الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

فصل تعسفي .. نسخة منقحة

أكثر من ثلاثمائة صحافي وموظف وعامل مازالوا عطالي مشردين بأمر الحكومة، يهيمون على وجوههم ولا يدرون إلى أي وجهة يتجهون وأين يولون وجوههم ولمن يشكون حالهم ويرفعون مظلمتهم ومن الذي سينصفهم، وظل هذا حالهم على مدى شهر كامل منذ أن صدر قرار ايقاف الصحف الستة التي كانوا يعملون بها ويعتاشون من المرتب الذي يقبضونه منها، وهي صحف (أجراس الحرية، خرطوم مونيتور، جوبا بوست، سودان تريبيون، أدفوكيت وذا ديمقراط)، وكان من مكر الحكومة تجاه هذه الصحف والعاملين فيها أن بدأت أولاً بايقافها عن الصدور بحجة أن من بين مالكيها وناشريها من أصبحوا أجانب لا يجيز لهم القانون تملك الاصدارات الصحفية أو المساهمة في ملكيتها، وحتى هنا ورغم ما ينطوي عليه هذا القرار من معايب تطعن في نواياه إلا انه كان يمكن «ابتلاعه» على مرارته لحين اكمال هذه الصحف لعملية توفيق الأوضاع المطلوبة منها بـ«اجلاء» الاجانب عنها كما يقضي القانون، ولكن يبدو أن الحكومة عندما أدركت أن ذلك لن يشفي غليلها ولن يحقق مخططها الذي بيتته تجاه هذه الصحف لجهة أنها قد توفق أوضاعها تحت أي لحظة وذلك ما يعني عملياً وقانونياً عودتها للصدور بانتفاء سبب الايقاف، سارعت الحكومة فعاجلتها بطعنة نجلاء حملها القرار الثاني الذي ألغى ترخيص هذه الصحف وحكم عليها بالاعدام دون قاض ومحكمة ودون تهم وحيثيات ودون جريمة أو جريرة، وانما هكذا ضربة لازب بقرار قراقوشي، من شدة تعسفه لم يحاول حتى أن يتمسح بالقانون كما فعل القرار السابق وانما بـ«الزندية» والسطوة والقوة أغلقت الحكومة هذه الصحف، انها القدرة التي لا يصارعها إلا الدعاء الذي يقول اذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك...
حسناً فلنسلم ونبصم بالعشرة على أن أهل الحكم والسلطة، وفي حالتنا هذه قد يمثلهم جهاز الأمن أو وزارة الاعلام أو مجلس الصحافة أو قطاع الاعلام بالحزب الحاكم أو اتحاد الصحافيين، ان هؤلاء وغير هؤلاء من أهل السلطة «أسياد بلد يقعدوا ويقوموا على كيفهم» ان شاءوا احتجوا بالقانون بعد أن يلووا عنقه وان شاءوا جعلوها «مهدية» لا قانون ولا يحزنون بل عنترية ورجالة، ونسلم كذلك أنهم قد كرهوا هذه الصحف و«كجنوها» لوجه الله فقرروا أن يزيلوها من على وجه الأرض بعد أن «عملت ليهم وجع وش»، فكان الذي حدث لهذه الصحف حيث غارت وذهبت في ستين داهية، وهنا يثور سؤال وما ذنب هؤلاء البني آدميين الذين كانوا يعملون في هذه الصحف هل هم أيضاً مستهدفون، واذا لم يكونوا كذلك انما كانوا مجرد ضحايا فلماذا لم تشملهم الجهة صاحبة القرار بعين الاعتبار وتضعهم في اعتبارها قبل أن تلغي وجودهم كبشر بذات الطريقةالتي الغت بها وجود الصحف، لا ندري كيف تنظر الجهة صاحبة القرار إلى مجموعة الصحافيين والموظفين والعمال الذين تأثروا بقرار الغاء الترخيص وماذا في جعبتها تجاههم، ولكن المعروف والثابت في مثل هذه الحالات انهم يعتبروا من المفصولين تعسفياً بالغاء الوظيفة، والتعسف حاضر في الحالتين، في حالة ايقاف الصحيفة والذي بدوره يعني عملياً الحالة الثانية وهي الغاء وجود العاملين بها، والحال هكذا فلا أقل من أن يعالج وضعهم في هذاالاطار وهذا هو العدل والانصاف في أدنى درجاته...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق