الخميس، 30 مايو 2013

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه
ان الوطن مثخن بالجراح.. إنه فى خطر عظيم ووحدته مهددة. إنها أزمة هى الأصعب والأكثر تعقيد اً وإيلاماً. وعلى الحكومة والمعارضة النظر بعمق فى مآلات الأزمة التى ربما تعصف بالوطن وتحويله الى دويلات صغيرة تتجاذبها الحروب الأهلية الطاحنة حتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يحدث اليوم في إقليمي دارفور وكردفان وبين بطون المسيرية بوصفه أنموذجاً.
إن أزمة الحكم تفاقمت وبلغت حد التفكيك الذى بدأ بالجنوب، وأرى السيناريو المرسوم يسير بخطى حثيثة نحو التفكيك الكلى للوطن ان لم ننتبه للمخطط الخبيث الماكر.
وظللت أتابع باهتمام بالغ ما يكتب عن السودان عبر الوسائط الاعلامية المتاحة لى، فشّد انتباهى مصطلح الفوضى الخلاقة، ومصطلح الشرق الأوسط الكبير. وكلها أفكار غربية شيطانية استخباراتية تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية. ومثال لذلك قائمة الدول الراعية للارهاب الذي دمغ به السودان فصار ضمن محور الشر ويتوسط ايران وكوبا وسوريا. مع إن السودان تعاون مع الادارة الامريكية فى مكافحة الارهاب، ولم تشفع له اشادة وزير الخارجية الامريكية الأسبق كولن باول واصفاً التعاون بأنه منقطع النظير، وظلت المؤامرات تحاك فى نار هادئة ضد السودان او قل حكومة الانقاذ، فكانت المؤامرة الكبرى التى نجحوا فيها بفصل الجنوب وقيام دولة ذات سيادة بالرقم «193».
إن استراتيجية الغرب فى تفتيت العالم الاسلامى والافريقى تتم تحت نظرية فرق تسد. والغريب فى الأمر ان قادة هذه الدول ينفذون هذا المخطط ولكن لا أدرى ان كانوا لا يعلمون فتلك مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر. ولكن المخطط يسير وفق الخطة.
وبدأ المخطط بالعراق والغزو الغاشم، والخطة بعد الخروج بتقسيم العراق الى ثلاث دول: كردية فى الشمال ودولة شيعية فى الجنوب ودولة سنية فى الوسط. وما يشهده العراق اليوم من حرب اهلية وتفجيرات ودماء واشلاء واعتصامات وطائفية سنة وشيعية واكراد، فإن المسألة مسألة وقت فقط ان ظل هذا التشرذم والموت.
أما السعودية فإن الدور عليها سنة وشيعة فى الشرق. والبحرين ستقسم إلى الى سنة وشيعة. واليمن إلى جنوبى وشمالى، وشمال شرق شيعة يقودها الحيثيون، أما السودان فسوف يقسم إلى شمال عربي نيلى وجنوب مسيحى نصرانى وغرب عرقى وشرق قبلى. والمخطط يسير بهدوء نحو أهدافه!!
وفى لقاء قديم بصحيفة «الشرق الاوسط» مع د. لا اكول قال: «إن انفصال الجنوب لن يكون فى صالح دولة شمال السودان بل سيكون وبالاً عليها وعلى كل دول الجوار مثل اوغندا وكينيا واثيوبيا، وان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، وهى دعوة لصوملة جنوب السودان» انتهى.
إن البلد مثخنة بالجراح وفى خطر عظيم، فوحدته مهددة بالاندثار، فقد علت القبلية والجهوية مكان الوطنية. وهذه ام المصائب والفواجع.. بلد اذا أردت ان تفتح بلاغاً لدى الشرطة تُسأل عن القبيلة، واذا أردت ان توظف تسأل عن القبيلة، فقد عدنا الى الوراء وانحططنا عكس أسلافنا الذين كانوا يتغنون: «مالى ومال عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز».
إننا بالطبع لا نريد وطناً بدون دولة وبلا جيش قومى موحد بقيادة وطنية مؤهلة مدركة، نريد دولة بقضاء عادل ناجز مهاب بعيد عن السياسة مستقل، دولة بأجهزة امنية قادرة قوية بوحدتها وبرصيد معنوى وايمان راسخ بمعانى الوطنية بعيدة من الشبهات واتهامهات فى ولائها الوطنى. ان هذا الوطن الجميل نيله الخالد الجارى منذ بداية التاريخ وارضه البكر التى ما فتئت تعطى، ومازال بلد يستخرج الذهب من باطن الارض بالطرق البدائية التقليدية بالطورية والحفارة اليدوية، فيضحى الشخص بين عشية وضحاها من الأثرياء.. بلد معادنه كثيرة بباطنه كامنة، بلد الماشية فيه ترعى من العشب الطبيعى ومن ما تجود به الطبيعة، بلد أمطاره تنزل بغزارة بإذن الله فى ميقات ينتظره الناس كعودة الغائب فينمو ويزدهر الزرع والضرع.. بلد انسانه من أنبل وأكرم وأشجع الناس، وقد تعلم أبناؤه باكراً وعلموا غيرهم، فلماذا نسمح بأن تذبح الوحدة الوطنية؟! ولماذا نسمح بالحروب بين أهله وقبائله؟! من يشعل هذا الفتن المظلمة كقطع الليل؟ من وراءها فى دارفور؟! ليس تمرد على الدولة فحسب بل يتقاتل ابناء العمومية وبسلاح فتاك يماثل سلاح القوات المسلحة فمن سلح هؤلاء؟ من وفر هذه الذخيرة التى تحصد ارواح الابرياء كل يوم ؟! وهناك انفلات امنى فى كل ركن من اركان الاقليم؟! ان قومية القوات المسلحة تحتم على الشعب الوقوف معها ومساندتها ومؤازرتها.. انها اليوم فى حالة لا تحسد عليها. فهى تقاتل فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وفى اقليم دارفور والآن فى شمال كردفان. والشرق فيه ارهاصات، فهل يراد لها هذا الاستنزاف؟ أم هذا قدرها؟! ماذا فعل أهل السياسة؟ الم يكن فى الامكان سلك طرق أخرى توقف الحرب عبر المفاوضات الجادة؟!
بلد كل شيء فيه يدل على الانهيار، بلد بلغ فيه عدد الاحزاب المسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب «173» حزباً بقاعدة وقيادة ودور وحسابات الانشقاقات طالت الاحزاب الكبيرة.. فقد تناسلت كالاميبيا.. حزب الامة سبعة أحزاب.. الجبهة الاسلامية انقسمت الى سبعة احزاب.. الاتحادى الديمقراطى انقسم الى سبعة أحزاب.. الحزب الشيوعى صار ثلاثة أحزاب.. الحزب الناصرى على قلة عضويته انقسم الى حزبين.. حزب البعث العربى الاشتراكى انقسم الى ثلاثة أحزاب. انصار السنة المحمدية صاروا ثلاث مجموعات. وعن جامعاتنا حدث ولا حرج.. ملتوف وسيخ وعنف غير مبرر بلغ حد الموت.. طالب يقتل طالباً. وفوق هذا كله انهيار اقتصادى يقاس بالعملة الصعبة التى تستجلب بها كل مدخلات الانتاج الصناعى والزراعى، بل حتى السلع الهامشية واحتياجات القوات المسلحة كلها بالدولار الذى صارع الجنيه فأرداه قتيلاً.. بلد مظاهر الطبقية بادية عليه.. العمارات الشاهقة كالنبت الشيطانى فى كل أحياء الخرطوم الراقية.. والاسواق الطبقية لها روادها، وفى كل شارع رئيسى سيوبر مارك فيه كل انتاج الدنيا من الفاكهة.. تفاح امريكى وجنوب افريقى، وبرتقال هندى ونبق فارسى.. مفارقات.. بلد كانت فيه الطبقة الوسطى طبقة الموظفين وهم قادة المجتمع ولكنها تلاشت تماماً.
بلد ساءت فيه الاخلاق فبدت الظواهر السالبة.. اغتصاب الاطفال .. مرض الايدز وتدنى الخدمات الصحية التى صارت خدمة خمس نجوم لمن يريد.. بلد الغلاء الطاحن فيه طال اللحم واللبن والخضار والخبز والسكر والزيوت.. والزراعة انهارت وكسدت فصار السمسم والفول والبذرة زيوت أهل السودان.. معاصر حديثة وتقليدية وصار المستورد أرخص من المحلى لندرته وقلة انتاجه.
كل هذا يتطلب تحركاً سريعاً قبل فوات الأوان. ونريد دولة وطن وليس دولة حزب أو احزاب حكومة قومية لا تستثنى أحداً، ويتحمل الجميع مسؤولية الوطن وايقاف الحرب فوراً.
ماذا يعنى انهيار مشروعات الجزيرة والسوكى والرهد وحلفا والمرفق الحيوى السكة حديد رغم محاولات النهوض بها، والمؤتمر الذى كان شعاره لا بديل للسكة حديد الاَّ السكة حديد والنقل النهرى صار فى خبر كان.
أما آن لهذه القوات الباسلة ان تستريح قليلاً طالما هنالك طرق أخرى يمكن ان يسلكها السياسيون كما فعلوا مع الحركة الشعبية بنيفاشا رغم خوازيقها؟ إن قرار الحرب اسهل من شرب الماء، ولكن قرار إيقافها هو الاصعب، ولكنه طريق السلام والأمن المستدام. إن اعلان الحكومة واستعدادها للعودة للمفاوضات قرار موفق يسنده العقل والمنطق السليم، ولا يعنى ذلك مطلقاً الخزلان والاستسلام، ولكن في مسارين متساووين حتى تضع الحرب اوزارها، ثم لا يترك الأمر لدعاة الحرب فقط وناس «المديدة حرقتنى» الذين يصولون ويجولون، ولنا رصيد وتجارب من حرب الجنوب. فقد كان الوفد فى قمة المفاوضات ونسمع باحتلال مدينة كذا، ولكن يرد الجيش الصاع صاعين وتسترد المدينة، ولكن الحكومة لا توقف التفاوض، فليمض دكتور غندور مع دعواتنا له بالنجاح، وان القوات المسلحة قادرة على ان تعيد الأمر الى ما كان عليه، وابو كرشولا كانت مسألة وقت لا غير كما حدث.
ونطالب بحل قومى لكل قضايا الوطن، فإن أهل السودان قادرون على ذلك، ويكفينا تدويل قضايا الوطن الذي جلب لنا الذّل والهوان، والكل يدخل انفه فى الشأن السودانى.. دول لها بعثات دبلوماسية لا تكتفى بذلك بل ترسل مبعوثاً خاصاً ماذا يفعل؟ الله اعلم كيف تسمح الحكومة بذلك لا أدرى ؟! أما منظمات حقوق الانسان فلها وجود دائم فى السودان.
إن شمولية النظر لقضايا الوطن تحتم على الحكومة اعادة النظر فى منهج الحكم واشراك القوى الحية حزبية ومنظمات مجتمع مدنى فى الحلول. ولم يعد الحال يحتمل الانفرادية فى اتخاذ القرارات المصيرية كالتى أدت الى فصل الجنوب وإشعال لهيب دارفور، وتدخل المحكمة الدولية فى الشأن السودانى الذى بلغ حد المطالبة بمثول رئيس الجمهورية أمامها. وعلى المعارضة السودانية النظر بعين ثاقبة لما آل اليه الوطن والتنازل من أجل ما بقي من وطن مثخن بالجراح.

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه
ان الوطن مثخن بالجراح.. إنه فى خطر عظيم ووحدته مهددة. إنها أزمة هى الأصعب والأكثر تعقيد اً وإيلاماً. وعلى الحكومة والمعارضة النظر بعمق فى مآلات الأزمة التى ربما تعصف بالوطن وتحويله الى دويلات صغيرة تتجاذبها الحروب الأهلية الطاحنة حتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يحدث اليوم في إقليمي دارفور وكردفان وبين بطون المسيرية بوصفه أنموذجاً.
إن أزمة الحكم تفاقمت وبلغت حد التفكيك الذى بدأ بالجنوب، وأرى السيناريو المرسوم يسير بخطى حثيثة نحو التفكيك الكلى للوطن ان لم ننتبه للمخطط الخبيث الماكر.
وظللت أتابع باهتمام بالغ ما يكتب عن السودان عبر الوسائط الاعلامية المتاحة لى، فشّد انتباهى مصطلح الفوضى الخلاقة، ومصطلح الشرق الأوسط الكبير. وكلها أفكار غربية شيطانية استخباراتية تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية. ومثال لذلك قائمة الدول الراعية للارهاب الذي دمغ به السودان فصار ضمن محور الشر ويتوسط ايران وكوبا وسوريا. مع إن السودان تعاون مع الادارة الامريكية فى مكافحة الارهاب، ولم تشفع له اشادة وزير الخارجية الامريكية الأسبق كولن باول واصفاً التعاون بأنه منقطع النظير، وظلت المؤامرات تحاك فى نار هادئة ضد السودان او قل حكومة الانقاذ، فكانت المؤامرة الكبرى التى نجحوا فيها بفصل الجنوب وقيام دولة ذات سيادة بالرقم «193».
إن استراتيجية الغرب فى تفتيت العالم الاسلامى والافريقى تتم تحت نظرية فرق تسد. والغريب فى الأمر ان قادة هذه الدول ينفذون هذا المخطط ولكن لا أدرى ان كانوا لا يعلمون فتلك مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر. ولكن المخطط يسير وفق الخطة.
وبدأ المخطط بالعراق والغزو الغاشم، والخطة بعد الخروج بتقسيم العراق الى ثلاث دول: كردية فى الشمال ودولة شيعية فى الجنوب ودولة سنية فى الوسط. وما يشهده العراق اليوم من حرب اهلية وتفجيرات ودماء واشلاء واعتصامات وطائفية سنة وشيعية واكراد، فإن المسألة مسألة وقت فقط ان ظل هذا التشرذم والموت.
أما السعودية فإن الدور عليها سنة وشيعة فى الشرق. والبحرين ستقسم إلى الى سنة وشيعة. واليمن إلى جنوبى وشمالى، وشمال شرق شيعة يقودها الحيثيون، أما السودان فسوف يقسم إلى شمال عربي نيلى وجنوب مسيحى نصرانى وغرب عرقى وشرق قبلى. والمخطط يسير بهدوء نحو أهدافه!!
وفى لقاء قديم بصحيفة «الشرق الاوسط» مع د. لا اكول قال: «إن انفصال الجنوب لن يكون فى صالح دولة شمال السودان بل سيكون وبالاً عليها وعلى كل دول الجوار مثل اوغندا وكينيا واثيوبيا، وان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، وهى دعوة لصوملة جنوب السودان» انتهى.
إن البلد مثخنة بالجراح وفى خطر عظيم، فوحدته مهددة بالاندثار، فقد علت القبلية والجهوية مكان الوطنية. وهذه ام المصائب والفواجع.. بلد اذا أردت ان تفتح بلاغاً لدى الشرطة تُسأل عن القبيلة، واذا أردت ان توظف تسأل عن القبيلة، فقد عدنا الى الوراء وانحططنا عكس أسلافنا الذين كانوا يتغنون: «مالى ومال عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز».
إننا بالطبع لا نريد وطناً بدون دولة وبلا جيش قومى موحد بقيادة وطنية مؤهلة مدركة، نريد دولة بقضاء عادل ناجز مهاب بعيد عن السياسة مستقل، دولة بأجهزة امنية قادرة قوية بوحدتها وبرصيد معنوى وايمان راسخ بمعانى الوطنية بعيدة من الشبهات واتهامهات فى ولائها الوطنى. ان هذا الوطن الجميل نيله الخالد الجارى منذ بداية التاريخ وارضه البكر التى ما فتئت تعطى، ومازال بلد يستخرج الذهب من باطن الارض بالطرق البدائية التقليدية بالطورية والحفارة اليدوية، فيضحى الشخص بين عشية وضحاها من الأثرياء.. بلد معادنه كثيرة بباطنه كامنة، بلد الماشية فيه ترعى من العشب الطبيعى ومن ما تجود به الطبيعة، بلد أمطاره تنزل بغزارة بإذن الله فى ميقات ينتظره الناس كعودة الغائب فينمو ويزدهر الزرع والضرع.. بلد انسانه من أنبل وأكرم وأشجع الناس، وقد تعلم أبناؤه باكراً وعلموا غيرهم، فلماذا نسمح بأن تذبح الوحدة الوطنية؟! ولماذا نسمح بالحروب بين أهله وقبائله؟! من يشعل هذا الفتن المظلمة كقطع الليل؟ من وراءها فى دارفور؟! ليس تمرد على الدولة فحسب بل يتقاتل ابناء العمومية وبسلاح فتاك يماثل سلاح القوات المسلحة فمن سلح هؤلاء؟ من وفر هذه الذخيرة التى تحصد ارواح الابرياء كل يوم ؟! وهناك انفلات امنى فى كل ركن من اركان الاقليم؟! ان قومية القوات المسلحة تحتم على الشعب الوقوف معها ومساندتها ومؤازرتها.. انها اليوم فى حالة لا تحسد عليها. فهى تقاتل فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وفى اقليم دارفور والآن فى شمال كردفان. والشرق فيه ارهاصات، فهل يراد لها هذا الاستنزاف؟ أم هذا قدرها؟! ماذا فعل أهل السياسة؟ الم يكن فى الامكان سلك طرق أخرى توقف الحرب عبر المفاوضات الجادة؟!
بلد كل شيء فيه يدل على الانهيار، بلد بلغ فيه عدد الاحزاب المسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب «173» حزباً بقاعدة وقيادة ودور وحسابات الانشقاقات طالت الاحزاب الكبيرة.. فقد تناسلت كالاميبيا.. حزب الامة سبعة أحزاب.. الجبهة الاسلامية انقسمت الى سبعة احزاب.. الاتحادى الديمقراطى انقسم الى سبعة أحزاب.. الحزب الشيوعى صار ثلاثة أحزاب.. الحزب الناصرى على قلة عضويته انقسم الى حزبين.. حزب البعث العربى الاشتراكى انقسم الى ثلاثة أحزاب. انصار السنة المحمدية صاروا ثلاث مجموعات. وعن جامعاتنا حدث ولا حرج.. ملتوف وسيخ وعنف غير مبرر بلغ حد الموت.. طالب يقتل طالباً. وفوق هذا كله انهيار اقتصادى يقاس بالعملة الصعبة التى تستجلب بها كل مدخلات الانتاج الصناعى والزراعى، بل حتى السلع الهامشية واحتياجات القوات المسلحة كلها بالدولار الذى صارع الجنيه فأرداه قتيلاً.. بلد مظاهر الطبقية بادية عليه.. العمارات الشاهقة كالنبت الشيطانى فى كل أحياء الخرطوم الراقية.. والاسواق الطبقية لها روادها، وفى كل شارع رئيسى سيوبر مارك فيه كل انتاج الدنيا من الفاكهة.. تفاح امريكى وجنوب افريقى، وبرتقال هندى ونبق فارسى.. مفارقات.. بلد كانت فيه الطبقة الوسطى طبقة الموظفين وهم قادة المجتمع ولكنها تلاشت تماماً.
بلد ساءت فيه الاخلاق فبدت الظواهر السالبة.. اغتصاب الاطفال .. مرض الايدز وتدنى الخدمات الصحية التى صارت خدمة خمس نجوم لمن يريد.. بلد الغلاء الطاحن فيه طال اللحم واللبن والخضار والخبز والسكر والزيوت.. والزراعة انهارت وكسدت فصار السمسم والفول والبذرة زيوت أهل السودان.. معاصر حديثة وتقليدية وصار المستورد أرخص من المحلى لندرته وقلة انتاجه.
كل هذا يتطلب تحركاً سريعاً قبل فوات الأوان. ونريد دولة وطن وليس دولة حزب أو احزاب حكومة قومية لا تستثنى أحداً، ويتحمل الجميع مسؤولية الوطن وايقاف الحرب فوراً.
ماذا يعنى انهيار مشروعات الجزيرة والسوكى والرهد وحلفا والمرفق الحيوى السكة حديد رغم محاولات النهوض بها، والمؤتمر الذى كان شعاره لا بديل للسكة حديد الاَّ السكة حديد والنقل النهرى صار فى خبر كان.
أما آن لهذه القوات الباسلة ان تستريح قليلاً طالما هنالك طرق أخرى يمكن ان يسلكها السياسيون كما فعلوا مع الحركة الشعبية بنيفاشا رغم خوازيقها؟ إن قرار الحرب اسهل من شرب الماء، ولكن قرار إيقافها هو الاصعب، ولكنه طريق السلام والأمن المستدام. إن اعلان الحكومة واستعدادها للعودة للمفاوضات قرار موفق يسنده العقل والمنطق السليم، ولا يعنى ذلك مطلقاً الخزلان والاستسلام، ولكن في مسارين متساووين حتى تضع الحرب اوزارها، ثم لا يترك الأمر لدعاة الحرب فقط وناس «المديدة حرقتنى» الذين يصولون ويجولون، ولنا رصيد وتجارب من حرب الجنوب. فقد كان الوفد فى قمة المفاوضات ونسمع باحتلال مدينة كذا، ولكن يرد الجيش الصاع صاعين وتسترد المدينة، ولكن الحكومة لا توقف التفاوض، فليمض دكتور غندور مع دعواتنا له بالنجاح، وان القوات المسلحة قادرة على ان تعيد الأمر الى ما كان عليه، وابو كرشولا كانت مسألة وقت لا غير كما حدث.
ونطالب بحل قومى لكل قضايا الوطن، فإن أهل السودان قادرون على ذلك، ويكفينا تدويل قضايا الوطن الذي جلب لنا الذّل والهوان، والكل يدخل انفه فى الشأن السودانى.. دول لها بعثات دبلوماسية لا تكتفى بذلك بل ترسل مبعوثاً خاصاً ماذا يفعل؟ الله اعلم كيف تسمح الحكومة بذلك لا أدرى ؟! أما منظمات حقوق الانسان فلها وجود دائم فى السودان.
إن شمولية النظر لقضايا الوطن تحتم على الحكومة اعادة النظر فى منهج الحكم واشراك القوى الحية حزبية ومنظمات مجتمع مدنى فى الحلول. ولم يعد الحال يحتمل الانفرادية فى اتخاذ القرارات المصيرية كالتى أدت الى فصل الجنوب وإشعال لهيب دارفور، وتدخل المحكمة الدولية فى الشأن السودانى الذى بلغ حد المطالبة بمثول رئيس الجمهورية أمامها. وعلى المعارضة السودانية النظر بعين ثاقبة لما آل اليه الوطن والتنازل من أجل ما بقي من وطن مثخن بالجراح.

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه
ان الوطن مثخن بالجراح.. إنه فى خطر عظيم ووحدته مهددة. إنها أزمة هى الأصعب والأكثر تعقيد اً وإيلاماً. وعلى الحكومة والمعارضة النظر بعمق فى مآلات الأزمة التى ربما تعصف بالوطن وتحويله الى دويلات صغيرة تتجاذبها الحروب الأهلية الطاحنة حتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يحدث اليوم في إقليمي دارفور وكردفان وبين بطون المسيرية بوصفه أنموذجاً.
إن أزمة الحكم تفاقمت وبلغت حد التفكيك الذى بدأ بالجنوب، وأرى السيناريو المرسوم يسير بخطى حثيثة نحو التفكيك الكلى للوطن ان لم ننتبه للمخطط الخبيث الماكر.
وظللت أتابع باهتمام بالغ ما يكتب عن السودان عبر الوسائط الاعلامية المتاحة لى، فشّد انتباهى مصطلح الفوضى الخلاقة، ومصطلح الشرق الأوسط الكبير. وكلها أفكار غربية شيطانية استخباراتية تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية. ومثال لذلك قائمة الدول الراعية للارهاب الذي دمغ به السودان فصار ضمن محور الشر ويتوسط ايران وكوبا وسوريا. مع إن السودان تعاون مع الادارة الامريكية فى مكافحة الارهاب، ولم تشفع له اشادة وزير الخارجية الامريكية الأسبق كولن باول واصفاً التعاون بأنه منقطع النظير، وظلت المؤامرات تحاك فى نار هادئة ضد السودان او قل حكومة الانقاذ، فكانت المؤامرة الكبرى التى نجحوا فيها بفصل الجنوب وقيام دولة ذات سيادة بالرقم «193».
إن استراتيجية الغرب فى تفتيت العالم الاسلامى والافريقى تتم تحت نظرية فرق تسد. والغريب فى الأمر ان قادة هذه الدول ينفذون هذا المخطط ولكن لا أدرى ان كانوا لا يعلمون فتلك مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر. ولكن المخطط يسير وفق الخطة.
وبدأ المخطط بالعراق والغزو الغاشم، والخطة بعد الخروج بتقسيم العراق الى ثلاث دول: كردية فى الشمال ودولة شيعية فى الجنوب ودولة سنية فى الوسط. وما يشهده العراق اليوم من حرب اهلية وتفجيرات ودماء واشلاء واعتصامات وطائفية سنة وشيعية واكراد، فإن المسألة مسألة وقت فقط ان ظل هذا التشرذم والموت.
أما السعودية فإن الدور عليها سنة وشيعة فى الشرق. والبحرين ستقسم إلى الى سنة وشيعة. واليمن إلى جنوبى وشمالى، وشمال شرق شيعة يقودها الحيثيون، أما السودان فسوف يقسم إلى شمال عربي نيلى وجنوب مسيحى نصرانى وغرب عرقى وشرق قبلى. والمخطط يسير بهدوء نحو أهدافه!!
وفى لقاء قديم بصحيفة «الشرق الاوسط» مع د. لا اكول قال: «إن انفصال الجنوب لن يكون فى صالح دولة شمال السودان بل سيكون وبالاً عليها وعلى كل دول الجوار مثل اوغندا وكينيا واثيوبيا، وان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، وهى دعوة لصوملة جنوب السودان» انتهى.
إن البلد مثخنة بالجراح وفى خطر عظيم، فوحدته مهددة بالاندثار، فقد علت القبلية والجهوية مكان الوطنية. وهذه ام المصائب والفواجع.. بلد اذا أردت ان تفتح بلاغاً لدى الشرطة تُسأل عن القبيلة، واذا أردت ان توظف تسأل عن القبيلة، فقد عدنا الى الوراء وانحططنا عكس أسلافنا الذين كانوا يتغنون: «مالى ومال عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز».
إننا بالطبع لا نريد وطناً بدون دولة وبلا جيش قومى موحد بقيادة وطنية مؤهلة مدركة، نريد دولة بقضاء عادل ناجز مهاب بعيد عن السياسة مستقل، دولة بأجهزة امنية قادرة قوية بوحدتها وبرصيد معنوى وايمان راسخ بمعانى الوطنية بعيدة من الشبهات واتهامهات فى ولائها الوطنى. ان هذا الوطن الجميل نيله الخالد الجارى منذ بداية التاريخ وارضه البكر التى ما فتئت تعطى، ومازال بلد يستخرج الذهب من باطن الارض بالطرق البدائية التقليدية بالطورية والحفارة اليدوية، فيضحى الشخص بين عشية وضحاها من الأثرياء.. بلد معادنه كثيرة بباطنه كامنة، بلد الماشية فيه ترعى من العشب الطبيعى ومن ما تجود به الطبيعة، بلد أمطاره تنزل بغزارة بإذن الله فى ميقات ينتظره الناس كعودة الغائب فينمو ويزدهر الزرع والضرع.. بلد انسانه من أنبل وأكرم وأشجع الناس، وقد تعلم أبناؤه باكراً وعلموا غيرهم، فلماذا نسمح بأن تذبح الوحدة الوطنية؟! ولماذا نسمح بالحروب بين أهله وقبائله؟! من يشعل هذا الفتن المظلمة كقطع الليل؟ من وراءها فى دارفور؟! ليس تمرد على الدولة فحسب بل يتقاتل ابناء العمومية وبسلاح فتاك يماثل سلاح القوات المسلحة فمن سلح هؤلاء؟ من وفر هذه الذخيرة التى تحصد ارواح الابرياء كل يوم ؟! وهناك انفلات امنى فى كل ركن من اركان الاقليم؟! ان قومية القوات المسلحة تحتم على الشعب الوقوف معها ومساندتها ومؤازرتها.. انها اليوم فى حالة لا تحسد عليها. فهى تقاتل فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وفى اقليم دارفور والآن فى شمال كردفان. والشرق فيه ارهاصات، فهل يراد لها هذا الاستنزاف؟ أم هذا قدرها؟! ماذا فعل أهل السياسة؟ الم يكن فى الامكان سلك طرق أخرى توقف الحرب عبر المفاوضات الجادة؟!
بلد كل شيء فيه يدل على الانهيار، بلد بلغ فيه عدد الاحزاب المسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب «173» حزباً بقاعدة وقيادة ودور وحسابات الانشقاقات طالت الاحزاب الكبيرة.. فقد تناسلت كالاميبيا.. حزب الامة سبعة أحزاب.. الجبهة الاسلامية انقسمت الى سبعة احزاب.. الاتحادى الديمقراطى انقسم الى سبعة أحزاب.. الحزب الشيوعى صار ثلاثة أحزاب.. الحزب الناصرى على قلة عضويته انقسم الى حزبين.. حزب البعث العربى الاشتراكى انقسم الى ثلاثة أحزاب. انصار السنة المحمدية صاروا ثلاث مجموعات. وعن جامعاتنا حدث ولا حرج.. ملتوف وسيخ وعنف غير مبرر بلغ حد الموت.. طالب يقتل طالباً. وفوق هذا كله انهيار اقتصادى يقاس بالعملة الصعبة التى تستجلب بها كل مدخلات الانتاج الصناعى والزراعى، بل حتى السلع الهامشية واحتياجات القوات المسلحة كلها بالدولار الذى صارع الجنيه فأرداه قتيلاً.. بلد مظاهر الطبقية بادية عليه.. العمارات الشاهقة كالنبت الشيطانى فى كل أحياء الخرطوم الراقية.. والاسواق الطبقية لها روادها، وفى كل شارع رئيسى سيوبر مارك فيه كل انتاج الدنيا من الفاكهة.. تفاح امريكى وجنوب افريقى، وبرتقال هندى ونبق فارسى.. مفارقات.. بلد كانت فيه الطبقة الوسطى طبقة الموظفين وهم قادة المجتمع ولكنها تلاشت تماماً.
بلد ساءت فيه الاخلاق فبدت الظواهر السالبة.. اغتصاب الاطفال .. مرض الايدز وتدنى الخدمات الصحية التى صارت خدمة خمس نجوم لمن يريد.. بلد الغلاء الطاحن فيه طال اللحم واللبن والخضار والخبز والسكر والزيوت.. والزراعة انهارت وكسدت فصار السمسم والفول والبذرة زيوت أهل السودان.. معاصر حديثة وتقليدية وصار المستورد أرخص من المحلى لندرته وقلة انتاجه.
كل هذا يتطلب تحركاً سريعاً قبل فوات الأوان. ونريد دولة وطن وليس دولة حزب أو احزاب حكومة قومية لا تستثنى أحداً، ويتحمل الجميع مسؤولية الوطن وايقاف الحرب فوراً.
ماذا يعنى انهيار مشروعات الجزيرة والسوكى والرهد وحلفا والمرفق الحيوى السكة حديد رغم محاولات النهوض بها، والمؤتمر الذى كان شعاره لا بديل للسكة حديد الاَّ السكة حديد والنقل النهرى صار فى خبر كان.
أما آن لهذه القوات الباسلة ان تستريح قليلاً طالما هنالك طرق أخرى يمكن ان يسلكها السياسيون كما فعلوا مع الحركة الشعبية بنيفاشا رغم خوازيقها؟ إن قرار الحرب اسهل من شرب الماء، ولكن قرار إيقافها هو الاصعب، ولكنه طريق السلام والأمن المستدام. إن اعلان الحكومة واستعدادها للعودة للمفاوضات قرار موفق يسنده العقل والمنطق السليم، ولا يعنى ذلك مطلقاً الخزلان والاستسلام، ولكن في مسارين متساووين حتى تضع الحرب اوزارها، ثم لا يترك الأمر لدعاة الحرب فقط وناس «المديدة حرقتنى» الذين يصولون ويجولون، ولنا رصيد وتجارب من حرب الجنوب. فقد كان الوفد فى قمة المفاوضات ونسمع باحتلال مدينة كذا، ولكن يرد الجيش الصاع صاعين وتسترد المدينة، ولكن الحكومة لا توقف التفاوض، فليمض دكتور غندور مع دعواتنا له بالنجاح، وان القوات المسلحة قادرة على ان تعيد الأمر الى ما كان عليه، وابو كرشولا كانت مسألة وقت لا غير كما حدث.
ونطالب بحل قومى لكل قضايا الوطن، فإن أهل السودان قادرون على ذلك، ويكفينا تدويل قضايا الوطن الذي جلب لنا الذّل والهوان، والكل يدخل انفه فى الشأن السودانى.. دول لها بعثات دبلوماسية لا تكتفى بذلك بل ترسل مبعوثاً خاصاً ماذا يفعل؟ الله اعلم كيف تسمح الحكومة بذلك لا أدرى ؟! أما منظمات حقوق الانسان فلها وجود دائم فى السودان.
إن شمولية النظر لقضايا الوطن تحتم على الحكومة اعادة النظر فى منهج الحكم واشراك القوى الحية حزبية ومنظمات مجتمع مدنى فى الحلول. ولم يعد الحال يحتمل الانفرادية فى اتخاذ القرارات المصيرية كالتى أدت الى فصل الجنوب وإشعال لهيب دارفور، وتدخل المحكمة الدولية فى الشأن السودانى الذى بلغ حد المطالبة بمثول رئيس الجمهورية أمامها. وعلى المعارضة السودانية النظر بعين ثاقبة لما آل اليه الوطن والتنازل من أجل ما بقي من وطن مثخن بالجراح.

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه
ان الوطن مثخن بالجراح.. إنه فى خطر عظيم ووحدته مهددة. إنها أزمة هى الأصعب والأكثر تعقيد اً وإيلاماً. وعلى الحكومة والمعارضة النظر بعمق فى مآلات الأزمة التى ربما تعصف بالوطن وتحويله الى دويلات صغيرة تتجاذبها الحروب الأهلية الطاحنة حتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يحدث اليوم في إقليمي دارفور وكردفان وبين بطون المسيرية بوصفه أنموذجاً.
إن أزمة الحكم تفاقمت وبلغت حد التفكيك الذى بدأ بالجنوب، وأرى السيناريو المرسوم يسير بخطى حثيثة نحو التفكيك الكلى للوطن ان لم ننتبه للمخطط الخبيث الماكر.
وظللت أتابع باهتمام بالغ ما يكتب عن السودان عبر الوسائط الاعلامية المتاحة لى، فشّد انتباهى مصطلح الفوضى الخلاقة، ومصطلح الشرق الأوسط الكبير. وكلها أفكار غربية شيطانية استخباراتية تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية. ومثال لذلك قائمة الدول الراعية للارهاب الذي دمغ به السودان فصار ضمن محور الشر ويتوسط ايران وكوبا وسوريا. مع إن السودان تعاون مع الادارة الامريكية فى مكافحة الارهاب، ولم تشفع له اشادة وزير الخارجية الامريكية الأسبق كولن باول واصفاً التعاون بأنه منقطع النظير، وظلت المؤامرات تحاك فى نار هادئة ضد السودان او قل حكومة الانقاذ، فكانت المؤامرة الكبرى التى نجحوا فيها بفصل الجنوب وقيام دولة ذات سيادة بالرقم «193».
إن استراتيجية الغرب فى تفتيت العالم الاسلامى والافريقى تتم تحت نظرية فرق تسد. والغريب فى الأمر ان قادة هذه الدول ينفذون هذا المخطط ولكن لا أدرى ان كانوا لا يعلمون فتلك مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر. ولكن المخطط يسير وفق الخطة.
وبدأ المخطط بالعراق والغزو الغاشم، والخطة بعد الخروج بتقسيم العراق الى ثلاث دول: كردية فى الشمال ودولة شيعية فى الجنوب ودولة سنية فى الوسط. وما يشهده العراق اليوم من حرب اهلية وتفجيرات ودماء واشلاء واعتصامات وطائفية سنة وشيعية واكراد، فإن المسألة مسألة وقت فقط ان ظل هذا التشرذم والموت.
أما السعودية فإن الدور عليها سنة وشيعة فى الشرق. والبحرين ستقسم إلى الى سنة وشيعة. واليمن إلى جنوبى وشمالى، وشمال شرق شيعة يقودها الحيثيون، أما السودان فسوف يقسم إلى شمال عربي نيلى وجنوب مسيحى نصرانى وغرب عرقى وشرق قبلى. والمخطط يسير بهدوء نحو أهدافه!!
وفى لقاء قديم بصحيفة «الشرق الاوسط» مع د. لا اكول قال: «إن انفصال الجنوب لن يكون فى صالح دولة شمال السودان بل سيكون وبالاً عليها وعلى كل دول الجوار مثل اوغندا وكينيا واثيوبيا، وان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، وهى دعوة لصوملة جنوب السودان» انتهى.
إن البلد مثخنة بالجراح وفى خطر عظيم، فوحدته مهددة بالاندثار، فقد علت القبلية والجهوية مكان الوطنية. وهذه ام المصائب والفواجع.. بلد اذا أردت ان تفتح بلاغاً لدى الشرطة تُسأل عن القبيلة، واذا أردت ان توظف تسأل عن القبيلة، فقد عدنا الى الوراء وانحططنا عكس أسلافنا الذين كانوا يتغنون: «مالى ومال عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز».
إننا بالطبع لا نريد وطناً بدون دولة وبلا جيش قومى موحد بقيادة وطنية مؤهلة مدركة، نريد دولة بقضاء عادل ناجز مهاب بعيد عن السياسة مستقل، دولة بأجهزة امنية قادرة قوية بوحدتها وبرصيد معنوى وايمان راسخ بمعانى الوطنية بعيدة من الشبهات واتهامهات فى ولائها الوطنى. ان هذا الوطن الجميل نيله الخالد الجارى منذ بداية التاريخ وارضه البكر التى ما فتئت تعطى، ومازال بلد يستخرج الذهب من باطن الارض بالطرق البدائية التقليدية بالطورية والحفارة اليدوية، فيضحى الشخص بين عشية وضحاها من الأثرياء.. بلد معادنه كثيرة بباطنه كامنة، بلد الماشية فيه ترعى من العشب الطبيعى ومن ما تجود به الطبيعة، بلد أمطاره تنزل بغزارة بإذن الله فى ميقات ينتظره الناس كعودة الغائب فينمو ويزدهر الزرع والضرع.. بلد انسانه من أنبل وأكرم وأشجع الناس، وقد تعلم أبناؤه باكراً وعلموا غيرهم، فلماذا نسمح بأن تذبح الوحدة الوطنية؟! ولماذا نسمح بالحروب بين أهله وقبائله؟! من يشعل هذا الفتن المظلمة كقطع الليل؟ من وراءها فى دارفور؟! ليس تمرد على الدولة فحسب بل يتقاتل ابناء العمومية وبسلاح فتاك يماثل سلاح القوات المسلحة فمن سلح هؤلاء؟ من وفر هذه الذخيرة التى تحصد ارواح الابرياء كل يوم ؟! وهناك انفلات امنى فى كل ركن من اركان الاقليم؟! ان قومية القوات المسلحة تحتم على الشعب الوقوف معها ومساندتها ومؤازرتها.. انها اليوم فى حالة لا تحسد عليها. فهى تقاتل فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وفى اقليم دارفور والآن فى شمال كردفان. والشرق فيه ارهاصات، فهل يراد لها هذا الاستنزاف؟ أم هذا قدرها؟! ماذا فعل أهل السياسة؟ الم يكن فى الامكان سلك طرق أخرى توقف الحرب عبر المفاوضات الجادة؟!
بلد كل شيء فيه يدل على الانهيار، بلد بلغ فيه عدد الاحزاب المسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب «173» حزباً بقاعدة وقيادة ودور وحسابات الانشقاقات طالت الاحزاب الكبيرة.. فقد تناسلت كالاميبيا.. حزب الامة سبعة أحزاب.. الجبهة الاسلامية انقسمت الى سبعة احزاب.. الاتحادى الديمقراطى انقسم الى سبعة أحزاب.. الحزب الشيوعى صار ثلاثة أحزاب.. الحزب الناصرى على قلة عضويته انقسم الى حزبين.. حزب البعث العربى الاشتراكى انقسم الى ثلاثة أحزاب. انصار السنة المحمدية صاروا ثلاث مجموعات. وعن جامعاتنا حدث ولا حرج.. ملتوف وسيخ وعنف غير مبرر بلغ حد الموت.. طالب يقتل طالباً. وفوق هذا كله انهيار اقتصادى يقاس بالعملة الصعبة التى تستجلب بها كل مدخلات الانتاج الصناعى والزراعى، بل حتى السلع الهامشية واحتياجات القوات المسلحة كلها بالدولار الذى صارع الجنيه فأرداه قتيلاً.. بلد مظاهر الطبقية بادية عليه.. العمارات الشاهقة كالنبت الشيطانى فى كل أحياء الخرطوم الراقية.. والاسواق الطبقية لها روادها، وفى كل شارع رئيسى سيوبر مارك فيه كل انتاج الدنيا من الفاكهة.. تفاح امريكى وجنوب افريقى، وبرتقال هندى ونبق فارسى.. مفارقات.. بلد كانت فيه الطبقة الوسطى طبقة الموظفين وهم قادة المجتمع ولكنها تلاشت تماماً.
بلد ساءت فيه الاخلاق فبدت الظواهر السالبة.. اغتصاب الاطفال .. مرض الايدز وتدنى الخدمات الصحية التى صارت خدمة خمس نجوم لمن يريد.. بلد الغلاء الطاحن فيه طال اللحم واللبن والخضار والخبز والسكر والزيوت.. والزراعة انهارت وكسدت فصار السمسم والفول والبذرة زيوت أهل السودان.. معاصر حديثة وتقليدية وصار المستورد أرخص من المحلى لندرته وقلة انتاجه.
كل هذا يتطلب تحركاً سريعاً قبل فوات الأوان. ونريد دولة وطن وليس دولة حزب أو احزاب حكومة قومية لا تستثنى أحداً، ويتحمل الجميع مسؤولية الوطن وايقاف الحرب فوراً.
ماذا يعنى انهيار مشروعات الجزيرة والسوكى والرهد وحلفا والمرفق الحيوى السكة حديد رغم محاولات النهوض بها، والمؤتمر الذى كان شعاره لا بديل للسكة حديد الاَّ السكة حديد والنقل النهرى صار فى خبر كان.
أما آن لهذه القوات الباسلة ان تستريح قليلاً طالما هنالك طرق أخرى يمكن ان يسلكها السياسيون كما فعلوا مع الحركة الشعبية بنيفاشا رغم خوازيقها؟ إن قرار الحرب اسهل من شرب الماء، ولكن قرار إيقافها هو الاصعب، ولكنه طريق السلام والأمن المستدام. إن اعلان الحكومة واستعدادها للعودة للمفاوضات قرار موفق يسنده العقل والمنطق السليم، ولا يعنى ذلك مطلقاً الخزلان والاستسلام، ولكن في مسارين متساووين حتى تضع الحرب اوزارها، ثم لا يترك الأمر لدعاة الحرب فقط وناس «المديدة حرقتنى» الذين يصولون ويجولون، ولنا رصيد وتجارب من حرب الجنوب. فقد كان الوفد فى قمة المفاوضات ونسمع باحتلال مدينة كذا، ولكن يرد الجيش الصاع صاعين وتسترد المدينة، ولكن الحكومة لا توقف التفاوض، فليمض دكتور غندور مع دعواتنا له بالنجاح، وان القوات المسلحة قادرة على ان تعيد الأمر الى ما كان عليه، وابو كرشولا كانت مسألة وقت لا غير كما حدث.
ونطالب بحل قومى لكل قضايا الوطن، فإن أهل السودان قادرون على ذلك، ويكفينا تدويل قضايا الوطن الذي جلب لنا الذّل والهوان، والكل يدخل انفه فى الشأن السودانى.. دول لها بعثات دبلوماسية لا تكتفى بذلك بل ترسل مبعوثاً خاصاً ماذا يفعل؟ الله اعلم كيف تسمح الحكومة بذلك لا أدرى ؟! أما منظمات حقوق الانسان فلها وجود دائم فى السودان.
إن شمولية النظر لقضايا الوطن تحتم على الحكومة اعادة النظر فى منهج الحكم واشراك القوى الحية حزبية ومنظمات مجتمع مدنى فى الحلول. ولم يعد الحال يحتمل الانفرادية فى اتخاذ القرارات المصيرية كالتى أدت الى فصل الجنوب وإشعال لهيب دارفور، وتدخل المحكمة الدولية فى الشأن السودانى الذى بلغ حد المطالبة بمثول رئيس الجمهورية أمامها. وعلى المعارضة السودانية النظر بعين ثاقبة لما آل اليه الوطن والتنازل من أجل ما بقي من وطن مثخن بالجراح.

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه
ان الوطن مثخن بالجراح.. إنه فى خطر عظيم ووحدته مهددة. إنها أزمة هى الأصعب والأكثر تعقيد اً وإيلاماً. وعلى الحكومة والمعارضة النظر بعمق فى مآلات الأزمة التى ربما تعصف بالوطن وتحويله الى دويلات صغيرة تتجاذبها الحروب الأهلية الطاحنة حتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يحدث اليوم في إقليمي دارفور وكردفان وبين بطون المسيرية بوصفه أنموذجاً.
إن أزمة الحكم تفاقمت وبلغت حد التفكيك الذى بدأ بالجنوب، وأرى السيناريو المرسوم يسير بخطى حثيثة نحو التفكيك الكلى للوطن ان لم ننتبه للمخطط الخبيث الماكر.
وظللت أتابع باهتمام بالغ ما يكتب عن السودان عبر الوسائط الاعلامية المتاحة لى، فشّد انتباهى مصطلح الفوضى الخلاقة، ومصطلح الشرق الأوسط الكبير. وكلها أفكار غربية شيطانية استخباراتية تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية. ومثال لذلك قائمة الدول الراعية للارهاب الذي دمغ به السودان فصار ضمن محور الشر ويتوسط ايران وكوبا وسوريا. مع إن السودان تعاون مع الادارة الامريكية فى مكافحة الارهاب، ولم تشفع له اشادة وزير الخارجية الامريكية الأسبق كولن باول واصفاً التعاون بأنه منقطع النظير، وظلت المؤامرات تحاك فى نار هادئة ضد السودان او قل حكومة الانقاذ، فكانت المؤامرة الكبرى التى نجحوا فيها بفصل الجنوب وقيام دولة ذات سيادة بالرقم «193».
إن استراتيجية الغرب فى تفتيت العالم الاسلامى والافريقى تتم تحت نظرية فرق تسد. والغريب فى الأمر ان قادة هذه الدول ينفذون هذا المخطط ولكن لا أدرى ان كانوا لا يعلمون فتلك مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر. ولكن المخطط يسير وفق الخطة.
وبدأ المخطط بالعراق والغزو الغاشم، والخطة بعد الخروج بتقسيم العراق الى ثلاث دول: كردية فى الشمال ودولة شيعية فى الجنوب ودولة سنية فى الوسط. وما يشهده العراق اليوم من حرب اهلية وتفجيرات ودماء واشلاء واعتصامات وطائفية سنة وشيعية واكراد، فإن المسألة مسألة وقت فقط ان ظل هذا التشرذم والموت.
أما السعودية فإن الدور عليها سنة وشيعة فى الشرق. والبحرين ستقسم إلى الى سنة وشيعة. واليمن إلى جنوبى وشمالى، وشمال شرق شيعة يقودها الحيثيون، أما السودان فسوف يقسم إلى شمال عربي نيلى وجنوب مسيحى نصرانى وغرب عرقى وشرق قبلى. والمخطط يسير بهدوء نحو أهدافه!!
وفى لقاء قديم بصحيفة «الشرق الاوسط» مع د. لا اكول قال: «إن انفصال الجنوب لن يكون فى صالح دولة شمال السودان بل سيكون وبالاً عليها وعلى كل دول الجوار مثل اوغندا وكينيا واثيوبيا، وان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، وهى دعوة لصوملة جنوب السودان» انتهى.
إن البلد مثخنة بالجراح وفى خطر عظيم، فوحدته مهددة بالاندثار، فقد علت القبلية والجهوية مكان الوطنية. وهذه ام المصائب والفواجع.. بلد اذا أردت ان تفتح بلاغاً لدى الشرطة تُسأل عن القبيلة، واذا أردت ان توظف تسأل عن القبيلة، فقد عدنا الى الوراء وانحططنا عكس أسلافنا الذين كانوا يتغنون: «مالى ومال عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز».
إننا بالطبع لا نريد وطناً بدون دولة وبلا جيش قومى موحد بقيادة وطنية مؤهلة مدركة، نريد دولة بقضاء عادل ناجز مهاب بعيد عن السياسة مستقل، دولة بأجهزة امنية قادرة قوية بوحدتها وبرصيد معنوى وايمان راسخ بمعانى الوطنية بعيدة من الشبهات واتهامهات فى ولائها الوطنى. ان هذا الوطن الجميل نيله الخالد الجارى منذ بداية التاريخ وارضه البكر التى ما فتئت تعطى، ومازال بلد يستخرج الذهب من باطن الارض بالطرق البدائية التقليدية بالطورية والحفارة اليدوية، فيضحى الشخص بين عشية وضحاها من الأثرياء.. بلد معادنه كثيرة بباطنه كامنة، بلد الماشية فيه ترعى من العشب الطبيعى ومن ما تجود به الطبيعة، بلد أمطاره تنزل بغزارة بإذن الله فى ميقات ينتظره الناس كعودة الغائب فينمو ويزدهر الزرع والضرع.. بلد انسانه من أنبل وأكرم وأشجع الناس، وقد تعلم أبناؤه باكراً وعلموا غيرهم، فلماذا نسمح بأن تذبح الوحدة الوطنية؟! ولماذا نسمح بالحروب بين أهله وقبائله؟! من يشعل هذا الفتن المظلمة كقطع الليل؟ من وراءها فى دارفور؟! ليس تمرد على الدولة فحسب بل يتقاتل ابناء العمومية وبسلاح فتاك يماثل سلاح القوات المسلحة فمن سلح هؤلاء؟ من وفر هذه الذخيرة التى تحصد ارواح الابرياء كل يوم ؟! وهناك انفلات امنى فى كل ركن من اركان الاقليم؟! ان قومية القوات المسلحة تحتم على الشعب الوقوف معها ومساندتها ومؤازرتها.. انها اليوم فى حالة لا تحسد عليها. فهى تقاتل فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وفى اقليم دارفور والآن فى شمال كردفان. والشرق فيه ارهاصات، فهل يراد لها هذا الاستنزاف؟ أم هذا قدرها؟! ماذا فعل أهل السياسة؟ الم يكن فى الامكان سلك طرق أخرى توقف الحرب عبر المفاوضات الجادة؟!
بلد كل شيء فيه يدل على الانهيار، بلد بلغ فيه عدد الاحزاب المسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب «173» حزباً بقاعدة وقيادة ودور وحسابات الانشقاقات طالت الاحزاب الكبيرة.. فقد تناسلت كالاميبيا.. حزب الامة سبعة أحزاب.. الجبهة الاسلامية انقسمت الى سبعة احزاب.. الاتحادى الديمقراطى انقسم الى سبعة أحزاب.. الحزب الشيوعى صار ثلاثة أحزاب.. الحزب الناصرى على قلة عضويته انقسم الى حزبين.. حزب البعث العربى الاشتراكى انقسم الى ثلاثة أحزاب. انصار السنة المحمدية صاروا ثلاث مجموعات. وعن جامعاتنا حدث ولا حرج.. ملتوف وسيخ وعنف غير مبرر بلغ حد الموت.. طالب يقتل طالباً. وفوق هذا كله انهيار اقتصادى يقاس بالعملة الصعبة التى تستجلب بها كل مدخلات الانتاج الصناعى والزراعى، بل حتى السلع الهامشية واحتياجات القوات المسلحة كلها بالدولار الذى صارع الجنيه فأرداه قتيلاً.. بلد مظاهر الطبقية بادية عليه.. العمارات الشاهقة كالنبت الشيطانى فى كل أحياء الخرطوم الراقية.. والاسواق الطبقية لها روادها، وفى كل شارع رئيسى سيوبر مارك فيه كل انتاج الدنيا من الفاكهة.. تفاح امريكى وجنوب افريقى، وبرتقال هندى ونبق فارسى.. مفارقات.. بلد كانت فيه الطبقة الوسطى طبقة الموظفين وهم قادة المجتمع ولكنها تلاشت تماماً.
بلد ساءت فيه الاخلاق فبدت الظواهر السالبة.. اغتصاب الاطفال .. مرض الايدز وتدنى الخدمات الصحية التى صارت خدمة خمس نجوم لمن يريد.. بلد الغلاء الطاحن فيه طال اللحم واللبن والخضار والخبز والسكر والزيوت.. والزراعة انهارت وكسدت فصار السمسم والفول والبذرة زيوت أهل السودان.. معاصر حديثة وتقليدية وصار المستورد أرخص من المحلى لندرته وقلة انتاجه.
كل هذا يتطلب تحركاً سريعاً قبل فوات الأوان. ونريد دولة وطن وليس دولة حزب أو احزاب حكومة قومية لا تستثنى أحداً، ويتحمل الجميع مسؤولية الوطن وايقاف الحرب فوراً.
ماذا يعنى انهيار مشروعات الجزيرة والسوكى والرهد وحلفا والمرفق الحيوى السكة حديد رغم محاولات النهوض بها، والمؤتمر الذى كان شعاره لا بديل للسكة حديد الاَّ السكة حديد والنقل النهرى صار فى خبر كان.
أما آن لهذه القوات الباسلة ان تستريح قليلاً طالما هنالك طرق أخرى يمكن ان يسلكها السياسيون كما فعلوا مع الحركة الشعبية بنيفاشا رغم خوازيقها؟ إن قرار الحرب اسهل من شرب الماء، ولكن قرار إيقافها هو الاصعب، ولكنه طريق السلام والأمن المستدام. إن اعلان الحكومة واستعدادها للعودة للمفاوضات قرار موفق يسنده العقل والمنطق السليم، ولا يعنى ذلك مطلقاً الخزلان والاستسلام، ولكن في مسارين متساووين حتى تضع الحرب اوزارها، ثم لا يترك الأمر لدعاة الحرب فقط وناس «المديدة حرقتنى» الذين يصولون ويجولون، ولنا رصيد وتجارب من حرب الجنوب. فقد كان الوفد فى قمة المفاوضات ونسمع باحتلال مدينة كذا، ولكن يرد الجيش الصاع صاعين وتسترد المدينة، ولكن الحكومة لا توقف التفاوض، فليمض دكتور غندور مع دعواتنا له بالنجاح، وان القوات المسلحة قادرة على ان تعيد الأمر الى ما كان عليه، وابو كرشولا كانت مسألة وقت لا غير كما حدث.
ونطالب بحل قومى لكل قضايا الوطن، فإن أهل السودان قادرون على ذلك، ويكفينا تدويل قضايا الوطن الذي جلب لنا الذّل والهوان، والكل يدخل انفه فى الشأن السودانى.. دول لها بعثات دبلوماسية لا تكتفى بذلك بل ترسل مبعوثاً خاصاً ماذا يفعل؟ الله اعلم كيف تسمح الحكومة بذلك لا أدرى ؟! أما منظمات حقوق الانسان فلها وجود دائم فى السودان.
إن شمولية النظر لقضايا الوطن تحتم على الحكومة اعادة النظر فى منهج الحكم واشراك القوى الحية حزبية ومنظمات مجتمع مدنى فى الحلول. ولم يعد الحال يحتمل الانفرادية فى اتخاذ القرارات المصيرية كالتى أدت الى فصل الجنوب وإشعال لهيب دارفور، وتدخل المحكمة الدولية فى الشأن السودانى الذى بلغ حد المطالبة بمثول رئيس الجمهورية أمامها. وعلى المعارضة السودانية النظر بعين ثاقبة لما آل اليه الوطن والتنازل من أجل ما بقي من وطن مثخن بالجراح.

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه

لوطن في وضع يحتاج فيه لكل أبنائه
ان الوطن مثخن بالجراح.. إنه فى خطر عظيم ووحدته مهددة. إنها أزمة هى الأصعب والأكثر تعقيد اً وإيلاماً. وعلى الحكومة والمعارضة النظر بعمق فى مآلات الأزمة التى ربما تعصف بالوطن وتحويله الى دويلات صغيرة تتجاذبها الحروب الأهلية الطاحنة حتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يحدث اليوم في إقليمي دارفور وكردفان وبين بطون المسيرية بوصفه أنموذجاً.
إن أزمة الحكم تفاقمت وبلغت حد التفكيك الذى بدأ بالجنوب، وأرى السيناريو المرسوم يسير بخطى حثيثة نحو التفكيك الكلى للوطن ان لم ننتبه للمخطط الخبيث الماكر.
وظللت أتابع باهتمام بالغ ما يكتب عن السودان عبر الوسائط الاعلامية المتاحة لى، فشّد انتباهى مصطلح الفوضى الخلاقة، ومصطلح الشرق الأوسط الكبير. وكلها أفكار غربية شيطانية استخباراتية تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية. ومثال لذلك قائمة الدول الراعية للارهاب الذي دمغ به السودان فصار ضمن محور الشر ويتوسط ايران وكوبا وسوريا. مع إن السودان تعاون مع الادارة الامريكية فى مكافحة الارهاب، ولم تشفع له اشادة وزير الخارجية الامريكية الأسبق كولن باول واصفاً التعاون بأنه منقطع النظير، وظلت المؤامرات تحاك فى نار هادئة ضد السودان او قل حكومة الانقاذ، فكانت المؤامرة الكبرى التى نجحوا فيها بفصل الجنوب وقيام دولة ذات سيادة بالرقم «193».
إن استراتيجية الغرب فى تفتيت العالم الاسلامى والافريقى تتم تحت نظرية فرق تسد. والغريب فى الأمر ان قادة هذه الدول ينفذون هذا المخطط ولكن لا أدرى ان كانوا لا يعلمون فتلك مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر. ولكن المخطط يسير وفق الخطة.
وبدأ المخطط بالعراق والغزو الغاشم، والخطة بعد الخروج بتقسيم العراق الى ثلاث دول: كردية فى الشمال ودولة شيعية فى الجنوب ودولة سنية فى الوسط. وما يشهده العراق اليوم من حرب اهلية وتفجيرات ودماء واشلاء واعتصامات وطائفية سنة وشيعية واكراد، فإن المسألة مسألة وقت فقط ان ظل هذا التشرذم والموت.
أما السعودية فإن الدور عليها سنة وشيعة فى الشرق. والبحرين ستقسم إلى الى سنة وشيعة. واليمن إلى جنوبى وشمالى، وشمال شرق شيعة يقودها الحيثيون، أما السودان فسوف يقسم إلى شمال عربي نيلى وجنوب مسيحى نصرانى وغرب عرقى وشرق قبلى. والمخطط يسير بهدوء نحو أهدافه!!
وفى لقاء قديم بصحيفة «الشرق الاوسط» مع د. لا اكول قال: «إن انفصال الجنوب لن يكون فى صالح دولة شمال السودان بل سيكون وبالاً عليها وعلى كل دول الجوار مثل اوغندا وكينيا واثيوبيا، وان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب، وهى دعوة لصوملة جنوب السودان» انتهى.
إن البلد مثخنة بالجراح وفى خطر عظيم، فوحدته مهددة بالاندثار، فقد علت القبلية والجهوية مكان الوطنية. وهذه ام المصائب والفواجع.. بلد اذا أردت ان تفتح بلاغاً لدى الشرطة تُسأل عن القبيلة، واذا أردت ان توظف تسأل عن القبيلة، فقد عدنا الى الوراء وانحططنا عكس أسلافنا الذين كانوا يتغنون: «مالى ومال عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز».
إننا بالطبع لا نريد وطناً بدون دولة وبلا جيش قومى موحد بقيادة وطنية مؤهلة مدركة، نريد دولة بقضاء عادل ناجز مهاب بعيد عن السياسة مستقل، دولة بأجهزة امنية قادرة قوية بوحدتها وبرصيد معنوى وايمان راسخ بمعانى الوطنية بعيدة من الشبهات واتهامهات فى ولائها الوطنى. ان هذا الوطن الجميل نيله الخالد الجارى منذ بداية التاريخ وارضه البكر التى ما فتئت تعطى، ومازال بلد يستخرج الذهب من باطن الارض بالطرق البدائية التقليدية بالطورية والحفارة اليدوية، فيضحى الشخص بين عشية وضحاها من الأثرياء.. بلد معادنه كثيرة بباطنه كامنة، بلد الماشية فيه ترعى من العشب الطبيعى ومن ما تجود به الطبيعة، بلد أمطاره تنزل بغزارة بإذن الله فى ميقات ينتظره الناس كعودة الغائب فينمو ويزدهر الزرع والضرع.. بلد انسانه من أنبل وأكرم وأشجع الناس، وقد تعلم أبناؤه باكراً وعلموا غيرهم، فلماذا نسمح بأن تذبح الوحدة الوطنية؟! ولماذا نسمح بالحروب بين أهله وقبائله؟! من يشعل هذا الفتن المظلمة كقطع الليل؟ من وراءها فى دارفور؟! ليس تمرد على الدولة فحسب بل يتقاتل ابناء العمومية وبسلاح فتاك يماثل سلاح القوات المسلحة فمن سلح هؤلاء؟ من وفر هذه الذخيرة التى تحصد ارواح الابرياء كل يوم ؟! وهناك انفلات امنى فى كل ركن من اركان الاقليم؟! ان قومية القوات المسلحة تحتم على الشعب الوقوف معها ومساندتها ومؤازرتها.. انها اليوم فى حالة لا تحسد عليها. فهى تقاتل فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وفى اقليم دارفور والآن فى شمال كردفان. والشرق فيه ارهاصات، فهل يراد لها هذا الاستنزاف؟ أم هذا قدرها؟! ماذا فعل أهل السياسة؟ الم يكن فى الامكان سلك طرق أخرى توقف الحرب عبر المفاوضات الجادة؟!
بلد كل شيء فيه يدل على الانهيار، بلد بلغ فيه عدد الاحزاب المسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب «173» حزباً بقاعدة وقيادة ودور وحسابات الانشقاقات طالت الاحزاب الكبيرة.. فقد تناسلت كالاميبيا.. حزب الامة سبعة أحزاب.. الجبهة الاسلامية انقسمت الى سبعة احزاب.. الاتحادى الديمقراطى انقسم الى سبعة أحزاب.. الحزب الشيوعى صار ثلاثة أحزاب.. الحزب الناصرى على قلة عضويته انقسم الى حزبين.. حزب البعث العربى الاشتراكى انقسم الى ثلاثة أحزاب. انصار السنة المحمدية صاروا ثلاث مجموعات. وعن جامعاتنا حدث ولا حرج.. ملتوف وسيخ وعنف غير مبرر بلغ حد الموت.. طالب يقتل طالباً. وفوق هذا كله انهيار اقتصادى يقاس بالعملة الصعبة التى تستجلب بها كل مدخلات الانتاج الصناعى والزراعى، بل حتى السلع الهامشية واحتياجات القوات المسلحة كلها بالدولار الذى صارع الجنيه فأرداه قتيلاً.. بلد مظاهر الطبقية بادية عليه.. العمارات الشاهقة كالنبت الشيطانى فى كل أحياء الخرطوم الراقية.. والاسواق الطبقية لها روادها، وفى كل شارع رئيسى سيوبر مارك فيه كل انتاج الدنيا من الفاكهة.. تفاح امريكى وجنوب افريقى، وبرتقال هندى ونبق فارسى.. مفارقات.. بلد كانت فيه الطبقة الوسطى طبقة الموظفين وهم قادة المجتمع ولكنها تلاشت تماماً.
بلد ساءت فيه الاخلاق فبدت الظواهر السالبة.. اغتصاب الاطفال .. مرض الايدز وتدنى الخدمات الصحية التى صارت خدمة خمس نجوم لمن يريد.. بلد الغلاء الطاحن فيه طال اللحم واللبن والخضار والخبز والسكر والزيوت.. والزراعة انهارت وكسدت فصار السمسم والفول والبذرة زيوت أهل السودان.. معاصر حديثة وتقليدية وصار المستورد أرخص من المحلى لندرته وقلة انتاجه.
كل هذا يتطلب تحركاً سريعاً قبل فوات الأوان. ونريد دولة وطن وليس دولة حزب أو احزاب حكومة قومية لا تستثنى أحداً، ويتحمل الجميع مسؤولية الوطن وايقاف الحرب فوراً.
ماذا يعنى انهيار مشروعات الجزيرة والسوكى والرهد وحلفا والمرفق الحيوى السكة حديد رغم محاولات النهوض بها، والمؤتمر الذى كان شعاره لا بديل للسكة حديد الاَّ السكة حديد والنقل النهرى صار فى خبر كان.
أما آن لهذه القوات الباسلة ان تستريح قليلاً طالما هنالك طرق أخرى يمكن ان يسلكها السياسيون كما فعلوا مع الحركة الشعبية بنيفاشا رغم خوازيقها؟ إن قرار الحرب اسهل من شرب الماء، ولكن قرار إيقافها هو الاصعب، ولكنه طريق السلام والأمن المستدام. إن اعلان الحكومة واستعدادها للعودة للمفاوضات قرار موفق يسنده العقل والمنطق السليم، ولا يعنى ذلك مطلقاً الخزلان والاستسلام، ولكن في مسارين متساووين حتى تضع الحرب اوزارها، ثم لا يترك الأمر لدعاة الحرب فقط وناس «المديدة حرقتنى» الذين يصولون ويجولون، ولنا رصيد وتجارب من حرب الجنوب. فقد كان الوفد فى قمة المفاوضات ونسمع باحتلال مدينة كذا، ولكن يرد الجيش الصاع صاعين وتسترد المدينة، ولكن الحكومة لا توقف التفاوض، فليمض دكتور غندور مع دعواتنا له بالنجاح، وان القوات المسلحة قادرة على ان تعيد الأمر الى ما كان عليه، وابو كرشولا كانت مسألة وقت لا غير كما حدث.
ونطالب بحل قومى لكل قضايا الوطن، فإن أهل السودان قادرون على ذلك، ويكفينا تدويل قضايا الوطن الذي جلب لنا الذّل والهوان، والكل يدخل انفه فى الشأن السودانى.. دول لها بعثات دبلوماسية لا تكتفى بذلك بل ترسل مبعوثاً خاصاً ماذا يفعل؟ الله اعلم كيف تسمح الحكومة بذلك لا أدرى ؟! أما منظمات حقوق الانسان فلها وجود دائم فى السودان.
إن شمولية النظر لقضايا الوطن تحتم على الحكومة اعادة النظر فى منهج الحكم واشراك القوى الحية حزبية ومنظمات مجتمع مدنى فى الحلول. ولم يعد الحال يحتمل الانفرادية فى اتخاذ القرارات المصيرية كالتى أدت الى فصل الجنوب وإشعال لهيب دارفور، وتدخل المحكمة الدولية فى الشأن السودانى الذى بلغ حد المطالبة بمثول رئيس الجمهورية أمامها. وعلى المعارضة السودانية النظر بعين ثاقبة لما آل اليه الوطن والتنازل من أجل ما بقي من وطن مثخن بالجراح.

ما يستفاد من درس أبو كرشولا



ما يستفاد من درس أبو كرشولا
ان الرسائل التي ارسلها رئيس الجمهورية عمر البشير في الاحتفال الذي نظم امام القيادة العامة للقوات المسلحة بمناسبة استرداد الجيش لمنطقة ابو كرشولا، والتي دخلتها قوات ما تسمى الجبهة الثورية في السابع والعشرين من ابريل الماضي، وحررتها القوات المسلحة في السابع والعشرين من مايو الجاري، اي قرابة الشهر حسب ما فاد به السيد جلال تاور رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق بالمجلس الوطني، وهو من ابناء جنوب كردفان، هذه الرسائل تمثلت في انه لا تفاوض مع عميل أو خائن باع الوطن، والرسالة الثانية أن القوات المسلحة السودانية هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، والرسالة الثالثة لا شيء اسمه قطاع الشمال أو تحرير السودان أو جبهة ثورية. والرسالة الرابعة لدولة جنوب السودان مفادها أن السودان ملتزم بالاتفاقيات الموقعة مع دولة الجنوب شريطة ان تلتزم بالكف عن دعم المتمردين في دارفور وجنوب كردفان، واذا لم يتوقف الدعم ستعتبر الاتفاقيات لاغية.
وهذه الرسائل بشكلها هذا قد وضعت إطاراً عسكرياً لمشكلة تطاول حركات التمرد على اهل السودان والنيل من حالة الامن والاستقرار التي سادت وقتاً طويلا لم يعكر صفوها غير هذا الهجوم الاخير على ام روابة وابو كرشولا، وهذه الرسائل في مجملها عسكرية، فعندما يقول رئيس الجمهورية إن القوات المسلحة هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، فهذا يعني ان القوات المسلحة تحتاج لمزيد من الدعم والتأهيل والتطوير والاهتمام بمنظومة الفرد داخل المؤسسة العسكرية، وفي هذا اشارة الى حديث رئيس الجمهورية وهو يقول ان معظم الجيوش الافريقية انهارت امام حركات التمرد الا الجيش السوداني، فهذا يعني المزيد من الضغط على الجيش السوداني من قبل حركات التمرد ومن يقف وراءها من الداعمين ان كان من دول الجوار او من المجتمع الدولي في اشكاله المختلفة، باعتبار أن القوات المسلحة السودانية مازالت تقف حجر عثرة امام المخططات الدولية لتقسيم السودان، ومعظم الجيوش الافريقية في الكنغو ومورتانيا ومدغشقر وغيرها انهارت امام ضربات التمرد، وان الجيش السوداني الذي ظل يقاتل منذ 1955م وحتى تحرير ابو كرشولا امس الاول لم يأخذ الفرصة الكافية من اجل عمليات التطوير والتأهيل، فظل في حالة استنزاف مستمر، وكان يمكن ان يكون تصنيف القوات المسلحة في المرتبة الاولى افريقيا من حيث الخبرة التراكمية في مواجهة تمرد استمر لمدة نصف قرن «1955م ــ 2005م» تخللتها هدنة اتفاقية اديس ابابا «1972م» لكن التقارير الدولية التي تصدر عن معاهد ومراكز دراسات متخصصة لم تذكر تصنيف القوات المسلحة السودانية افريقياً، وقد أشار تقرير سابق صادر عن معهد البحث الاستراتيجي الدولي الذي يتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا له، إلى ان الجيش الجزائري يحتل المركز الثاني في افريقياً من حيث التسليح والتجهيز بعد الجيش المصري، ثم رتب التقرير الجيش المغربي والاثيوبي ثم النيجيري على التوالي بعد مصر والجزائر، رغم ان الجيش المصري لم يختبر منذ حرب اكتوبر 1973م، وظل في حالة ترقب يفرضها واقع اتفاقية كامب ديفيد، ولم يتحرك الجيش المصري الا في الاسبوع الماضي في سيناء لتحرير الجنود السبعة الذين تم اختطافهم، واما الجيش الجزائري ايضا لم يختبر منذ استقلال الجزائر وحتى الآن سوى تلك العملية التي نفذها ضد مجموعة من الجهاديين بقيادة بن مختار في جنوب الجزائر في مارس الماضي قادمين من مالي، وهي ايضا عملية لتحرير بعض العاملين في الحقول النفطية الذين احتجزتهم مجموعة بن مختار، وهي كالتي نفذها الجيش المصري لتحرير الجنود السبعة، ولم يظهر التصنيف الجيش الليبي رغم ان القدرة العسكرية للجيش الليبي كانت كبيرة جداً اذا كان المعيار قوة التسليح، وهذا ما أشار اليه البشير بأن ليبيا مخزن كبير للأسلحة التي ربما تشكل خطراً على القارة الافريقية بعد زوال حكم العقيد القذافي، ولكن تبقى الخبرة التراكمية للجيش السوداني في هذه المعارك الطويلة التي خاضها وهي السند الحقيقي الذي يعول عليه في رسالة البشير الاولى، وهي ان القوات المسلحة تبقى صاحبة الأمر الاول والأخير في حماية تراب الوطن.
اما الرسالة الثانية انه لا تفاوض مع عميل او خائن باع الوطن، وهذا قد يكون مبدأً أصيلاً، ولكن هذا التصنيف قد يحدث فيه لبس بالنسبة للقوى الخارجية، ولكن في الداخل فإن الامر قد لا يحتاج لرفع الضوء ليستبين الأمر، لأنه واضح في رابعة النهار، ولكن هذه المجموعات التي تقاتل الحكومة تقدم مصوغات للمجتمع الدولي بأهداف ربما تجد منه الضوء الاخضر في استمرار العمليات، وربما الدعم والتخطيط مثلما حدث أخيراً، وهذا الامر يتطلب جهداً سياسياً ودبلوماسياً قبل أن يكون عسكرياً، لأن هذه الحركات كما معلوم تحتمي وراء جهات معلومة بالتأكيد للحكومة، وبالتالي فإن الجهد السياسي والدبلوماسي يقلل من الجهد العسكري وان كان في حالات لا بد منه، والحوار الذي يفضي الى دخول قادة التمرد القصر الجمهوري يجب أن يعاد فيه النظر ايضاً ، فلا بد من رؤية واضحة في هذا الأمر تجنب البلاد سياسة الاستنزاف المستمر الذي يشل حركة التنمية والبناء.
أما الرسالة الثالثة وهي عدم الاعتراف بالمجموعات المتمردة «ما في شيء اسمه قطاع الشمال او الجبهة الثورية او تحرير السودان» فهذه تعني ان الحسم العسكري اصبح واقعاً، وان فرص الحوار ستضعف لحساب الميزان العسكري ، لأن الجبهة الثورية اقدمت على دخول ام روابة وابو كرشكولا بينما كانت اديس ابابا تشهد بداية المفاوضات والحوار من اجل حل سلمي، ولكن الجبهة الثورية ارادت ان تعزز موقفها التفاوضي بهذا الهجوم، وترسل رسالة الى الوسطاء لتقول انها اكبر على الارض ويجب أن يحسب لها هذا في حصة التفاوض، ولكن القوات المسلحة ردت على هذا الأمر بتحرير أبو كرشولا، ويبقى الوفد التفاوضي بقيادة البروفيسور غندور في حالة دراسة الاوضاع وتقييم المواقف والامساك بالادلة الجديدة التي خلفها المتمردون بأسماء مختلفة في ابو كرشولا، بالاضافة الى تعزيز هذا الجهد بعمل سياسي ودبلوماسي، خاصة أن البروفيسور غندور هو امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، وقبلها كان أميناً سياسياً، ولديه من الزاد السياسي والدبلوماسي ما يتحرك به لتحقيق الهدف الوطني المطاوب، وكل من يقف وراء هذه الحركات مثل بعض الدول وخاصة دولة الجنوب فإن رسالة البشير كانت واضحة بأن السودان ملتزم بكل الاتفاقيات الموقعة شريطة ان تتخلى حكومة الجنوب عن دعم الحركات المتمردة في دارفور وكردفان، واذا لم يتوقف الدعم فإن هذه الاتفاقيات تعتبر لاغية، وقد يكون هذا الحديث القوي من البشير فيه رسالة واضحة، ويمكن لحكومة الجنوب ان تنظر الى هذا الامر من عدة زوايا، لأن الأمر الاقتصادي في الجنوب اصبح في يد السودان بعد فشلت الحكومة الجنوب في ايجاد بدائل اخرى لتصدير نفطها، بدلاً من السودان. وبالتالي فإن استجابة الجنوب لحديث البشير ستكون بسرعة اكبر مما كان سابقاً حيث التماطل والتلكؤ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهذا ما رمت اليه الحكومة من قبل بتنفيذ الترتيبات الامنية أولاً خوفاً من هذا الدعم ان كان مباشراً او غير مباشر، وهذا ما حمله علي كرتي وزير الخارجية ومحمد عطا مدير جهاز الامن والمخابرات في زيارتهما الاخير ة الى عاصمة الجنوب جوبا.
ولكن تبقى رسائل البشير ناقصة ما لم يكن هنالك جهد كبير يصاحب هذه الرسائل، مستفيداً من حالة الاجماع الوطني والروح التعبوية التي انتظمت الشعب السوداني وساندت القوات المسلحة الى ان كللت بالنجاح بتحرير ابو كرشولا، وهي الاستمرار في حالة تعزيز الثقة في القوات المسلحة، وانها هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، والالتفات الى بناء القدرات بدلاً من بناء العمارات، وان القوات المسلحة ظلت داخل هذه الثكنات العسكرية بحالتها القديمة طوال كل الحقب الوطنية تؤدي رسالتها على اكمل وجه دون ان تنظر للمباني وانما تنظر إلى المعاني الوطنية في رسالتها الاولى وهي حراسة تراب الوطن.
إن عملية تبصير المواطنين وتمليكهم المعلومات امر مهم بأن يعرف الشعب قدر هذا الاستهداف وحجمه وكيفية التعامل معه، وقد تكون هذه القناعة التي توصلت اليها السلطات عقب الهجوم على ابو كرشولا وبادرت فيها عبر وسائل الاعلام واللقاءات الجماهيرية المباشرة الى تمليك الشعب بعضاً من ابعاد هذا الاستهداف، وبالتالي كانت جموع الشعب بمختلف الوان طيفه السياسي سنداً لها، وبذات القدر كانت القوى السياسية، وحتى المؤتمر الشعبي الذي يعتبر ألد اعداء الحكومة لم يكن بعيداً عن حالة الإجماع الوطني، وهذا يتطلب من الحكومة المزيد من الجهد والمرونة لجمع الصف الوطني من أجل حماية الوطن من المتربصين به.

ما يستفاد من درس أبو كرشولا



ما يستفاد من درس أبو كرشولا
ان الرسائل التي ارسلها رئيس الجمهورية عمر البشير في الاحتفال الذي نظم امام القيادة العامة للقوات المسلحة بمناسبة استرداد الجيش لمنطقة ابو كرشولا، والتي دخلتها قوات ما تسمى الجبهة الثورية في السابع والعشرين من ابريل الماضي، وحررتها القوات المسلحة في السابع والعشرين من مايو الجاري، اي قرابة الشهر حسب ما فاد به السيد جلال تاور رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق بالمجلس الوطني، وهو من ابناء جنوب كردفان، هذه الرسائل تمثلت في انه لا تفاوض مع عميل أو خائن باع الوطن، والرسالة الثانية أن القوات المسلحة السودانية هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، والرسالة الثالثة لا شيء اسمه قطاع الشمال أو تحرير السودان أو جبهة ثورية. والرسالة الرابعة لدولة جنوب السودان مفادها أن السودان ملتزم بالاتفاقيات الموقعة مع دولة الجنوب شريطة ان تلتزم بالكف عن دعم المتمردين في دارفور وجنوب كردفان، واذا لم يتوقف الدعم ستعتبر الاتفاقيات لاغية.
وهذه الرسائل بشكلها هذا قد وضعت إطاراً عسكرياً لمشكلة تطاول حركات التمرد على اهل السودان والنيل من حالة الامن والاستقرار التي سادت وقتاً طويلا لم يعكر صفوها غير هذا الهجوم الاخير على ام روابة وابو كرشولا، وهذه الرسائل في مجملها عسكرية، فعندما يقول رئيس الجمهورية إن القوات المسلحة هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، فهذا يعني ان القوات المسلحة تحتاج لمزيد من الدعم والتأهيل والتطوير والاهتمام بمنظومة الفرد داخل المؤسسة العسكرية، وفي هذا اشارة الى حديث رئيس الجمهورية وهو يقول ان معظم الجيوش الافريقية انهارت امام حركات التمرد الا الجيش السوداني، فهذا يعني المزيد من الضغط على الجيش السوداني من قبل حركات التمرد ومن يقف وراءها من الداعمين ان كان من دول الجوار او من المجتمع الدولي في اشكاله المختلفة، باعتبار أن القوات المسلحة السودانية مازالت تقف حجر عثرة امام المخططات الدولية لتقسيم السودان، ومعظم الجيوش الافريقية في الكنغو ومورتانيا ومدغشقر وغيرها انهارت امام ضربات التمرد، وان الجيش السوداني الذي ظل يقاتل منذ 1955م وحتى تحرير ابو كرشولا امس الاول لم يأخذ الفرصة الكافية من اجل عمليات التطوير والتأهيل، فظل في حالة استنزاف مستمر، وكان يمكن ان يكون تصنيف القوات المسلحة في المرتبة الاولى افريقيا من حيث الخبرة التراكمية في مواجهة تمرد استمر لمدة نصف قرن «1955م ــ 2005م» تخللتها هدنة اتفاقية اديس ابابا «1972م» لكن التقارير الدولية التي تصدر عن معاهد ومراكز دراسات متخصصة لم تذكر تصنيف القوات المسلحة السودانية افريقياً، وقد أشار تقرير سابق صادر عن معهد البحث الاستراتيجي الدولي الذي يتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا له، إلى ان الجيش الجزائري يحتل المركز الثاني في افريقياً من حيث التسليح والتجهيز بعد الجيش المصري، ثم رتب التقرير الجيش المغربي والاثيوبي ثم النيجيري على التوالي بعد مصر والجزائر، رغم ان الجيش المصري لم يختبر منذ حرب اكتوبر 1973م، وظل في حالة ترقب يفرضها واقع اتفاقية كامب ديفيد، ولم يتحرك الجيش المصري الا في الاسبوع الماضي في سيناء لتحرير الجنود السبعة الذين تم اختطافهم، واما الجيش الجزائري ايضا لم يختبر منذ استقلال الجزائر وحتى الآن سوى تلك العملية التي نفذها ضد مجموعة من الجهاديين بقيادة بن مختار في جنوب الجزائر في مارس الماضي قادمين من مالي، وهي ايضا عملية لتحرير بعض العاملين في الحقول النفطية الذين احتجزتهم مجموعة بن مختار، وهي كالتي نفذها الجيش المصري لتحرير الجنود السبعة، ولم يظهر التصنيف الجيش الليبي رغم ان القدرة العسكرية للجيش الليبي كانت كبيرة جداً اذا كان المعيار قوة التسليح، وهذا ما أشار اليه البشير بأن ليبيا مخزن كبير للأسلحة التي ربما تشكل خطراً على القارة الافريقية بعد زوال حكم العقيد القذافي، ولكن تبقى الخبرة التراكمية للجيش السوداني في هذه المعارك الطويلة التي خاضها وهي السند الحقيقي الذي يعول عليه في رسالة البشير الاولى، وهي ان القوات المسلحة تبقى صاحبة الأمر الاول والأخير في حماية تراب الوطن.
اما الرسالة الثانية انه لا تفاوض مع عميل او خائن باع الوطن، وهذا قد يكون مبدأً أصيلاً، ولكن هذا التصنيف قد يحدث فيه لبس بالنسبة للقوى الخارجية، ولكن في الداخل فإن الامر قد لا يحتاج لرفع الضوء ليستبين الأمر، لأنه واضح في رابعة النهار، ولكن هذه المجموعات التي تقاتل الحكومة تقدم مصوغات للمجتمع الدولي بأهداف ربما تجد منه الضوء الاخضر في استمرار العمليات، وربما الدعم والتخطيط مثلما حدث أخيراً، وهذا الامر يتطلب جهداً سياسياً ودبلوماسياً قبل أن يكون عسكرياً، لأن هذه الحركات كما معلوم تحتمي وراء جهات معلومة بالتأكيد للحكومة، وبالتالي فإن الجهد السياسي والدبلوماسي يقلل من الجهد العسكري وان كان في حالات لا بد منه، والحوار الذي يفضي الى دخول قادة التمرد القصر الجمهوري يجب أن يعاد فيه النظر ايضاً ، فلا بد من رؤية واضحة في هذا الأمر تجنب البلاد سياسة الاستنزاف المستمر الذي يشل حركة التنمية والبناء.
أما الرسالة الثالثة وهي عدم الاعتراف بالمجموعات المتمردة «ما في شيء اسمه قطاع الشمال او الجبهة الثورية او تحرير السودان» فهذه تعني ان الحسم العسكري اصبح واقعاً، وان فرص الحوار ستضعف لحساب الميزان العسكري ، لأن الجبهة الثورية اقدمت على دخول ام روابة وابو كرشكولا بينما كانت اديس ابابا تشهد بداية المفاوضات والحوار من اجل حل سلمي، ولكن الجبهة الثورية ارادت ان تعزز موقفها التفاوضي بهذا الهجوم، وترسل رسالة الى الوسطاء لتقول انها اكبر على الارض ويجب أن يحسب لها هذا في حصة التفاوض، ولكن القوات المسلحة ردت على هذا الأمر بتحرير أبو كرشولا، ويبقى الوفد التفاوضي بقيادة البروفيسور غندور في حالة دراسة الاوضاع وتقييم المواقف والامساك بالادلة الجديدة التي خلفها المتمردون بأسماء مختلفة في ابو كرشولا، بالاضافة الى تعزيز هذا الجهد بعمل سياسي ودبلوماسي، خاصة أن البروفيسور غندور هو امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، وقبلها كان أميناً سياسياً، ولديه من الزاد السياسي والدبلوماسي ما يتحرك به لتحقيق الهدف الوطني المطاوب، وكل من يقف وراء هذه الحركات مثل بعض الدول وخاصة دولة الجنوب فإن رسالة البشير كانت واضحة بأن السودان ملتزم بكل الاتفاقيات الموقعة شريطة ان تتخلى حكومة الجنوب عن دعم الحركات المتمردة في دارفور وكردفان، واذا لم يتوقف الدعم فإن هذه الاتفاقيات تعتبر لاغية، وقد يكون هذا الحديث القوي من البشير فيه رسالة واضحة، ويمكن لحكومة الجنوب ان تنظر الى هذا الامر من عدة زوايا، لأن الأمر الاقتصادي في الجنوب اصبح في يد السودان بعد فشلت الحكومة الجنوب في ايجاد بدائل اخرى لتصدير نفطها، بدلاً من السودان. وبالتالي فإن استجابة الجنوب لحديث البشير ستكون بسرعة اكبر مما كان سابقاً حيث التماطل والتلكؤ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهذا ما رمت اليه الحكومة من قبل بتنفيذ الترتيبات الامنية أولاً خوفاً من هذا الدعم ان كان مباشراً او غير مباشر، وهذا ما حمله علي كرتي وزير الخارجية ومحمد عطا مدير جهاز الامن والمخابرات في زيارتهما الاخير ة الى عاصمة الجنوب جوبا.
ولكن تبقى رسائل البشير ناقصة ما لم يكن هنالك جهد كبير يصاحب هذه الرسائل، مستفيداً من حالة الاجماع الوطني والروح التعبوية التي انتظمت الشعب السوداني وساندت القوات المسلحة الى ان كللت بالنجاح بتحرير ابو كرشولا، وهي الاستمرار في حالة تعزيز الثقة في القوات المسلحة، وانها هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، والالتفات الى بناء القدرات بدلاً من بناء العمارات، وان القوات المسلحة ظلت داخل هذه الثكنات العسكرية بحالتها القديمة طوال كل الحقب الوطنية تؤدي رسالتها على اكمل وجه دون ان تنظر للمباني وانما تنظر إلى المعاني الوطنية في رسالتها الاولى وهي حراسة تراب الوطن.
إن عملية تبصير المواطنين وتمليكهم المعلومات امر مهم بأن يعرف الشعب قدر هذا الاستهداف وحجمه وكيفية التعامل معه، وقد تكون هذه القناعة التي توصلت اليها السلطات عقب الهجوم على ابو كرشولا وبادرت فيها عبر وسائل الاعلام واللقاءات الجماهيرية المباشرة الى تمليك الشعب بعضاً من ابعاد هذا الاستهداف، وبالتالي كانت جموع الشعب بمختلف الوان طيفه السياسي سنداً لها، وبذات القدر كانت القوى السياسية، وحتى المؤتمر الشعبي الذي يعتبر ألد اعداء الحكومة لم يكن بعيداً عن حالة الإجماع الوطني، وهذا يتطلب من الحكومة المزيد من الجهد والمرونة لجمع الصف الوطني من أجل حماية الوطن من المتربصين به.

ما يستفاد من درس أبو كرشولا



ما يستفاد من درس أبو كرشولا
ان الرسائل التي ارسلها رئيس الجمهورية عمر البشير في الاحتفال الذي نظم امام القيادة العامة للقوات المسلحة بمناسبة استرداد الجيش لمنطقة ابو كرشولا، والتي دخلتها قوات ما تسمى الجبهة الثورية في السابع والعشرين من ابريل الماضي، وحررتها القوات المسلحة في السابع والعشرين من مايو الجاري، اي قرابة الشهر حسب ما فاد به السيد جلال تاور رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق بالمجلس الوطني، وهو من ابناء جنوب كردفان، هذه الرسائل تمثلت في انه لا تفاوض مع عميل أو خائن باع الوطن، والرسالة الثانية أن القوات المسلحة السودانية هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، والرسالة الثالثة لا شيء اسمه قطاع الشمال أو تحرير السودان أو جبهة ثورية. والرسالة الرابعة لدولة جنوب السودان مفادها أن السودان ملتزم بالاتفاقيات الموقعة مع دولة الجنوب شريطة ان تلتزم بالكف عن دعم المتمردين في دارفور وجنوب كردفان، واذا لم يتوقف الدعم ستعتبر الاتفاقيات لاغية.
وهذه الرسائل بشكلها هذا قد وضعت إطاراً عسكرياً لمشكلة تطاول حركات التمرد على اهل السودان والنيل من حالة الامن والاستقرار التي سادت وقتاً طويلا لم يعكر صفوها غير هذا الهجوم الاخير على ام روابة وابو كرشولا، وهذه الرسائل في مجملها عسكرية، فعندما يقول رئيس الجمهورية إن القوات المسلحة هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، فهذا يعني ان القوات المسلحة تحتاج لمزيد من الدعم والتأهيل والتطوير والاهتمام بمنظومة الفرد داخل المؤسسة العسكرية، وفي هذا اشارة الى حديث رئيس الجمهورية وهو يقول ان معظم الجيوش الافريقية انهارت امام حركات التمرد الا الجيش السوداني، فهذا يعني المزيد من الضغط على الجيش السوداني من قبل حركات التمرد ومن يقف وراءها من الداعمين ان كان من دول الجوار او من المجتمع الدولي في اشكاله المختلفة، باعتبار أن القوات المسلحة السودانية مازالت تقف حجر عثرة امام المخططات الدولية لتقسيم السودان، ومعظم الجيوش الافريقية في الكنغو ومورتانيا ومدغشقر وغيرها انهارت امام ضربات التمرد، وان الجيش السوداني الذي ظل يقاتل منذ 1955م وحتى تحرير ابو كرشولا امس الاول لم يأخذ الفرصة الكافية من اجل عمليات التطوير والتأهيل، فظل في حالة استنزاف مستمر، وكان يمكن ان يكون تصنيف القوات المسلحة في المرتبة الاولى افريقيا من حيث الخبرة التراكمية في مواجهة تمرد استمر لمدة نصف قرن «1955م ــ 2005م» تخللتها هدنة اتفاقية اديس ابابا «1972م» لكن التقارير الدولية التي تصدر عن معاهد ومراكز دراسات متخصصة لم تذكر تصنيف القوات المسلحة السودانية افريقياً، وقد أشار تقرير سابق صادر عن معهد البحث الاستراتيجي الدولي الذي يتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا له، إلى ان الجيش الجزائري يحتل المركز الثاني في افريقياً من حيث التسليح والتجهيز بعد الجيش المصري، ثم رتب التقرير الجيش المغربي والاثيوبي ثم النيجيري على التوالي بعد مصر والجزائر، رغم ان الجيش المصري لم يختبر منذ حرب اكتوبر 1973م، وظل في حالة ترقب يفرضها واقع اتفاقية كامب ديفيد، ولم يتحرك الجيش المصري الا في الاسبوع الماضي في سيناء لتحرير الجنود السبعة الذين تم اختطافهم، واما الجيش الجزائري ايضا لم يختبر منذ استقلال الجزائر وحتى الآن سوى تلك العملية التي نفذها ضد مجموعة من الجهاديين بقيادة بن مختار في جنوب الجزائر في مارس الماضي قادمين من مالي، وهي ايضا عملية لتحرير بعض العاملين في الحقول النفطية الذين احتجزتهم مجموعة بن مختار، وهي كالتي نفذها الجيش المصري لتحرير الجنود السبعة، ولم يظهر التصنيف الجيش الليبي رغم ان القدرة العسكرية للجيش الليبي كانت كبيرة جداً اذا كان المعيار قوة التسليح، وهذا ما أشار اليه البشير بأن ليبيا مخزن كبير للأسلحة التي ربما تشكل خطراً على القارة الافريقية بعد زوال حكم العقيد القذافي، ولكن تبقى الخبرة التراكمية للجيش السوداني في هذه المعارك الطويلة التي خاضها وهي السند الحقيقي الذي يعول عليه في رسالة البشير الاولى، وهي ان القوات المسلحة تبقى صاحبة الأمر الاول والأخير في حماية تراب الوطن.
اما الرسالة الثانية انه لا تفاوض مع عميل او خائن باع الوطن، وهذا قد يكون مبدأً أصيلاً، ولكن هذا التصنيف قد يحدث فيه لبس بالنسبة للقوى الخارجية، ولكن في الداخل فإن الامر قد لا يحتاج لرفع الضوء ليستبين الأمر، لأنه واضح في رابعة النهار، ولكن هذه المجموعات التي تقاتل الحكومة تقدم مصوغات للمجتمع الدولي بأهداف ربما تجد منه الضوء الاخضر في استمرار العمليات، وربما الدعم والتخطيط مثلما حدث أخيراً، وهذا الامر يتطلب جهداً سياسياً ودبلوماسياً قبل أن يكون عسكرياً، لأن هذه الحركات كما معلوم تحتمي وراء جهات معلومة بالتأكيد للحكومة، وبالتالي فإن الجهد السياسي والدبلوماسي يقلل من الجهد العسكري وان كان في حالات لا بد منه، والحوار الذي يفضي الى دخول قادة التمرد القصر الجمهوري يجب أن يعاد فيه النظر ايضاً ، فلا بد من رؤية واضحة في هذا الأمر تجنب البلاد سياسة الاستنزاف المستمر الذي يشل حركة التنمية والبناء.
أما الرسالة الثالثة وهي عدم الاعتراف بالمجموعات المتمردة «ما في شيء اسمه قطاع الشمال او الجبهة الثورية او تحرير السودان» فهذه تعني ان الحسم العسكري اصبح واقعاً، وان فرص الحوار ستضعف لحساب الميزان العسكري ، لأن الجبهة الثورية اقدمت على دخول ام روابة وابو كرشكولا بينما كانت اديس ابابا تشهد بداية المفاوضات والحوار من اجل حل سلمي، ولكن الجبهة الثورية ارادت ان تعزز موقفها التفاوضي بهذا الهجوم، وترسل رسالة الى الوسطاء لتقول انها اكبر على الارض ويجب أن يحسب لها هذا في حصة التفاوض، ولكن القوات المسلحة ردت على هذا الأمر بتحرير أبو كرشولا، ويبقى الوفد التفاوضي بقيادة البروفيسور غندور في حالة دراسة الاوضاع وتقييم المواقف والامساك بالادلة الجديدة التي خلفها المتمردون بأسماء مختلفة في ابو كرشولا، بالاضافة الى تعزيز هذا الجهد بعمل سياسي ودبلوماسي، خاصة أن البروفيسور غندور هو امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، وقبلها كان أميناً سياسياً، ولديه من الزاد السياسي والدبلوماسي ما يتحرك به لتحقيق الهدف الوطني المطاوب، وكل من يقف وراء هذه الحركات مثل بعض الدول وخاصة دولة الجنوب فإن رسالة البشير كانت واضحة بأن السودان ملتزم بكل الاتفاقيات الموقعة شريطة ان تتخلى حكومة الجنوب عن دعم الحركات المتمردة في دارفور وكردفان، واذا لم يتوقف الدعم فإن هذه الاتفاقيات تعتبر لاغية، وقد يكون هذا الحديث القوي من البشير فيه رسالة واضحة، ويمكن لحكومة الجنوب ان تنظر الى هذا الامر من عدة زوايا، لأن الأمر الاقتصادي في الجنوب اصبح في يد السودان بعد فشلت الحكومة الجنوب في ايجاد بدائل اخرى لتصدير نفطها، بدلاً من السودان. وبالتالي فإن استجابة الجنوب لحديث البشير ستكون بسرعة اكبر مما كان سابقاً حيث التماطل والتلكؤ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهذا ما رمت اليه الحكومة من قبل بتنفيذ الترتيبات الامنية أولاً خوفاً من هذا الدعم ان كان مباشراً او غير مباشر، وهذا ما حمله علي كرتي وزير الخارجية ومحمد عطا مدير جهاز الامن والمخابرات في زيارتهما الاخير ة الى عاصمة الجنوب جوبا.
ولكن تبقى رسائل البشير ناقصة ما لم يكن هنالك جهد كبير يصاحب هذه الرسائل، مستفيداً من حالة الاجماع الوطني والروح التعبوية التي انتظمت الشعب السوداني وساندت القوات المسلحة الى ان كللت بالنجاح بتحرير ابو كرشولا، وهي الاستمرار في حالة تعزيز الثقة في القوات المسلحة، وانها هي المسؤولة عن حراسة تراب الوطن وأمنه واستقراره، والالتفات الى بناء القدرات بدلاً من بناء العمارات، وان القوات المسلحة ظلت داخل هذه الثكنات العسكرية بحالتها القديمة طوال كل الحقب الوطنية تؤدي رسالتها على اكمل وجه دون ان تنظر للمباني وانما تنظر إلى المعاني الوطنية في رسالتها الاولى وهي حراسة تراب الوطن.
إن عملية تبصير المواطنين وتمليكهم المعلومات امر مهم بأن يعرف الشعب قدر هذا الاستهداف وحجمه وكيفية التعامل معه، وقد تكون هذه القناعة التي توصلت اليها السلطات عقب الهجوم على ابو كرشولا وبادرت فيها عبر وسائل الاعلام واللقاءات الجماهيرية المباشرة الى تمليك الشعب بعضاً من ابعاد هذا الاستهداف، وبالتالي كانت جموع الشعب بمختلف الوان طيفه السياسي سنداً لها، وبذات القدر كانت القوى السياسية، وحتى المؤتمر الشعبي الذي يعتبر ألد اعداء الحكومة لم يكن بعيداً عن حالة الإجماع الوطني، وهذا يتطلب من الحكومة المزيد من الجهد والمرونة لجمع الصف الوطني من أجل حماية الوطن من المتربصين به.

الأربعاء، 29 مايو 2013

الشركات الحكومية "الخاصة" ... الشركات الحكومية "العامة" ساخن بارد

الشركات الحكومية "الخاصة" ... الشركات الحكومية "العامة"
ساخن بارد
محمد وداعة: نشرت صحيفة السودانى الغراء خبرا صغيرا فى صفحتها الثانية ، تصريحات صحفية محدودة أفادت فيها الأستاذةهند الخانجى رئيس لجنة المراجعة الميدانية للكيانات التجارية بالمسجل التجارى العام عن صدور ضوابط بعدم تسجيل اية شركة حكومية لدى المسجل التجارى الا بموافقة من مجلس الوزراء ، و ابانت ان ذلك القرار يأتى فى اطار التضييق و الحد من وجود شركات حكومية كثيرة ، و ان هنالك شركات حكومية لم تتوصل اليها لجنة المراجعة لعدم معرفتها بمقراتها ، واوضحت ان90% من الشركات الحكومية المخالفة وفقت اوضاعها وجار توفيق اوضاع 10% المتبقية ( السودانى 19 مايو 2013 العدد2660 ). يتبادر الى الذهن أن هذه الشركات وفقت اوضاعها لدى مسجل الشركات من حيث أكتمال مستندات التسسجيل والايداعات وتحديد المقرات بشكل واضح وهو أحد أهم أشتراطات قانون الشركات لسنه 1925م تعديل 1996م ، حيث أشترط القانون لاغراض تسجيل الشركة ( خاصة محدودة او حكومية عامة او حكومية خاصة) ان يكون للشركة مقر معلوم وعنوان محدد ، ليس هذا فحسب بل أن القانون ألزم هذه الشركات بإخطار مسجل الشركات بأى تغيرات تطرأ على المعلومات المودعة لدى المسجل بما فى ذلك العنوان ومجالس الادارة ومنصب المدير العام ، ومن البديهيات ان يتساءل المرء ايضا هل هذه الشركات " العامة ، الخاصة" قد أوفت متطلبات قانونية اخرى فيما يتعلق بالضرائب والرقم الضريبى ؟ وهل تدفع مخصص أرباحها لدى الضرائب بشيكات قابلة للسحب ؟ ومنذ متى تتمتع هذه الشركات بأية اعفاءات يعلمها مسجل الشركات ؟ وعما اذا كانت نشاطات هذه الشركات تتسق مع قانون منع الأحتكار ومع قانون منع الاغراق ؟ وماهى الاستثناءات التى تحول بينها وبين الخضوع لقوانين الدولة كافة شأنها شأن مؤسسات الدولة الأخرى كقانون الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية وقانون محاسبة العاملين مادامت لاتتمتع بقوانين خاصة أقرتها الدولة؟ ، وربما كانت هذه الشركات تتحايل على القانون بإصدار لوائح من مجالس اداراتها تتجاوز بها قوانين حاكمة لكل نشاطات الدولة فى قطاعات لايحكمها قانون خاص ، وعليه فإن القوانين الخاصة لبعض قطاعات الدولة لاتشمل ولايمتد اثرها الى اى نشاطات استثمارية او تجارية تنشئها هذه القطاعات ذات القوانين الخاصة مالم ينص على ذلك صراحة ، مايحدث أن كثيرا من القطاعات تغطى أنشطتها التجارية مستغلة موادا فى قوانينها الخاصة تجيز لها ممارسة أعمال تكافلية وأجتماعية ، بما فى ذلك الهيئات النقابية حيث تمددت هذه القطاعات والكيانات فى العمل الاستثمارى والتجارى بما وضعها كمنافس حقيقى وقاهر لنشاطات حظر القانون والدستور التعامل فيها ، وهى بالفعل قد الحقت اضرارا بليغة بمصالح أصحاب العمل ومقدمى الخدمات الخاضعين لالتزاماتهم بموجب القوانين الحكومية، وفى مقدمة ذلك قوانين الضرائب و الضمان الاجتماعى وقوانين العمل سواء كان ذلك فى القطاع الحكومى او القطاع الخاص ، فى حال لا مثيل لها من أنعدام قاعدة بيانات تحدد عدد هذه الشركات الحكومية " العامة ، الخاصة " والنشاطات التى تقوم بها ، و لا معلومات عن مقراتها لسنوات طويلة و بعضها لم يقم بأى ايداعات لسنوات طويلة ، إن العشرات من هذه الشركات تسجل يوميا فى مخالفة واضحة لقرارات السيد رئيس الجمهورية وقرارات مجلس الوزراء الاتحادى والبرلمان القومى ، هنالك العديد من الشركات واسماء الاعمال المسجلة ليس لدى مسجل الشركات الا اسماؤها ، الأدهى والأمر أن هنالك جهات تقوم بنشاطات تجارية وخدمية ولها اسماء فقط على أوارقها المروسة ولديها اختام ولايوجد مايدل على انها قامت بإجراءات التسجيل. هذا فى داخل البلاد أما خارجها فلا أحد يعلم عدد الشركات الحكومية والتى انشأت بادعاء تفادى الحصار على البلاد ،وهى وبفضل ذلك الحصار توفر سلعا غيرمعروف اهميتها ولكن بعشرات اضعاف اسعارها بحجة السداد " لتسهييل " الاعمال فى انتهاك صارخ للقانون و دونما اتباع للموجهات التى تضعها الممثليات التجارية بالسفارات السودانية فى الخارج ، ولا الاستفادة من وضعها كجهات دبلوماسية ، بل ان هذه الشركات تتفادى وتتحاشى اى علاقة لها بهذه الملحقيات التجارية ، هذه الشركات لاتلتزم بالنشاطات المصدقة لمجال عملها وتتجاوز فى ذلك ، فإنك لتجد شركة حدد أمر تأسيسها للعمل فى القطاع الصناعى فتجدها تعمل فى التجارة، وأخرى للخدمات الزراعية ، تعمل فى المجال الهندسى و البناء و الطرق ، وبعضها يعمل فى كل المجالات دون أستثناء ، فى السابق لايمكن لشركة أو أسم أن يعمل ختما أو يطبع فواتير الا بعد تصديق لعامل الاختام أو طابع الفواتير من الضرائب بعد استيفاء كل المستندات وفتح ملف لدى الضرائب وكذلك فتح الحساب لدى البنك يستلزم ايداع كل المستندات القانونية ، و حضور المخولين بالتوقيع شخصيا امام موظف البنك لعمل نماذج التوقيعات ، لا احد على وجه اليقين يستطيع ان يتكهن لماذا تدخل الدولة كمساهم فى شركات تقوم بنشاطات هامشية يمتلك اغلب اسهمها مواطنون ( نافذون ) و لا تخضع للمراجعة ، تعمل فى شراء وبيع النقد الاجنبى والمضاربة فى السلع الا ستهلاكية والعقارات والاراضى ، تمتاز بتضخيم حجم الأصول ، ارتفاع المصروفات العمومية و الادارية ، حوافز ومخصصات ضخمة ، كما ان للمدير ان يرقى نفسه ويصدر القرارات لتحفيز نفسه وكبار موظفيه من أبناء اسرته الكريمة.
ما يحدث فى الشركات الحكومية العامة والحكومية الخاصة و الشركات الخاصة التى تساهم فيها الدولة فوضى و فساد و افساد و كارثة للاقتصاد وازمة اخلاقية ووطنية من الدرجة الاولى . فإلى هلاك !!

أبوكرشولا حرة بعد «31» يوماً



أبوكرشولا حرة بعد «31» يوماً

الخرطوم / جنوب كردفان : إبراهيم عربى : أعلن وزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع عن تحرير مدينة أبوكرشولا ،عقب معركة ضارية تكبد فيها المتمردون خسائر كبيرة فى الأرواح والممتلكات ، مؤكدا أن أبوكرشولا التقت فيها مجاهدات واستبسال الجيش والقوات النظامية من الشرطة و الأمن والمجاهدين من الدفاع الشعبى ، وأكد وزير الدفاع استعداد القوات للحفاظ على أرض السودان طاهرة من كل دنس ، ورأى أن تحرير أبو كرشولا كان تتويجا لملحمة عظيمة ، مؤكداً ان القوات المسلحة ستظل حامية حمى الوطن ودرعا واقيا وستواصل مسيرتها الظافرة والقاصدة لتحقيق الامن والاستقرار وتقاتل لتسحق قوى البغي والعدوان والارتزاق وتقطع دابر الاعداء .
ميلاد يوم جديد :
تاريخ جديد سطرته القوات المسلحة والقوات المساندة لها من الشرطة والأمن والمجاهدين أمس 28 مايو2013 ، إذ تمكنت فيه من تحرير «أبوكرشولا» بعد «31» يوما قضتها المنطقة بعد معركة ضارية امتدت منذ صباح أمس وحتى الساعة الرابعة عصرا ساعة الانتصار ،كانت منطقة أبوكرشولا محطة هامة وصفتها قوات الجبهة الثورية بـ«الطريق إلى الخرطوم » ، وذلك أيضا يخرس لسان قوات الجبهة الثورية عندما سخرت الأول من أمس من حديث الحكومة عن قرب تحرير أبو كرشولا واصفة حديث الحكومة ب«أحلام زلوط» ،ونفت الجبهة الثورية بشدة صلتها بالبيان الذى راج فجر الاثنين فى ذات اليوم «عن انسحابها من منطقة أبوكرشولا» ، مؤكدة ان جميع محاولات الحكومة التى بلغت منذ تحرير المدينة « 5» محاولات قد تكسرت امام صمود جنود الجبهة الثورية ، إلا أن واقع الأمر من خلال الهزائم المتلاحقة والضربات الموجعة التى ألحقتها القوات السودانية بالمتمردين فى كل من «الدندور ،اللحيمر ،بوطة ،الكالنج ،مناطق بابنوسة ، مناطق جنوب سدرة» جميعها كانت كافية لتحرير أبوكرشولا التى تنادى لها الفزع من كمبالا ، الواقع واضح وبين بأن القوات أكثر تماسكا وقوة وجاهزية لمرحلة جديدة كما تؤكدها قيادات عسكرية ان تتوقف عند أبوكرشولا فحسب بل سوف تتعداها لمناطق أخرى لم تفصح عنها تلك القيادات .
لا تفاوض مع الجبهة الثورية :
المشير عمر حسن أحمد البشير تزيأ ببزته العسكرية وحضر الى القيادة العامة بعد اعلان وزير الدفاع سيطرة القوات المسلحة على أبوكرشولا بولاية شمال كردفان .
وقال البشير ان اهالي جنوب كردفان ومناطق جبال النوبة ابرياء ممن يتحدثون باسمهم، قائلا لاتزر وازرة وزر اخرى، وقال في اشارة الى الوزيرة تابيتا بطرس التي تنتمي الى مناطق جبال النوبة وكانت تقف بجواره في المنصة الرئيسية « دي تابيتا وهي مع السلام واهالي جبال النوبة بريئين منهم «.
واعلن البشير ان القوات المسلحة تمثل تطلعات السودانيين، وزاد « الجبهة الثورية والعدل والمساواة وتحرير السودان كلها معاني تتجمع في الجيش السوداني « ، وتابع « لم تلن لنا عزيمة او قناة ولم نهزم منذ العام 1955 ، وقال ان كافة الجيوش انهارت وهي تقاتل الجماعات المتمردة عدا القوات المسلحة فانها لاتزال صامدة «.
واعلن البشير انه لاتفاوض مع عميل وقال « اعلنها اليوم ما حنتفاوض مع اي عميل او خائن او مرتزق وارهابي ولن نعترف بقطاع الشمال ولن نتفاوض معهم «.
وسارع النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ونائبه الثاني الحاج آدم ومساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق المهدي ووالي الخرطوم عبد الرحمن الخضر الى وزارة الدفاع للمشاركة في الاحتفالات.
وتدافع مئات السودانيين الى وزارة الدفاع وعمت الاحتفالات واطلقت السيارات العنان لابواقها وسط الخرطوم.
وتجمع مئات المواطنين داخل وزارة الدفاع ورددوا هتافات مناوئة للجبهة الثورية وطالبوا بالغاء الاتفاقات مع جنوب السودان ورددوا « ملغية ملغية « كما رددوا هتافات تطالب باعادة منطقة كاودا ورددوا « كل القوة كاودا جوة «.
وقف البشير مخاطبا الجماهير التى تقاطرت صوب القيادة العامة ،وبرفقته نائباه على عثمان محمد طه والدكتور الحاج آدم نائب الرئيس وأحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطنى والعقيد عبد الرحمن الصادق المهدى مساعد رئيس الجمهورية والفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع ورئيس وقادة هيئة الأركان ونفر من القيادات السياسية والتنفيذية والتشريعية ،قائلا أنحنا يانا نحن وسنظل يانا نحنا أبناء الشعب السودانى ومن يعبر عن الشعب السودانى وعن تطلعاته ، ماخذلناكم يوما وقد ظللنا قابضين على الزناد منذ العام 1955 لم تلن لنا قناة ولم ننكسر ،إلا أن الجماهير قاطعت الرئيس ومطالبة إياه قائلة «كاودا جوا . . كاودا . . كاودا » ،ليواصل الرئيس حديثه . . كلهم خونة وإرهابيون ،باعوا الوطن ،لما دخلوا أبوكرشولا ذبحوا الرجال ،وشردوا الأطفال وانتهكوا حرمات النساء ،متسائلا هل هذه رجالة ؟ هل هؤلاء سودانيون ؟ هؤلاء خونة وعملاء وإرهابيون ، وواصل الرئيس مخاطبته للمواطنين قائلا فى ثلاث وسائل نعلنها لك اليوم الأولى منها « نحن تانى ما سنتفاوض مع خونة ولا عميل ولا إرهابيين » مع الناس الذين أسموا أنفسهم بالجبهة الثورية مكررا «لا تفاوض معهم ثانى» ونقولها بالصوت العالى مافى بعد اليوم حاجة اسمها الجبهة الثورية ولا العدل والمساواة ولا تحرير السودان ،العدل والمساواة هى القوات المسلحة وتحرير السودان هى القوات المسلحة والجبهة الثورية هى كذلك القوات المسلحة ،أما الرسالة الثانية لإخواننا فى جنوب السودان أى اتفاق وقعناه أو أى إلتزام مننا معهم «كلها ملغاة» ،وإذا دعم جاء ثانى من جنوب السودان للعملاء أو الخونة فى دارفور أو جنوب كردفان أو النيل الأزرق «سنغلق الأنبوب نهائى » ودى رسالة نهائية وإذا جاء أى دعم منهم «بترولهم يقنعوا منه » .
رسائل لأبناء النوبة :
نشكر القوات المسلحة على بطولتها وعلى أمانتها وعلى مجاهداتها ،وربنا يداوى جرحاكم ويفك أسراكم وينصركم على أعدائكم إن شاء الله .
رسالة خاصة لأهل جنوب كردفان الناس الرافعين السلاح والخونة ديل بخذلوكم ،و قال الرئيس رسالة خاصة بل شهادة فى حق أبناء النوبة وفيهم تابيتا بطرس بجانبه، أنهم أكثر الناس المتضررين بل هم بريئون ومظلومون وهم أول من ماتوا وأول من شردوا .
بيان وزير الدفاع
لقد كان صبركم الجميل وسندكم العظيم وثقتكم الكبيرة بالقوات المسلحة وقادتها ورجالها عبر تاريخها الطويل حفاظا على امن الوطن والمواطن وثقة القوات المسلحة فى ربها وايمانها العميق بعون الله ونصره وسنده ومن ثم ثقة جماهيرنا فى رجالها كانت دائما المنطلق القوي لخطوات القوات المسلحة ومن ثم التخطيط الدقيق لدك العملاء والمأجورين والخونة ومن ثم كانت خطة الاقتحام وتحرير أبو كرشولا تتويجا لملحمة عظيمة توحدت فيها القوات المسلحة بمختلف قواتها وصنوفها مع قوات الدفاع الشعبى والشرطة والامن ليهدى السودان هذا الانتصار الكبير كانت ومازالت هى درع الوطن الذى تتكسر حوله مصائد الاعداء مهما جددوا وبدلوا ومهما تلقوا من دعم من جهات تعلمونها .
ان قواتكم المسلحة ستظل حامية حمى الوطن ودرعا واقيا وستواصل مسيرتها الظافرة والقاصدة لتحقيق الامن والاستقرار وتقاتل لتسحق قوى البغي والعدوان والارتزاق وتقطع دابر الاعداء ، التحية للابطال الذين صنعوا النصر والفتح المبين فى أبو كرشولا من القادة والضباط والصف والجنود والمجاهدين المرابطين . . الجنة والخلود لشهدائنا الابرار الذين رووا بدمائهم ارضنا الطاهرة وخطوا بدمائهم الزكية مداد هذا النصر الكبير .
عاجل الشفاء لجرحانا والشكر من بعد لله سبحانه وتعالى لشعبنا الابى العظيم الذى وقف مع قواته المسلحة وصبر وصابر ورابط يشد من ازر القوات المسلحة والشرطة والامن والمجاهدين وصنع ملحمة التكاتف والترابط والتآزر والوحدة الوطنية الرائعة انه شعب يستحق كل خير ويستحق التضحية .
كادقلي ومحليات جنوب كردفان تحتفل:
أكد رئيس المجلس التشريعى الهادى عثمان أندو ومعتمد كادقلى أبو البشر عبد القادر والأمير كافى طيارة البدين وقيادات أخرى من جنوب كردفان أن اليوم يوم النصر ويوم خالد فى تاريخ الولاية بل السودان مؤكدين وقوفهم صفا مع القوات المسلحة ، كما هنأ الأستاذ حسن نواي فضل الله معتمد محلية هبيلا بولاية جنوب كردفان، القيادة العليا للدولة ممثلة في رئاسة الجمهورية وقيادة القوات المسلحة وسائر قيادات الأجهزة التنفيذية والتشريعية والمواطنين بالبلاد بمناسبة تحرير أبو كرشولا من دنس العملاء والمرتزقة ، مؤكدا وقوف كافة الفعاليات بالمحلية خلف القوات المسلحة والأجهزة الامنية المساندة لها لتحرير كل شبر من المأجورين والحفاظ علي الارض والعرض واستدامة السلام ،وحيا معتمد هبيلا الابطال الذين صنعوا النصر فى أبو كرشولا من القادة والضباط والصف والجنود والمجاهدين المرابطين سائلا الله ان يسكن الشهداء فسيح جناته وللجرحى عاجل الشفاء .

قصة تحرير أبو كرشولا - النيلين

الثلاثاء، 28 مايو 2013

الرئيس السودانى يرقص بمناسبة تحرير هجليج

وصايا من ذهب

المدفع الرزام

في هجليج تكبيرنا صدح

ملحمة النصر - سلاح الموسيقى

هجليج ( صوت الحق والعزه وضح )

مشاعل وطنية بعنوان فى هجليج بترولنا

هجليج أرض المعركة

نشرة الاخبار فى يوم تحرير ابو كرشولا _ 27 مايو، 2013 23:31

الزبير بشير طه:فى زول تانى فضل نحيه فى تحرير ابوكرشولا

عبد الرحمن سوار الدهب يلتقى البشير بعد تحرير ابوكرشولا

هجليج ( صوت الحق والعزه وضح )

بيان الرئيس السودانى عمر البشير بتحرير ابو كرشولا

مارشات عسكرية سودانية

عبد الرحيم يعلن استرداد قرية اب كرشولا

لقائات لتلفزيون السودان من اب كرشولا 28مايو2013

المعرفة - مقالات رأي - تحليلات- السودان.. الصراع بين مؤسسات الحكم

المعرفة - مقالات رأي - وجهات نظر- من يحكم السودان؟

الأربعاء، 22 مايو 2013

الجمعة، 17 مايو 2013

ar

ar

ar

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

SUDAN (قائمة تشغيل)

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

ar

الأربعاء، 8 مايو 2013

خط الصفر الوطني..!!

خط الصفر الوطني..!!
التفاصيل
المجموعة: عثمان ميرغني
تاريخ النشر
الزيارات: 20


رغم ما جرى في مدينة "أم روابة".. ثم ما تبعه من تصفيات دموية ساخنة في مدينة "أبكرشولا".. التي وصلت حد الموت ذبحاً تحت ظلال أشجار المانجو.. إلا أن قادة الجبهة الثورية موعدون بجائزة كبيرة.. تتناسب مع حجم النصاب الذي يبلغوه من الدماء والدمار والتشريد.. فحالما تنتهي المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال.. سيكتشف الشعب السوداني عدد المناصب التي فاز بها قادة الجبهة في القصر الجمهوري.. والتوابع الدستورية الأخرى..
وما أن يرى آخرون حجم الظفر والمغنم الذي وجده أصحاب البنادق المشرعة.. حتى يبدأ آخرون في تأسيس "حركة" جديدة.. المطالب كثيرة وسهلة.. والعواصم "المعادية" التي يمكن اللجوء إليها متوفرة.. وشبكة الانترنت تنشر البيانات الالكترونية في كل العالم.. فيبدأ تمرد جديد.. يقتات بما تيسر من دماء السودانيين (من الطرفين).. ثم مفاوضات فقصر جمهوري ومناصب دستورية.. فحركة مسلحة جديدة.. وغالب الظن أن الحركة التي وقَّعت قبلها ربما رجعت مرة أخرى للغابة بعد أن ضجرت وملت من "عطالة" الجلوس بلا عمل في ردهات القصر الجمهوري..
ويستمر الحال.. حركة توقع اتفاق سلام وحركات أخرى جديدة تعلن "البيان رقم واحد".. وبكل تأكيد القصر المجمهوري لا يسع كل الموقعين على السلام فيستمر الخروج بقدر عدد الداخلين..
الخاسر الوحيد في هذه المتوالية هو الشعب الذي يدفع مرتين.. مرة في صفوف الحركات المسلحة – فهم أيضاً سودانيون- وأخرى مقابلها في صفوف المدنيين الذين تعلم الحركات المسلحة أنه كلما زادت البراميل المهدرة من دمائهم.. كبرت فرص تحقيق أعلى المغانم في مفاوضات السلام.. فالجائزة على قدر الجريمة أو كما يقول المثل الشعبي (إن سرقت.. أسرق جمل..) وليس مجرد حمل وديع.. فلو قتلت.. أقتل مدينة وليس مجرد قرية صغيرة.
متى يعلن السودان بداية ترسيم (خط الصفر) الوطني.. الذي من بعده لا جائزة لمن يقتل أو يتمرد أو بمجرد حمل السلاح في وجه الوطن..
(خط الصفر) الوطني الذي من بعده من قذف الجيش السوداني بحجر فإن الدولة تدفع نصف ثروتها لجره إلى ساحة العدالة.. لا حصانة ولا عفو ولا نسيان.. حينما يصبح الخروج على الوطن خروجا منه و إلى الأبد.. وينتهي عهد الجوائز.. جائزة (من يكسب المليون ضحية).
العضل.. (شرعية القوة)..!!
(شرعية القوة).. هي المقابل العكسي لـ( قوة الشرعية).. عندما ترسخ في بلادنا (قوة الشرعية)، سيادة القانون الذي يجعل الناس سواسية في الحق والواجب.. وتستوي تحت سقفه قامة القوي والضعيف.. تصبح لـ(الشرعية) قوة طبيعية. القانون هو وحده الفيصل والمرجع الذي يحدد ما للناس وما للحكومة..
(قوة الشرعية) هي التي تمنح دول أوروبا وأمريكا القوة التي يحكمون بها شعوبهم والعالم أجمع.. ففي بلادهم القانون هو السيد الذي لا يميز بين كبير – مهما كبر- أو حقير – مهما احتقر-.
لكن في المقابل هنا، فإن (شرعية القوة) تسمح لصاحب البندقية أن يمد قامته على قدر ماسورة بندقيته.. قانون البقاء للأقوى، بل للأعتى وأظلم.
تمارس الحكومة في المركز – مثلاً- سطوتها وجبروتها على الشعب.. فيلد الظلمُ ظَلَمَةً يحملون السلاح في الغابة والصحراء.. الجميع سواسية في ظل منطق (شرعية القوة) .. والبقاء للأعتى.
كلما تعسفت الحكومة في التعامل مع شعبها، وجدت من هو أعسف في التعامل معها. فالحكمة تنص (كما تدين تدان).. ويترسخ مفهوم (شرعية القوة) كلما عولت الحكومة على (قوتها!).. على قوة أسنانها وأنيابها ومخالبها.. بدلاً من أسنان ومخالب وأنياب القانون، المرجعية القانونية والدستورية.. كلما عولت على ذلك، حصلت على رد الفعل من تمرد يجلب كل عوامل الـ(لا) استقرار الذي يهدر الموارد ويفوت فرص النماء.
أول خطوة نحو تثبيت أركان الاستقرار.. بترسيم (خط الصفر) الوطني.. تبدأ بسيادة القانون.. أن يصبح القانون هو السيد.. بدلاً من أن يكون السيد هو القانون.
في دراسة بحثية أجراها قانوني ضليع.. وجمع خلالها عشرات الآلاف من القضايا وصل إلى حقيقة أن أكبر خارق للقانون هو الحكومة نفسها.. في مختلف مستوياتها ومسمياتها.
في كثير من الإجراءات اليومية العادية لا تكترث الحكومة للأسس القانونية التي يجب أن تمتثل لها. فطالما أن المواطن ضعيف منكسر.. فكل شئ في حقه جائز. من دفع الجبايات غير القانونية إلى آخر مدى تنفرد فيه الحكومة بالمواطن و(ما اختلت الحكومة بالمواطن إلا كان الشيطان ثالثهما).
الحريات مصادرة، والعمل السياسي محظور، والتعبير مكتوم، وكل هذا رغم أنف القانون والدستور الذي يجزم أن ذلك من أساسيات حقوق الإنسان. هنا قانون (شرعية القوة) هو الذي يمنح الحكومة حق ما لا حق لها فيه. فتمنح وتمنع على قدر الرضاء والسخط.
بغير تصحيح الوضع لتكون (قوة الشرعية) هي الفيصل لن يهدأ للوطن خاطر.. سيظل "وطن الحركات".. حركة مسلحة تسالم، لتلد عشر حركات تقاتل.
ترسيم (خط الصفر)..!!
نحن بحاجة ماسة لتحديد ميقات إعلان( ترسيم خط الصفر الوطني).. الفكرة سهلة لو صدقت النوايا. معطيات الحال الراهن أننا نعاني من حرباً أهلية طاحنة في دارفور وجنوب كردفان (والآن شمال كردفان أيضاً) وفي ولاية النيل الأزرق. مساحة أكثر من نصف مساحة السودان. وقبل ذلك فقدنا ثلث مساحة الوطن وخمس شعبه بانفصال جنوب السودان.
هذه الصورة القانية بالدماء والقاتمة بالدمار، تبرهن أن الأولوية القصوى لإنهاء الحرب وإطفاء الحريق تماماً. ولا يتحقق ذلك بالمنهج السائد الآن. منهج (شرعية القوة) الذي تتبادل به الحكومة والحركات اللكمات.
لنضع حداً زمنياً قاطعاً هو الإطار الزمني المطلوب قبل إعلان سريان (خط الصفر). فليكن – مثلا- العام 2013 هذا هو آخر أنفاس الحريق. وليصبح اليوم الأول من العام القادم 2014.. هو بداية إطلاق صافرة الساعة الأولى من (خط الصفر) الوطني.
كيف نخترق واقعنا الراهن خلال هذه الفترة القصيرة.. في ما تبقى من شهور هذا العام 2013. الإجابة سهلة لو تطهرت النوايا و قويت الإرادة.
الخطوة الأولى: الإقرار بأن سياسة التفاوض (بالقطعة!)، مفاوضات مع كل فصيل أو حركة لن تحقق السلام. فالقضية عامة والمعادلة المطلوبة هي منظومة حلول شاملة لكل قضايا الوطن.
الخطوة الثانية: تحقيق السلام بمبدأ (الصفقة) لا يوفر ضمانة استقرار ما يتفق عليه الطرفان. فهي مجرد (صفقة!) بين الحكومة والحركات المسلحة تهب مناصب وكراسٍ في مختلف المستويات لا تلبث أن تكتشف الحركات أنها غير كافية لإرضاء جميع منسوبيها. فيتحولون تلقائياً لأي سجلات حركة أخرى ناشطة لم تضع السلاح أو يؤسسون حركة جديدة. والأمر سيان فتأسيس حركة مسلحة جديدة أمر لا يحتاج إلى تصاديق رسمية ولا أختام.
الخطوة الثالثة: تصميم معادلة قومية لحل شامل لجميع قضايا الوطن. والمثير للدهشة أن وفد الحكومة الذي يرأسه البروفسير إبراهيم غندور للتفاوض مع قطاع الشمال رفض مبدأ مناقشة أي قضايا خارج حزام (المنطقتين). بينما كان ياسر عرمان رئيس وفد قطاع الشمال يطالب بتداول واسع يتخطى المطالب المباشرة للمنطقتين.
معادلة الحل الشامل تخرج المفاوضات من حيز (الصفقة) إلى عملية إصلاح سياسي وإداري واقتصادي شامل يحقق الرضاء ليس لمن يحمل السلاح فحسب بل للذين لم يفكروا في التمرد أو مقايضة العنف بالمطالب.
لكن يبدو أن الحكومة غير(قادرة ولا راغبة) في تعديل مسارها القومي. خاصة في القضايا الوطنية التي تمس منهج تفكير الحزب الحاكم. منهج التفكير الذي يقوم على أعتى احتكار للرأي والقرار والمصير.
الحكومة تستطيب أن تظل الحروب في الأطراف وكذلك المطالب والشروط.. وتظل الخرطوم (مركز القرار القومي) في قبضة الحزب الحاكم بمنتهى الحصرية.
الخطوة الرابعة: تحديد (المشكلة) .. المشكلة الوطنية التي تستوجب تقديم الحلول الشاملة. وتوفير أفضل بيئة لإنفاذ الحلول العملية والعلمية الناجزة. حلول تتعاطى مع الواقع بصورة مباشرة ولا تلعب على الزمن لصالح طرف دون آخر.
و(المشكلة) في تقديري تتلخص في احتكار القرار والمصير الوطني لدى حزب.. وفي الحزب لدى جماعة.. وفي الجماعة لدى مجموعة.. وفي المجموعة لدى واحد أو اثنين أو ثلاثة على أفضل تقدير.
إذا تحقق اتفاق وطني على الحد الأدنى من الاختلاف الوطني المتفق عليه. فإن (خط الصفر) يصبح هو اللحظة التي يبدأ فيها تنفيذ الاتفاق.
عندها سيكون الخروج (على!) الوطن.. خروجا من الوطن.. و بلا عودة.
1 تعليق

الاثنين، 6 مايو 2013

مع وزير الدفاع الأسبق فضل الله برمة ناصر حول أحداث أبو كرشولا:

مع وزير الدفاع الأسبق فضل الله برمة ناصر حول أحداث أبو كرشولا:


التفاصيل
نشر بتاريخ الإثنين, 06 أيار 2013 09:16

> حوار: آمال الفحل> تصوير: متوكل البجاوي

في أعقاب الهجوم الغادر الذي شنَّته فلول الجبهة الثورية والحركة الشعبية قطاع الشمال على مناطق أم روابة وأبوكرشولا والله كريم وما أحدثته هذه المجموعة من تدمير لمنشآت المنطقة ومواطنيها في هذه الأحداث، كان هو موضوعات حوارنا مع وز ير الدفاع الأسبق والخبير العسكري فضل الله برمة ناصر لتحليل ما حدث، حيث أكد أن ما حدث له ارتباط تام بفشل المحادثات في أديس أبابا، وأشار إلى أن القضية قضية كل السودانيين ولا بد من تكرين مجلس قوي، واصفاً قطاع الشمال بأنه خارج عن القانون، وأكَّد برمة كذلك أن التصريحات التي تأتي من قِبل الحكومة ليس فيها حقائق، وناشد برمة الجهات الحكوميَّة أن تضع نفسها موضع المسؤولية، وغير ذلك من الأسئلة والمحاور التي طرحتها «الإنتباهة» على وزير الدفاع الأسبق فضل الله برمة ناصر، فإلى تفاصيل ما ورد في الحوار:

> بوصفك خبيرًا عسكريًا نريد قراءة تحليليَّة عن الأحداث التي اندلعت أخيراً بمنطقة أم روابة وأب كرشولا من قِبل فلول الجبهة الثوريَّة وقطاع الشمال؟
< الذي حدث في أم روابة صباح السبت 27/4 حدث بعد انهيار المحادثات في أديس أبابا يوم الجمعة، وبدون شك ما حدث في أم روابة له ارتباط تام بفشل المحادثات في أديس أبابا، والخلاف في المحادثات أن الحكومة تقول لا بد من حصر النقاش في المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق»، والأولوية للترتيبات الأمنيَّة، أما الحركة فتقول إن القضيَّة قضيَّة كل السودان وليست محصورة في المنطقتين، وتبدأ بالمسار الإنساني قبل المسار الأمني، هذا ما أدَّى إلى إفشال المحادثات، والحركة تريد أن تقول إن مسرح عملياتنا كل السودان وقضيتنا كل السودان، فانتقلت الحرب من جنوب كردفان إلى شمال كردفان وقُطع الطريق الرئيس المؤدي من الخرطوم إلى الغرب بصفة عامة ومن الغرب إلى الخرطوم، وهم بذلك يريدون أن يقولوا ليس مسرح عملياتنا جنوب كردفان والنيل الأزرق بل كل السودان، ويمكن أن ننتقل إلى أي جهة من السودان، هذا هو ردهم على عدم حصر القضية في جنوب كردفان، وأنا أقول إن الحوار من البداية بدأ بداية خطأ، فمن المفترض أن يبدأ بإعلان مبادئ قبل الجلوس إلى الحوار، والمبدأ الأول إيقاف الحرب، أما المبدأ الثاني فهو إيقاف العدائيات، أما النقطة الثانية فإننا لم نستفد من عِبر ودروس ماضي محادثات نيفاشا الثنائيَّة، والقضيَّة التي نتحدَّث عنها قضيَّة قوميَّة، فهذه المحادثات تكرار لسيناريو نيفاشا، ناس الحركة يقولون إن القضية قضيَّة كل السودان، والحكومة تقول القضيَّة قضيَّة الجنوب، وأنا أعتقد أن المفاوض السوداني ليس لديه رؤية مستقبليَّة واضحة، فالحاصل غياب الرؤية الواضحة وغياب الإستراتيجية الواضحة لحل قضايا السودان، ولم يستفيدوا من عِبر ودروس نيفاشا، والمفاوض لم يستفد من تجارب الماضي وذهب بنفس الثنائية التي نعاني منها الآن، والاعتماد على الأجنبي، وكنتُ أتمنى أن يكون الحوار قوميًا ومبنيًا على إعلان مبادئ، و«سوداني ــ سوداني»، وما حدث من موت آلاف الناس في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.
> إذن فيم يكمن الحل؟
< القضية قضية كل السودان، لذلك لا بد من تكوين مجلس قومي وحل قومي ليناقش الناس قضاياهم، لأن ليس المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية هم من يمثلون كل أهل السودان، وما الذي يمنع ذلك؟، فهؤلاء خارجون عن القانون، وما حدث في أم روابة يختلف عما حدث في هجليج؛ لأن هجليج كانت بها قوة أجنبية يمكن تطهير الوطن منها، لكن هؤلاء مواطنون في السودان لكنهم خارجون عن القانون ولهم في دارفور عشرات السنين كذلك جنوب كردفان، ولا بد أن نفكر بعقلانية والحديث الذي يُبني من غير الدروس المستفادة لا فائدة منه ولا يقدِّم، وأنا أقول إن الهجوم على المواطنين العزل مرفوض، وتدمير وإسقاط النظام بالقوة مرفوض والحل هو الحوار.
> في تقديرك لماذا هذا الاستهداف في الوقت الذي تتفاوض فيه الحكومة مع قطاع الشمال؟
< نسبة لانهيار المفاوضات والمحادثات الثنائيَّة بين الحكومة والقطاع، فالحكومة لم تشكِّل وفدًا قوميًا ويجب مشاركة كل القوى السياسية في المحادثات؛ لأن الموضوع يهم كل السودانيين والقضيَّة قضيَّة كل السودان.
> هل هذا الصراع يقع في دائرة الأمن القومي الأمريكي؟
< يقع في دائرة الأمن السوداني ويؤثر على الأمن القومي السوداني، لأن الذين يموتون سودانيون والمنشآت التي تم تدميرها سودانية، والخلاف الدائر بين أبناء السودان والنازحين سودانيون وليس أمن السودان يتأثر بأمريكا، والأمن القومي الأمريكي مربوط بكل العالم، وليس السودان فقط، دعنا نتحدث عن الأمن القومي السوداني كيف نحافظ على أرواح المواطنين وكيف نحافظ على منشآتنا وأمننا واستقرارنا.
> في تقديرك هل توافق الحكومة على ذلك؟
< إذا لم توافق على ذلك فسوف تدمِّر السودان، وهذا هو المخرج، وهل نضمن أن ما حدث في أم روابة لا يتكرَّر مرة أخرى ويمكن أن يتكرر في الخرطوم، ويجب على كل حزب أن ينسى برنامجه الشخصي ويضع مصلحة الوطن فوق كل شيء، وعلى الحكومة أن تعرف أين مصلحة السودان وأبناء السودان، وأرجو أن نُعيد قراءة موقفنا بموضوعية وقراءة الأحداث الأخيرة بموضوعية، فإذا كانت الحكومة لديها حل سياسي ورؤية فيجب أن تطرح ذلك.
> في تقديرك ماذا قصدت الحركة من الإعدامات والتصفية الجماعيَّة لرجال الدعوة والفقه؟
< أي اعتداء على المواطنين من ناحية عِرقيَّة وسياسيَّة مُدان وغير صحيح ومرفوض، وتصفية الناس من ناحية عرقيَّة وتصفيتهم من ناحية سياسيَّة خطأ، والاعتداء على المدنيين وممتلكاتهم مرفوض، وسوف يسبِّب انتكاسة ويجب على الدولة حمايتهم.
> طيب كيف يمكن إفشال هذا المخطَّط؟
< المخرج الوحيد أن القضيَّة هي قضية كل السودان وليست قضية الحركة الشعبية وحكومة السودان، والمخرج هو أن يُفتح المجال للتشاور مع كل الناس، وأي فرض لرأي الحكومة فقط لا يمثل شيئاً إلا شق الصف، وطالما الحكومة تريد أن تستثني الآخرين وتتمسك بحكم السودان فكذلك الحركة الشعبية قطاع الشمال تريد أن تُسقط الحكومة بالسلاح لكي تفرض حكومة سلاح، فنحن لا نقبل ذلك.
> إذن كيف يمكن احتواء الآثار المترتبة على هذه الأحداث؟
< إذا كان للحركة حقوق فالسلاح ليس حلاً، وعلى الحكومة أن تقدِّم دعوة عامة لكل القوى السياسيَّة لأن الوضع الآن تغيَّر، فيجب أن نجلس على الأرض لحل مشكلاتنا ويجب الحديث في الحقوق المشروعة في إطار السودان الواحد وأنا أكرِّر لا خروج من هذا المأزق إلا في الإطار القومي فلماذا ترفض الحكومة ذلك أليس ثلاثة عشرون عامًا كفاية.
> الآن الرئيس قال «كفى»...
< الرئيس مخلص في كلامه، وأنا كزميل له ورجل عسكري معه أؤيده على ذلك، ولكن لا يختم حياته بـ«كفى»، بل يختم حياته بدعوة لكل السودان وينادي ويقول «كفى» لكن لا أريد أن أترك البلد بهذه الطريقة، ويدعو القوى السياسية: المؤتمر الوطني والأحزاب والحركات ويقول لهم اجلسوا والذي تصلون إليه أنا معكم، وأنا لا أريد حكمًا ولكن ما يهمني هو السودان الواحد المستقر، فالرئيس مخلص في قوله، وأنا أناشد الرئيس أن يتبع حديثه بعمل ويجمع كل القوى السياسية والحركات المسلحة والقوى الوطنية ويقول لهم ما ترونه وما تصلون له من حلول تحافظ على وحدة السودان أنا معكم فيه.
> كخبير عسكري في تقديرك هل أم روابة المحطة الأخيرة؟
< أم روابة فتحت شهية الحركة الشعبية لأنها وصلت حتى أم روابة ولم تجد من يصدها، وبعد ذلك انسحبت من تلقاء نفسها، والآن نزلت من جبال كاودا والآن في أب كرشولا، وأي شخص يعتقد أن أم روابة المحطَّة الأخيرة غلطان، وأنا أتمنى ألّا تتكرر مشكلة أم روابة، ويجب أن نجنح للسلام للوصول إلى حلول سلمية لحل قضية الوطن قبل ما ندخل في صراع عسكري.
> البُعد الدولي لما يجري في السودان؟
< جميع قضايا السودان سواء كان في أديس أبابا أو الدوحة البُعد الدولي هو الذي يسيِّرها، وعيوبنا في ثنائية المحادثات وعدم إشراك الآخرين في حل القضايا، وجميع القضايا تم تسلمها للبُعد الدولي، والبُعد الدولي له مصالحه الخاصَّة وإستراتيجيته الخاصَّة ويعمل لتحقيق مصالحه.
> كخبير عسكري ما الذي يُستفاد من هذه الدروس .. تلودي.. كادوقلي.. هجليج.. أم روابة؟
< يُستفاد الآتي: الرجوع إلى الحق فضيلة، وللعبر دروس نستفيد منها مستنبطة من تاريخنا، أولاً الحروب ــ حرب العصابات ــ لا يوجد فيها غالب ومغلوب، وغير ذلك استنزاف لموارد الوطن في أرواح أبنائه واقتصاده، ثالثاً المشكلة الحالية لا مخرج منها إلا في الإطار القومي، دعوة كل القوى السياسية والعسكرية الحاكمة والمعارضة للجلوس لمناقشة قضايا الوطن بأمانة وإخلاص وبعيدًا كل البعد عن أي مصلحة ذاتية وحزبية، الوطن يسع الجميع، فإذا لم نعمل هذا فسوف ندمِّر بلدنا وسوف يكون وطناً مرشحًا لحرب أهلية، والحرب لا تحقق أي غرض، كذلك ثنائية الحوار لا تحقق أي غرض، والحل يكمن في اتفاق قومي لكل الناس والهم الأكبر هو الوطن.
> نلاحظ تخلف أحزاب المعارضة ولم تعلن حتى هذه اللحظة موقفاً واضحاً وقوياً مما جرى في محلية أم روابة بشمال كردفان واب كرشولا تحديداً... ما موقف حزب الأمة مما حدث؟
< يعتقد حزب الأمة أن عملية السلام في السودان ينبغي ألّا تتجزأ بل ينبغي أن يديرها مجلس قومي للسلام وينبغي أن تكون أجندة مفاوضات السلام شاملة لتحقيق سلام عادل وشامل وتحوُّل ديمقراطي كامل يعبِّر عن دستور جديد، وللخروج من مشكلات السودان إيجاد حل جذري، وحزب الأمة يناشد السيد رئيس الجمهورية الدعوة إلى لقاء جامع لا يستثني منه حزبًا ولا يخضع لسيطرة حزب، ونناشد كل الأطراف الوطنية التخلي عن أجندتهم الخاصة والتطُّلع إلى أجندة الوطن لنقيم معاً نظاماً جديداً من القمَّة إلى القاعدة يناقش كل قضايا الوطن وصولاً إلى سلام دائم.