الاثنين، 8 أغسطس 2011

من وراء الكواليس.. حكاية الحج والعمرة.

من وراء الكواليس.. حكاية الحج والعمرة
من وراء الكواليس.. حكاية الحج والعمرة..
عبد الباقى الظافر
ملف هيئة الحج والعمرة أكثر تشابكاً مما تخيلنا.. كل معلومة نحصل عليها كانت – مثل المغارة - تفتح لنا أبواباً أكثر غموضاً.. لم نترك مصدر معلومات محتمل إلا ولاحقناه وألححنا عليه إلى أن يستجيب لنا. وصارت المعلومات بين أيدينا كثيرة ومثيرة. أكثر ما يثير الدهشة فيها تشابك الخاص والعام بصورة صارخة في كل ثنايا الحكاية.. تبدو بعض جوانب الحكاية وكأنها في مجملها خلافات في الشأن العام لكن فجأة تطفر قضية خاصة.. وربما خاصة جداً.. في هذه الحلقة نضع بين أيديكم حصاد ما حصلنا عليه من المصادر المهمة والرفيعة.. ولا تزال للقضية وجوه أخرى سنطرقها أيضاً بإذن الله. • أزهري التيجاني في مواجهة نائب الرئيس: تركناكم أعزاءنا القراء في الحلقة الأولى بعد أن أصدر وزير الإرشاد قراراً بإعفاء مدير عام هيئة الحج والعمرة الأستاذ أحمد عبدالله.. ولكن الأخير تحدى قرار الوزير نهاراً جهاراً.. مدير الحج والعمرة يسفه قرار وزير الإرشاد ويعود لمقر عمله.. أزهري التيجاني يعود من مأمورية رسمية في الدوحة القطرية.. مناوئو أحمد عبدالله يخبروه أن نائب الرئيس علي عثمان أصدر توجيهاً يسمح للشيخ أحمد عبد الله بممارسة عمله. غضب الوزير أزهري التيجاني.. فكر في الاستقالة ولم يستطع أن يتخذ القرار الصعب.. في إحدى جلسات مجلس الوزراء يمرر الوزير الغاضب ورقة للشيخ علي عثمان يطلب لقائه بصورة عاجلة.. الرد يأتيه أن اللقاء ممكن بعد هذه الجلسة مباشرة.. كان الأستاذ علي عثمان يدرك أنّ وزيره التيجاني غاضب وأن الصحف قد تحدثت عن استقالته.. الوزير يخبر النائب أنه استند على قانون عام 1954 الذي ينظم عقد مجالس التحقيق.. الوزير يقرأ النص القانوني كاملاً.. نائب الرئيس لم يمنح أزهري بغيته بتأييد إيقاف المدير أحمد عبد الله.. أدرك الوزير أزهري أنّ نائب الرئيس لا يمكن أن يتراجع عن قراره. • إعفاء أحمد عبدالله: الوزير باتت خياراته محدودة.. الاستقالة أو تصعيد الموقف.. لكل من الخيارين ثمن فادح.. الاستقالة تعني التمرد على التنظيم الذي ترعرع فيه أزهري التيجاني منذ نعومة أظفاره.. التصعيد يعني مواجهة نفوذ القيادة.. أزهري أخذ بفقه أقل الضررين قرر مقابلة رئيس الجمهورية.. لم تكن المقابلة مُبرمجة لتأخذ وقتا طويلاً.. دخل الوزير أزهري إلى الرئيس في مكتبه.. الرئيس البشير كان مشغولا بتقييد بعض الملاحظات من شاشة تلفازية ضخمة أمامه.. بعد أن فرغ من الكتابة التفت إلى الوزير أزهري التجاني ورحّب به.. الوزير والرئيس جمع بينهما أكثر من ملف خاصة ملف الأوقاف الذي سنعود إليه لاحقاً.. الوزير بدا غاضباً يكاد الدمع يطفر من عينيه.. قدّم طلباً مختصراً للرئيس بإعفاء أحمد عبدالله من منصبه.. الرئيس لم يجادل كثيراً وعلّق على الخطاب الذي يحمله الوزير يعفي المذكور أعلاه من منصبه. • رأي ثالث: توجيه الرئيس بإعفاء أحمد عبدالله وصل إلى منضدة مجلس الوزراء.. هنا للشيخ أحمد عبدالله الكثير من الأصدقاء.. وزيرا مجلس الوزراء كرمنو ومختار تربطهما علاقة جيّدة بالمدير الموقوف الذي يماثلهما جيلاً في التنظيم.. العقبة الكبرى أنّ توجيه الرئيس بإعفاء أحمد عبد الله يصادم توجيهاً آخر كان قد أصدره نائب رئيس الجمهورية يقضي بأن يزاول أحمد عبدالله أعماله.. دبلوماسية مجلس الوزراء تقنع الوزير أزهري بتأجيل إعلان الإعفاء الذي يعتبر في هذه الحالة إدانة مسبقة لأحمد عبدالله.. وزير مجلس الوزراء يقنع أزهري التجاني بوجهة النظر هذه.. الالتماس المشترك يصل إلى منضدة الرئيس.. الرئيس بعد نقاش يوافق ولكنه يصدر توجيهاً آخر أن يلزم أحمد عبد الله داره لحين اكتمال التحقيقات. • لماذا بدا الرئيس متعاطفاً مع الوزير التيجاني. الوزير أزهري التيجاني كان دائماً يعرف كيف يكسب رضا الرئيس.. ملف الأوقاف من الملفات التي يهتم بها الرئيس.. أزهري التيجاني الذي بدأ يجمع بين منصب وزير الإرشاد وناظر الأوقاف تمكن عبر رئاسة الجمهورية من إصدار القرار رقم (72) الخاص بتغيير شرط الواقف.. القرار يمكن وزارة الأوقاف الاتحادية من الاستفادة من ريع الأوقاف الموجودة بالخرطوم.. أيلولة أوقاف الخرطوم للوزارة الاتحادية جعل وزير الأوقاف الولائي يحتج. قرار الرئيس أمام المحكمة الدستورية!! وزارة الأوقاف بالخرطوم رفعت تظلماً للمحكمة الدستورية ضد القرار 72 الذي يسلبها بعض الأوقاف المهمة.. الوزير أزهري التيجاني وبمهارة مرر المعلومة لرجال حول الرئيس.. الرئيس يستشير مستشاريه القانونيين ويجد نفسه في مأزق.. بالفعل يجتمع الرئيس بنائبيه الأستاذ علي عثمان والدكتور نافع علي نافع.. الرئيس يخبرهما أنّ صدور قرار ضده من المحكمة يقتضي ترجّله من منصبه باعتباره حامياً للدستور. • اجتماع عاصف: بعدها طلب الأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية اجتماعاً عاجلاً يجمعه بوالي الخرطوم ووزير الإرشاد.. والي الخرطوم فوجىء بتأزم الموقف وغضب الرئيس. طلب من وزير الأوقاف الولائي الحضور معه إلى اجتماع شيخ علي.. الوزير عثمان الكباشي يفاجأ أنّ رجال مكتب نائب الرئيس يخبرونه أنّ الاجتماع حصرياً بين النائب والوالي والوزير.. خرج عثمان البشير غاضباً.. فيما دخل الوالي والوزير. نائب الرئيس طلب من الطرفين عدم إحراج الرئيس بمثل هذه الخلافات.. كانت الرسالة تعني أنّ الأستاذ علي عثمان غاضب من تجاوز أزهري للمؤسسات وتواصله المباشر مع الرئيس.. وفي ذات الوقت كانت الرسالة تحمل تنبيهاً لولاية الخرطوم أن تتجنب إحراج الرئيس. • الحل في التحكيم: اقترح الأستاذ علي عثمان تكوين لجنة تحكيم لمعالجة الخلاف.. اللجنة كونت من نائب رئيس المحكمة الدستورية القاضي عبدالله أحمد عبدالله والمستشار القانوني الحاج آدم الطاهر.. تكوين اللجنة لم يكن محط رضا الوزير أزهري التيجاني.. سلبته قميصاً قد ألبسه أيّاه رئيس الجمهورية.. ولكنّه قبل بالمقسوم إلى حين. الوزير يستنجد بالرئيس: كان الوزير أزهري التيجاني يبحث عن سانحة ليبلغ الرئيس بحكاية لجنة التحكيم.. وجد الوزير ضالته عندما انفرد بالرئيس في دارفور في أحد الاحتفالات، الرئيس سأل الوزير عن حال الأوقاف.. الوزير اشتكى من اللجان البيروقراطية التي تعيق العمل.. كان الوزير يشير بدبلوماسية إلى لجنة التحكيم التي كونها الأستاذ علي عثمان. أجر المجتهد!! اللجنة وبعد أشهر من الاجتماعات والاجتهادات تخلص إلى أن القرار لم يحالفه الاجتهاد في تغيير شرط الواقف الذي اعتمد فيه كثيراً على نصيحة ناظر الأوقاف أزهري التيجاني.. ماذا حدث في هذا الأمر سيكون في تحقيق منفصل باذن الله.. ولكن النتيجة أنّ مجموعات كثيرة بدأت تغضب على الوزير أزهري التيجاني الذي فتح خطوط تواصل مع رئيس الجمهورية خاصة أنّ النتائج كانت محرجة للمؤسسات. • بداية الخلافات بين الوزير والمدير!! أزهري التيجاني كان يشير إلى المقربين أن أول من نبهه إلى تجاوزات أحمد عبدالله كان نائب الرئيس علي عثمان الذي سأله عقب موسم الحج بصورة دبلوماسية عن أحمد عبدالله.. وذات الملاحظة جاءت بوضوح من الدكتور نافع علي نافع الذي علق على الصرف البذخي في هيئة الحج والعمرة.. يبدو أن الملاحظتين العابرتين شجعتا أزهري التيجاني على الهجوم المباغت على مدير الحج والعمرة. • أحمد عبد الله يحزر هدفا في مرماه!! في إحدى جلسات اللجنة البرلمانية التي كانت تتابع تقريراً عن موسم الحج فلتت من مدير الحج والعمرة عبارة مسيئة لأهل دارفور الذين اشتكى حجاجها من السكن بعيداً عن الحرم.. وفي جلسة أخرى احتد المدير أحمد عبدالله مع النواب وقال لهم " الماعاوز يسمع كلامي يطلع برا".. انتهت زلة اللسان الأولى باعتذار أحمد عبدالله.. المدير يقع في خطأ حينما يعترف للنواب أنّه باع العملة الأجنبية للحجاج بأكثر من سعرها الرسمي.. وكانت هيئة الحج قد تعللت أنها وضعت في حسبانها تقلبات سعر العملة.. الفائض من فرق العملة يبلغ مليارات الجنيهات وتلك قصة أخرى سنعود لها لاحقا.. وهنا يزداد الغضب على أحمد عبد الله ليس من النواب فقط بل من رئيسه المباشر الذي لم تعجبه هذه الصراحة الزائدة. نواصل غداً في الحلقة الـ 4
إرسال : 2طباعة : 1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق