القضارف .. محاصرة الفساد .. مهام شاقة |
حسن محمد علي |
ما تزال بقايا آثار تركة الفساد بولاية القضارف ترفل في نعيم التجاوزات وعلى الرغم من التدخلات والاحترازات والمحاصرة اللصيقة التي أقامتها حكومة الولاية والحصار الذي ضربته وزارة المالية على جيوب الفساد إلا أن الكثير من التجاوزات ما يزال متمكناً من مقاعده باستراحة كبيرة ، وفيما نجد أن هنالك شبه تحالف بين الجهازين التشريعي والتنفيذي لوأد بؤر الفساد إلا أنه ما تزال بعض المؤسسات بالولاية ترد ذلك الحوض الآسن ، وتبقى القرارات التي اتخذتها وزارة المالية بالقضارف من إجراء تغييرات جذرية في العمل الإداري وتغييراتها التي أجرتها في مديري الإدارات المختلفة هي إحدى الإشراقات الوضيئة التي اكتسب من خلالها الوضع المالي والمحاسبي بمؤسسات الولاية المختلفة طريقًا مستقيما ، وكان القرار (27) الذي أصدره المجلس التشريعي واحتوى على توجيهات حاسمة وقاطعة بعدم التهاون مع أي جهة كانت فيما يخص التعامل المالي ودعا القرار لتوجيه المال نحو وجهته الحقيقية ومنع التلاعب به. هيئات بلا مراجعة : ويقول تقرير المراجع العام لولاية القضارف للعام المالي (2010) إن هنالك عددا من الهيئات والمؤسسات والشركات لم تقدم حساباتها الختامية للمراجعة ، فيما يؤكد أن الوحدات السيادية والوزارات والمحليات قد قفلت حساباتها وقدمت للمراجعة ، ويشير التقرير الى أن هنالك خمس شركات متوقفة عن العمل ولم تقدم للمراجعة ما يفيد تصفيتها الشيء الذي يترتب عليه ضياع حقوق الولاية بتلك الشركات وطالب تقرير المراجع بتصفية تلك الشركات بأعجل ما تيسر وإفادة المراجعة بالنتائج ، والشركات هي : صمصم للنقل والبترول ، شركة محالج الحوري المحدودة ، شركة القضارف للهندسة والتجارة ، شركة الخدمات الزراعية وشركة دوكة للتنمية والاستثمار المحدودة ، فيما يؤكد تقرير المراجع العام الذي تحصلت (التيار) على نسخة منه أن هيئة مياه الولاية وهيئة الزراعة الآلية وهيئة الأوقاف المالية قدمت مؤخرًا حساباتها الختامية للعام 2010 وأدرجت ضمن خطة المراجعة للعام 2011 وهو تقدم كبير خاصة لهيئة مياه القضارف التي ظلت متحصنة ولم تستطيع فرق المراجعة الاقتراب من حساباتها طوال فترة تكوينها الأخير ، فيما يشير التقرير الى أن هيئة مياه ود العقيلي إحدى الهيئات التي تدور حولها شبهات فساد ، قد تمت مراجعة مستندات إيراداتها حتى العام 2009 والمصروفات للعام 2008 ، ويكشف عن عدم التمكن من مراجعة الميزانيات العمومية منذ العام (1998-2009) نتيجة عدم الاهتمام اللازم بحفظ الدفاتر مما يخالف المادة (261) من لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية للعام (1995) ، وبحسب مصادر الصحيفة فإن هنالك جهات متنفذة قد قامت بإعدام تلك المستندات نظرا كما أسلفنا للغموض الذي كان يحيط الصرف في تلك الهيئة ويشير عدد من المواطنين بمحليات الرهد والمفازة وقلع النحل أنهم ظلوا يدفعون فواتير مياه الشرب بصورة دائمة بيد أنهم أشاروا الى أن سعر الفاتورة هو الأعلى بين محليات السودان ، وطالبت المراجعة بحسب التقرير في خطاب لوزير المياه الذي يعتبر من الداعمين الأساسين لسير العمل بصورته الغامضة في هيئة ود العقيلي طالبت بالعمل علي إصلاح الحاسوب لاستخراج كل البيانات المطلوبة أو إعداد دفاتر جديدة للفترة من (98-2009) ليتم اعداد تقرير تفصيلي عن حسابات الهيئة لهذه الأعوام ، وترى المراجعة أن الأثر المترتب على عدم تقديم حسابات هيئة ودالعقيلي يتعارض مع قانون الهيئة وقانون ديوان المراجعة مما يؤدي لعدم التمكن من صحة وعدالة المركز المالي لها وأوصى التقرير بتقديم الحسابات الختامية بأعجل ما تيسر ، ويقول التقرير إن هيئة الإذاعة والتلفزيون بالولاية لم تضمن حساباتها في الفترة من أغسطس وحتى ديسمبر 2010 ضمن الحسابات الختامية لوزارة الثقافة والإعلام فيما يشير الى ان مؤسسة التربية للطباعة لم تقدم حسابات العام المالي 2010 ولم تقدم مؤسسة التنمية الاجتماعية حساباتها للعامين 2009-2010 ، فيما لم يقدم صندوق الإسكان والتعمير حساباته للمراجعة لعام 2007-2008 ولم يقدم صندوق علاج الفقراء وصندوق دعم التعليم حساباتهما منذ النشأة والتكوين وكذلك منظمة الشهيد ومنظمة الإيثار الخيرية ومنظمة السلام الخيرية لم تقدم حساباتها للمراجعة منذ تكوينها وحتى الآن. استثمار سمبلة : ويقول تقرير المراجع العام إن الحسابات الختامية للولاية لم تظهر أي عائد للاستثمار في بنك القضارف للاستثمار وظل يحقق خسائر من عام لآخر حتى تم دمجه في بنك الإدخار في العام 2006، كما أن شركة محالج الحوري لم تبدأ الإنتاج منذ النشأة والتكوين وتتم الآن تصفيتها ، شركة القضارف للتجارة والخدمات متوقفة ولا يوجد لها مقر وكذلك شركة القضارف للهندسة والتجارة لا يوجد لها مقر ومتوقفة منذ فترة طويلة ولم تتم تصفيتها ، وأشارت تقارير المراجع القومي للأعوام السابقة وهذا العام إلى أن هنالك استثمار للولاية في شركة ميقات الزراعية لا تظهره ميزانية الولاية ، وطالب المراجع بمعالجة هذا الأمر مؤكداً أن هذه الشركة موجودة وتتم مراجعتها سنويا ، ويقول تقرير المراجع إن ميزانية الولاية العمومية لا تعكس استثمار وزارة المالية في عملية التمويل الأصغر بمبلغ (500،000) جنيه بمصرف الادخار ، ويشير لمخاطبتهم لوزارة المالية في هذا الخصوص إلا أنه لم يصلهم رد حتى الآن. ضوء في آخر النفق : واشتمل تقرير المراجع العام على إحدى المنجزات الكبيرة في إطار تثبيت دعائم العمل المالي القويم ، وبرهن على قدرة الإرادة السياسية التي تمثلها حكومة الولاية ومجلسها التشريعي في الحفاظ على المال العام وإبعاد شبهات الفساد والمفسدين منه حيث ، يشير التقرير الى أن الفترة من (1/9/2010) وحتى (31/8/2011) لم تسجل وحدات الحكم الولائي والمحلي والهيئات والمؤسسات الولائية التي تمت مراجعتها أي حالات لجرائم المال العام مقابل (9.7) ألف جنيه في الفترة السابقة ، فيما يشير التقرير الى أن المخالفات المالية بلغت (3.1) مليون جنيه مقارنة بـ(5.8) مليون في الفترة السابقة ، ويكشف التقرير في إشادته بالمجلس التشريعي باهتمام المجلس غير المسبوق للعام 2009 ومحصلته إصدار قرار المجلس رقم (27) لسنة (2010) والذي يشتمل على ثلاثين بندا تنصب جميعها في العمل على تقوية وتعزيز نظام الرقابة الداخلية الأمر الذي يقود الى معالجة كافة أوجه القصور مما يؤدي الى الاستغلال الأمثل لموارد الولاية بكفاءة وفعالية، وهي بالتأكبد إشادة نادرة من المراجع. حكومة التغيير .. ولكن : صحيح أن تقرير المراجع العام الذي كشف فيه عن خلو الولاية من حالات جرائم المال العام يعتبر مؤشرا قويا على أن حكومة الولاية التي رفعت شعار التغيير ودعت لمحاربة الفساد تكون قد كسبت جولة كبيرة في هذا المضمار بل إنها ستفاخر بهذا الإنجاز الذي لم تسبقه عليه حكومة، ولكن تبقي في النهاية ضرورة إرغام المؤسسات التي لا تقدم حساباتها للمراجع العام أحد أكبر الدلائل على أن هنالك خللاً أو ربما تكون ذات المؤسسات التي لم تقدم حساباتها تشتمل على اعتداء على المال لذلك وحتى لا تكون الفرحة منقوصة يجب أن تقف الحكومة على تلك المؤسسات وتجبرها بالقوة على تقديم حساباتها التي هي ملك للمواطن وليست للأفراد الذين يشغلون مقاعدها الوثيرة ويستمتعون بها، وحتى يتم ذلك سنقول نعم هي حكومة التغيير ولكن .. |
الأربعاء، 14 ديسمبر 2011
القضارف .. محاصرة الفساد .. مهام شاقة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق