الجمعة، 23 ديسمبر 2011

ولاية الجزيرة ازمة قيادة ؟


ولاية الجزيرة ازمة قيادة ؟
تاج السر ود الخير
في الأيام الماضية ظلت ولاية الجزيرة موضوعاً راتباً وساخناً في صحفنا السيّارة، تصدّرت سيرتها المينشيتات الرئيسة لهذه الصحف على مدى قرابة الشهر، سألت نفسي بكل براءة ما هي دوافع هذا الاهتمام الإعلامي بالجزيرة؟ ولماذا بهذا الحجم؟ وهذا التنوع في موضوعاته؟ تارة في الأراضي وأخرى في دريم لاند وتارة في العقد الملياري لأم بارونا ( كوكس ) أو ( قيت)، وتارة أخرى تقرير المراجع العام والذي أشار فيه إلى الاعتداء على المال العام ليبرز أبرز المخالفات التي وقع فيها والي الولاية. السؤال لماذا ولاية الجزيرة؟! للإجابة عن هذا السؤال لابد أن نستعرض أحداث ما قبل تعيين الزبير والياً وسر الختم سفيراً، أقولها بصدق أنّ إمارة الزبير على الجزيرة جاءت في وقت تشهد فيه الجزيرة استقراراً سياسياً وتمدداً تنموياً، وتماسكا ووحدة صف على مستوى أجهزة الولاية التشريعية والتنفيذية والسياسية، وحركة شورية واسعة على مستوى مؤسسات المؤتمر الوطني وأجهزته المختلفة، فشهدت في خواتيم عهده ( أي سر الختم) اكتمال تشييد مركز ود مدني لجراحة القلب، ومركز ود مدني لجراحة الأطفال، وطريق الحوش، ومشروع البرياب والتفتيش العاشر، وطريق الشرق وكوبري رفاعة، ومشروعات ضخمة في مجال الطرق والكهرباء والمياه وغيرها، إضافة إلى بعض المشروعات التنموية الأخرى والتي أصبحت جاهزة للافتتاح علي يد السيد رئيس الجمهورية في زيارته المحددة مسبقاً. • للتاريخ :ظُلم سر الختم الذي لم يشهد افتتاح منشآته التي اجتهد فيها، بل وصل الأمر حد أن تمّ نزع بعض اللافتات التي تحوي صور سر الختم، والتي تشير إلى أنّ هذا الانجاز تمّ في عهده، فوجدها خلفه الذي لم يبذل فيها أي جهد يذكر سوى مراسم بروتوكولية لاستقبال الرئيس، أتى الزبير والياً في مشهد مهيب اجتهد فيه سر الختم ( رجل الدولة والسياسة) في أن تكون مراسم التسليم والتسلم مشهودة ومحضورة، لتخرج في أبهي صورة فأعدّ مُجلّداً ضخماً يحتوي على كافة أصول الولاية ومشروعاتها والالتزامات المالية التي ترتبت عليها، ما سدد منها وما تبقى، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى تسليمه لبعض المواقع الهامة التي تنبني عليها رفعة الولاية كبنك الجزيرة ومشروع السكن المنتج وبعض المواقع الأخرى. يشكر سر الختم علي ما قام به بل يؤجر ولكن ماذا حدث؟ مجموعة متنفذة قليلة خبرة, تنظر تحت أقدامها، أظهرت أنّ عهد سر الختم عبارة عن فساد مقنن، واختلاسات وديون، فكانت بئس البطانة فأثّرت هذه المجموعة على الجو السياسي العام بالولاية بخطاب عدائي يتحدّث عن الفساد دونما دليل وعن تكتلات وجهويات في المناقل وشرق الجزيرة، وبكل أسف لم يكن للزبير قول فصل فانفرط العقد وأصبح في يد مجموعة تدعي كمال الفكرة، والرؤية المنقذة للولاية من فساد العهد البائد، وأصبح كل من يريد أن يتقرّب من هذه المجموعة، أن يكيل السباب والاتهامات الجزاف لعهد سر الختم فيكون ذلك صك غفران وبراءة من الإقصاء. أصبح منهج الولاية هكذا خطابها عدائياً، واتهاماتها طالت الجميع، فبدأت هذه المجموعة تصفيات معلنة وغير معلنة لبعض الكوادر الفاعلة في وزارات الثقافة والإعلام والتخطيط العمراني، وغيرها ليس لتهمة سوى أنّهم كانوا من المقربين من سر الختم، وامتدت بؤر الصراع والعداء المعلن فطالت القيادات التشريعية والتنفيذية، وتمّت تصفيات مؤلمة في محليتي المناقل وشرق الجزيرة أدّت إلى شرخ عميق في تركيبة المؤتمر الوطني، وفقدت الجزيرة جراء ذلك هيبتها ووحدتها وتماسكها، وافتقدت كذلك مبدأ الشورى عبر مؤسسات المؤتمر مكتبه القيادي ومجلس شوراه وأجهزته الأخرى. أين الفساد؟ حتى هذه اللحظة لم تثبت حكومة الزبير فساداً مستتراً أو ظاهراً في عهد سر الختم، واتضح لها بعد فوات الأوان أنّ مبلغ الديون ما هي إلا مشروعات تنمية واضحة، وما عداها ديون متوارثة منذ أعوام خلت من فترة الولايات الوسطى مروراً بأعوام 95 و96،97 وغيرها، ومؤخراً جداً فطن الزبير إلى المجموعة التي لا مصلحة لها في استقرار الولاية ولم تقدم رؤية لحل مشاكل الولاية سواء كانت مالية أو اقتصادية أو حتى على مستوى الخدمات والمنشآت، وذلك لضعف خبرتها وقصور رؤيتها وعدم قدرتها على إدارة الأزمات بالولاية، حتى جاءت قضيّة المطبعة الحكومية والتي كانت طوق نجاة لهذه الحكومة والتي قدمت من خلالها أحد رموزها للمحاكم، ولم تحسم بعد ولنا كلمة بعد أن يفصل القضاء في القضية. أزمة قيادة: تهاوت الولاية تماماً وأصبحت الصراعات واضحة بين الوزراء بعضهم البعض وبين مجموعات أخرى مقربة من الوالي وأخرى مناصرة للقضايا الجهوية، وأخرى ذات علاقات بالمركز ( مع بعض المتنفذين) وتراجع أداء بعض الوزارات خاصة التخطيط العمراني، وبعض المحليات أمّا البقية فحدث ولا حرج. أكبر المآسي أمانة الحكومة :- لعل أكبر المآسي في هذه الولاية ما يسمى بأمانة الحكومة والتي أصبح أمينها العام ناطقاً باسم الحكومة، ومعبراً عنها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويستضاف في المنابر الإعلامية وعلى شاشات القنوات الفضائية، علماً بأنّ وظيفته إدارية ويعد سكرتارية تنفيذية لرئاسة الولاية. نعم هي أزمة قيادة لأنّ مؤسسات المؤتمر الوطني مغيبة تماماً، لم نسمع بانعقاد مجلس شورى أو مكتب قيادي أو مجلس قيادي، ولم نشهد تحاوراً مع القوى السياسية على مستوى الولاية لبرنامج الحد الأدنى ليس على مستوى المشاركة ولكن على الأقل على مستوى الهم الوطني ومصلحة الولاية ومواطنيها وأهدافها، التي تتطلب وقوف القوى السياسية كافة كما كان في عهد سر الختم. أين مستشار الوالي للشئون السياسية من كل هذا؟ وأين أصحاب النهى والألباب، أين.. وأين.. وأين..؟ أسئلتنا حيرى بلا إجابة، وكل ولايات السودان تعيد في ترتيب أوراقها السياسية وتشرع في تكوين حكوماتها الجديدة لمواجهة تحديات ما بعد الانفصال جزيرتنا كأنّها جزيرة في المحيط الأطلسي، لم نسمع حسّا ولا مؤسسات تتحدث عن تعديلات وزارية، أو حتى على مستوى هياكل الوزارات والمؤسسات التابعة لها. النيّة (زاملة سيدا): لا أشكك أبداً في وقار الزبير ولا أقدح في خبراته ولا أشكك في نزاهته ورعه وتقواه، هو مجاهد حمل السلاح، زهد في الدنيا وما فيها ولديه الرغبة في تقديم انجازات حقيقية لولاية الجزيرة ولكي يتحقق له ذلك لا بد أن يحرك كافة مؤسساته الحزبية للم الشمل من جديد وأن يتواضع من مناصريه ومخالفيه على برنامج هدفه مواطن الولاية. عندما أقول النيّة (زاملة سيدا) أعني ما أقول، فتقرير المراجع العام الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، في باطنه الرحمة وإن كان ظاهره المخالفة لقوانين المحاسبة المالية. عندما أقول أزمة قيادة فهي الحقيقة بعينها؛ لم تفطن الحكومة ممثلة في لجنتها التي سودت الصحف ببيانها التوضيحي مدفوع الأجر ولم تجنِ من كل هذا إلا المزيد من الأقلام التي تكتب ومازالت ويا لجنة الحكومة مهما فعلتِ فسيظل تقرير المراجع هو المرجعية لأنّه بُني على قانونٍ مالي ودون هوى، ولكنّكم لم تفطنوا لنقاط القوة في هذا التقرير ولم تستطيعوا أن تستثمروا ايجابياته والإشادات التي وجدتها من المراجع نفسه، حيث اثبت التقرير( تراجع الاعتداء على المال العام ( 1,5) مليون، تمت إحالة 73% منها للمحاكم لاستردادها، وما بقي لا يسوى إلا القليل من جملة الموازنة المراجعة؛ وحتى هذه تمّ استرداد 60% منها ولم يتبق إلا القليل، والقليل جداً، وتواصل وزارة المالية جهودها لاسترداده ( أو كما قالت وزارة المالية).. فقد اشتريتم بحر مال الشعب تهمةً ألبستموها وطوقتم بها عنق واليكم صاحب الخطأ الإجرائي في مقصد طيّب يشبهه؛ لدفع الضرر عن مواطني الولاية، ولكن لم تظهر القيادة الرشيدة لتحليل ما جرى من بعض الصحف، وتفسيره التفسير الموضوعي، ومن ثمّ يأتي الرد عبر الصحف أو عبر مؤتمر صحفي أو أي وسيلة أخرى تراها. • لماذا وصلت الولاية في عهد الزبير لهذا المنعطف: 1. التركيبة الوزارية الحالية والتي منحها صلاحيات واسعة غير مؤهلة وغير قادرة على ترجمة الأفكار للواقع، وإن كان هنالك استثناء ففي الزراعة والصحة خير دليل. 2. التفكك في بنية الحزب الحاكم وانعدام الشورى، قاد بصورة واضحة لتعميق الخلافات وبدأت في الظهور القضايا الاثنية والقبلية. 3. انعدام التنسيق بين الجهازين التشريعي والتنفيذي ولّد حالةً من الاحتقان والعداء غير المعلن مما أدى إلى انقسام المجلس نفسه - بعض من قياداته- إلى مؤيد ومعارض واعتقد أنّها ظاهرة إيجابية إن كان التوجه فيها صادقاً لمصلحة المواطن لا لمصلحة انتصار الذات. 4. أمانة الحكومة إحدى العوامل المهمة في تردي الأداء الإداري بالولاية لاهتمامات أمينها العام بالعمل السياسي إضافة إلى مواقعه المتعددة في خارطة الولاية ( أمين التخطيط الاستراتيجي ـ أمين القطاع الاقتصادي ) وغيرها ولعل أكبر أخطاء أمين هذه الحكومة ظهوره المتكرر على وسائط الإعلام، ومناكفاتها، ومحاولة إظهار قدرات لا يمتلكها وفهم يدعيه (وفي بيان الحكومة التوضيحي خير دليل) هنا التواضع واجب وإعطاء العيش لخبازه (وزير الثقافة) فيه خير كثير. المخرج :ولاية الجزيرة وحكومتها في أزمة ( قبلت ذلك أم لم تقبل) من حيث تدري ولا تدري أوقعت نفسها في لجتها والمخرج أقرب إليها من حبل الوريد فكل الذي أثير مؤخراً ضد الولاية هو انجاز لها ولكن كيف المخرج؟ 1. يشكل الزبير حكومته الجديدة وهي البداية الأولى لإصلاح جهازه التنفيذي وليكن تشكيله الجديد للحكومة قوامه التجانس والنظرة إلى إنسان الولاية المغلوب على أمره وكما ذكرت لك من قبل استعن بالأذكياء من بعد الله في حكومتك. 2. للجزيرة انجازات كبيرة ولكن تضن حكومتها بالتبشير بها عبر المنابر الإعلامية والملتقيات ( منبر سونا ـ منبر ديوان الحكم الاتحادي) وغيرها من المنابر المتاحة.. وهذا يعود إلى عدم التمكين للأجهزة المعنية بالإعلام ودعمها مادياً وبشرياً عبر فرص التدريب وخلافه. 3. إعلاء قيم الشورى وترميم مؤسسات المؤتمر الوطني والدعوة من خلال هذه المؤسسات إلى وحدة صف الحزب وتماسكه وتمتين مكوّناته لتتجانس وتعمل كما كانت سابقاً 4. إتّباع المؤسسية والمنهجية وأن يكون منهج اختيار القيادات وفق معيار الكفاءة والقدرة على اتخاذ القرار حتى لا نقع في أخطاء قاتلة عاني منها الاستثمار، وديوان شئون الخدمة، ولجنة الاختيار للخدمة العامة. • أخيراً: بروف الزبير، أرجو ألا تتشكل لجنة للرد علي ما ذكرت حتى لا تصرف )لجنتك الجاهزة للرد على الصحف) مبلغ 88 مليون جنيه أخرى، أحوج بها أهلنا بالجزيرة، حتى وإن أنفقت على استراحة السرطان، أو دار الأمل، وآخر قولي لك همساً استعن من بعد الله بالأذكياء في إدارة الجزيرة التي أعطتك أصوات مواطنيها، ولم تبخل ولا يكن عطاؤك تجاه مواطنيها رد لجنتك التي أهدرت مالا عاما وما أشبه الليله بالبارحة، في ما أشار إليه تقرير المراجع من إهدار للمال في تقرير المراجعة للعام القادم مقصدي الإصلاح ما استطعت وأشهد الله على ذلك.
إرسال : 1طباعة : 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق