الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

لحَرْبُ عَلَى الْفَسَاد!! «1 ـ 2»

الحَرْبُ عَلَى الْفَسَاد!! «1 ـ 2»

أرسل إلى صديقطباعةPDF
تقييم المستخدم: / 11
ضعيفجيد

الفساد والذي يُعتبر الآفة الكبرى أو الغول الذي ينهش جسد الأمم ويعطِّل مسيرتها تقرَّر في وقت سابق أن تنشأ مفوضية لمحاربته أعلن عنها الرئيس لكن القرار أو الإعلان تعطَّل بقرار مضاد!! لماذا؟! لستُ أدري!!
اقرأوا من فضلكم هذا الخبر الذي وجدتُه في قصاصة قطعتُها ثم نسيتُها لبعض الوقت فقد كشف رحمة الله علي بابكر مدير ديوان الحسابات بوزارة المالية عن «686» شركة حكومية مسجَّلة في «المسجِّل التجاري» يعكف الديوان حالياً على مراجعتها تحت إشراف المجلس الوطني وأعلن أن هناك كثيراً من الوحدات الحكومية لا تزال تقوم بتجنيب الإيرادات!!
إذن فإن هناك ما يقرب من سبعمائة شركة حكومية لا تزال تعمل بالرغم من أن الحكومة أنشأت منذ أكثر من عشر سنوات لجنة للتخلص من الشركات الحكومية!!
أين تكمن العلة يا ترى؟!
والله إن الإجابة عندي أوضح من الشمس في رابعة النهار وقد كتبتُ عن ذلك كثيراً.. الإجابة هي أن سلطة القرار في الحكومة لا تستطيع أو قل إنها عاجزة عن التخلص من تلك الشركات!! لماذا؟! لأن هناك مافيا أو مراكز قوى أقوى من وزارة المالية التي لا تملك إلا أن تستسلم لأكبر مفسدة وأكبر مسبِّبات التشوُّه الاقتصادي وأكبر عوامل إضعاف القطاع الخاص الذي لا يملك أن يقاوم أويصارع «الفي إيدو القلم»!! وهل تملك دولة قطاعُها الخاص محطَّم أن تتقدم؟!
رئيس الجمهورية أطلق على الشركات الحكومية اسم «شركات النهب المصلح»!! فهل بربِّكم من اعتراف بأن هناك نهباً «مصلحاً» أكبر من ذلك الذي يصرِّح به رئيس الجمهورية وهل من علاج لهذه الظاهرة غير أن يتولى رئيس الجمهورية بنفسه مهمة تفكيك مراكز القوى من خلال إصدار قرار بتبعية اللجنة العليا للتصرُّف في مراكز القطاع العام لرئيس الجمهورية؟!
ويتحدث مدير ديوان الحسابات عن تجنيب الإيرادات ويسكت عن سبب هذه العلة التي أعيت الطبيب المداويا!!
عندما كان وزيراً للمالية حاول الأخ الزبير أحمد الحسن معالجة مشكلة تفلت الوحدات الحكومية من خلال رفع الشعار القديم المتجدِّد «ولاية المالية على المال العام» وذلك بإلغاء قوانين الوحدات الحكومية وجعلها خاضعة لقانون واحد هو قانون الهيئات بحيث تنشأ الهيئات الحكومية بأوامر تأسيس أدنى من حيث القوة من قانون الهيئات وكنتُ أعترض على ذلك خاصة فيما يتعلق ببعض الهيئات التي تحتاج إلى قوة تعينها في كبح جماح مراكز القوى التي تعترض سبيلها مثل الهيئة القومية للاتصالات وأقول إن المشكلة ليست في القوانين التي تصدر بها الهيئات ولكنها في عجز وزارة المالية عن التصدي للأقوياء الذين يتمتعون بقوة استثنائية خاصة بعض الوزارات السيادية وكنتُ من داخل القطاع الاقتصادي أضرب مثالاً ببعض الوزارات وأتساءل: لماذا لا نتحدث عن ولاية وزارة الصحة على المؤسسات العلاجية وولاية التعليم العالي على المؤسسات التعليمية؟! الغريب أن نفس من يشكو منهم وزير المالية في عدم الخضوع لسلطتها المالية هم الذين يتجاوزون ويتغوّلون على سلطات وولايات الوزارات الأخرى!!
مدير ديوان الحسابات بوزارة المالية في ذلك الخبر المنشور بجريدة الوفاق بتاريخ 19/10/2011م كشف أن عدداً من الشركات الحكومية ليست مسجَّلة لدى المسجِّل التجاري بالرغم من أن عدد الشركات المسجَّلة قارب السبعمائة فكم بربِّكم يبلغ العدد الحقيقي؟! كما كشف عن وجود شركات وهمية مسجَّلة حصل أصحابُها على قروض من البنوك!! تخيلوا بربكم.. شركات وهمية تحصل على قروض من البنوك يا بنك السودان!!
ثم جاء أخطر ما قاله الرجل أن المراجعة الداخلية فشلت في الاضطلاع بدورها في مراجعة ومراقبة المال العام بالمؤسسات الحكومية!! بالله عليكم أليست بلادنا منهوبة؟! إذا كان حُراس المال العام يعترفون بفشلهم الذريع في حراسة أموال الدولة فلماذا نشكِّك في تقارير المنظمات الدولية التي وضعت السودان في الدرجات الدنيا في تقارير الشفافية ومكافحة الفساد على مستوى العالم أجمع؟!
أما المراجع العام فحدِّث ولا حرج ويكفي أنه لا يجرؤ على مراجعة مراكز القوى والشركات التابعة لبعض الوزارات والهيئات السيادية بل وحتى الشركات ذات الأوزان الخاصة!!
خذ مثلاً الأموال المليارية مثل تلك المتعلقة بصناعة النفط والتي كشف المراجع العام أن المقابل المحلي لتلك الأموال والاستثمارات لم يظهر في حسابات الأطراف المعنية ولا يدري أحد مصيرها كما أن مديونيات وزارة المالية المليارية المرصودة في حسابات بنك السودان لا تظهر في حسابات وزارة المالية وسأزيدكم غداً ببعض ما يفقع المرارة في دولة الجمهورية الثانية!!

إضافة تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق