الجمعة، 12 أغسطس 2011

لن يكون شعب السودان كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول ..!


٭٭ شد الأحزمة على البطون او ربط الحجارة عليها اصبح من المطلوبات الملحة التي يطالبنا بها اهل المشروع الحضاري طوال 22 عاما وتزداد المطالبة كلما عانى النظام من (زنقة) اقتصادية مثل هذه (الزنقة) التي يمر بها بعد انفصال الجنوب وذهاب نصيب الشمال من عائدات البترول المنتج في حقول الجنوب وخروجه من ايرادات الخزينة العامة لدولة الشمال ..
٭٭ هذه المطالب المتكررة جعلت مجموعة من الاسئلة الحائرة تخطر على بالي وتبحث عن اجوبة (مقنعة) علها تشحذ هممنا للمزيد من شد الاحزمة على هذه البطون الخاوية الضامرة والتي اصبح لا فرق بينها وبين ظهورها من شدة ضمورها واستوائها، وبهذه المناسبة تحضرني طرفة رائعة بطلها احد المسحوقين الذي رفض دفع رسوم النفايات فحررت له موظفتها طلبا للمثول امام وكيل نيابة النفايات، وعندما مثل هذا المواطن امامه باغته بسؤال حاسم يقول فيه : (انت يا زول ما عاوز تدفع رسوم النفايات ليه)..؟!! فرد عليه المواطن ساخرا وهو يقول: (يا مولانا نحن لاقين حاجة نأكلها علشان تطلع نفايات..؟!!)..
٭٭ ومجموعة الاسئلة الحائرة هي... الى متى يظل اهل الاسلام السياسي يطالبوننا بشد الاحزمة على البطون ؟!! وكيف يعقل ان لا تتوقف هذه المطالبة لما يزيد عن عقدين من الزمان؟ وما هي جدوى هذه المطالبة خاصة وان السواد الاعظم من المستهدفين بها هم جموع الجياع العراة الحفاة الذين هدهم الفقر وعذبتهم المسغبة..!
٭٭ ثم ما هو الهدف الذي يسعى اليه (القوم) من هذه المطالبة والاستمرار في سياسة الترويع والتجويع؟!!! وهل الهدف منها هو اصلاح حال الاقتصاد السوداني المنهار بسبب سياسات (الجن) التي يتبعونها ام انها محاولة جديدة للمحافظة على كرش (فيلهم) التي لا تشبع ولا تمتلئ مهما قدم لها من امكانات وموارد؟!!
٭٭ والاهم من كل ذلك لماذا لا تذهب الدولة الى جبال البحر الاحمر او جبال التاكا لاحضار حجر ضخم تربطه على (كرشها) وتريح الغلابة من حكاية شد الاحزمة وربط الاحجار على بطونهم الخاوية؟!!
٭٭ والحقيقة التي يجب ان نصارح بها اخوتنا اهل المشروع الحضاري ان الشعب السوداني قد مل مثل هذه الدعوة الممجوعة ولم يعد بطبعه مجرد سماعها لأنها دعوة عديمة الجدوى ولا فائدة ترجى منها بعد ان ضحى هذا الشعب كثيرا وصبر طويلا ولم يحصد في خاتمة المطاف غير العدم والندم وقبض الريح...!!
٭٭ في يوم انقلابها على الشرعية (الجماهيرية) زعمت الانقاذ انها فعلت ذلك بسبب (تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق اي قدر من التنمية فازدادت حدة التضخم وارتفعت الاسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم ... اما لانعدامها او لارتفاع اسعارها مما جعل كثيرا من ابناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة وقد ادى التدهور الاقتصادي الى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات التعليمية والصحية وتعطل الانتاج وبعد ان كنا نطمح في ان تكون بلادنا سلة غذاء العالم اصبحنا امة متسولة تستجدي غذاءها من الخارج وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة وكل هذا مع استشراء التهريب والسوق الاسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوما بعد يوم بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام) بيان الانقاذ الاول..
٭٭ والذي لا يستطيع ان ينكره الا مكابر هو ان الانقاذ ورثت عن الحكومات الديمقراطية بنيات اساسية اقتصادية ظل السودان يعتمد عليها بصورة اساسية في بناء قاعدته الاقتصادية مثل مشاريع الزراعة المروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة والدندر والرهد وحلفا وجبال النوبة والنيل الابيض وفي الخرطوم مشاريع سوبا والجموعية والسليت ومشروعات للزراعة الآلية التي تسقى بماء الامطار وتسد عين الشمس في القضارف وسنار والرنك والجبلين والدالي والمزموم فماذا تبقى من هذه المشروعات واين اختفت ولماذا...؟!!
٭٭ وفي المجال الصناعي ورثت بنيات اساسية على درجة عالية من الكفاءة والاهمية وعلى رأسها مصانع الغزل والنسيج والزيوت والصابون والحلويات والسكر والتريكو وصناعة الخيش وحلج الاقطان وتعليب الخضر.. والفاكهة والالبان فأين اختفت هذه المشروعات ولماذا غابت عن الانظار ؟
٭٭ وورثت قطاعاً عاماً عريضاً قوامه وزارة الاشغال التي كانت تشرف على كافة عقارات الدولة بناء وتشييد وصيانة وتضم في جوفها المئات من المهندسين والفنيين والعمال المهرة في مختلف المجالات الحرفية ومنها مصلحة النقل الميكانيكي والنقل النهري ووزارة المواصلات ومصلحة البريد والبرق ومصلحة السكة حديد والوابورات ومؤسسات تعليمية وصحية تقدم خدماتها لانسان السودان بالمجان و(لوجه الله الكريم) بما فيهم عم عبدالرحيم، مش بتاع المرحوم مصطفى سيد احمد ولكن وزير مالية السودان الذي اورد الاقتصاد السوداني موارد الهلاك وتسبب في انضمام اكثر من 70% من قوى الانتاج الى شريحة الفقراء والمعوزين بعد ان شردهم تحت مظلة الاحالة للصالح العام وبسبب سياسات الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام وتحرير الاسعار والسوق الحر واسهمت في تعليم وتأهيل عم صابر مدير بنك السودان ووزير المالية الاسبق الذي بشرنا بالصدمة الاقتصادية المرتقبة..!
٭٭ لقد ورثت الانقاذ انسانا سودانيا شهما شريفا نظيفا..عفيفا لا يعرف السرقة والنهب والاعتداء على المال العام واستلام الرشوة وبيع ضميره للشيطان ولا يتعاطى او يتاجر في المخدرات او يقوم ببيع السموم الى الصغار والمشردين او يتسبب في حصد ارواحهم البريئة بهذه الصورة البشعة التي عايشناها مؤخرا!!
٭٭ لقد ورثت الانقاذ انسانا كريما حرا لا يقبل الذل والهوان ولا يقبل بالشحتة بل يردد بأعلى صوته : (يوما كريتين ويوما عشانا ربيت ويوما نسف التابا وعليها نبيت)..
٭٭ لقد ورثت شعبا غنى له الفنانون وخلده الشعراء واشادت كل شعوب العالم بخلقه وسلوكه وانضباطه وكفاءته وامانته ونزاهته وحبه للمال والانتاج حتى اضحى عملة نادرة تشربت لها اعناق دول الخليج والمنظمات الدولية..!!
٭٭ قبل وصول الانقاذ كان الشعب السوداني يعيش في كنف الاشتراكية الديمقراطية ومبدعها الراحل المقيم الشريف حسين الهندي التي وفرت له مجانية العلاج والتعليم ورمزية اسعار خدمات المياه والكهرباء والمواصلات وقامت بدعم قوته من سكر وقمح ودقيق ولبن ودعمت الدواء والعلاج وكيف قادتها ووزرائها انهم قد اكتفوا بما يسد الرمق ويقيم الصلب حين لم يستنكف ابا الوطنية الراحل المقيم الرئيس اسماعيل الازهري طيب الله ثراه ان يكتفي بملاح (ام شعيفة) التي يحملها له الوزير حسن عوض الله وكيف رئيس وزراء السودان السابق الامام الصادق المهدي انه ظل يحول راتبه لدعم جامعة الخرطوم ويقوم برد ما زاد عن نثرياته الدولارية في رحلاته الخارجية للخزينة العامة..!!
٭٭ ورغم الدعوة التي ظل يطلقها اهل المشروع الحضاري هذه الايام للتغشف وربط الاحزمة على البطون الا ان واقع الحال يؤكد ان ما في (قدر) الانقاذ الذي نضطرم من تحية النيران لن ينضج ولن يستوي ليأكله الغلابة لأن ما بداخل هذا (القدر) ما هو الا عبارة عن حصى وحجارة..!!
٭٭ وامير المؤمنين العادل الراشد سيدنا عمر بن الخطاب الذي انتقل الى الرفيق الاعلى ولحق بصاحبيه وبينما هو يتفقد احوال الرعية في جنح الليل استرعى انتباهه صوت جاء لاطفال صغار فعندما وصل الى دارهم لاحظ ان قدرا موضوعا على النار وان الصبية يبكون ، فسأل والدتهم عن سبب بكائهم ، فقالت انهم جوعى فقال لها وماذا بالقدر..؟!! قالت هي حصى اصبرهم به حتى يناموا ...!!
فهب راجعا الى بيت المال وحمل على ظهره دقيقا وزيتا ثم جلس حول النار يعد الطعام للصغار وبعد ان شبعوا وناموا انصرف لحال سبيله .. نقول ذلك رغم قناعتنا بأن (القوم) لا يعرفون مثل هذا العمل..!!
٭٭ ان المطالبة بشد الاحزمة على البطون لم تعد تقنع احدا ولا فائدة ترجى منها لأن السواد الاعظم والاغلبية الكاسحة لم يعد لها بطونا يمكن شد الاحزمة عليها!!
٭٭ فطوابير العطالة تتزايد يوما بعد يوم وحالات الفقر ترتفع ومعدلات الغلاء في تصاعد مستمر والفساد يستشري وأموال الدولة تنهب في وضح النهار ودور العبادة تعج بالشحاتين وطالبي الشفقة والرحمة ومد يد العون والمصلون ينشغلون عن صلاتهم خوفا من سرقة احذيتهم التي تركوها بالخارج وحالات النصب والاحتيال اصبحت هي الظاهرة التي تميز اسواقنا ومعاملاتنا التجارية...!!
٭٭ وفي خضم كل ذلك ينسى اهل المشروع الحضاري قول من قال:
انما الامم الاخلاق ما بقيت ٭٭ فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا!!
٭٭ فماذا بقي لنا من اخلاق او قيم وما هو السبيل لاتقاء هذا الجحيم والعذاب الذي رمتنا فيه الانقاذ؟!
٭٭ والسؤال الاهم هو ما الحل وما المخرج من هذا النفق المظلم والوضع المأساوي الذي يعيش فيه شعبنا وهل في مقدور امكانيات المواطن الضعيفة المعدومة ان تغطي مطلوبات الوضع الاقتصادي لما بعد الانفصال وذهاب بترول الجنوب؟
٭٭ وللاجابة على هذا السؤال نقول ان المواطن المسكين لا يستطيع ان يقدم ما يدعم به ميزانية الدولة لذلك فعلى الدولة وحزبها الحاكم ان تترك المواطن في حاله وان لا ترهقه بالمزيد من الضرائب والاتاوات وان تقوم بشد حزامها حول بطنها الضخمة..!!
٭٭ ولعل الحل يكمن اولا واخيرا في خفض الانفاق الحكومي وتقليص اجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية بنسبة لا تقل عن 60% فلا داعي لوجود اي مستشار في رئاسة الجمهورية ولا معنى لوجود هذا العدد المهول من الوزراء في مجلس الوزراء الاتحادي حيث يجب الاكتفاء بعشرة او خمسة عشر وزيرا فقط ولا معنى لوجود هذا الكم الهائل من الولايات والولاة والمجالس الولائية حيث يجب ان يتم الاكتفاء بست ولايات فقط وعدد محدود من الوزراء الولائيين والمجالس التشريعية والمحليات..!
٭٭ ولابد من تخفيض ميزانية الدفاع والامن بنسبة لا تقل عن 60% شريطة ان يتم حل النزاعات في كل مناطق التوتر (دارفور ، جنوب كردفان، جنوب النيل الازرق، حل مشكلات انفصال الجنوب)..
٭٭ الاعتماد في الجهاز التنفيذي على الكفاءات واصحاب الخبرات وابعاد المتسلقين من اهل الطاعة والولاء والباحثين عن الوزارة والاستيزار..!!
٭٭ المراجعة الشاملة والواعية والمدروسة لسياسات التحرير الاقتصادي وحرية الاسعار والعمل على ضبط اسعار السلع الاساسية والعودة الى نظام الجمعيات التعاونية للقضاء على السوق الاسود وجشع بعض التجار...!!
٭٭ القيام بمحاصرة الفساد ومحاكمة كافة المفسدين من الذين نهبوا اموال الدولة والعمل بأسرع ما يمكن على استرداد اموال الدولة والشعب ولابد من سن قانون من اين لك هذا وتاريخ اي مفسد معروف ومرصود..!!
٭٭ وما لم تقم الدولة وحزبها الحاكم باتخاذ كافة الاجراءات المتعلقة بتصحيح المسار الاقتصادي فان نبوءة سكرتير الحزب الشيوعي الاستاذ محمد ابراهيم نقد بعدم قيام الجياع بثورة بسبب ان الشعب يحب السترة لن تصدق خاصة وان ثوب السترة في بلادنا قد قام (الجماعة) بتمزيقه منذ اكثر من عقدين من الزمان..!
٭٭ فارتفاع معدلات السرقة والنهب والفساد والشحتة والتسول وسرقة احذية المصلين وامتلاء السجون بأصحاب الشيكات الطائرة ابلغ دليل على انه لم يعد هناك ما يمكن ان يطلق عليه ثوب السترة..!!
٭٭ وللاستاذ نقد نقول (الجوع كافر).. ومن حق الجائع ان يحمل سيفه اذا استبد به الجوع او سدت في وجهه ابواب الرزق ولن ينفع الاستاذ نقد ان ينكر ذلك ولن ينفع اهل المشروع الحضاري ان ينخدعوا بمثل هذا الرأي..؟!!
٭٭ ان الشعب السوداني لن يجوع الى الابد ولن يكون كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء على ظهرها محمول... فبلادنا والحمد الله غنية بخيراتها وامكاناتها الظاهرة والمطمورة في باطن الارض ولكن مشكلتها الاساسية في اهل الاسلام السياسي الذين فشلوا في كل شئ حتى تطبيق الشريعة الاسلامية ومبادئ الاسلام الحنيف...!
٭٭ ان الشعب السوداني لا يمكن ان يرهن مصيره وحريته وقوته ورفاهيته وكرامته لمجموعة معينة من الناس ظلت تدور وتدور حول نفسها وحول حلقة مفرغة ولا يعقل ان يكون حل ازمته والضائقة المعيشية التي يعاني منها تتمثل في كرتونة رمضان او اموال الزكاة التي توزع بطريقة لم يقرها الاسلام..!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق