الحزب الاتحادي الديمقراطي هو حزب الحركة الوطنية الأصيلة، حزب الجماهير السودانية الكادحة من عمال وزراع وطلاب ومهنيين وتجار ومثقفين، منذ نشأته رفع رايات الوحدة والحرية والديمقراطية والليبرالية، وظل عبر كل الحقب التاريخية محافظاً وفياً و أميناً على مبادئه تلك ، فحقق الاستقلال وحافظ على وحدة البلاد ودافع عن الديمقراطية وتصدى لكل الأنظمة الشمولية . عارض بقوة الحكم العسكري الأول عام 1957 وحرّم على أعضائه المشاركة فيه، فأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في جلسته الستين في التاسع من يوليو 1961 قراره باعتقال الزعيم الأزهري و بعض قادة الحزب، كما أصدر في اجتماعه السابع و الستين الذي انعقد في 19 أغسطس 1962 قراره رقم 278 القاضي بمنع الأستاذ علي محمود حسنين من مزاولة مهنة المحاماة . و رغم تضييق الخناق على قادة الحزب فقد قاموا بدور أساسي و فعال في تنظيم المعارضة وقيادة الشارع في ثورة أكتوبر 1964 الخالدة ، و شارك الحزب في حكومتي أكتوبر ممهداً الطريق للحكم الديمقراطي،ذلك باستثناء قادة الختمية الذين أصدروا مذكرة تأييد للنظام العسكري نتيجة لسياسته الخارجية المتوافقة مع توجهات المراغنة ، و قد سمّتها أجهزة الإعلام "مذكرة كرام المواطنين". في 25 مايو 1969 أعلن الحزب معارضته التامة للانقلاب منذ الإعلان عنه، وقاد المعارضة في الداخل والخارج ،واعتقل الإنقلابيون قادة الحزب وفي مقدمتهم الزعيم الأزهري والذي بعث من سجن كوبر برسالة للشريف حسين في 27 مايو 1969 ،حملها الشهيد بابكر عباس إمام ،بارك فيها تكوين الجبهة الوطنية وحدد فلسفة الحزب وسياسته فقال" نحن أصحاب مبادئ و لسنا طلاب سلطة " ودفع الزعيم الأزهري روحه الطاهرة ثمناً لمبادئ الحزب إذ استشهد وهو قيد الاعتقال. هذا وبينما قادة الحزب في السجون أصدر السيد محمد عثمان بياناً يؤيد فيه الانقلابيين رغم تحذيرات الشريف حسين له . حمل الراية بعد استشهاد الزعيم الأزهري الشهيد الشريف حسين الهندي الذي قاد المعارضة بعزيمة لم تلن وأعطى النضال حقه كاملاً،و أعلن أن الحركة الوطنية السودانية لا تباع و لا تشترى و أن مبادئ الحزب ثابتة وواضحة ليس فيها منفذ للهروب وأنه خير لنا أن تقتلنا البنادق من أن يقتلنا التناقض بين مبادئنا وأفعالنا و قال" سنظل نكافح من أجلها، و لن ندنس موقف حزبنا في التاريخ بالتخلي أو التنصل أوالمساومة و لن نقبل أن نتسربل بالعار في الدنيا والآخرة" وظل يرفع الراية ويطور أساليب النضال فكانت المعسكرات وحركة يوليو 1976 وخطابات التحريض المسجلة واستشهد الكثيرون و امتلأت سجون النظام بالوطنيين الشرفاء ، محبي الوطن وعشاق الحرية والديمقراطية فكانوا وساماً في صدر حزبنا وفي تاريخ الحركة الوطنية، و تعلمنا أن نمتلك ناصية التاريخ ونمسك بزمامه بوقوفنا إلى جانب مبادئنا وقضايانا الوطنية و غرس فينا الشريف شجاعة معينها لا ينضب ونبعها لا يجف لننتزع بها الحرية و الديمقراطية التي ننشد، وحلق بحزبنا في رحاب العالمية حتى أضحى سندا حقيقيًا و داعمًا أساسيا لكل الشعوب الثائرة من أجل الحرية و الديمقراطية. و كما وعد رحمه الله بأنه سيحمل الراية كالمشعل دليلاً على اجتياز طريق الحرية إلى أن يسلمها لأي فرد أمانة ووديعة وواجب وطني وقومي،فعل ذلك ،وبعدما استشهد في التاسع من يناير 1981 استلم الراية المناضل علي محمود حسنين فحمل الأمانة بقوة و إخلاص وهو خير خلف لخير سلف، صان المبادئ وحفظ للحزب مكانته وأعلن معارضته لانقلاب الإنقاذ منذ الإعلان عنه و ما زال إلى يومنا هذا ، لا تلين قناته و لا تفتر همته، مقاتلاً شرسًا من أجل مبادئ و أهداف الحزب الوطنية . هذا، فخلال مسيرة الحزب النضالية سقط الكثيرون ، أفراداً وجماعات سقط أولاً أفراد سرقوا اسم الحزب، وخرجوا عن مبادئه وقيمه المكتوبة والمتوارثة ،وهم قادة ما يعرف بالحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل أي الاتحاديون بحكم قانون الإنقاذ للأحزاب و التنظيمات السياسية ، ولنا معهم شأن، وخرجت مجموعة انضمت للحزب الحاكم، ونحن نحترم خيارهم، ثم حدث السقوط الأكبر، وكان متوقعاً، فقد كثرت المؤامرات ونشطت المناورات وضعف موقف المترددين وسال لعاب الضعفاء الطامعين الذين اتخذوا الحزب مطية لأهدافهم وطموحاتهم الشخصية فدفعوا رئيس الحزب للقبول بالاشتراك في حكومة الإنقاذ، وقد فعل. اشترك الميرغني و من معه في الإنقاذ فانزاح الستار وسقطت الأقنعة، و انتهت التصنيفات القديمة وفقد مكتبه السياسي شرعيته بعد أن خرج عن مبادئ الحزب جميعها وانتهك دستوره وأساء لتاريخه ومستقبله. لقد أُجهضت و اندثرت كل الأُطر الفوقية التنظيمية للحزب وأصبحت غير شرعية وغير معترف بها من قبل الجماهير، فهناك قيادة فرضها الوضع الراهن وفرضتها واجبات النضال وفرضتها جماهير الحزب وأولتها ثقتها في قيادة النضال داخل و خارج السودان وأوكلت لها القيام بهذا الدور التاريخي في مسيرة حزبنا، تلك هي قيادة الأستاذ علي محمود حسنين . لقد انكشفت الحقيقة وتطهرت الصفوف من الانتهازيين والوصوليين الذين تاجروا بالمبادئ واستبدلوها بالوزارات و الوظائف و بئس ما فعلوا فقد بارت بضاعتهم وخسرت تجارتهم ، فهم اليوم يأكلون من جثامين شهداء الحرية والديمقراطية ويشربون من دماء المناضلين الشرفاء الذين ضحوا في سبيل الحفاظ على مبادئ وقيم حزبنا العملاق، وقد علمت أن لجان الحزب داخل وخارج السودان ستصدر قائمة بأسماء جميع الذين شاركوا في الإنقاذ باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي تسمى قائمة العار تكون مرجعاً تاريخياً لكل عمل وطني في المستقبل. فهنيئاً لهم بما كسبت أيديهم . (بقلم: الأمين محمود جميل amin.gamil3@gmail.com ).. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق