الاثنين، 22 أغسطس 2011

لبرلمان للمتعافي: "ارعى بي قيدك"

البرلمان للمتعافي: "ارعى بي قيدك"

اخبار الفلاش

البرلمان: ميادة صلاح
طالب البرلمان المتعافي بوقف المهاترات وتوعد بالقصاص وعدم التقاعس أو التزحزح في القضية، في وقت أقر بوجود فساد وقطع بعدم غض الطرف عن الفساد والمظالم.


وأرسل رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان د. بونس الشريف رسائل شديدة اللهجة للوزير وقال أقول للمتعافي "ارعى بقيدك"، مؤكدا أن البرلمان ورجاله ليسو محل سخرية، وأضاف: "لن نسمح بالتطاول أو التلاسن والتقليل من شأنه"، وأكد يونس أن الملاججة والمحاججة لن تفيد وتوعد كل من تسول له نفسه بمهاترة المجلس وقال: " المشاجرة والمهاترة والمشاتمة ليس مكانها البرلمان ولن يثنينا أي رزاز لأننا مستندين على الحق"، داعيا لوقف النظرة الأنانية للتقرير، وقال: "أقول للمسئول لن تسلم من مسئولية الله والشعب وكذب من يقول لست مسئولا عن مدير البنك ونحن نعلم أن مدير البنك كان ينفذ التعليمات" .
وأقر الشريف خلال لقائه المزارعين أمس باعوجاج وصفه بالمخيف بآليات الدولة وحذر قادة العمل بالدولة من الوقوع في الأخطاء السخيفة وألا يكونوا إمعات يهدرون المليارات بمحادثة أو بورقة بيضاء، داعيا الوزير للكف عن ملاسنة ومهاترة البرلمان والاهتمام بإدارته الكسيحة التي تشتكي لطوب الأرض.
في السياق كشف نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد عن تلقيه محادثة هاتفية من شخص "لم يسمه" يدعوه باسم رئيس الجمهورية لحل القضية بين اللجنة والوزراة وأكد رفضه المساومة ورده بأن لا حجاب بينه والرئيس ومكتبه، وقطع بعدم تدخل أحد لدفن القضية، وأضاف أن البرلمان "ليس برلمان بصمة" وقلل هجو من حديث المتعافي بمقاضاة البرلمان، وقال "أنا أقول في فساد ولو داير يقاضينا يمشي ونشوف القضاء حيمشي على وين" داعيا اللجنة للتقصي للوصول للمستفيد الحقيقي من العملية، وقال: "لن نحيد عن الحق ولو تركنا مناصبنا" وأضاف "ولو بنجامل الجهاز التنفيذي فلتذهب الإنقاذ".
من جانبهم طالب المزارعون البرلمان باستئصال المفسدين والشياطين بالبنك الزراعي والوزارة

حزب وجمهوريتان


في شبه محاضرة رمضانية حول التحديات التي تواجه السودان، خاطب الأستاذ مهدي إبراهيم القيادي في الحزب الحاكم نخبة من الجالية السودانية في واشنطن بلغة مطرزة بالآيات القرآنية ومفعمة بروحانيات الشهر الكريم، تحدث عن القضايا الحاسمة التي أحاطت بالسودان، ودافع عن سياسات الإنقاذ دفاع الصوفي عن شيخه.
وحاول إبراهيم أن يقلل من أثر انفصال جنوب السودان وتداعيات ذلك من حيث الشكل والمضمون، وأن يبرر بذكاء لسياسات الإنقاذ الخاطئة التي تنتقدها المعارضة، ولم يستنكف في نفس الوقت أن يرمي المعارضة ورموزها بتواضع دورهم ودرايتهم، ويصورهم كأهل الكهف وهم يجولون بورقهم البالي بين جيل جديد ليس لهم منه نصيب.
كان مهدي إبراهيم يتحدث عن مدينة فاضلة في السودان تحت راية الإنقاذ، وسط دهشة مستمعيه، غير السودان الذي يعرفه أهله، داعياً الجميع إلى اللحاق بصف الإنقاذ والتحلق تحت راياتها.
ورغم ثقافة المتحدث وبراعته في زخرف القول وقدرته على التعبير عن قناعاته الخاصة، إلا أن الواقع الماثل في بلادنا وحجم التحديات والخسائر التي تعرض ويتعرض لها الوطن بسبب سياسات الحكم الخاطئة وحظه العاثر، أكبر في الواقع من حلم المريدين، فقوة الكلمات وعذوبتها لا تطفئ نار الفقر في بلد بلغت نسبة الفقر فيه حسب الإحصاءات الحكومية الرسمية 47 في المئة، وحسب إحصاءات الأمم المتحدة 76 في المئة.
وطن تستعر فيه الحروب الصغيرة في غربه وعلى حدوده الجنوبية، ويتبارى فيه حملة السلاح حتى بلغت حركات العصيان ما يناهز المئة حركة مسلحة.
وطن أصبح مرتعاً للقوات الدولية من كل حدب وصوب، يتلقى في كل سانحة تهديدا ووعيدا من المجتمع الدولي بحق وبغير حق.
وطن أجبر أن يحتفل قادته بتنازلهم عن ثلث مساحته بقوة المجتمع الدولي مهما كانت المبررات بسبب سوء السياسات التي قادت لذلك.
إذن هي أسئلة كثيرة لم تكن الإجابات عنها كافية ومقنعة، لتتوازى مع الوعي المتنامي لدى العامة والمهتمين بتفاصيل الحدث اليومي، ومشاهد التجاوزات والتعديات سواء على المال العام أو الحقوق المدنية أو حتى حق الحصول على مياه صالحة للشرب.
وأحسب أن قادة الحزب الحاكم مطالبون اليوم دون غيرهم، وهم على مشارف ما يدعون له من مرحلة جديدة، بالتخلي عن رغبة الاستماع إلى صدى رغباتهم وأصواتهم وسياساتهم بعد محصلة العقدين من الانفراد بالسلطة وما خلفه من مشهد ماثل، وإبداء القدر الكافي من المرونة السياسية للتعاطي مع معارضيهم لأسباب كثيرة، أهمها أن ثقافة الحزب الواحد المهيمن وقدراته الخارقة في إخضاع معارضيه رغبا ورهبا قد انهارت تماما مع انهيار الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم مصر، ويقبض على أنفاسها لثلاثين عاماً بكل أسباب القوة. ومن أهمها أيضا أن السودان بعد انفصال الجنوب وتداعياته السالبة على عهد الإنقاذ مهدد أيضا في أطراف أخرى بسبب سوء المعالجات السياسية والأمنية سواء في دارفور او جنوب كردفان أو النيل الأزرق، وهي مناطق تتطاول فيها الأيدي الخارجية بكل إملاءاتها التي لا يقوى الحزب الحاكم على مجابهتها، مما يقتضي تقديم تنازلات لمواطنيه حتى لا يجبر على تقديمها للمجتمع الدولي على حساب السيادة الوطنية.
ويبقى العامل الأكثر أهمية وهو تطور قدرات الإرادة الشعبية في ضوء الثورات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية الفاعلة، ولا يعني استخفاف بعض قيادات الحزب الحاكم بالمعارضة ورموزها التاريخيين، أن هذه الإرادة غائبة أو ان قوة الأنظمة وآلياتها القمعية ستكون قادرة على صدها أو كبحها متى اكتملت شروط حراكها وانطلاقها إلى غايتها، لذا فإن كلمة سواء بين أهل السودان أجمعين قد تكون صمام أمان لوحدته وسلامته.
ويبقى السؤال هو: هل سيقبل الحزب الحاكم بشروط الانتقال إلى مرحلة جديدة تؤسس لبناء السودان على أساس من الديمقراطية الحقيقية والعدالة والمشاركة الشعبية التي تدعم بناء الكيان الوطني، وتطلق عقال التنمية والبناء في دولة يملكها الجميع دون فئة، أم أنه سيدمن النظر إلى نفسه في المرآة؟ سؤال تجيب عليه تصورات أهل القرار للجمهورية الثانية التي بشَّر بها المبشرون وينتظرها المنتظرون. وكما قال عيسى عليه السلام «بثمارها تعرفونها».
حسن أحمد الحسن/ واشنطن

رحانة بيك كل النجوم

استضافة خيمة الصحفيين الرمضانية التي ينظمها مركز طيبة برس للإعلام والتدريب، يوم الاثنين الماضي اثنين من قامات الإبداع السامقة في السودان هما الشاعر مدني النخلي والفنان علي السقيد ...وقد كانت بحق ليلة فنية راقية أدارها الزميل المبدع عمر محي الدين..
وعودة هؤلاء المبدعين من المهاجر والاغتراب بعد سنوات الشتات والجدب الإبداعي، سيعيد لأمسيات الخرطوم ولياليها كثيرا من (الزخم) الفني والإبداعي، كما كانت خيمة الصحفيين في تلك الليلة ...فعندما استمعت لهذا الثنائي الرائع في تلك الليلة شعرت بإحساس مشابه لاستماعي للفنان ابوعركي البخيت في مركز الخاتم عدلان؛ بعد طول غياب قبل أشهر..وهو ان حاسة السمع عندي بدأت تنظف وتنقى وتسمو عن ما اعتادت سماعه، وهذا ليس إلغاء أو استخفافا بحركة الإبداع الغنائي في الداخل ، فهناك إبداع واجتهاد من قبل عديد من الفنانين والشعراء والملحنين ...لكن غياب هؤلاء أثر حتى على تواصل الأجيال فنيا، وتدني الذوق أو التذوق الجماهيري ... فمستوى الإبداع الغنائي قبل عقدين بمستوى (كل النجوم ) التي يغنيها السقيد ويقول مطلعها
فرحانة بيك كل النجوم ..لا نام بريقا ولا انطفا
ما الريدا يام قلبا ندي..زاد القلوب المرهفة
انشا الله طول ماحبي ليك ..لايطل حزن لايكون جفا
وأغنية" من جديد" التي يغنيها خالد الصحافة
من جديد جيت تاني تأسر ....صمتي بالنظرة الخجولة
يأمل عمري القبيل ....ياسنين عامرات فصولة
ماقدرت انساك من زمان... بس ضاعت احلام الطفولة
فلو كان هناك استمرارية لهذا الرصيد الوافي من الإبداع للنخلي او غيره من الشعراء والملحنين، علي السقيد، خالد الصحافة وغيرهما من الفنانين، لكنا الآن في عصر نهضة فنية، وليس انحطاطا فنيا كالذي نعانيه الآن، والذي من أهم أسبابه هجرة العقول المبدعة في كل المجالات وليس الفن فقط ..
نتمنى أن تفتح الفضائيات السودانية والإذاعات الرسمية والخاصة ابوابها وميزانياتها لهؤلاء المبدعين العمالقة وحالة استقطاب للعودة لمن لم يعودوا بعد، حتى تحدث حالة ترفيع وتنظيف للذوق السوداني وللمستمع وللمشاهد ، فأمة لها أمثال هؤلاء من المبدعين العمالقة يجب أن تظهرهم وتسوّق لهم في إعلامها ليس على مستوى السودان؛ بل على مستوى المنطقة بأكملها فهم أهل لذلك ...

الفرسة .....والفارس

على ذكر الإمام الصادق المهدي أن المرأة قبل الأربعين تكون رشيقة (كالفرسة)، ولا تهتم برشاقتها بعد الأربعين حتى تصير (كفرس البحر) من شدة الشحم؛ حتى أن (المشي يغلبها أحيانا )
وهو حديث قاله الإمام الصادق المهدي في استهلاله لنشاط خيمة الصحفيين مطلع هذا الشهر، وقاله في ذات السياق في خيمة العام الماضي ....
وعلى الرغم من آراء الصادق المهدي المتحيزة للنساء وعدالة قضيتهن والمجموعة في كتابه (المرأة وحقوقها في الاسلام) ،والمطروحة في كثير من المنابر والمناسبات كرأيه في النقاب، واعتباره إهانة للمرأة، والختان باعتباره عدوانا على المرأة ، ووصفه لأحاديث تناهض حقوق المرأة مثل (المرأة ناقصة عقل ودين) و(أكثر أهل النار من النساء ) بأنها أحاديث الفقه الذكوري وتضعيفه إياها، إلا أن حديثه عن رشاقة المرأة هذه فيه نقد حسي مجاف لآرائه الأ خرى المكرمة والمرفعة للمرأة تلك ....وفي اعتقادي أنه رأي صادم في المرأة ممن هو في مكانته الفكرية المناصرة والمساندة لمسيرة حقوق المرأة قولا وفعلا، والمتمثلة في خروج بناته ونساء حزبه مدافعات ومتصديات لحقوق النساء وكرامتهن من الأستاذة سارة نقد الله الى الصحفية فاطمة غزالي.
فالحديث عن أن المرأة تفقد رشاقتها بعد الأربعين وتتحول الى كوم من الكتل الشحمية لو جاء في سياق وإطار العلاقة الزوجية ففيه تحميل على المرأة أكثر من طاقتها لصالح الرجل، لأن وراء كل أمرأة بدينة رجل يوازيها بدانة وإهمالا لنفسه ومظهره، إن كان المقصود إهمال المرأة لوجودها الجسدي بعد الأربعين ...وبدانة المرأة قد لاتأتي نتيجة الإهمال بقدر ماهي نتيجة الطبيعة التي تحتم عليها الحمل والولادة والرضاعة وتغيير الهرمونات في الجسم بعد الزواج والولادة؛ بل وتغيير في خصائص ومهام الجسد ذاته، في حين أن إهمال الرجل لوجوده الجسدي في حياة المرأة أي اهتمامه برشاقته ومظهره الجسدي يأتي من باب الاستحقار والاسترخاص لحياته الزوجية. وأذكر أنني دخلت في حوار مع الكاتب الساخر فتح العليم عبدالله عندما كان كلينا يكتب في صحيفة الصحافة حول ذات الموضوع بوجهة نظر أخرى فقد طرح الكاتب رؤية عن عدم اهتمام المرأة السودانية بالمعاشرة الزوجية، مما يجعل الأزواج يبحثون عن البدائل ولو بين (الشغالات) ، وقد اعتبرتها رؤية ظالمة ومجافية للواقع؛ لأن المرأة السودانية من أكثر نساء الأرض اهتماما بحياتها الخاصة ولديها كثير من الطقوس والممارسات التقليدية تصل لدرجة (تكبيلها ) وتقييدها عن أداء أدوار وأعمال أكثر فائدة للمجتمع. والمقابل أن الرجل أقل اكتراثا واهتماما بمظهره أمام زوجته، وكثير من النساء يصبن بالقرف من أزواجهن بسبب رائحة (التمباك) او (رائحة الشيشة) التي يتعاطاها معظم الأزواج الأربعينيين أو حتى رائحة (السجائر) ..وقلما يقلع الرجل عن تلك الممارسة لمجرد أن زوجته(تقرف) أو (تتضايق) منها .....فلماذا نتكلم عن كبوة (الفرسة) البسيطة وهي فقدانها رشاقتها....ولا نتكلم عن كبوة (الفارس)؟ المتمثلة في متوالية من السلوك (الفظ) وأكوام من (الشحم) و(الورم) لزوجته.
ونواصل بإذن الله

فرسة ....والفارس(2)

إن أكبر مشكلة تعاني منها المرأة هي إحساسها بأنها تمشي على الحبل؛ وانها (كمهرج السيرك) لابد أن تصل الى نهاية الشوط ولاتسقط حتى تنال استحسان الجمهور. فالمرأة طوال حياتها يملى عليها ما يجب أن تكونه، وما يراد منها في مجتمع وضع الرجل شروطه وقيمه لنفسه وللمرأة من وجهة نظره، وتصبح هي أسيرة تلك النظرة وتلك الشروط وتلك القيم ، والتي في غالبها وضعها الرجل باعتباره هو المخلوق المعني بالحياة، والمرأة ضمن الأشياء التي تجمل حياته وتبهجها، وهذه النظرة لم ينجُ منها فلاسفة عظام مثل ارسطو. وهذه النظرة تمارس في أبسط صورها في الأحكام السهلة الجائرة على وجود المرأة المادي أو الجسدي، لأن تلك النظرة للمرأة لا ترى فيها أبعد من هذا الوجود الجسدي ومكوناتها، فيأتي التصنيف وعندما يقال المرأة (جميلة) مثلا يرتبط جمالها بكل ماهو حسي وجسدي؛ واسعة العينين، بيضاء اللون ، طويلة الشعر ....وغيرها من قيم مغلوطة وساذجة في حقها وفي حق الرجل ذاته، والمجتمع بأكمله، والأنكى والأمر أن المرأة تدفع كثيرا من وقتها وعقلها وحياتها ثمنا لتنال (درجة المرور) من (شرطي المرور) الاجتماعي والذي أعطى صلاحيته بمرور الوقت الى المرأة ذاتها ، فأصبحت المرأة الأم تتقمص ذلك الدور في كثير من الأحايين، حين تذهب لتعاين الفتاة التي يرغب ابنها في الزواج منها، فتحلف رافضة (بري الزرقا الشينة دي ما بتعرسا ) و(الضعفانة المكدمرة دي تحرم عليك)، أو حين تسلخ المرأة جلدها بحثا عن (اللون الأبيض) كرها لذاتها الذي يمثله لونها... وكثير من الإسقاطات تمارسها المرأة على المرأة، من باب اضطهاد المرأة لذاتها الأنثوي مالم يرضي رجولة الرجل، وهذا هو المدخل للحديث عن رشاقة المرأة (الفرسة) كما وصفها الإمام الصادق المهدي..وللإمام كثير من الآراء النيرة في استخدام النساء الكريمات المبيضة والكعب العالي وحتى خرم الأذن، ونأمل أن يتسع اجتهاده في مثل هذه المواضيع ليشمل الجانبين المرأة والرجل حتى لايقع في زمرة ارسطو ورفاقه ...لأن هناك كثيرا من اللوم يقع على عاتق الرجل، وكثيرا من التقصير والإهمال يكون من جانبه، لكنه ذات المجتمع الذي يحمل المرأة وزر (خيانة) زوجها لها حين يخنها و(زواجه) عليها حين يتزوج عليها.. ويغض الطرف دوما عن كبوات (الفارس) الـ (حاشاه اللوم).

الجمعة، 12 أغسطس 2011

ضرب الفساد والمفسدين واجب وطني


٭ مع مطلع كل فجر وبزوغ كل شمس تتكشف امام اعيننا صور مذهلة عن الفساد وسرقة اموال الشعب ومقدراته وتسقط عن وجوه آلاف من المفسدين الاقنعة الكاذبة الخادعة بعد تلبسهم بجرائم نهب اموال الدولة وسرقة مقدرات الامة وتحويلها الى جيوبهم الخاصة دون واعز من ضمير او خوف من الله وحسابه وعذابه في يوم تشخص فيه الابصار وتبلغ فيه القلوب الحناجر وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد!
٭ ودوننا تقارير ديوان المراجع العام التي تدمي القلوب وتبكي العيون وتكشف بشفافية تامة انماطا مختلفة من الفساد واختلاس المال العام وذهاب المليارات من اموال الشعب لجيوب قلة من الناس دون وجه حق في وقت تعيش فيه مواقع خدماتنا من مدارس ومستشفيات في وضع بائس كئيب وتظل تشكو لطوب الارض من انعدام الحد الادنى من الامكانات التي تعينها على اداء رسالتها المقدسة نحو المواطنين!
٭ ولانه لا توجد كوابح تحد من السرعة الجنونية التي تنطلق بها سيارات الفساد فان المأساة تبلغ مداها عندما يتعلق امر الفساد بوزارة سيادية هي وزارة الزراعة وبنكها الزراعي المنوط بهما اطعام الجائع وكسوة العاري وتوفير ما يسد الرمق ويقيم الصلب للملايين من ابناء هذه الامة وللحيوان والطير وكل ذي كبد رطب وتعمل على توفير كرامة الامة والوطن حتى لا يمد يده للآخرين ليستجدي طعامه وشرابه وملبسه وحتى يتحقق شعار «الثورة الغالية» نأكل مما نزرع ونلبس مما نصع والذي حوله الفساد والمفسدين الى مجرد شعار زائف يدعو للضحك والسخرية وعجز القادرين عن التمام!!
٭ ويتعاظم الجرم ويتجاوز حدود المعقول والمقبول عندما تتسبب تقاوى عباد الشمس «المضروبة» في فشل زراعة سبعمائة الف فدان من محصول عباد الشمس ولكم ان تتصوروا ما تم سكبه من عرق وبذله من جهد وتعب وانفاقه من اموال طائلة على عمليات اعداد الارض وحرثها وزراعتها وريها ونظافتها من الحشائش وغير ذلك من الامور المتعلقة بالعمليات الزراعية ليكون الحصاد في خاتمة المطاف ونهاية الطريق هشيما تذره الرياح ورمادا تشتد به الريح في يوم عاصف وليذهب الموسم بغضه وغضيضه ويصبح هباء منثورا لتزداد المعاناة في نفوس الآلاف من المزارعين واسرهم المسحوقة!!
٭ وبعد اسدال الستار على المشهد الاخير من المسرحية الموجعة يتم انزال الستار لتبدأ مسرحية جديدة اكثر الما وحزنا وغبنا هي مسرحية الزج بهؤلاء المزارعين الابرياء في غياهب السجون لعدم قدرتهم على ارجاع اموال السلفيات التي حصلوا عليها من البنك الزراعي لتمويل الموسم خاصة وانهم قد خدعوا بتوقيع اقرارات ملزمة باسترداد السلفية في حالة فشل الموسم.
٭ وان تجاوزنا جريمة ان الشركة التي استوردت التقاوى المضروبة لم تكن مسجلة بالسودان وقت استيراد التقاوى وان تسجيلها وتوفيق اوضاعها تم بعد عام من استيراد التقاوى وان شركتين آخرتين شاركتا بفعالية في الصفقة دون ان يكون لهما وكيل معتمد من الشركة المنتجة للتقاوى فكيف يمكننا ان نتجاوز جريمة ان هذه التقاوى وفقا لتقرير لجنة برلمانية يمكن ان تتسبب في سرطان الكبد!
٭ وببساطة شديدة فان المسألة لا تعني غير «ميتة وخراب ديار» واتلاف اكباد الملايين من اهل السودان من الذين يستهلكون زيت عباد الشمس المنتج من هذه التقاوى الملعونة!
٭ وتعني اضافة اعباء جديدة على خزينتنا التي يعشعش عليها العنكبوت حيث ان الامر يتطلب توفير ملايين الدولارات لاستيراد الادوية التي يحتاجها علاج سرطان الكبد!
٭ وتعني ثالثا اهدار جهد كل كادرنا الطبي وعلى مختلف تخصصاته في مواجهة هذه الكارثة الجديدة!!
٭ وتعني رابعا اهدار مواردنا البشرية التي لا شك ان مرض سرطان الكبد سيتسبب في حصد ارواحها وربما يتطلب الامر اقامة مقابر جماعية لمواجهة الابادة الجماعية التي تتسبب فيها التقاوى «المسرطنة» والاشخاص الذين قاموا باستيرادها!
٭ ورغم فداحة الجرم فان المجرمين الفاسدين ينامون ملء جفونهم في غرفهم «المكندشة» واسرتهم الوثيرة فقد مات فيهم الضمير وتحجرت قلوبهم وتبلدت مشاعرهم واعماهم رنين الدينار عن ما لحق بالابرياء من موت ودمار وخراب ديار وسجون مطلمة موحشة وهكذا ينجلي ظلم الانسان لاخيه الانسان في ابشع صوره واقبح وجوهه!
٭ من هنا نستطيع ان نقول ان الفساد في بلادنا تجاوز كل حدود المعقول والمقبول بعد ان اعمى بريق المال والحصول عليه بأية طريقة كانت عيون ضعاف النفوس من الذين جاءت بهم الاقدار لتصريف اعباء الدولة ساعدهم على ذلك ضعف الرقابة على اموال الدولة والحرص على صيانتها والمحافظة عليها واغراهم انعدام القانون الرادع الذي يجعل منهم عبرة لمن يعتبر واستظلوا بظل الحماية التي يوفرها لهم بعض النافذين في السلطة وكما يقول المثل «العندو ضهر ما بنضرب على بنطو».
٭ بالامس القريب لم يكن بالسودان فسادا بهذا الحجم المخيف ولا مقارنة البتة بين فساد الامس الذي لم يكن يتجاوز الافراد وفساد اليوم الذي عم البر والبحر و«شوارع الزلط» كمان، التي تنطلق فيها سيارات المدن وشاحنات «الخلا» وعربات الحكومة التي تحمل قناديل البنقو جنبا ا لى جنب كراسات الاجابة على الامتحانات!
٭ بالامس كنت تبحث عن من تعطيه الرشوة والتحري عما اذا كان سيأخذها منك ام يقودك الى غياهب السجن، واليوم بت هدفا غاليا لطلاب الرشوة والباحثين عنها حتى اصبحت الرشوة في عرف البعض حقا مشروعا و«تسهيلات» لابد منها لانجاز المطلوب والخلاص من «زنقات» شارع الزلط ومطباته و«كماينه»!!
ومن اسف فان الدولة على علم تام ومعرفة اكيدة بالاسباب الحقيقية التي ادت لهذا الوباء الفتاك والمرض القاتل خاصة وان هناك هوة سحيقة بين الراتب الذي يتقاضاه صغار العاملين بالدولة وفي مختلف المجالات وتكلفة المعيشة حيث تصبح الموازنة بين الدخل والمنصرف معادلة تستعصي على الحل ولا حل لها الا في طلب الرشوة والسعي لها والحصول عليها وعلى عينك يا تاجر!
٭ ونعلم ان كبار المسؤولين من اصحاب الرواتب العالية والمخصصات الكبيرة انما يدفعهم الى ذلك الثغرات العديدة في القوانين واللوائح الملتوية التي تمكنهم من السرقة والنهب في وضح النهار خاصة وان تلك الوظائف العامة الرفيعة لا تملأ الا بالاشخاص «الواصلين» ممن ينطبق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم «اذا سرق فيهم الشريف تركوه»!!
٭ ثم اي فساد اكثر من ان يشغل شخص واحد نافذ اربع او خمس وظائف في وقت واحد لكل وظيفة من الراتب والامتيازات ما يصيب امثالنا بالصدمة القاتلة في وقت تعاني فيه البلاد من طوابير العطالة والبطالة والفاقة والتشرد والجلوس في ضل الضحى او تحت اعمدة الكهرباء!
٭ ومن اسف ان نوصم بالاستغفال والضحك على «دقوننا» عندما يقول مسؤول نافذ وفي منصب دستوري انه لا يعمل مباشرة في التجارة بجانب منصبه الذي يشغله ولكنه يكتفي بمشاركة بعض التجار وان كبار المسؤولين يعلمون بذلك!!
٭ ودعونا ننتقل في سياحة روحانية مع امير المؤمنين الراشد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه لنعيش هذا المشهد الرائع الذي يدل على الحكم الراشد.
٭ خرج امير المؤمنين يوما الى السوق في جولة تفتيشية فيرى ابلا سمانا تمتاز عن بقية الابل بامتلائه فيسأل ابل من هذه؟ قالوا ابل عبد الله بن عمر. فانتفض امير المؤمنين كأنما القيامة قامت. وقال.. بخ.. بخ.. ابن امين المؤمنين؟ وارسل في طلبه. وحين وقف بين يدي والده سأله: ما هذه الابل يا عبدالله؟ فاجاب انها ابل انضا ـ اي هزيلة، اشتريتها بمالي وبعثت بها الى المرعى اتاجر فيها وابتغي ما يبتغي المسلمون!
٭ يقول خالد محمد خالد في كتابه خلفاء رسول الله فعقب عمر في تهكم لاذع «ويقول الناس حين يرونها.. ارعوا ابل ابن امير المؤمنين.. اسقوا ابل ابن امير المؤمنين وهكذا تسمن ابلك ويربو ربحك يا ابن امير المؤمنين؟ ثم صاح به: يا عبد الله خذ رأسمالك الذي دفعته في هذه الابل واجعل الربح في بيت مال المسلمين.!
٭ ان عبد الله بن عمر لم يأت امرا منكرا انما يستثمر ماله الحلال في التجارة الحلال ولكنه لانه ابن امير المؤمنين يحرمه امير المؤمنين مما هو حق له مظنة ان تكون بنوته لعمر قد هيأت له من الفرص ما لا يتوفر لغيره من الناس.
٭ يا ا هل المشروع الحضاري والاسلام السياسي يقول لكم الاستاذ خالد محمد خالد «ان عمر يمسك الميزان في رهبة لا تماثلها رهبة وهو يدرأ اهله من ان يكونوا اهل حظوظ ومزايا فحسب بل انه ليضطرهم الى ان يعيشوا معه فوق صراط احد من الشعرة وارق من الشعرة حتى لكأنما رزئوا بقرابة عمر بدل ان يهنوا بها ويندقوا فيها»!!
٭ يا اهل المشروع الحضاري خذوا الدرس والعبرة وقوموا يرحمكم الله بجز رؤوس الفساد فاليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل.
٭ اقطعوا رؤوس المفسدين وجزوها حتى تعود للشعب حقوقه وممتلكاته المسروقة والمنهوبة وحتى تعود له قيمه وتقاليده وموروثاته التي ضربتها السياسات الخرقاء التي حولت معظم هذا الشعب الى مختلسين او سحاتين او من الذين ينهبون امواله!
٭ يا اهل المشروع الحضاري لقد ضربتم عنق مجدي في دولارات يمتلكها فكيف لا تضربوا عنق مجرم في مليارات سرقها من خزينة الشعب واحذروا قوله صلى الله عليه وسلم «انما اهلك من كان قبلكم اذا سرق الشريف تركوه واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد ويم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
٭ جفت الاقلام وطويت الصحف وعند الله تجتمع الخصوم!

ما بين بيان الإنقاذ الأول والحفاظ على وحدة الوطن..!!

٭ في صباح الجمعة 30 يونيو 1989م، التفت جموع الشعب السوداني حول جهازي المذياع والتلفاز لسماع البيان الاول للانقلاب العسكري الذي قام به الجناح العسكري للجبهة القومية الاسلامية، والذي اذاعه العميد (وقتها) عمر حسن احمد البشير قائد الانقلاب ورئيس مجلس قيادة الانقلاب.
٭ وفي ظل الاحتفال الحزين بالذكرى الـ (22) لذلك الانقلاب الذي (قلب) حياة الامة السودانية الى عذاب ما بعده عذاب والى جحيم لا يطاق، ومن باب أن الذكرى تنفع المؤمنين، نعيد نشر النص الكامل للبيان حتى تقف الأجيال الحالية على حقائق الوضع قبل الانقلاب كما يفصلها البيان مقارنة بالوضع الراهن الذي تعيشه البلاد.
٭٭ يقول البيان الاول: (ايها الشعب السوداني الكريم.. ان قواتكم المسلحة المنتشرة في طول البلاد وعرضها ظلت تقدم النفس والنفيس حمايةً للتراب السوداني وصونا للعرض والكرامة، وتترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى اوجه الحياة، وكان من ابرز صوره فشل الاحزاب السياسية بقيادة الامة لتحقيق ادنى تطلعاتها في الارض والعيش الكريم والاستقرار السياسي، حيث عبرت على البلاد عدة حكومات خلال فترة وجيزة ما يكاد وزراء حكومة يؤدون القسم حتى تهتز وتسقط من شدة ضعفها، وهكذا تعرضت البلاد لمسلسل من الهزات السياسية زلزل الاستقرار وضيع هيبة الحكم والقانون والنظام)!!
٭ ويواصل البيان ليقول (أيها المواطنون الكرام.. لقد عايشنا في الفترة السابقة ديمقراطية مزيفة ومؤسسات دستورية فاشلة وارادة الجماهير قد تم تزييفها بشعارات براقة مضللة وبشراء الذمم والتهريج السياسي، ومؤسسات الحكم الرسمية لم تكن إلا مسرحاً لاخراج قرارات اساءة، ومشهدا لصراعات والفوضى الحزبية، وحتى مجلس رأس الدولة لم يكن الا مسخا مشوها، اما رئيس الوزراء فقد اضاع وقت البلاد وبدد طاقاتها في كثرة الكلام والتردد في السياسات والتقلب في المواقف حتى فقد مصداقيته)!
٭٭ أيها المواطنون الشرفاء، إن الشعب مسنود بانحياز قواته المسلحة قد أسس ديمقراطية بنضال ثورته في سبيل الوحدة والحرية، ولكن العبث السياسي قد أفشل التجربة الديمقراطية واضاع الوحدة الوطنية بإثارة النعرات العنصرية والقبلية، حتى حمل أبناء الوطن الواحد السلاح ضد اخوانهم في دارفور وجنوب كردفان، علاوة على ما يجري في الجنوب من مأساة وطنية وإنسانية..!!
٭٭ ويمضي البيان الاول (إن عداوات القائمين على الأمر في البلاد في الفترة المنصرمة ضد القوات المسلحة، جعلتهم يهملون عن قصد اعدادها لكي تقوم بواجبها في حماية البلاد، فقد ظلت قواتكم المسلحة تقدم أرتالا من الشهداء كل يوم دون أن تجد من هؤلاء المسؤولين ادنى اهتمام في الاحتياجات او حتى الدعم المعنوي لتضحياتها، مما أدى إلى فقدان العديد من المواقع والارواح، حتى اضحت البلاد عرضةً للاختراقات والانسلاب في اطرافها العزيزة، هذا في الوقت الذي تشهد فيه اهتماما ملحوظا بالمليشيات الحزبية)!!
٭٭ مواطني الشرفاء (وكما فشلت حكومات الاحزاب السياسية في تجهيز القوات المسلحة، فقد فشلت ايضا في تحقيق السلام الذي رفعته شعارا للكيد والكسب الحزبي الرخيص، حتى اختلط حابل المخلصين بنابل المنافقين والخونة، وكل ذلك يؤثر سلبا على قواتكم المسلحة في مواقع القتال، وهي تقوم بأشرف المعارك ضد المتمردين، ولا تجد من الحكومة عونا على الحرب او السلام، هذا وقد لعبت الحكومات بشعارات التعبئة العامة دون جد أو فعالية)!
٭٭ ويمضي البيان الأول ليحدثنا عن الاقتصاد فيقول (لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية، وفشلت كل السياسات الرعناء في ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق اي قدر من التنمية، فازدادت حدة التضخم وارتفعت الاسعار بصورة لم يسبق لها مثيل، واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم، اما لانعدامها او لارتفاع اسعارها، مما جعل كثيرا من ابناء الشعب يعيشون على حافة المجاعة، وقد ادى التدهور الاقتصادي الى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الانتاج. وبعد أن كنا نطمح في أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم اصبحنا امة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من الخارج، وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة، وكل ذلك مع استشراء التهريب والسوق الاسود، مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراءً يوما بعد يوم، بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام)!!
٭٭ ويتحدث البيان الأول عن انهيار الخدمة المدنية فيقول: (لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي الى الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام، مما أدى الى انهيار الخدمة المدنية، وقد اصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سبباً في تقدم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية، وافسدوا العمل الاداري، وضاعت على ايديهم هيبة الحكم وسلطان الدولة وصالح القطاع العام).
٭٭ ويتناول البيان إهمال الحكومات للأقاليم فيقول (إن اهمال الحكومات المتعاقبة للاقاليم ادى الى عزلها عن العاصمة القومية، والى انهيار المواصلات، وغياب السياسات القومية، وانفراط عقد الامن حتى افتقد المواطنون من يحميهم، ولجأوا الى تكوين المليشيات، كما انعدمت المواد التموينية في الاقاليم الا في السوق الاسود وبالاسعار الخرافية)!!
٭٭ ويصف لنا البيان العزلة التامة التي تعرض لها السودان فيقول (ايها المواطنون... لقد كان السودان دائما محل احترام وتأييد من كل الشعوب والدول الصديقة، إلا انه اليوم اصبح في عزلة تامة، والعلاقات مع الدول العربية اضحت مجالاً للصراع الحزبي، وكادت البلاد تفقد كل اصدقائها على الساحة الإفريقية، وقد فرطت الحكومات في بلاد الجوار الافريقي حتى تعذرت العلاقات مع أغلبها، وتركت لحركة التمرد ان تتحرك فيها بحرية مكنتها من ايجاد وضع متميز اتاح لها عمقا استراتيجيا تنطلق منه لضرب الامن والاستقرار في البلاد، حتى انها اصبحت تتطلع الى احتلال موقع السودان في المنظمات الاقليمية والعالمية، وهكذا انتهت علاقات السودان الى العزلة مع العرب والتوتر مع افريقيا ازاء الدول الاخرى).
٭ ويمضي البيان الاول للانقاذ ليقول (أيها المواطنون الاوفياء، ان قواتكم المسلحة ظلت تراقب كل هذه التطورات بصبر وانضباط، ولكن شرفها الوطني دفعها لموقف إيجابي من التدهور الشديد الذي يهدد الوطن، واجتمعت كلمتها خلف مذكرتها الشهيرة التي رفعتها منبهة للمخاطر، ومطالبة بتكوين الحكم وتجهيز المقاتلين للقيام بواجبهم، ولكن هيئة القيادة فشلت في حمل الحكومة على توفير الحد الأدنى لتجهيز المقاتلين).
٭٭ ويمضي البيان ليقول (واليوم يخاطبكم ابناؤكم في القوات المسلحة وهم الذين ادوا قسم الجندية الشريف بألا يفرطوا في شبر من ارض الوطن، وان يصونوا عزتهم وكرامتهم، وان يحفظوا للبلاد مكانتها واستقلالها المجيد، وقد تحركت قواتكم المسلحة اليوم لانقاذ بلادنا العزيزة من ايدي الخونة والمفسدين، لا طمعا في مكاسب السلطة، بل تلبيةً لنداء الواجب الوطني الاكبر في ايقاف التدهور المدمر وصون الوحدة الوطنية من الفتنة السياسية وتأمين الوطن من انهيار كيانه وتمزق أرضه، ومن اجل ابعاد المواطنين من الخوف والتشرد والجوع والشقاء والمرض)!!
٭ وتقول آخر فقرات البيان (قواتكم المسلحة تدعوكم أيها المواطنون الشرفاء، للالتفاف حول رايتها القومية ونبذ الخلافات الحزبية والاقليمية الضيقة، وتدعوكم للثورة معها ضد الفوضى والفساد واليأس من أجل إنقاذ الوطن، ومن أجل استمراره وطنا موحدا حرا كريما.. عاشت القوات المسلحة حامية كرامة البلاد.. عاشت ثورة الإنقاذ الوطني.. عاش السودان حرا مستقلا..
والله أكبر والعزة للشعب السوداني الأبي)..
٭ بعد 22 عاما من المعاناة والرهق والكبت والقهر والجبروت والاستبداد.
٭٭ بعد 22 عاما من الصبر الجميل الشجاع المؤدب على كوارث الانقاذ والحركة الاسلامية ومؤتمرها الوطني الذي فقد كل مبررات استمراره على مسرح الحياة السياسية السودانية، ينتهى بنا المطاف لتقطيع جسد الوطن إربا إربا، وتفتيت وحدته التي اقسم الانقلابيون على صونها والحفاظ عليها، وعدم التفريط في اي شبر من ارض الوطن، وان يحفظوا للبلاد مكانتها واستقلالها المجيد حتى يستمر الوطن موحدا كريما!!
٭ و(إنه لقسم لو تعلمون عظيم) - صدق الله العظيم، فأين ضاعت وحدة الوطن؟ وكيف تم التفريط في استقلاله بعد ان أضحى داراً مستباحةً تعبث فيها الكلاب والخنازير والقردة وشذاذ الآفاق من مصاصي دماء الشعوب وسارقي ثرواتها وخيراتها؟ ولماذا أصبحت مسميات (يونميس ويونميد) جزءا من ادبيات شعبنا الذي ظل عبر تاريخه الحافل بالنضال والكفاح يجعل من ارضه مقبرة للاعداء والسفلة والخنازير؟
٭٭ بعد 22 عاما من البؤس والشقاء والمعاناة، فقد تصاعدت مئات المرات معدلات الفقر وسط شعبنا، حتى اضحى شعبنا واحدا من افقر ثلاثة شعوب في العالم، وتصاعدت معدلات الفساد حتى عُد السودان واحدا من بين أكثر ثلاث دول في العالم فسادا!!
٭ بعد 22 عاماً من حكم الجبهة القومية الاسلامية، انهار تماما مشروع الجزيرة الذي كان يمثل (عماد الاقتصاد السوداني)، ولحقت به مشاريع الرهد والدندر وحلفا الجديدة والنيل الابيض وجبال النوبة، وفي الخرطوم انهارت مشروعات الامن الغذائي في سوبا والسليت والجموعية، وأصبح مشروع سندس الزراعي الذي صرفت عليه ملايين الدولارات من عائدات المغتربين السودانيين بدول الخليج، أكبر مهزلة في تاريخ السودان!!
٭ بعد 22 عاما انهارت الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة، بعد أن أصبحت بلادنا موبوءة بالأمراض الفتاكة، حيث تصاعدت بصورة جنونية أمراض الايدز والسرطان والفشل الكلوي والسكري وضغط الدم وامراض القلب، وتصاعدت الأمراض النفسية الناتجة عن تعاطي المخدرات في اوساط تلاميذ مرحلة الاساس وطلاب الثانوي والجامعات وفي اوساط النساء والعمال!!
٭ بعد 22 عاماً انهارت خدمات التعليم في كل مراحله، بداية بمرحلة الأساس والثانوي والجامعي، بعد أن تصاعفت معدلات الفاقد التربوي، وبعد أن أصبحت جامعاتنا مجرد بقالات، وفي احسن الاحوال سيوبر ماركت لبيع الشهادات ومنحها لأهل الطاعة والولاء!!
٭٭ بعد 22 عاما تحولت بلادنا الى كوم من الرماد وهشيم تذروه الرياح.. وكان الله على كل شيء مقتدرا.
٭٭ ولك حبي وتقديري شاعرنا العربي ممدوح علوان وأنت تشدو:
كل شيء مات إلا الرهبة المختبئة
أنا أعرف كيف تضيق الأقبية الرطبة
كيف يضيق الصدر
وكيف يضيق الشارع
كيف يضيق الوطن الواسع
كيف اضطرتني الأيام
لأن أهرب من وجه عدوي والضيق
لكني..
حتى لو صارت علب الكبريت بيوتا
لو ينخفض السقف
ويضحى تحت العتبة
لو ضم الرصيف لرصيف
صار الشارع أضيق من حد السيف!
٭٭ أخيراً ألا ليت أيام الصفاء جديد
ودهرا تولى (يا ديمقراطية) يعود

لابد من تصفية حسابات الجمهورية الأولى حتى لا تكون الثانية امتداداً لها!

رأي(الأرشيف)
٭٭ لا نجافي الحقيقة عندما نقول بمنتهى الاطمئنان ان أهل الاسلام السياسي وحدهم يحملون نسبة 95% مما في جسد الحاضر السوداني من اسقام وامراض وعلل، ومافي وجه المستقبل من تقاعس واخفاق وتساؤم وفشل!!
٭٭ فشواهد التاريخ تقول وتؤكد ان الحركة الاسلامية عبر مسمياتها الثلاثة (جبهة الميثاق ثم الجبهة القومية الاسلامية واخيراً المؤتمر (بشقيه) الوطني والشعبي) ظلت تتشبث بالحكم طوال 34 عاماً متصلة وتحديداً منذ عام 1977 أو ما يعرف بعام المصالحة الوطنية التي وقعها السيد الامام الصادق المهدي مع نظام مايو، وحتى يومنا هذا! فمنذ ذلك التاريخ ظلت الحركة الاسلامية تسعى إلى السلطة والحكم من واقع التقرب زلفى لسلطة مايو وسلطانها وصولجانها، والتسبيح بحمد (أمير المؤمنين) الرئيس الراحل جعفر محمد نميري، وخلع الالقاب عليه خاصة بعد ان قام الرجل واخذته (الهاشمية) بإعلان قوانين الشريعة الاسلامية التي قام بوضعها الثلاثي (عوض الجيد محمد احمد والنيل ابو قرون وبدرية سليمان) لتجني الحركة الاسلامية لوحدها ثمار تلك القوانين دون ان تبذل جهداً لزراعة شجرتها أو سقايتها ورعايتها!!
المهم فقد استفادت الحركة الاسلامية من معطيات المصالحة الوطنية في وقت خرج منهارجلها الاول الصادق المهدي خال الوفاض صفر اليدين مكسور الخاطر، اذ انه لم يحصد غير العدم والندم خاصة وان بنود المصالحة تتمثل في (1) الموافقة على الدستور الدائم الراهن مع تعديله (2) الموافقة على مبدأ الجمهورية الرئاسية (3) الموافقة على مشروع الولاية الثانية (4) الموافقة على التنظيم السياسي الواحد (5) الموافقة على اطار اتفاقية اديس أبابا!
٭٭ أما أهل الاسلام السياسي فقد أطلت عليهم ليلة القدر وابتسم لهم الزمان ابتسامة عريضة بعد ان أدت هذه المصالحة (الظالمة) إلى فتح ابواب السجون على مصراعيها لتتنفس القيادات الاسلامية الصعداء، حيث تم اطلاق سراحهم جميعاً وعلى رأسهم كبيرهم الذي علمهم (السحر) د. الترابي وانفتحت أمامهم بسبب هذه المصالحة أبواب الحريات والعربدة في مسرح السياسة السودانية لتبدأ مرحلة التخطيط الاستراتيجي المدروس بعناية فائقة والهيمنة المطلقة على اتحادات الطلاب بالجامعات والمعاهد العليا والمدارس الثانوية باعتبارها الروافد الاساسية التي تتشكل منها القوات النظامية (الجيش والشرطة والامن)،وتشكل منها قيادات القضاء والخدمة المدنية في مختلف جوانبها وتخصصاتها، وخريجوها هم المناط بهم ادارة الاقتصاد والمال والجهاز المصرفي وهم رجالات الاعلام في اجهزته المختلفة المقروءة، والمرئية والمسموعة، بجانب سيطرة الحركة الاسلامية على النقابات واتحادات الشباب والنساء!!
٭٭ من كل ذلك، يتضح ان أهل الاسلام السياسي وضعوا خطتهم واعدوا عدتهم للسيطرة على مفاصل الدولة منذ عام المصالحة الوطنية، وظل البناء يتواصل خطوة بخطوة وبتمهل شديد وبمنتهى المكر والذكاء، ونميري واجهزته الامنية غافلون عن ذلك تماماً بعد ان تفنن اهل الاسلام السياسي في اطلاق الالقاب والنعوت على الرجل، حتى جاء عام 84 لتبدأ مرحلة الاطاحة بنميري بعد ان احس القوم بأن بناءهم قد وصل إلى مرحلة النهاية!!
٭٭ وعندما احس الرئيس بالخطر الداهم قام باعتقال الجماعات الاسلامية والزج بهم في السجون ريثما يعود من رحلته الشهيرة والاخيرة لامريكا حتى يقوم بالخلاص منهم ورميهم في قاع البحر ليكونوا طعاماً للحيتان والاسماك!
٭٭ غير ان العناية الالهية انقذت الحركة الاسلامية من (هلاك) محقق ومجزرة لا تقل عن المجزرة التي تعرض لها الشيوعون، ساعدهم في ذلك المخطط الامريكي للخلاص من الرئيس (الملهم) بسبب اعلان قوانين الشريعة الاسلامية وما صاحبها من تطبيق شائه من واقع ما يسمى بمحاكم العدالة الناجزة التي كانت تعقد في الميادين العامة وتحت الاشجار و(الخيام) المنصوبة على قارعة الطريق، وعقوبات الجلد والقطع من خلاف وغير ذلك من العقوبات التي شكلت صدمة عميقة لدى العالم الغربي!
٭٭ بعد نجاح الانتفاضة وسقوط نظام مايو، اصبحت الدولة من أدناها إلى اقصاها رهينة في يد الحركة الاسلامية حيث كان معظم اعضاء المجلس العسكري الانتقالي من الاسلاميين وكذلك مجلس الوزراء الانتقالي الامر الذي ادى إلى وضع قانون انتخابات منحاز بشكل سافر للاسلاميين وتم توزيع الدوائر الانتخابية بما يخدم الاسلاميين، واضحت كل أموال البلد بيد الاسلاميين وهذه الاشياء أدت بدورها إلى ان تفوز الجبهة القومية بدوائرانتخابية لم تكن تحلم بها ساعدهم على ذلك الربكة الحادثة في صفوف الاحزاب الكبرى خاصة الحزب الاتحادي الديمقراطي والانتكاسة التي تعرض لها الشيوعيون بعد محاكمات يوليو 71 والتي ادت إلى انحسار المد الشيوعي في الجامعات والمدارس الثانوية والنقابات بسبب حالات القمع التي مارسها عليهم نظام مايو!
٭٭ بعد نجاح الانتفاضة ايضاً رفع الشارع السوداني شعار (كنس آثار مايو) ومحاكمة سدنتها إلا ان ذلك لم يحدث لانه لم يكن لمايو من آثار أو سدنة غير (الجماعة) الذين تغلغلوا في كل مفاصل الدولة واصبحوا اشبه بشوكة حوت في حلق الانتفاضة،بل ذهبوا أبعد من ذلك عندما افتعلوا الكثير من الازمات والمشاكل واخذوا يحركون الشارع ضد سلطة هم شركاء فيها بسبب الزيادة الطفيفة في اسعار السكر على ايام حكومة الامام الصادق، ومع ذلك لم يعدموا من يقف معهم ويساندهم حث وجدوا ضالتهم المنشودة وللمرة الثانية في الامام الصادق المهدي الذي ساندهم وأيدهم بقوة ووضع يده في ايديهم لاجهاض اتفاقية السلام التي وقعها الميرغني مع الراحل جون قرنق، والتي كانت تمثل الحل العادل والعاجل والحاسم لمشكلة السودان الاولى، خاصة وانها جاءت خالية من الشروط أو الاملاءات التي تقود إلى تفتيت وحدة السودان وجاءت مبرأة من شبهة التدخل الاجنبي حيث كانت سودانية مية المية!!
٭٭ ،في الثلاثين من يونيو وفي ليل بهيم وظلام دامس، وقعت الواقعة وهشمت الفأس الرأس واجهز أهل الاسلام السياسي على النظام الديمقراطي الذي شاركوا فيه رغم الادعاءات الكاذبة والمضللة (للترابي) بأنهم لا يؤمنون بالعنف والانقلابات العسكرية، حيث اعترف الرجل في خريف عمره بأنه قاد البشير للقصر رئيساً وذهب هو إلى السجن حبيساً!!
٭٭ في قراءات سياسية يتحدث د. الترابي عن علاقة عناصر الحركة الاسلامية بما تم من انقلاب اسلامي داخل القوات المسلحة، والذي جاء تحت مسمى ثورة الانقاذ الوطني، اذ يقول الرجل بالفم المليان (فالحركة الاسلامية لم تقتصر علاقتها بالقوات المسلحة على عناصر محددة يتم تجنيدها سرياً وتنظم،اذ لا يمكن ان تفلت ابداً من المراقبة اللصيقة لاسيما ان الحياة العسكرية حياة وثيقة، ولا يمكن للمرء ان يفلت من مراقبة الامن العسكري) ويمضي قائلاً (كان من الممكن أن يحدث ذلك ثم تتعرض الحركة لان تنكشف وتضرب أو ان تحاول محاولة محدودة، ولكنها آثرت أن تخاطب القوات المسلحة خطاباً مفتوحاً)!!
٭٭ ودعونا نمضي مع الدكتور حيث يواصل قائلاً (منذ بدء تطبيق الشريعة الاسلامية فقد انفتحت الحركة الاسلامية على القوات المسلحة انفتاحاً مكشوفاً، ولانه كان مكشوفاً لم يحذر منه أحد ولو كان سرياً لانكشف وقدر خطره ولتم ضربه، وبهذا الانفتاح دخلت قطاعات كبيرة من القوات المسلحة الجامعات وتأهلت للدراسات الاسلامية الشرعية، وبعد الانتفاضة اصبحت الحركة الاسلامية مدافعة عن القوات المسلحة وتعزيزها وعدم تخذيلها بتمجيد المتمردين وانحازت الحركة الاسلامية انحيازاً واضحاً للقوات المسلحة لسنوات طويلة في وقت كان فيه الآخرون يمجدون اعداء القوات المسلحة بأخطاء نميري كأنهم يحاسبون نظاماً عسكرياً)!
٭٭ ويمضي (الشيخ) الدكتور ليقول (لم يكن قيام ثورة الانقاذ تآمراً محدوداً؛ لأن القوات المسلحة كانت في حالة استعداد، وكانت كل القوات مقيمة بوجه دائم في معسكراتها وما كان لمجموعة صغيرة متآمرة (اصلاً) ان تفعل شيئاً في حضور كل القوات المسلحة)!
٭٭ ويواصل قائلاً (كان لابد من قاعدة واسعة فعلاً وغالبة وطبعاً الحركة الاسلامية غلبت في القوات المسلحة بسبب آخر هو ان القوات المسلحة كلها تستمد من المدارس، والمدارس غلبت عليها الوطنية في الخمسينيات وغلبت عليها اليسارية في الستينيات وغلب الاسلام في السبعينيات من هذا القرن، ولذلك كان الضباط الذين تولوا السلطة اسلاميين بالضرورة؛ لان المناخ العام كله كان اسلامياً وهذا يظهر في انتخابات الخريجين الوطنية الاولى اليسارية ثم الاخيرة الاسلامية ويظهر في اتحادات الطلاب والنقابات وفي كل شئ).
٭٭ ويختتم بالقول (لما قامت الثورة كانت فتنة المقاربة والمكاملة بين ما هو عسكري وما هو مدني قد تم تجاوزها لحد كبير).
المصدر: الحركة الاسلامية السودانية من التنظيم إلى الدولة د. علي عيسى عبد الرحمن.
٭٭ ما تقدم ذكره هو سرد مختصر لبعض جوانب استراتيجية أهل الاسلام السياسي للوصول إلى الحكم عن طريق الانقلاب العسكري،واللجوء إلى القوة والعنف في انتزاع السلطة وبصورة تتنافى تماماً مع الاسلام الحنيف، وتتطابق تماماً وتتوافق مع المبدأ الميكاڤيلي القائم على نظرية (الغاية تبرر الوسيلة)!!
٭٭ فالغاية هي الوثوب على السلطة والاستيلاء عليها بصورة لا يقرها الاسلام ولا يقبلها ولايرضاها، بدليل ان استلام السلطة وتداولها في الاسلام يقوم على مبادئ البيعة والشورى والقبول من أبناء الاسلام كما حدث في الخلافة الراشدة، بل حتى على ايام (الملك العضوض) فقد طلب سيدنا معاوية بن سفيان من القبائل العربية ان تبايع ابنه يزيدا، فانبرى أحد زعماء القبائل قائلاً (أمير المؤمنين هذا وأشار بسيفه لمعاوية فإن مات فهذا وأشار بسيفه ليزيد، فإن أبيتم فهذا وأشار لسيفه) مما يشير إلى ان ناس الجبهة اشاروا إلى سيوفهم وتلك هي الوسيلة التي اتبعوها للوصول لغايتهم!!
٭٭ في (الجمهورية الأولى) - ان صح التعبير - أورد (تجار الدين) البلاد والعباد موارد الهلاك والدمار والخراب، ومارسوا في حكم الشعب أبشع أنواع الظلم والقهر والاستبداد، وسخروا كل امكانات الدولة والشعب لحماية نظامهم وسلطتهم وسلطانهم في وقت تعرضت فيه البلاد للتقسيم والتمزيق والشتات، وتعرض فيه الشعب للذل والهوان والفقر، وبسبب سياسات هؤلاء (التجار) دخلت بلادنا إلى غرفة الانعاش، وحشرت في نفق مظلم طويل، ثم يأتي هؤلاء (القوم) ليحدثونا عن الجمهورية الثانية وما أدراك ما الجمهورية الثانية!
٭٭ ولأن المؤمن كيس فطن فلا يمكن ان يلدغ من جحر مرتين، حيث لابد من تصفية حسابات الجمهورية الأولى حتى لا تصبح الثانية امتداداً للأولى!!
٭٭ ولعل الخطوة الأولى تتمثل في ضرورة تحقيق الفصل التام بين (تنظيم أهل الاسلام السياسي) والدولة، خاصة فيما يتعلق بالقوات النظامية لأن هذه القوات هي ملك لكل شعب السودان بمختلف ألوانه السياسية والدينية والعرقية والثقافية، وليست ملكاً لجهة سياسية واحدة كما يزعم د. الترابي في افادته أعلاه رغم انه أصبح اليوم في (حيص بيص) ولا حول ولا قوة له!!
٭٭ ان الشعب السوداني العظيم هو الذي يقوم على حد المساواة يدفع كافة مستحقات القوات النظامية من ضرب يمينه وعرق جبينه ومن حر ماله، ويدعم صفوفها بأبنائه وفلذات كبده حتى يؤكد قوميتها وحيدتها واستقلالها، وان كل ابناء الشعب السوداني سواسية أمامها كأسنان المشط!!
٭٭ والخطوة الثانية في تصفية حسابات (الجمهورية الأولى) تتمثل في محاكمة كل المفسدين الذين عاثوا في الارض فساداً وقاموا بسرقة أموال الشعب في وضح النهار، وعلى عينك يا تاجر وليس في السودان من صادفته ليلة القدر حتى يمتلك العديد من العمارات والعربات والزوجات والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، ولابد من تفعيل وتطبيق قانون من أين لك هذا؟ لأن هذا القانون من قوانين الله سبحانه وتعالى وليس من قوانين البشر!
٭٭ وثالث الخطوات يتمثل في رد الحقوق لكل فرد تم طرده من الخدمة تحت ما يسمى بالاحالة للصالح العام وتعويضه التعويض العادل، ولابد من افراغ أجهزة الدولة من كل الذين سطوا عليها تحت شعار (سد الثغرة دي يا شيخنا)!
٭ وما أكثر القضايا التي تحتاج لمعالجات وحلول، ولكن لا يتسع المجال لذكرها في هذه المساحة المحدودة!
٭٭ والخلاصة ان الشرفاء من أبناء هذا الوطن لا يمكن ان يقبلوا بأن تكون ما يسمى بالجمهورية الثانية هي امتداد للجمهورية الأولى، إلا كما يقبل المؤمن بالله سبحانه وتعالى ان يعود إلى الكفرة، والعياذ بالله من ذلك!!

لن يكون شعب السودان كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول ..!


٭٭ شد الأحزمة على البطون او ربط الحجارة عليها اصبح من المطلوبات الملحة التي يطالبنا بها اهل المشروع الحضاري طوال 22 عاما وتزداد المطالبة كلما عانى النظام من (زنقة) اقتصادية مثل هذه (الزنقة) التي يمر بها بعد انفصال الجنوب وذهاب نصيب الشمال من عائدات البترول المنتج في حقول الجنوب وخروجه من ايرادات الخزينة العامة لدولة الشمال ..
٭٭ هذه المطالب المتكررة جعلت مجموعة من الاسئلة الحائرة تخطر على بالي وتبحث عن اجوبة (مقنعة) علها تشحذ هممنا للمزيد من شد الاحزمة على هذه البطون الخاوية الضامرة والتي اصبح لا فرق بينها وبين ظهورها من شدة ضمورها واستوائها، وبهذه المناسبة تحضرني طرفة رائعة بطلها احد المسحوقين الذي رفض دفع رسوم النفايات فحررت له موظفتها طلبا للمثول امام وكيل نيابة النفايات، وعندما مثل هذا المواطن امامه باغته بسؤال حاسم يقول فيه : (انت يا زول ما عاوز تدفع رسوم النفايات ليه)..؟!! فرد عليه المواطن ساخرا وهو يقول: (يا مولانا نحن لاقين حاجة نأكلها علشان تطلع نفايات..؟!!)..
٭٭ ومجموعة الاسئلة الحائرة هي... الى متى يظل اهل الاسلام السياسي يطالبوننا بشد الاحزمة على البطون ؟!! وكيف يعقل ان لا تتوقف هذه المطالبة لما يزيد عن عقدين من الزمان؟ وما هي جدوى هذه المطالبة خاصة وان السواد الاعظم من المستهدفين بها هم جموع الجياع العراة الحفاة الذين هدهم الفقر وعذبتهم المسغبة..!
٭٭ ثم ما هو الهدف الذي يسعى اليه (القوم) من هذه المطالبة والاستمرار في سياسة الترويع والتجويع؟!!! وهل الهدف منها هو اصلاح حال الاقتصاد السوداني المنهار بسبب سياسات (الجن) التي يتبعونها ام انها محاولة جديدة للمحافظة على كرش (فيلهم) التي لا تشبع ولا تمتلئ مهما قدم لها من امكانات وموارد؟!!
٭٭ والاهم من كل ذلك لماذا لا تذهب الدولة الى جبال البحر الاحمر او جبال التاكا لاحضار حجر ضخم تربطه على (كرشها) وتريح الغلابة من حكاية شد الاحزمة وربط الاحجار على بطونهم الخاوية؟!!
٭٭ والحقيقة التي يجب ان نصارح بها اخوتنا اهل المشروع الحضاري ان الشعب السوداني قد مل مثل هذه الدعوة الممجوعة ولم يعد بطبعه مجرد سماعها لأنها دعوة عديمة الجدوى ولا فائدة ترجى منها بعد ان ضحى هذا الشعب كثيرا وصبر طويلا ولم يحصد في خاتمة المطاف غير العدم والندم وقبض الريح...!!
٭٭ في يوم انقلابها على الشرعية (الجماهيرية) زعمت الانقاذ انها فعلت ذلك بسبب (تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق اي قدر من التنمية فازدادت حدة التضخم وارتفعت الاسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم ... اما لانعدامها او لارتفاع اسعارها مما جعل كثيرا من ابناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة وقد ادى التدهور الاقتصادي الى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات التعليمية والصحية وتعطل الانتاج وبعد ان كنا نطمح في ان تكون بلادنا سلة غذاء العالم اصبحنا امة متسولة تستجدي غذاءها من الخارج وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة وكل هذا مع استشراء التهريب والسوق الاسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوما بعد يوم بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام) بيان الانقاذ الاول..
٭٭ والذي لا يستطيع ان ينكره الا مكابر هو ان الانقاذ ورثت عن الحكومات الديمقراطية بنيات اساسية اقتصادية ظل السودان يعتمد عليها بصورة اساسية في بناء قاعدته الاقتصادية مثل مشاريع الزراعة المروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة والدندر والرهد وحلفا وجبال النوبة والنيل الابيض وفي الخرطوم مشاريع سوبا والجموعية والسليت ومشروعات للزراعة الآلية التي تسقى بماء الامطار وتسد عين الشمس في القضارف وسنار والرنك والجبلين والدالي والمزموم فماذا تبقى من هذه المشروعات واين اختفت ولماذا...؟!!
٭٭ وفي المجال الصناعي ورثت بنيات اساسية على درجة عالية من الكفاءة والاهمية وعلى رأسها مصانع الغزل والنسيج والزيوت والصابون والحلويات والسكر والتريكو وصناعة الخيش وحلج الاقطان وتعليب الخضر.. والفاكهة والالبان فأين اختفت هذه المشروعات ولماذا غابت عن الانظار ؟
٭٭ وورثت قطاعاً عاماً عريضاً قوامه وزارة الاشغال التي كانت تشرف على كافة عقارات الدولة بناء وتشييد وصيانة وتضم في جوفها المئات من المهندسين والفنيين والعمال المهرة في مختلف المجالات الحرفية ومنها مصلحة النقل الميكانيكي والنقل النهري ووزارة المواصلات ومصلحة البريد والبرق ومصلحة السكة حديد والوابورات ومؤسسات تعليمية وصحية تقدم خدماتها لانسان السودان بالمجان و(لوجه الله الكريم) بما فيهم عم عبدالرحيم، مش بتاع المرحوم مصطفى سيد احمد ولكن وزير مالية السودان الذي اورد الاقتصاد السوداني موارد الهلاك وتسبب في انضمام اكثر من 70% من قوى الانتاج الى شريحة الفقراء والمعوزين بعد ان شردهم تحت مظلة الاحالة للصالح العام وبسبب سياسات الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام وتحرير الاسعار والسوق الحر واسهمت في تعليم وتأهيل عم صابر مدير بنك السودان ووزير المالية الاسبق الذي بشرنا بالصدمة الاقتصادية المرتقبة..!
٭٭ لقد ورثت الانقاذ انسانا سودانيا شهما شريفا نظيفا..عفيفا لا يعرف السرقة والنهب والاعتداء على المال العام واستلام الرشوة وبيع ضميره للشيطان ولا يتعاطى او يتاجر في المخدرات او يقوم ببيع السموم الى الصغار والمشردين او يتسبب في حصد ارواحهم البريئة بهذه الصورة البشعة التي عايشناها مؤخرا!!
٭٭ لقد ورثت الانقاذ انسانا كريما حرا لا يقبل الذل والهوان ولا يقبل بالشحتة بل يردد بأعلى صوته : (يوما كريتين ويوما عشانا ربيت ويوما نسف التابا وعليها نبيت)..
٭٭ لقد ورثت شعبا غنى له الفنانون وخلده الشعراء واشادت كل شعوب العالم بخلقه وسلوكه وانضباطه وكفاءته وامانته ونزاهته وحبه للمال والانتاج حتى اضحى عملة نادرة تشربت لها اعناق دول الخليج والمنظمات الدولية..!!
٭٭ قبل وصول الانقاذ كان الشعب السوداني يعيش في كنف الاشتراكية الديمقراطية ومبدعها الراحل المقيم الشريف حسين الهندي التي وفرت له مجانية العلاج والتعليم ورمزية اسعار خدمات المياه والكهرباء والمواصلات وقامت بدعم قوته من سكر وقمح ودقيق ولبن ودعمت الدواء والعلاج وكيف قادتها ووزرائها انهم قد اكتفوا بما يسد الرمق ويقيم الصلب حين لم يستنكف ابا الوطنية الراحل المقيم الرئيس اسماعيل الازهري طيب الله ثراه ان يكتفي بملاح (ام شعيفة) التي يحملها له الوزير حسن عوض الله وكيف رئيس وزراء السودان السابق الامام الصادق المهدي انه ظل يحول راتبه لدعم جامعة الخرطوم ويقوم برد ما زاد عن نثرياته الدولارية في رحلاته الخارجية للخزينة العامة..!!
٭٭ ورغم الدعوة التي ظل يطلقها اهل المشروع الحضاري هذه الايام للتغشف وربط الاحزمة على البطون الا ان واقع الحال يؤكد ان ما في (قدر) الانقاذ الذي نضطرم من تحية النيران لن ينضج ولن يستوي ليأكله الغلابة لأن ما بداخل هذا (القدر) ما هو الا عبارة عن حصى وحجارة..!!
٭٭ وامير المؤمنين العادل الراشد سيدنا عمر بن الخطاب الذي انتقل الى الرفيق الاعلى ولحق بصاحبيه وبينما هو يتفقد احوال الرعية في جنح الليل استرعى انتباهه صوت جاء لاطفال صغار فعندما وصل الى دارهم لاحظ ان قدرا موضوعا على النار وان الصبية يبكون ، فسأل والدتهم عن سبب بكائهم ، فقالت انهم جوعى فقال لها وماذا بالقدر..؟!! قالت هي حصى اصبرهم به حتى يناموا ...!!
فهب راجعا الى بيت المال وحمل على ظهره دقيقا وزيتا ثم جلس حول النار يعد الطعام للصغار وبعد ان شبعوا وناموا انصرف لحال سبيله .. نقول ذلك رغم قناعتنا بأن (القوم) لا يعرفون مثل هذا العمل..!!
٭٭ ان المطالبة بشد الاحزمة على البطون لم تعد تقنع احدا ولا فائدة ترجى منها لأن السواد الاعظم والاغلبية الكاسحة لم يعد لها بطونا يمكن شد الاحزمة عليها!!
٭٭ فطوابير العطالة تتزايد يوما بعد يوم وحالات الفقر ترتفع ومعدلات الغلاء في تصاعد مستمر والفساد يستشري وأموال الدولة تنهب في وضح النهار ودور العبادة تعج بالشحاتين وطالبي الشفقة والرحمة ومد يد العون والمصلون ينشغلون عن صلاتهم خوفا من سرقة احذيتهم التي تركوها بالخارج وحالات النصب والاحتيال اصبحت هي الظاهرة التي تميز اسواقنا ومعاملاتنا التجارية...!!
٭٭ وفي خضم كل ذلك ينسى اهل المشروع الحضاري قول من قال:
انما الامم الاخلاق ما بقيت ٭٭ فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا!!
٭٭ فماذا بقي لنا من اخلاق او قيم وما هو السبيل لاتقاء هذا الجحيم والعذاب الذي رمتنا فيه الانقاذ؟!
٭٭ والسؤال الاهم هو ما الحل وما المخرج من هذا النفق المظلم والوضع المأساوي الذي يعيش فيه شعبنا وهل في مقدور امكانيات المواطن الضعيفة المعدومة ان تغطي مطلوبات الوضع الاقتصادي لما بعد الانفصال وذهاب بترول الجنوب؟
٭٭ وللاجابة على هذا السؤال نقول ان المواطن المسكين لا يستطيع ان يقدم ما يدعم به ميزانية الدولة لذلك فعلى الدولة وحزبها الحاكم ان تترك المواطن في حاله وان لا ترهقه بالمزيد من الضرائب والاتاوات وان تقوم بشد حزامها حول بطنها الضخمة..!!
٭٭ ولعل الحل يكمن اولا واخيرا في خفض الانفاق الحكومي وتقليص اجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية بنسبة لا تقل عن 60% فلا داعي لوجود اي مستشار في رئاسة الجمهورية ولا معنى لوجود هذا العدد المهول من الوزراء في مجلس الوزراء الاتحادي حيث يجب الاكتفاء بعشرة او خمسة عشر وزيرا فقط ولا معنى لوجود هذا الكم الهائل من الولايات والولاة والمجالس الولائية حيث يجب ان يتم الاكتفاء بست ولايات فقط وعدد محدود من الوزراء الولائيين والمجالس التشريعية والمحليات..!
٭٭ ولابد من تخفيض ميزانية الدفاع والامن بنسبة لا تقل عن 60% شريطة ان يتم حل النزاعات في كل مناطق التوتر (دارفور ، جنوب كردفان، جنوب النيل الازرق، حل مشكلات انفصال الجنوب)..
٭٭ الاعتماد في الجهاز التنفيذي على الكفاءات واصحاب الخبرات وابعاد المتسلقين من اهل الطاعة والولاء والباحثين عن الوزارة والاستيزار..!!
٭٭ المراجعة الشاملة والواعية والمدروسة لسياسات التحرير الاقتصادي وحرية الاسعار والعمل على ضبط اسعار السلع الاساسية والعودة الى نظام الجمعيات التعاونية للقضاء على السوق الاسود وجشع بعض التجار...!!
٭٭ القيام بمحاصرة الفساد ومحاكمة كافة المفسدين من الذين نهبوا اموال الدولة والعمل بأسرع ما يمكن على استرداد اموال الدولة والشعب ولابد من سن قانون من اين لك هذا وتاريخ اي مفسد معروف ومرصود..!!
٭٭ وما لم تقم الدولة وحزبها الحاكم باتخاذ كافة الاجراءات المتعلقة بتصحيح المسار الاقتصادي فان نبوءة سكرتير الحزب الشيوعي الاستاذ محمد ابراهيم نقد بعدم قيام الجياع بثورة بسبب ان الشعب يحب السترة لن تصدق خاصة وان ثوب السترة في بلادنا قد قام (الجماعة) بتمزيقه منذ اكثر من عقدين من الزمان..!
٭٭ فارتفاع معدلات السرقة والنهب والفساد والشحتة والتسول وسرقة احذية المصلين وامتلاء السجون بأصحاب الشيكات الطائرة ابلغ دليل على انه لم يعد هناك ما يمكن ان يطلق عليه ثوب السترة..!!
٭٭ وللاستاذ نقد نقول (الجوع كافر).. ومن حق الجائع ان يحمل سيفه اذا استبد به الجوع او سدت في وجهه ابواب الرزق ولن ينفع الاستاذ نقد ان ينكر ذلك ولن ينفع اهل المشروع الحضاري ان ينخدعوا بمثل هذا الرأي..؟!!
٭٭ ان الشعب السوداني لن يجوع الى الابد ولن يكون كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء على ظهرها محمول... فبلادنا والحمد الله غنية بخيراتها وامكاناتها الظاهرة والمطمورة في باطن الارض ولكن مشكلتها الاساسية في اهل الاسلام السياسي الذين فشلوا في كل شئ حتى تطبيق الشريعة الاسلامية ومبادئ الاسلام الحنيف...!
٭٭ ان الشعب السوداني لا يمكن ان يرهن مصيره وحريته وقوته ورفاهيته وكرامته لمجموعة معينة من الناس ظلت تدور وتدور حول نفسها وحول حلقة مفرغة ولا يعقل ان يكون حل ازمته والضائقة المعيشية التي يعاني منها تتمثل في كرتونة رمضان او اموال الزكاة التي توزع بطريقة لم يقرها الاسلام..!!!!

المليشيات السودانية

الديمقراطية ايها السادة ليست هدفاً في ذاتها ولكنها وسيلة من وسائل تحقيق الامن الغذائي والصحي والتعليمي وتحقيق الرفاهية للشعب وتحقيق التنمية في كافة ميادينها، وهي كما ذكرت في مرات عديدة على صفحات صحيفة الصحافة الغراء هي مصطلح يوناني وتعني ان يحكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق ناخبين ينتخبون نواب البرلمان والحزب الذي ينال الأغلبية يكون الوزارة ويختار وزراءه، والمعارضة ضرورية لأن وجودها سيساهم في تحقيق الديمقراطية بمعناها الذي ذكرناه لاسيما وان احزاب المعارضة سيكونون في المستقبل حكام البلاد عن طريق التبادل السلمي للسلطة، اما اذا تحدثنا عن الديمقراطية في الدول الغربية كافة بما فيها الولايات المتحدة الامريكية ففي الولايات المتحدة الامريكية هناك حزبان الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي بالاضافة الى احزاب صغيرة..! والحزب الذي يفوز في الانتخابات يتولى ادارة البلاد لمدة ثماني سنوات، ففي الاربع سنوات الاولى اذا حقق الاستقرار وحقق الرفاهية ينتخب لمدة أربع سنوات أخرى وبعد ذلك لا يرشح في الانتخابات، ويحمل مذكراته معه وينشئ مكتبة تحمل اسمه مثل مكتبة بل كلنتون ومكتبة رولاند ريغان ويستفيد الباحثون والاكاديميون من مذكرات الرئيس السابق الذي غادر البيت الابيض بعد ان مكث فيه ثماني سنوات، وحين يريد السفر الى الخارج فإنه يستأذن من ساكن البيت الابيض الجديد من ما نقله اليه الرئيس السابق، ونحن لا نطبق مثل هذا في السودان !!، وفي المملكة المتحدة هناك حزبان حزب العمال وحزب المحافظين بالاضافة لاحزاب اخرى صغيرة ، فالحزب الذي يفوز في الانتخابات يكون حكومة والحزب الذي لا يفوز يكون في المعارضة ويكون حكومة الظل واعضاء هذه الحكومة يجهزون انفسهم اكاديميا لكي يتولوا زمام الحكم عند فوز الحزب الذي كان في الظل. فمثلا وزير الصحة يكون من الاطباء وذو كافاءة عالية ووزير الاقتصاد من المتبحرين في المجالات الاقتصادية وعلى علم بما يجري في الساحات الاقتصادية وذلك على المستويات المحلية والاقليمية والدولية، ووزير العدل يكون من المتخصصين في القانون...إلخ
وكافة الدول الاوربية تطبق الديمقراطية التي تحترم حقوق الانسان وتوفر الرعاية الصحية والتعليمية وتحقيق الاستقرار ولكن في سوداننا العزيز وبكل اسف منذ استقلال السودان في 1 يناير 1956م، مع احترامنا لزعماء الاحزاب التقليدية الذين تولوا سدة الحكم لم يعملوا بكل أسف لتحقيق الاستقرار وتحقيق التنمية في كافة ميادينها ولكنهم دخلوا في صراعات لا معنى لها ولم يعملوا على تحقيق النهضة التعليمية لا سيما نحن لا نستطيع ان نتحدث في غيابها فهو المحرك للتنموية والتقدم والاستقرار والرفاهية، والشعب السوداني يعلم من هو الحزب الذي سلم الحكم للفريق ابراهيم عبود طيب الله ثراه، ويعرف ايضا من الحزب الذي قام بانقلاب على الرئيس الراحل جعفر محمد نميري طيب الله ثراه، وقد تأكد للرأي العام السوداني ان الاحزاب التقليدية فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الاستقرار والوحدة، فبعد سقوط مايو اختلف الحزبان الامة والحزب الوطني في من يتولى منصب مدير المخابرات وفي تولي الراحل المقيم د. احمد السيد حمد الذي كان من انزه الرجال في اعتقادي وتولى رحمه الله مناصب عديدة في داخل السوان وخارجه ومن الوظائف التي تولاها مساعد الامين العام للشؤون القانونية للجامعة العربية، ولم يكون الامة والوطني الاتحادي لجنة لمعرف لماذا انسحبت شركة شيفرون الامريكية التي كان مقرها في الخرطوم2 ونقلت آليات حفر البترول من مناطق انتاج البترول عن طريق ميناء كوستي الى الكاميرون، والشىء المؤسف والخطير والكارثي ان زعماء هذه الاحزاب ذهبوا الى ارتريا ووافقوا على منح جنوب البلاد حق تقرير المصير، وهنا نتساءل هل الشعب السوداني البطل فوضهم لكي يوقعوا على حق تقرير مصير جنوب السودان وهذا في اعتقادي منتهى الديكتاتورية ولم يحصل مثل هذا في كافة دول العالم، ففي سويسرا الحكومة لا تتخذ اي قرار من القرارات ولو سفلتة شارع الا بعد اجراء استفتاء بين الكونتونات!! والذي حصل في اتفاقات نيفاشا وابوجا لتحقيق السلام في السودان هاتان الاتفاقيتان في اعتقادي كانت كارثة قومية وفضيحة لنا جميعا ولم يحصل مثل هذا في كافة دول العالم وقد يقول البعض هناك انفصال تم بين كوريا الجنوبية والشمالية ونقول لهم ان كوريا الشمالية والجنوبية لهما رغبة اكيدة في اعادة توحيد الكوريتين ولكن الولايات المتحدة الامريكية كما يعرف الكل لا تريد ان تتوحد الكوريتان وذلك للمحافظة على مصالحها وتحقيق الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية، وبكل أسف يقارن البعض ما حدث في التشيكوسلوفاكية ونقول لهم ان الحكومة التشيكوسوفاكية بعد انفصالها الى دولتين تعمل على الانضمام للاتحاد الاوربي. لأن العالم المعولم الذي نعيش فيه يتجه نحو تحقيق مجموعات لتحقيق التنمية والاستقرار... فالدول الاوربية بالرغ من الحروب التي خاضتها واختلاف لغاتها وعددها سبعة وعشرون دولة وصلت مرحلة اليورو العملة الاوربية لكافة الدول الاوربية ما عدا المملكة المتحدة التي تستخدم الجنيه الاسترليني ولكن هي الاخرى في طريقها للانضمام للعملة الاوربية اليورو. فألمانيا الهتلرية قامت باحتلال فرنسا في الحرب العالمية الثانية وزحفت حتى وصلت روسيا لتحقيق شعار ألمانيا فوق الجميع هذا الشعار العنصري البغيض ولتحقيق المجال الحيوي لها وبالرغم من ذلك فإن كافة الدولة الاوربية بما فيها فرنسا نسوا ما حصلت لها من جراء احتلال ألمانيا لها بينما نحن في السودان وبكل اسف وبالرغم من القواسم المشتركة بين شمال البلاد وجنوبه وشرقه وغربه فأهلنا في جنوب البلاد وبالتأكيد قلة من الانفصاليين هم الذين ساهموا بكل اسف في تحقيق انفصال جنوب البلاد ويصبون قمة غضبهم على اخوتهم في شمال البلاد، بينما الحكومات الشمالية المختلفة منذ الستينيات من القرن الماضي هي التي عملت على تحقيق التنمية في جنوب البلاد بالرغم من ان البترول الذي يتباهى به قلة من الانفصاليين لم يكن موجودا، فسكان جنوب البلاد وشماله بعد الله سبحانه وتعالى كانوا يعتمدون على القطن طويل التيلة وقصير التيلة..!! والذي عمل على اكتشاف البترول هي حكومة الانقاذ، وامريكا عملت كل ما في وسعها لمنع شركات البترول الاجنبية مثل الشركة الكندية من العمل في مجالات اكتشاف بترول السودان ولو كانت الولايات المتحدة جادة في مساعدة الجنوبيين لعملت على اكتشاف البترول في جنوب البلاد ، وقد لا يعلم بكل اسف قلة من الانفصاليين في جنوب البلاد ان الدول الغربية الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لا تريد بكل تأكيد استقرار السودان..
وما حقق لجنوب البلاد لم يحصل مثله في كافة دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية فهي لم تمنح الامريكيين من اصول افريقية الحقوق المدنية الا في عام 1964م، ولم يسمح لهم بركوبا لمركبات العامة. والى الآن لا تسمح امريكيا للامريكيين من اصول افريقية تولي مناصب رفيعة باستثناء الرئيس باراك اوباما وقد لا يتكرر هذا..!! فوزيرة الارجية الامريكية السابقة كونزاليزا رايز ذكرت انها في جولاتها المكوكية لم تر سفيراً امريكياً من اصول افريقية، بينما اهلنا في جنوب البلاد يديرون شؤون البلاد ويساهمون في الحكومة المركزية..
والاحزاب التقليدية بكل اسف لا تؤمن بالديمقراطية وترمي لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب الشعب السوداني البطل، هل سمعتم ايها السادة ان الاحزاب في كافة دول العالم تكون مليشيات خاصة بها وهذا لا يحدث إلا في السودان بكل اسف..!
وقد ذكر ان والي النيل الازرق لإحدى الصحف الصادرة في الخرطوم ان حزب الامة والوطني الاتحادي واحزاب اخرى يمتلكون مليشيات واذا صح ما جاء على لسان السيد الوالي هذا يعتبر كارثة وفضيحة بكل المعايير..!! ألم يخجل قادة الاحزاب الذين لهم مليشيات للوصول لكراسي الحكم من موافقتهم لانفصال جنوب البلاد عن شماله..؟!!
وكما ذكرت في مرات عديدة ان علينا في السودان ان ننسى خلافاتنا واطماعنا الشخصية في سبيل تحقيق الاستقرار والتنمية في بلادنا..
والله من وراء القصد..
خارج النص:
المحكمة الجنائية المسماة بالدولية هي محكمة استعمارية ومسيسة من الفها الى يائها تهدف الى تخويف كافة رؤساء الدول العربية والاسلامية وما نراه في السودان يؤكد صدق ما ذهبنا اليه، وبعض زعماء الاحزاب يرددون في بقائها ممجوجة ان من المعوقات التي تقف امام استقرار السودان المحكمة الجنائية الدولية ولما كان الساكت عن الحق شيطان اخرص انهم يريدون تخويف المشير البشير وهنا نتساءل هل ان عمر البشير هو المسئول عن كافة الاحداث المؤسفة التي حدثت بالسودان؟! في كافة دول العالم هناك نائب واحد لرئيس الجمهورية ولكن في السودان حتى الاطفال يطالبون بأن يكونوا نواباً لرئيس الجمهورية ولو كان والى النيل الازرق جادا في تحقيق الوحدة كان عليه ان يسلم اسلحة جيشه للحكومة المركزية اذ لا يعقل ان يحتفظ بكافة الاسلحة وهنا نتساءل مع احترامنا الشديد للسيد الوالي والساكت عن الحق شيطان اخرص من اين لكم تمويل هذه القوات الضخمة التي تحتفظون بها؟ ألم يكن من المنطقي صرف هذه المبالغ في تنمية الولاية مثل انشاء المدارس والمستشفيات ومن الذي سيدفع فاتورة شراء هذه الاسلحة؟ نقول لكم انكم لاتودون التفاوض مع اخيكم عمر البشير في الخرطوم وتفضلون ان تلتقوا معه في خارج السودان وهذا ما يدعو للأسف بعد ان ثبت لكم ولغيركم ان الدول الغربية وعلى رأسها الكنائس العالمية لا تريد وحدة السودان واستقراره...!
واخيرا نرجو لبلادنا من الله سبحانه وتعالى الاستقرار والرفاهية إنه نعم المولى ونعم النصير...
* ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كيندي ويسترن الأمريكية

قرار (الاستعمار الجديد)!!


قرار (الاستعمار الجديد)!!

{ قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2003) الصادر بتاريخ 29/7/2011، لا يستهدف تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، بل يتجاوزها إلى فرض (وصاية) كاملة على السودان، تتوزع برامجها على (25) بنداً يشملها القرار (الكارثي).
{ القرار يمدِّد ولاية البعثة (المختلطة) إلى 31/ يوليو/ 2012، ويطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقرير دوري كل (6) أشهر عن الحالة بالإقليم، بالتشاور مع الاتحاد الأفريقي، واستعراض (القوة) المشتركة ورفع كفاءتها وفاعليتها، وفي هذا إشارة (خضراء) لزيادة (عدد) القوات، ورفع حجم تسليحها.
{ منح مجلس الأمن لما أسماها (العملية المختلطة) مهاماً (سياسية) و(أمنية) واسعة، بموجب (الفصل السابع). ففي البند رقم (4) من القرار جاء الآتي: (يؤكد المجلس من جديد أهمية تعزيز العملية السلمية والسياسية لإحلال السلام في دارفور، التي يقودها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، ويرحّب بما توليه العملية المختلطة من أولوية لجهودها المتواصلة من أجل دعم هذا العمل وتكملته، ويرحب بالجهود التي يبذلها فريق الاتحاد الأفريقي رفيع المستوى).
{ الفقرة (5) تقول: (يؤكد ما تضطلع به العملية المختلطة من ولاية بمقتضى الفصل السابع على النحو المحدد في القرار 1769...).
{ من أخطر ما ورد بالقرار (2003)، ما جاء بالفقرة (17)، إذ طالب المجلس بالتنسيق بين بعثات الأمم المتحدة في (دارفور)، وقواتها في (أبيي)، وبعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان..!! ومع دعوة المجلس لحكومة السودان إلى تسهيل حركة أعضاء البعثة وسرعة إصدار تصاريح الطيران ومنح التأشيرات، وأذونات تحرك الآليات العسكرية دون إبطاء، فإن (المخابرات الدولية) التي سرَّبت هذه المطالبات وضمنتها قرار مجلس الأمن، تسعى إلى ترتيب عملية (احتلال) بلادنا، بعد اختراقها بالكامل عسكرياً، ومخابراتياً، ومن ثم إحكام السيطرة عليها سياسياً واقتصادياً.
{ فماذا تتوقعون أن تحمل طائرات الأمم المتحدة التي ستتحرك بموجب القرار بين (دارفور) و(أبيي) ودولة (جنوب السودان) بدعوى إحكام التنسيق بين البعثات الأممية؟!
{ إنه أسوأ قرار يصدره مجلس الأمن ضد السودان بعد القرار (1593) سيئ الذكر المرتبط بالمحكمة الجنائية الدولية.
{ ولا خيار أمام حكومة السودان، سوى رفضه جملة وتفصيلاً، وإلاّ فإن دائرة الحصار ستضيق، وتضيق على الدولة، حتى (تخنق) مصدر القرار في «الخرطوم».
{ أن يفلح (الأعداء) في حصارنا بعد رهق طويل، وبذل عسير، أفضل بكثير من أن يحكموا علينا الحصار، بكل سهولة ويسر، بموجب قرارات (دولية)، لا تنفذها دولة في العالم، غير جمهورية السودان!!
{ القرار (2003) أوضح نموذج لمشروع (الاستعمار الجديد) في بلادنا.

أضف إلى: FaceBook Add to Technorati Add to your del.icio.us Digg this story Add to Technorati

تراسيم


فوجئ الذين اعتادوا على أداء صلاة الجمعة بمسجد النور بالرئيس في مسجدهم.. اعتاد الرئيس أن يزور المسجد الذي أقيم لإحياء ذكرى والده من حين لآخر.. وبما أنّ الرئيس كان قد عاد فجر ذات اليوم من بكين فقد توقع المصلون أن يختار البشير مسجداً قريباً من مسكنه بالقيادة العامة.. ولمّا اعتلى المشير المنبر ظنّ كل عباد الله أنّ الرجل سيحدثهم عن ثمرات رحلته إلى سور الصين العظيم.. ولكن الرئيس من ذاك المنبر أطلق النار على اتفاق السلام الإطاري الذي وقعه بأديس أبابا نائبه في الحزب الدكتور نافع علي نافع. رصاصة البشير لم تحرق الاتفاق وحده.. بل جعلت شبح الحرب قريبا.. الحركة الشعبية بشمال السودان اعتبرت الخطوة تصعيداً استفزازياً.. ومضت بالكامل نحو الخطة (ب).. الخطة البديلة تعتمد على الضغط على المركز من الأطراف.. وللحركة ثلاث جبهات يمكن تحريكها.. دارفور التي تعيش الحرب منذ سنوات.. جنوب كردفان التي دخلت بالفعل مرحلة المواجهة.. فيما تنتظر ولاية النيل الأزرق دورها في الحريق. الحركة الشعبية تعتمد حساباتها على مناخ التغيير الماثل على المشهد الإقليمي.. وترى في نموذج بنغازي ما يشجعها على تجشم مشاق الحرب.. وقبل أن تبدأ تنفيذ خطتها كان العالم يقلب ظهر المجن لحكومة الخرطوم.. مجلس الأمن يحاول أن يوسع من مهام القوات الأممية الموجودة في دارفور لتشمل كل السودان.. وفي ذات الوقت يعضد من فاعلية القوات الأجنبية بمنحها تفويضاً جديداً يبيح لها استخدام القوة. كذلك تعتمد حسابات الحركة على المشقة الاقتصادية التي تعيشها الخرطوم بسبب انحسار النفط جنوباً.. ولكن الذي يفوت على حسابات قطاع الشمال المسنود بنفوذ حكومة الجنوب أنّ النّار إن اشتعلت فستجعل من العسير للجنوب تصدير نفطه.. وبما أنّ مداخيل الجنوب تعتمد كليّاً على الزيت فتصبح جوبا الخاسر الأكبر من أي حريق في مناطق التماس. سياسياً أي ضغط عبر الهامش سيجعل حكومة الخرطوم تكسب تعاطفاً جماهيراً من النخب المركزية.. حرب الهامش التي ترفع شعارات علمانية وليبرالية مما يسهل اصطفاف القوى التقليدية ضدها. ستجد الحركة الشعبية أنّ مهمة تكوين حلف ضد الخرطوم ليس أمراً يسيراً.. فقد اعتذرت حركة العدل مبكراً.. في الوقت الذي كان ياسر عرمان يهندس اتفاق كاودا كان القيادي المتعنّت بالحركة الشعبية اللواء دانيال كودي يعود للخرطوم مصالحاً.. فيما صرّحت الدكتورة تابيتا بطرس أنّها لا تعرف لماذا أقيلت من وزارة الصحة.. الخرطوم اعتادت أن تمارس سياسة فرق تسد في صفوف أعدائها.. ونجحت في أن تصنع من حركات دارفور مجموعات لا تري بالعين السياسية المجردة. الحرب ليست خياراً جيّداً لكل الأطراف.. ولكن الاستفزاز يجعلها الخيار المتاح.. ياسر عرمان يصرح من الخارج أنّ الفريق الحلو يمثل القائد العسكري لقطاع الشمال.. فيما تفكر الخرطوم في استدعاء مالك عقار ليحدد موقفه من التصعيد الحربي. ضبط النفس ربما ينقذ الموقف.. ولكن للأسف العقلاء أقلية صامتة هنا وهناك.

الأعداء يتسللون من الثغور أم يتسربون من العيوب والمناقص !! (2)


الأعداء يتسللون من الثغور أم يتسربون من العيوب والمناقص !! (2)
مشاركات
أشرت في الحلقة السابقة لمبدأ (أين المشكلة) النظرية الهندسية المعروفة، وقلت إنه لا مآخذ علينا نأخذها والنظم السياسية وحسب الفهم السوي وتماماً أفهم "ويفهم غيري" أن تشهد السياسة و ردود أفعالها الشدة واللين.. بعض "الإنكراب" وقليل من "الرخرخة" بعض الجدية وبعضاً من التفويت، هذا عند السياسة والسياسيين وحين بعض المواقف التي لا تمس كبرياء وكرامة "المسوسين" في شيء.. لكن أن يصبح كل الواقع سقوط وانبطاح!! جبنٌ وتفويت "وتضايُر" صفوفٍ للخلف كلما حانت الفرصة للتقدم!! فهذا والله لهو الجرم الذي لا نجامل من قام به حتى وإن اتضح لنا خطأ فهمنا الذي سامحناه به بعد زمنٍ طويل من وقوع الحادث.. وقد قلت إنه كفى الوطن انبطاحاً وخنوعٍ وجبن مواقف، وأن كلمة "انبطاح" هذه كانت ولا تزال من أكثر ما يعجبني في "منبر السلام العادل" وأكثر أدبياته المصادمة ظهوراً.. ونحمد له تبصيره بالكثير من المناقص، والطَّرق على بعض الأبواب المغلقة ومواصلة الصياح من غير يأسٍ ولا خوف عند كثيرٍ من لحظات السكوت وحين صمت القبور من الآخرين رغم مآخذنا الكثيرة عليه وعلى ملله "وإملاله" وبوق كبيرة "الطيب مصطفى" الذي لا يختشى ولا يغطِّى لحيته في كثيرٍ من لحظات القول وحين المواقف التي تستحق أكثر من ذلك، وهترشات صغاره، وطيابة "واهتبال" كبيره الفريق والفريق التاني "المسكين" رئيس لجنة تطوير منطقة القرير التي يصحصح لها حينًا وينوم عنها أحايين كثيرة.. ليس هذا موضوعنا ولا ذاك ولكنه نصح أهل السلام العادل الذي لا يستبين "ناس المؤتمر الوطني" نصحهم إلاّ صبح الغد (وهذا للبعض القليل) أما الكثير منه فلا يوضح لهم إلاّ صباح "اثنيناً أسود"، أو هجمة غدرٍ بأبيي، أو غداة توقيعٍ جائر لاتفاقٍ ينهزمون في كل بندٍ من بنوده. بكل سوءات الدنيا قبلناه ورغم أن كل جزءٍ فيه ينضح بكل الظلم وعدم التقدير والانهزام قبلنا "نيفاشا" وكرمنا صانعيها وتحملنا سوءاتها ومناقصها ومتناقضاتها سموماً وأحداثاً مؤسفة على ظهر وطننا الأبي، وقدمنا كل ما نملك وما لا نملك.. ما نستطيع وما لا نستطيع.. ما تهون علينا مرارة "بلعه" وما نذهب مسرعين بعده للحمام لإفراغ ما صعب هضمه على ذواتنا وتبريرات المواقف وبؤسها. أما الآن وقد أصبح الوطن وطنان!! وقد ذهبوا بما يتمنون!! وتمايزت الصفوف "خاصةً على الذين كانوا لا يرون كامل الرؤية وكما يراه بقية الناس الأسوياء" إذاً هنا يصعب بل يستحيل "بلع" أو تمرير أية لحظة "انبطاحٍ" حميمية (كان يستمتع بها أهل المؤتمر الوطني أو يلوكون جمر عدم اختيارهم الجيد من المواقف) هذا زمانٌ قد ولّى وتلك مواقفٌ قد عفى عليها الزمن وهي انهزاماتٌ ليس هذا أوان "مجرد التفكير فيها أو التوقع حولها". شهر سبعة أتى أم لم يأتِ، ما كان يهم الكثيرون في شيء(وهذا شأن ترتيباتٍ وتفصيلاتٍ داخل المكاتب والغرف المغلقة لا شأن لما يظهر في العلن ويدوس الكرامة وينتقص من المكانة بها) لا من قريب حساب ولا من بعيد احتمال.. أن يتظاهر ويتواجد رعايا دولةٍ أخرى داخل حدودك وفي مدنك الكبيرة وداخلها يمتلكون المغاني والمقاني، فهذا شأن لا يمكن احتماله (وقد كان).. أما وأن تنازعك تلك (الدويلة الوليدة) في بعض أراضيك!! أن تنازعك بعض بنود سيادتك (وصراع المال والعملة والحريات الشنو ما عارف ماثلاً للعيان) بل وأن يصل الأمر في بعض الأحيان وعند الكثير من المواقف أن يعتدي جيش تلك الدولة على جيشك فهذا والله من المواقف التي يُتّهم فيها الرجل في رجولته، والمؤمن في إيمانه وقد نعود (ولا كفى).(بقلم: عبد العزيز الننقة)..
إرسال : 0طباعة : 0

إصلاح الحزب .. ضرورة (1)

إصلاح الحزب .. ضرورة (1)
مشاركات
لاشك أن بقاء حزب أو سمّه حركة في السلطة لمدة طويلة يلقي بظلاله الكثيفة التي تؤثر على مجمل الأداء والكسب السياسي، وهذا ما تعاني منه الحركة الإسلامية في السودان بطيفها الواسع خلال العقد الأخير، فالسلطة لها حساباتها الخاصة، وبالتأكيد الحكم ليس بنزهة، وهذا ما وعته الحركة الإسلامية من أول شهر حكمت فيه البلاد، فهي أمانة عظيمة لا تكفيها التقوى فقط وإنما معها الاحتراف والمهنية العالية، وهذا ما عولت عليه بعض التنظيمات الأخرى التي أقسمت أن لا تقوى الإنقاذ على الصمود في حقل السياسة الحاكمة إلا قليلًا، خصوصًا وأن في ذلك الحين لم يكن لها حليف خارجي تستمد منه العون السياسي والرعاية، وهذا عادة القاسم المشترك لكل الحركات التي تتسنم الحكم حديثًا في أي مكان، لابد أن تستند لحليف خارجي يشد من أزرها ويهيء لها الأجواء في تعاطيها مع المجتمع الدولي ومؤسساته، وهذا هو التحدي الذي واجه الإنقاذ في بداياتها إبان أزمة الخليج التي في إثرها عُزلت الخرطوم عربيًا وضُيّق عليها لحد كبير، رغم أن الحكومة نجحت في تجنب حالة الاستقطاب الحادة في محاور الدول العربية التي صاحبت تلك الفترة ونظرة الشركاء العرب للسودان حينها باعتباره (مستجد) سياسة دولية ومتلهف لأحضان أي حليف يقدمه للعالم ويساهم في فك أزماته الداخلية الموروثة. فجأة وجدت قيادات الحركة الإسلامية نفسها أمام تحدّي إدارة دولة وهي دولة مُثقلة بالجراح وعبّر عن ذلك البشير بأنها (جنازة بحر) في بداية استلامه السلطة، تحدّي أمني، وآخر اقتصادي، ومعترك سياسي دولي متشابك وموتور. وكان لزامًا على قيادات الحركة فوق كل هذه التحديات العمل من خلف الكواليس، وعبّر عنها الترابي لاحقًا (ذهب البشير للقصر رئيسًا وذهبتُ للسجن حبيسًا)، وفوق هذا وذاك عليها أن تنقل لقياداتها الوسيطة وقواعدها وتعرفها بالحالة والمرحلة الجديدة، فقد مر زمن طويل حتى وعت القواعد معادلة (القصر والسجن)، فلم يكن من المقدور عليهم معرفة العلاقة الحقيقية أهي مسايرة للنظام الجديد في سبيل اتقاء شره ومعرفة توجهاته، أم علاقة تحالف بيّن لها حدودها، أم (ديل ناسنا)، على العموم حالة فقدان التوازن هذه كان لها أثرًا بالغًا في في الهياكل والبرامج وبالتالي عملية الاستقطاب للعضوية الجديدة، ولاحقًا رغم تحفظات العمل التنظيمي بدأت حالة النزف في الكوادر من الهياكل التنظيمية لسد ثغرات الدولة، من ينتقل لهيكل الدولة سيجد نمطًا آخر للعمل وسط مجتمع متداخل المصالح، فالعمل العام فيه من هو معك متعاطف، وفيه من هو معك منافق غاشًا لك وباشًا في وجهك، وفيه من هو عدو سياسي لا متوارٍ ولا مستخفٍ. وقعت هذه الكوادر في لجة بحر الدولة المتلاطم وفُرض عليها أداء مهني منضبط لقيادة الدولة لبر الأمان، لاشك أن العمل داخل تكوينات الهياكل التنظيمية له لون ورائحة وطعم آخر، فأنت تعمل مع عضوية منضبطة لها طاقة روحية عالية وسامية، ملتزمة بالبرامج والتوجيهات وهي واحدة من أدبيات التنظيم الحافل بالقيم. إذن السلطة أخذت من التنظيم من أول يوم مأخذًا عظيمًا. ومع استمرار النزف في اتجاه مرافق الدولة واجه التنظيم حقيقة كيف يُرسي قيمه وشعاراته في هذا المعترك الكبير، فقديمًا قبل السلطة كان ينطبق عليه قول (الفي البر عوّام)، أما وقد قصد البحر لخوضه فعليه أن يُحسن (العوم) ويجنب مشروعه العريض (الشَرَق) والغرق، فلا فرصة للتنفس تحت الماء، ولا تجدي حينها حتى رسالة من تحت الماء. لاشك أن أداء الحركة السياسي كان مميزًا كعهدها مع العمل السياسي، فخطابها العام كانت الجماهير له مهيئة من خلال عملها السابق وسط الأحياء وفي المدارس والجامعات، لكن هذا لم يخفف النزف في اتجاه خدمة وحماية الدولة رغم حالات الاستقطاب الواسع والتعاطف الذي ربحته الحركة في ذلك الحين بعد انقضاء مرحلتها الأولى، فقد زادت حالات النزف لمجابهة التحديات الأمنية في جنوب السودان، فقد احتسبت الحركة أبرك وأميز أبناءها شهداء في تلك الحرب، وهو ما أفادها من ناحية أخرى فقد تبين للمواطن مدى صدق قيادات الدولة والحركة بهذه التضحيات، فلم يُلقَ بالجيش وحده في أتون تلك الحرب المستعرة وحده. ما سميناه (نزفًا) صار بمرور السنين يؤثر على هياكل التنظيم فأغلب الكوادر عميقة الفهم، عالية الهمّة، كثيرة التدريب، خرجت من الهياكل مع هذا النزف، فلم يعد الأداء فيها منضبطًا كما كان، وتحوّل فقه العمل الجماعي الذي بنت به الحركة هياكلها وتمارس به الشورى والتقويم الذاتي، أصبح في الغالب منهكًا و شارد الذهن في انتظار توجيهات القائد على نظرية (تعليمات الجيش). وهذا ما بدا ضرره جليًا في المعترك السياسي في الجامعات، فتراجع الأداء، فأصبح الذي يتبنى فكر الجماعة وتوجهها السياسي، الحصيف المتعمق في عمله داخل الجامعات، أصبح عملة نادرة، لم يعد العمل في الجامعات عملًا ذاتيًا، من الطلاب إلى الطلاب، وإنما الطلاب في غالب الأمر متلقين وملقنين، وهناك من يعمل بالنيابة عنهم من خارج أسوار الجامعة. وهذا على مستوى جميع التنظيمات ومنها من غزاها هذا الوهن منذ زمن مبكر. أبرز حدث وشاهد على تأثير السلطة على أداء الحركة الإسلامية هو انشقاقها، فلم يكن ذلك لشيء سوى السلطة، بغض النظر عن هل الخلاف في كيف نحكم؟ أو من يحكم؟ المهم أن المحصلة هي أثر السلطة على مجمل الخلافات. إذن الحديث حول تحميل السلطة كل هذا الوهن في الأداء الآن ومستقبلًا، هل يعني هذا أن وقوع الحركة في السلطة كان خطأً استراتيجيًا؟ وهذا ببساطة فهم مقلوب وليس صحيحًا، فقبل عقدين لم تكن للحركة الإسلامية تجربة عملية في الحكم، والآن لها خبرات متراكمة في إدارة الدولة وتسيير الشأن العام، وهذا مكسب كبير لم يُحظَ به تنظيم سياسي في السودان، وقيمة كبيرة في المسار السياسي تعطي أفضلية النجاح في المستقبل، بالتالي الحديث ينحصر في إصلاح وترميم ما نتج من عاديات السلطة على الحزب، ودعنا من هنا نصطلح عليه بمسمى الحزب، لأن المرحلة الآن تتطلب العمل كحزب سياسي هدفه إدارة الدولة وفق منهج يحقق مصالح المسلمين فيها، فالحزب لا يبتلع الدولة والدولة لا ينبغي لها أن تبتلعه. فترميم الحزب لابد أن نقر أنه أمر طبيعي وحتمي إن أراد الحزب المكوث طويلًا داخل دائرة الفعل السياسي الإيجابي في السودان حاملًا قيمه التي يستمدها من تعاليم الدين لكل الناس، ولابد بداية أن لا تنزعج القيادة في الحزب من كلمة إصلاح، فهي غالبًا غير مهضومة وكأنها تعبر عن انقلاب في المفاهيم والتقاليد واستبدال للأدوار، وأنا لا أرى غضاضة إن كان انقلابًا أبيضًا من خلال المؤسسات، فذلك نوع من التوارث والمدافعة التي قضت بها حكمة الله في الأرض. ولن يكون الإصلاح ناجحًا ما لم يكن مقبولًا ومحسوسًا بأهميته، وهذا ما نجحت فيه الحركة الإسلامية على مدى عمرها الطويل من لدن حركة الإخوان المسلمين ومرورًا بجبهة الميثاق والجبهة الإسلامية وإلى المؤتمرين الشعبي والوطني أخيرًا، فالسمة الغالبة هي التعامل مع الواقع كما هو واحترام كل معطياته في الساحة مع بقاء الأهداف صامدة، ولا ضير إن وزعت على الزمن وحُفظت في الصدور لأجل ذلك. ولابد أيضًا أن نفهم أن إصلاح الحزب يفضي بالتأكيد لحسن إدارة الدولة، كإصلاح النفس الذي يفضي لصلاح المجتمع. إن أردنا دولة قوية لابد من حزب، بل أحزاب قوية، فليس تكتيك شق الأحزاب المنافسة وإضعافها إلى حد الموت السريري، هو تكتيك بعيد النظر وحكيم، من أراد أن يكون قويًا عليه أن يقبل أن يعيش وسط أقران أقوياء. وهذا ما يُعبر عنه ب(حزب قائد لوطن رائد)، فإذن غاية الإصلاح أن يحسن هذا الحزب قيادة هذا الوطن الرائد.(بقلم: م/عمار الحسين)..

الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

لخبير في مكافحة الفساد دكتور حسين محمود لـ(السوداني ) 1- 2

لخبير في مكافحة الفساد دكتور حسين محمود لـ(السوداني ) 1- 2

مال واعمال

الفساد يقلل من تدفق الاستثمارات ويجذب المستثمرين الفاسدين
الشرطة والتعليم والصحة والمياه أكثر القطاعات تأثراً بالفساد
الرجل أكثر فسادا من المرأة، والرشوة أبرز صوره

انتشار الفساد وراء الثورات بالوطن العربي
المصادفة لعبت دورها في إجراء هذا الحوار حيث كنت أبحث عن معلومات في موضوع آخر أكملته ثم اتجهت إلى ترتيب للحوار وذلك بحضور محاضرة عن الفساد نظمها المركز العام لبناء القدرات البشرية حول "أسس تطويق الفساد الإداري والمالي بالمؤسسات" والتقيت بالدكتور المصري وخبير الحكم الرشيد ومكافحة الفساد حسين محمود حسن التابع لمركز دعم القرار بمجلس الوزراء المصري، وهو يعد أحد المشاركين في وضع استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد بعدد من الدول العربية، و عقب حدوث الثورة المصرية الأخيرة استضيف في القناة الفضائية المصرية عبر حلقتين للحديث عن قضايا الفساد في مصر، (السوداني) حاورته حول الفساد وانتشاره وانعكاساته على قطاعات العمل والمجتمع، وارتباطه بما يحدث من ثورات حاليا في الوطن العربي ثم كيفية وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد.
حاورته : ابتهاج متوكل
تصوير: سعيد عباس
* أسباب زيارتك السودان؟
إن الزيارة تهدف إلى نقل بعض الخبرات الاقليمية والدولية فيما يختص بتحليل وقياس الفساد وسبل مكافحته من خلال وضع استراتيجية وطنية، على اعتبار أن السودان ومصر دولتان بينهما كثير من التقارب في الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث تلقيت دعوة للمشاركة في دورة تدريبية نظمها المركز العالمي لبناء القدرات البشرية (فكان من الواجب أن أقطع زيارتي للأردن وألبي الدعوة ويكون لي الشرف بالمحاضرة في السودان).
* ماذا يعني الفساد؟
بصفة عامة الفساد يعتبر قديما جدا، إن الفساد وجد منذ قيام أول حكومة منظمة في التاريخ وجاءت في المدنية الاغريقية الأولى ، ظهر الفساد ولكنه لم يأخذ حيز من الاهتمام والتركيز إلا منذ بداية التسعينيات بالتركيز عليه وأنشئت منظمات دولية معظمها غير حكومي من بينها (النزاهة العالمية - الشفافية الدولية - ...) كلها بدأت تدق ناقوس الخطر على الفساد.
وعندما نسمع كلمة فساد تتبادر إلى الذهن أشياء كثيرة ولكن المختصون يحددون المقصود بالفساد من أجل المكافحة وكيفية التصرف معه (يعني مش نكافح اشياء هلامية) والفساد هو استغلال السلطة لتحقيق مكاسب خاصة (مادية أو معنوية أو غيرها تعود على نفسه أو شخص آخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة) سواء في القطاع العام أو الخاص أو منظمات المجتمع المدني.
* حجم آثار تفشي الفساد؟
لديه آثار واضحة على القطاعات المختلفة، وهنا نقف عند الآثار الاقتصادية التي تدور حولها معظم الأبحاث الدولية وأكدت أن الفساد له تأثير قوي جدا على الحياة الاقتصادية من نواح عدة.
فالفساد يقلل من تدفق الاستثمارات للدول لأنه يزيد من تكلفتها والوقت لاستصدار التصاديق والإجراءات المطلوبة للاستثمار وبالتالي يقل ربح المستثمرين، ويخلق عدم الاستقرار ويجعل المستثمر غير مطمئن على وضع استثماراته مما يحجم الكثير من المستثمرين لدخول الدولة الفسادة، كما يجذب مستثمرين فاسدين للدخول فيها لأنهم يجيدون التعامل مع الفساد وبالتالي ينهبون ويساعدون على سرقتها، ويقلل من إنتاجية الاستثمار في القطاعات العملية مثل الصحة والتعليم (مثلا عندما يصرف على أحد هذه القطاعات حوالى مليار جينه مفروض يكون حق المواطن (50) جينه نجد في الحقيقة يصله (10 ) جينهات) من المبلغ المخصص فعلا للمواطن ، كما يتدنى مستوى الخدمات فيها والقيام بوظيفتها الرئيسية وتكثر مظاهر الانهيارات في المستشفيات والمدراس وذلك بسبب الفساد.
كما يؤدي تفشي الفساد إلى هجرة العقول إلى الخارج لأن المتميزين في الدول الفاسدة لا يجدون فرصهم ويحسون بعدم الشفافية والباسطة في إدارة الشئون وبالتالي يهربون إلى بلاد أخرى بعدما تكون الدول صرفت عليهم وجهزتهم للحياة العملية، نجدهم يصابون بالإحباط ويصبحون أمام خيارين: المكوث في بلادهم دون إنجاز.أو الهروب الى بلاد اخرى وآثار الفساد كثيرة جدا ليس لها حصر وهذا نموذج فقط .
* وماذا عن الانعكاسات الاجتماعية للفساد؟
تنعكس آثار الاجتماعية في ظهور تناحر بين فئات وطبقات تستأثر بالمنافع، وهذه التأثيرات السيئة تنعكس في انعدام الثقة بين المواطن والحكومة الذي يتدريج إلى أن يحدث عدم استقرار سياسي، (واعتقد أن من أهم أسباب الثورات التي حدثت في مصر وتونس وحاليا اليمن وسوريا هو انتشار الفساد) و صار إحساس المواطن أن الفساد أصبح منهجيا وفقدوا الأمل والثقة في قدرة الحكومة على مكافحة الفساد.
هذه التأثيرات السالبة دفعت العديد من المنظمات الدولية إلى تكثيف العمل في مكافحة الفساد لأنه أكثر ما يصيب الفئات الضعيفة المهمشة والمرأة أكثر من الرجل بجانب المواطنين الذين يسكنون في المناطق البعيدة أكثر من العواصم ، مما زاد اهتمام المنظمات بمسألة الفساد، للتنبيه على موضوع الفساد ووضع الخبراء مؤشرا دوليا لقياسه.
* أيهما أكثر فسادا الرجل أم المرأة؟
كشفت الإحصائيات أن المرأة أقل فسادا من الرجل: ونقول: (ياريت تعتمدوا على المرأة أكثر من الرجل في شغل الوظائف الحكومية) لأنهن أقل فسادا من الرجال.
* أسباب انتشاره؟
نجد أن أسباب الفساد كثيرة أولها التسامح الاجتماعي معه ، بالرغم من اضطرار البعض إليه إلا أن التساهل نحوه زاد وذلك بأخذه مسميات أكثر لطفا من أسمائه الحقيقية (البقشيش).
كما أن المواطنيين في كثير من الأحيان لا يعرفون آليات التبليغ عن شكوى الفساد وما هي الجهات القانونية التي يلجأ إليها (في مرات عديدة يردد البعض أنها ما تعمل حاجة)
ثم يأتي السبب الثالث: التشريعات والقوانين الموجودة لا تساعد على مكافحة الفساد (مثلا تجد مواطن عاوز يمشي يكشف عن جريمة فساد تمت في مكان ما، ولا يجد قانونا بهذا الخصوص) نسبة لعدم قوانيين تحمي المبلغ من الأذى الذي يمكن أن يصيبه من التبليغ أو الشهادة في جرائم الفساد، عدم وجود قوانيين تمنع المسؤولين الكبار من استخدام وظائفهم للمصالح الخاصة (شركاتهم – أقربائهم – عائلاتهم – قبائلهم ) وبالتالي فالقوانين التي ينتمون إليها لا تضع حدا بين الخاص والعام.
وإذا افترضنا رفع ثقافة ووعي المواطنين وإيجاد قوانين جيدة لمكافحة الفساد إلا أن الواقع يبين أن مؤسسات مكافحة الفساد في الوطن العربي غير مستقلة، وهي مطلوب منها أن تراقب السلطة التنفذية، ولكن تجدها في الحقيقية هي أصلا تابعة للسطلة التنفيذية وتعمل بأوامرها وبالتالي تصبح غير مستقلة وغير قادرة على مكافحة الفساد.
كما أن البيئة الدولية والمنظمات الدولية وخلافه تساعد أحيانا لأنها تدعم الفاسدين في مختلف الدول العربية من أجل أن تحقق مصالحها. كل هذه المحاور تمثل أهم أسباب انتشار الفساد.
* ما هي أبرز صور الفساد؟
أهم صوره على الإطلاق هي جريمة الرشوة، لما يقبل شخص يطلب أو يقبل ميزة غير مستحقة (عشان يؤدي عمل من أعمال وظيفته أو يمتنع عنه أو يؤديه بشكل خاطئ) هناك صور أخرى وبدا حديثه عن رشوة الموظف الدولي يعني موظف موجود أو تابع لمنظمة أجنبية تعمل بالسودان مثلا، يجب وضع قانون يجرم هذا الشخص (مش نقول مليش دعوة)
وهي من الصور المهمة التي انتشرت حيث يمكن أن أستخدم وظيفتي في الحصول على بعض المال مثل وظيفة سائق بمؤسسة حكومية يستطيع أخذ السيارة الحكومية ويعمل بها لحساب مصلحته.
ويتصرف أحد المسوؤلين اؤتمن على مال عام دون أن يعرف أحد وذلك بأساليب مختلفة زيادة الفواتير وغيرها من إجراءات التحايل، وفي هذا الجانب نجد بعض الأشخاص يظهر عليهم الثراء خلال فترة وجيزة دون أن يكون هناك توافق بين الدخل والمال الذي يمتلكه.
أما جريمة غسل الأموال، فهي إعادة استخدام المال الذي تحصلت عليه بطرق غير مشروعة في عمل مشروع.
فيما تهدد إعاقة سير العدالة، الموظف العام حتى لا يقوم بعمله، تهديد قاضى بالحكم لصالحه أو العكس ، (أريد أن اؤكد أن أنواع الفساد ليس لها حصر كل يوم في جديد وممارسات مختلفة ولكن الصور التي ذكرت هي المنتشرة في دول العالم كافة .
* كيف يقاس الفساد؟
حتى بداية التسعينيات لا يتخيل أحد أن الفساد يمكن أن يقاس لأنه شيء اجتماعي، هناك بعض المحاولات الجادة لقياس الفساد قادتها منظمة الشفافية الدولية وهي غير حكومية مقرها برلين في عام 1993م بدأت في نشر مؤشر إدراك الفساد العالمي وهو من اسمه قد لا يعكس الحقيقة بدقة ولكنه يقيس الانطباع العام والسائد لدى المواطنين، إلا أن ترتيب الدول في هذا المؤشر فيه مشكلة مثلا سنغافورة الأولى في العالم ومصر رقم (111) ربما تكون في العام المقبل أدنى أو أعلى وهذا هو الخطأ المنهجي لأن الاختيار والترتيب وفق مجموعة أسئلة يسأل منها بعض الخبراء في أي دولة، كما يعتمد على بعض المسوحات التي تقوم بها بعض المنظمات تكون حول هل يوجد فساد أم لا والنتجية تأتي حسب ردود تلك المسوحات، في سنغافورة معظم الناس قالت ليس هناك فساد وأخرى الفساد فيها منتشر جدا، وبالتالي ترتيب الدول يعتمد على هذه الإجابات، ولكن يظل هذا إدراك وهو ليس السبيل الوحيد لقياس الفساد في العالم.
* هل من نماذج أخرى؟
توجد مؤشرات تابعة للبنك الدولي وأخرى لمكتب الأمم المتحدة ومنظمات الشفافية كما هناك بعض الدول التي بدأت تضع مؤشرات وطنية، والمهم في هذه المؤشرات الوطنية أن نعرف المشكلة ومن ثم نضع الحلول.
في مصر منذ عام 2007م بدأت تضع مؤشرا وطنيا لمدركات الفساد حيث (90%) من المواطنين المصريين أقروا بوجود فساد بينما رأى أكثر من (60%) أنه ليس هناك أمل في المعالجة.
كما أن هناك وسيلة التحليل للفساد من الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقانونية لكي يكمل بعضها البعض، القياس والتحليل هو عملية مهمة في مكافحة الفساد حتى نعرف ما هو الفساد أصلا ودرجة انتشاره وأسبابه ، كما يوجد قياس التجربة عبر تحقيق تنفذه المنظمات في المؤسسات الحكومية يعتمد على سؤال: هل تطلب منكم رشوة؟ وقياس التجربة مفيد جدا في مكافحة الفساد.
* هل تستفيد حكومات الدول من هذه المؤشرات؟
إن هذه المؤشرات يجب أن تكون تنبيها للحكومات حتى تتخذ إجراءات أكثر استجابة لمكافحة الفساد ولكن نجد أن الحكومات تأخرت مما أدى إلى تفشيه في الدول .
* حدثنا عن حجم الفساد في الوطن العربي؟
الحديث عن الفساد في الدول العربية المختلفة يكون من كل دولة لها ظروفها وخصائصها الذاتية ، ولكن دائما نقطة البداية المقارنة بين الدول النفطية وغير النفطية هل فيها فساد أم لا؟ لأن ارتفاع مستوى المعيشة في أحيان كثيرة يخفي مظاهر الفساد ويضعف رد الفعل الشعبي لأن المواطن توفر له حياة كريمة من كل ناحية مما يليهم عن النظر إلى المكافحة .
* ما هي قطاعات الإنتاج الأكثر تضررا من انتشار الفساد ؟
عند النظر إلى عموما على مستوى الوطن العربي نجد أن هناك ثلاثة قطاعات أكثر تأثراً لأنها الأكثر احتكاكا بالمواطنين، وأي فساد فيها يشعر به المواطنون بسرعة وهي: الصحة؛ لأن كل شخص يذهب المستشفى يتعامل مع الرشاوي بالتالي فيها فساد كبير، والتعليم لأن هذا القطاع لا يخلو من مشكلات توفير أماكن الدراسة والجلوس والكتب وغيرها. وخدمات المياه والصرف الصحي؛ لأن علاقة المواطنين بمرافق هذين القطاعين الأكثر التصاقا وتأثيرا عليهم.
كما أن هناك شكوى من الشرطة في معظم الدول العربية.
* وماذا عن الفساد في التعامل مع المساعدات دولية؟
لا نستطيع أن نطلقها بالتعميم لأن المساعدات الدولية فيها الجيد والسيئ حيث يمكن الاستفادة منها، والتحفظ على بعض البنود التي لا ترغب فيها الدول، ولكن تظل المساعدات الدولية يذهب جزء كبير منها مرتبات ومصروفات للخبراء الذين يحضرونها وبالتالي نصف المساعدات تنفق عليهم رغما من ذلك الدول لا تقول " لا للمساعدات" إضافة إلى ضعف الرقابة على هذه المساعدات والمعونات يحصل فيها تبديد و فساد مما يستوجب تشديد الرقابة عليها حتى نجني ثمارها