الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

لوالي الكرنفالي والوزير السندكالي

لقد أغناني الزميل الأستاذ الكاريكاتيرست الفنان نزيه عن قول الكثير فيما يخص "الزنقة" و"الخنقة" الاقتصادية المطبقة على خناق البلاد، وباعتراف متأخر من وزير المالية، فعلى أخيرة "الرأي العام" أمس وبريشته الرشيقة وخطوطه الذكية، لخص نزيه المشهد بطريقة تراجيكوميدية بارعة تجعلك تضحك حد الاستلقاء ثم تنقبض حد التقطيب والتجهم، وليس من رأى وطالع الكاريكاتير كمن قرأ عنه وحسبنا منه جهد المحاولة، وهي أن نزيه جعل من زيادة أسعار البنزين أمراً واقعاً لا محالة، ولم تتريث الحكومة في إعلان الزيادة إلا ريثما تتمكن الشرطة من تجهي? الكميات الكافية من البمبان بعد أن تستلم الميزانية كاملة لمواجهة المظاهرات الكثيفة المتوقع إندلاعها مع إعلان الزيادة، ومعلوم الشد والجذب الذي تفاعل داخل البرلمان وفي صفوف الحكومة منذ تسرب مقترح الزيادة، غير أن الأغرب والأعجب في هذا السجال أن يكون وزير المال الأعلى صوتاً والأكثر جلبة انحيازاً للزيادة التي لا يرى لها بديلاً، وهو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بالتصريحات التفاؤلية التي نفت حدوث أية ضائقة وبشّرت الناس بالمن والسلوى بينما الآن يتحدث عن "الزنقة" دون أن يداري وجهه خجلاً أو يتدارى خلف آخرين يدفعهم للذ?د عن الزيادة، ولكن لا عجب فالحديث الشريف يقول "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، ولأن الوزير لم يستح عندما كان يحتذي اثر السياسيين ويطلق بالونات الهواء حول الشأن الاقتصادي الذي لا يحتمل لا علمياً ولا عملياً أي هراء، إلى أن تفاجأ بالحقيقة المجردة فنكص على عقبيه يريد معاقبة الشعب بالزيادة، وقد استحق عن جدارة لقب الوزير السندكالي بالمعنى السوداني المعروف، والذي يطلق على من يكثر الكلام في شيء لا يترك أثراً سوى أن يتلاشى في الفراغ، وهكذا كان وزير المالية الذي بدلاً من أن يرينا عبقريته التي بشرتنا برغد العيش، إذا به ال?ن ينذرنا بما سينغص عيشنا....
وما هو أدهى وأمرّ من تناقضات الوزير السندكالي ما يفعله الوالي الكرنفالي الذي أقام في ولايته المنكوبة ملتقىً حاشداً أسماه ملتقى قضايا الإعلام، تصوروا في ظل هذه الأجواء الاقتصادية الخانقة التي تحتاج فيها البلاد لأي مليم يعينها على توفير الضروريات والأساسيات، يقام مثل هذا المنشط، وأين في الفاشر عاصمة شمال دارفور، بالله عليكم ما حاجة دارفور المنكودة كلها وليس شمالها فقط بل ما حاجة السودان من أقصاه إلى أقصاه لملتقى إعلامي، فعن ماذا يُعلِم ويُعلّم مثل هذا الملتقى الذي أمّه حشد كبير لا شك أن الذي صرف على سفره وإق?مته واعاشته وترحيله و"مصاريفه" مبلغ كبير، دعك عن الذي صرف على الاعداد والتجهيز و"الذي منو"، ماذا يفيد هذا الملتقى الذي فتح "ماسورة" للصرف بينما الخزانة العامة تعاني الشح؟، وماذا يضيف في ظل الحديث عن مكافحة الفساد غير أن يرفد القائمة بنوع جديد من الفساد الإداري والسّفه المالي الذي لا يتورع من إقامة مثل هذا النشاط الذي يعتبر ترفيا بكل المقاييس، قياساً بعام القحط والجدب المالي والاقتصادي هذا... قال قضايا إعلام قال...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق