لكن قيادتنا «الرشيدة» هربت من مواجهة هذه التحديات لتبشرنا ببيعةٍ من ورائها بيعة من ورائها مشورة ، مع أنها تعلم علم اليقين أن مشكلاتنا الحقيقية لا تعالج بمثل هذه البشريات التي تلعب على العاطفة وورقة الدين ، وإنما تعالج بدولة العدل والرعاية ، دولة المؤسسات التي مناطها الديمقراطية والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات أولاً ، وشرطها الإنتاج والتنمية المستدامة، فالحديث المجاني مأ أسهله، والخطابة ما أطيبها وما أجملها! لكن محلها الآداب والفنون ، لا السياسة العملية التي ينبغي أن تطعم الناس ، وتوفر دواؤهم وكساؤهم ، وتؤمنهم من الخوف والوجل،فأين نحن الآن في السودان من كل هذه المعاني والتحديات؟.
لينظر من بشرنا بالبيعة عند نبي الرحمة المعصوم صلى الله عليه وسلم - لينظر إلى المسكنة التي حلت بأهل الجزيرة بعد تدمير مشروعهم عماد الاقتصاد السوداني، مشروعهم الذي باض البوم وأفرخ في قناطره ، وذهبت بمحالجه وسككه الحديدية عاديات الزمن، لينظر خطيبنا إلى مرفق السكة الحديد كيف سكتت قاطراته عن الرزيم ، في وقتٍ اتجه فيه كل العالم إلى تطوير هذا المرفق الهام بما في ذلك الدول البترولية من مثل السعودية وغيرها من دول الخليج ، هام لأن أهميته يعرفها المنتجون المخلصون ،لا الحالمون بالاقتصاد الريعي والثراء بالمجان، لينظر محدثنا ومبشرنا إلى حال الصحة والتعليم وكل ما يهم المواطن من أمر معاشه، ولو فعل لما وجد سبيلاً واحداً يقنع به هذا الشعب «المغفل» بعد التفريط في ترابه وتهديد وحدة ما تبقى من بلاده ، في عهدٍ استحال فيه كل أمرنا إلى بوار، فالرسول الأمين المستجار بحماه لأجل البيعة ما بات يوماً وجاره جوعان، وهو الذي وقف عن صلاته بعد أن رفع يديه لتكبيرة الإحرام ، وقال : إن في بيت آل محمد درهمٌ ،وإني أخشى أن ألقى الله وأنا كانز، فلم يصلِ وقته عليه السلام إلا بعدما أنفق ما في يديه من دريهمات ،فيوم أن نغتدي سيرته في كل أمرنا، حق لنا في ذلك اليوم أن نقف أمام قبره الشريف لنبايع رؤساء ومرؤوسين، أما وأمرنا كله أمر دنيا وسياسة زمنية ركبنا فيها مراكب ميكيافيلي وروبسبير وتصارعنا فيها صراع المصالح والأهواء والانتصار للذات ، فإنه لمن البوار والخسران أن نتخذ منه صلى الله عليه وسلم سلماً لتبرير سلوكنا السياسي المجافي لسيرته العطرة، و الله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.