الجمعة، 16 ديسمبر 2011

العدالة المنقوصة


لا ينكر إلا مكابر أو صاحب غرض والغرض مرض الدور الكبير الذي لعبته خيمة الصحافيين التي أقامتها طيبة برس خلال شهر رمضان الماضي في إستصدار قرار من رئيس الجمهورية بإطلاق سراح كافة الصحافيين المحتجزين والعفو عنهم بشطب القضايا المرفوعة ضدهم، كما لا ينكر إلا حاسد أو بغران ما بذله الزميل محمد لطيف رئيس مجلس إدارة طيبة برس وناشر ورئيس تحرير صحيفة «الأخبار» قبل قرار الرئيس الشفاهي وبعده حتى صدور قرار وزير العدل الأخير الذي أوقف الدعوى الجنائية وأخلى سبيل ليس الصحفي السبكي وحده بل وجميع المتهمين الآخرين في قضية راديو ?بنقا المتخصص في الشأن الدارفوري ويبث برامجه من هولندا، وكان من الطبيعي أن يُسعد هذا القرار صاحب كل نفس سوية باحث عن الحق والعدل وخاصةً الصحافيين زملاء السبكي وأبو ذر وكان أسعدهم بطبيعة الحال محمد لطيف الذي إحتفى كثيراً بالقرار وبما أسماه أريحية وزير العدل الذي رأى أنه أعطى الصحافيين أكثر مما طلبوا فلم يوقف الدعوى الموجهة ضد زميلهم الصحفي فحسب وإنما عممها فشملت من معه فاعتبر لطيف هذه الخطوة تعميماً للعدالة وهنا مناط إختلافنا معه مع تقديرنا للجهود التي بذلها حتى تكللت بالنجاح في إطلاق السبكي ومن معه... صحيح ?نها خطوة في طريق تحقيق العدالة ولكنها ليست بأية حال تعميماً للعدالة التي ما زالت منقوصة كما سنرى...
العدالة لم تعمم بعد وما تزال منقوصة تنتظر الاستكمال، وأبرز دليل على ذلك أن قرار الرئيس نفسه الذي عفى فيه بلا إستثناء جميع الصحافيين المحتجزين والذين رفعت ضدهم قضايا أمام المحاكم لم يستكمل بعد فهناك الزميل الصحفي أبو ذر علي الامين ما يزال يخضع للمساءلة القضائية في القضية الثانية التي رفعها ضده جهاز الأمن بعد خروجه مباشرة من الحبس في القضية الأولى التي رفعها ضده الجهاز نفسه ولم يمهله حتى «لأخذ نفس»، من زنزانة السجن إلى قفص الاتهام، ولعل هنا أن من الواضح الذي لا يحتاج إلى توضيح أن أبا ذر وبموجب قرار الرئيس كا? المفترض أن يدرج اسمه ضمن من شملهم قرار وزير العدل الأخير المستند على قرار الرئيس، ولكن ذلك لم يحدث وهذا ما جعل نفسنا تحدثنا بالكثير الذي نرجو أن يكون كاذباً وأن يكون الأمر مجرد «سهوة» حالما تستكمل بقرار آخر من الوزير...
ثم كيف تكون العدالة قد عمت وتعممت وهناك مساجين يقضون السنين داخل سجن كوبر على ذمة قضية إتهموا فيها بتدبير مؤامرة لتخريب البلد وإثارة الفتن وتدمير المنشآت وتصفية القيادات، بينما قائدهم ورئيسهم الذي هو المتهم الأول في تلك القضية ليس حراً طليقاً فقط، وإنما هو الآن على رأس من يحكمون البلد بشغله منصب نائب الرئيس، وسبحان من أسرى به الى القصر وأبقى «عصابته» في الحبس، وكيف تكون العدالة قد شاعت وإنداحت والمواطن بشرى قمر حسين ما يزال يعاني الامرّين رهن الاعتقال منذ شهر يونيو الماضي، لا وجهت له تهمة صريحة وواضحة ذهبت?به إلى القضاء ولا أطلق سراحه وهو الذي برّأته النيابة المختصة لعدم كفاية الأدلة ضده عندما عرض عليها أمره من قبل، وكيف تكون العدالة قد إنتشرت وتمددت والتسريبات تقول أن عملية «فرز سياسي» ستحدث لعدد من المدانين باحكام الاعدام، تنجي بعضهم من حبل المشنقة وتذهب بالبعض الآخر إلى الدار الآخرة رغم أن «الجرم» الذي أُدينوا بسببه واحد، فأصبحت بذلك السياسة وتكتيكاتها والاعيبها وليس القانون هي من ينجيك أو يخسف بك الارض... لا لا فطريق الحق والحقوق والحقيقة ما زال طويل طويل وما زالت العدالة طفل يحبو...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق