الأحد، 7 أغسطس 2011

على الطبقة الحاكمة بذل جهود جذرية للتغيير الفعلي الذي يخرج أهل السودان من حالة الإحباط القاتمة الحالية

كثيرون كتبوا نثراً وشعراً بعد السبت التاسع من يوليو الحالي حول حالة الاحباط الشديد القاتم والقاتل التي دخل فيها أغلبية أهل السودان في شرقه وغربه ووسطه وشماله لأن ما حدث من انفصال لجنوبه حقيقة هز العقول قبل العواطف والمشاعر؟!! حيث كان بمثابة انذار مبكر لما يمكن ان يحدث لاجزائه الأربعة المتبقية منه؟!.. وحتى حقيقة ان انفصال الجنوب حدث برغبة أغلبية من صوتوا من أهله المسجلين بالجنوب بنسبة وصلت لحوالى «99%» مع مقاطعة شبه كاملة للذين كانوا متواجدين منهم وقت الاستفتاء بالشمال او خارج السودان، ويقدر عددهم بحوالى نصف الذين صوتوا، إلا أن تلك الحقيقة لم تقلل كثيراً من مرارة واقعة وحدث الانفصال؟!!.. ولا نريد المزيد من البكاء على الاطلال فلقد سبق السيف العزل بحق؟!.. ولكن نؤمن بأن الانسان يتعلم من أخطائه ويأخذ العظة منها ولو أنها في هذه الحالة أشبه بموقف الشخص فوق مقصلة الاعدام وهو يقول برضه درس؟!!.
الطبقة الحاكمة ركزت بعد الانفصال على بعض الجوانب الاقتصادية مثل الاعلان عن استبدال العملة بجنيه جديد وتغيير الزي الرسمي لبعض القوات النظامية، كما اصبحنا نشاهد كل يوم، وكلاهما خصماً على ما تبقى من عملات اجنبية خاصة تلك التي بذلت وفود الادارة الاقتصادية جهود لجمعها من حصيلة طوافها من دول المغرب لدول المشرق بحثاً عن القروض والمساعدات والمنح لانقاذ ما يمكن انقاذه لتوفير القمح والسكر والجازولين وخلافه من الاحتياجات!
لكن المطلوب من الطبقة الحاكمة فعل الكثير للتقليل من حالة الاحباط القاتمة والمتفاقمة من خلال اجراءات وخطوات تغيير جادة وصادقة عديدة في المجالات السياسية والأمنية والخدمة المدنية والاقتصادية والعلاقات الخارجية والشؤون الاجتماعية والخدمات الاساسية والانسانية. بان تحدث عمليات التغيير مصحوبة بايقاف حقيقي يؤكد بان كل السودانيين سواسية ليس من بينهم أهل تمكين أو مؤلفة قلوبهم او معارضون؟!.
البداية تبدأ باطلاق المزيد من الحريات التي تكفلها حقوق الانسان بحيث يشعر كل سوداني انه يمكن ان يعبر عن كل ما يدور داخله بالوسائل المشروعة دون تسلط، وهذا هو التحدي الاول للطبقة الحاكمة بعد حدوث الانفصال الذي سوف نترك الحكم له وعليه للتاريخ الذي لا يرحم؟!!.
الخطوة الثانية، نشر ثقافة العدل وتطبيقها بحيث لا يكون هنالك من هو فوق القانون، وتطبيق العدل سوف يوقف الفساد بكافة انواعه ،وسوف يجبر الجميع على الشفافية في كافة معاملاتهم السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية؟! وتطبيق العدل يحتاج لايمان شديد في المقام الاول من الجهازين التنفيذي والتشريعي قبل الجهاز القضائي، لأنه يتطلب ايضا قناعة تامة بان الحكم الراشد قوامه الايمان بفصل السلطات الثلاث بحيث لا تتغول احداها على اخرى حتى يكون هنالك توازن دائم في ميزان العدل لصالح المواطنين؟! وهذا هو التحدي الثاني الذي يواجه الطبقة الحاكمة!!
الخطوة الثالثة،هي امتداد للثانية بازالة الظلم الذي وقع على اعداد كبيرة من اهل السودان مما صار يعرف بالفصل للصالح العام او الفصل التعسفي الذي شمل مئات الآلاف في القوات النظامية والخدمة المدنية وقطع ارزاق كل هذه الاعداد وحرم البلاد من الاستفادة من خبرات وكفاءات صرفت عليهم البلاد مليارات من الدولارات في التأهيل والتدريب لأداء مهام قومية محددة في المجالين المدني والعسكري..؟! ودون شك فان هنالك عقبات ربما تواجه اعادة بعضهم للخدمة بعد ان بلغ عمر الطبقة الحاكمة ثلاثة وعشرين عاما ،اوصل الكثيرين من هؤلاء المظاليم لعمر الاحالة للمعاش الاجباري، ولكن هنالك الاغلبية العظمى منهم دون ذلك وهؤلاء يمكن الاستفادة منهم باعادتهم للعمل ،وفي نفس الوقت انصاف الآخرين بمنحهم الحد الأقصى لمعاش المثل الساري اليوم؟! ودون شك البلاد خسرت المليارات من الدولارات في تأهيل وتدريب كوادر مهنية وفنية وأكاديمية أخرجوا بالآلاف مطرودين من الخدمة للصالح العام، ويجب ان تعيد لهم الطبقة الحاكمة وضعيتهم بالانصاف الكامل، وان تستفيد البلاد من خبراتهم وتأهيلهم؟!.
الخطوة الرابعة، ايضا، امتداد للخطوة الثانية بانصاف كافة المظلومين والذين صدرت ضدهم احكام من المحاكم الايجازية في الخيام بالميادين وخلافها في اول ايام الطبقة الحاكمة وصلت للاعدام ومصادرة الاموال والبضائع والعقارات.. والمطلوب من الطبقة الحاكمة مراجعة كافة تلك المظالم قبل ان يتقدم اصحابها او ورثتهم بذلك لانها امتداد للعدل الذي هو أساس الحكم؟!.
وضمن الخطوة الرابعة ، هنالك مرارات كثيرة وحارقة خاصة للايتام والارامل والآباء والاخوان الذين صدرت أحكام بالاعدام ضد أحبابهم، وهذه معالجتها تحتاج لأفق واسع وصدور رحبة من الجانبين الظالم والمظلوم ،وهذا فعلا ما تحتاج له بلادنا في المرحلة القادمة لازالة جزء من الاحباط القاتم الذي صار يظللها بعد حدوث الانفصال؟!
الخطوة الخامسة، هي ايضا،امتداد للخطوة الثانية وتتمثل في تحقيق العدالة في كافة معاملات واجراءات الدولة في تعيينات الوظائف وتوزيع الاراضي واجراءات الاستثمار وكافة سبل ووسائل الرزق ،بحيث يصبح الجميع سواسية في كافة معاملات الدولة اليومية على المستوى الاتحادي والولائي والقومي وفي العطاءات والمقاولات وتوزيع حصص السكر وخلافه من السلع التي مازالت تحت سيطرة الدولة؟! لانه من المحزن جدا ان تجد معظم الخريجين في التخصصات المختلفة اما عطالى او اجبرتهم الظروف لبيع مناديل الورق والماء البارد فوق ارصفة الطرق، بينما زملاؤهم في الدراسة من اهل الطبقة الحاكمة تولوا الوظائف في الداخل والخارج، والأمثلة عديدة نشرتها بعض الصحف في تحقيقات صحفية مع بعض هؤلاء العطالى المضروبين على بطونهم، لأنه ليس لديهم ظهور!!؟
هنالك خطوات عديدة تمتد من قاعدة الخطوة الثانية وهي العدل أساس الحكم، على الطبقة الحاكمة الاهتمام والتركيز عليها لانها تؤكد التغيير الفعلي في جلود هذه الطبقة بان يبدأوا بتطبيق العدل على أنفسهم منذ البداية وأول الأمر؟!!.
ان الذين يتحدثون عن ان التغيير يبدأ بمشاركة السيد الفلاني أو السيد العلاني في السلطة موهومون لأن ذلك لن يخرج أهل السودان من حالة الاحباط القاتم الحالي بتاتاً؟!!.. المطلوب تغيير جذري وشامل ومثل ما اجرت الطبقة الحاكمة عملية تطبيق تحرير الاقتصاد في عام 1992م بدون بنج وتحملها لما يقارب العشرين عاما اهل السودان المطلوب منها اليوم ان تجري هذه العملية نحو التغيير بدون بنج في جلدها تضحية منها لازالة حالة الاحباط القاتم والقاتل حالياً والذي أصبح يغطي ما تبقى من غرب ووسط وشرق وشمال السودان.. اللهم اني بلغت فاشهد..
نواصل إن شاء الله..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق