سفراء آخر زمن |
مشاركات |
السفير في أية دولة، بما في ذلك السودان، هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب ولرئيس الجمهورية وفي الخارج.. بالتالي من حق الشعب ومن حق رئيس الجمهورية أن يختار وأن يُعيِّن من يأنس فيه قوة وأمانة بعد تمحيص دقيق.. في أمريكا والدول المتقدمة عمومًا، يتم فحص السفير المرشح من عدة جوانب إضافة إلى مؤهلاته وخبراته وتخصصه، مثل الجنسية والأسرة والتوجه الوطني ومعرفته بالدولة المرشح لها وحسن سلوكه ولباقته وصحته وهندامه. السودان ليس مثل أمريكا لأنه دولة نامية بينما أمريكا هي الآن الدولة العظمى الوحيدة في العالم.. ولكن للسودان حضارة ضاربة في القدم وقوة كامنة لا يستهان بها ومواطنوه متدينون والدين أساسه العدل.. ومنذ فجر الاستقلال كان اختيار الدبلوماسي السوداني من درجة سكرتير ثالث إلى سفير يتم بعناية فائقة، وفقًا للمعايير الدولية.. يتم فحص المؤهلات وتجري الامتحانات والمعاينات بواسطة لجان محايدة وعادلة.. معظم هذه المعايير اختفت الآن مما أثر سلبًا على الدبلوماسي السوداني بعد أداء متميز عبر السنين على المستوى العالمي. كان الرعيل الأول من الدبلوماسيين شامخاً بقدراته ووطنيته وحماسه للعطاء.. برزت منه في الساحات الدولية شخصيات لا تنسى ولم تجد حتى الآن ما تستحق من تقدير.. منهم من كان من رواد الحركة الوطنية مثل الوزراء مبارك زروق ومحمد أحمد محجوب وأحمد خير وإبراهيم المفتي.. ومنهم من تفانى في عمله كوكيل دائم لوزارة الخارجية، مثل محمد عثمان يس وخليفة عباس العبيد وجمال محمد أحمد.. ومنهم من جاهد سفيرًا للسودان في أوقات صعبة في دول هامة مثل يوسف مصطفى التني ويعقوب عثمان وفخر الدين محمد وبابكر الديب. وجاءت بعدهم أرتال من الدبلوماسيين الوطنيين.. منهم من عمل وكيلاً ووزيرًا مثل علي أحمد سحلول وهاشم عثمان أحمد.. منهم الوزراء أمثال محمد ميرغني ومحجوب مكاوي ومنصور خالد ومامون سنادة والرشيد الطاهر بكر وأحمد عبد الحليم وحسن عبد الله الترابي ومصطفى مدني أبشر وفاروق أبو عيسى وحسين سليمان أبو صالح ولام أكول ودينق ألور.. منهم الوكلاء أمثال إبراهيم محمد علي وفضل عبيد وجعفر أبو حاج وميرغني سليمان خليل وعلي عبد الرحمن نميري وفاروق عبدالرحمن وعمر بريدو.. منهم من كان سفيرًا بارزًا مثل عبد الله الحسن وعثمان السمحوني وعبد الماجد بشير الأحمدي وعيسى مصطفى سلامة وفيليب أوبانق والطيب حميدة وفرنسيس دينق ورحمة الله عبد الله وعبد العزيز النصري ويوسف مختار وعبد الله محمد عثمان وعمر شونة وسر الختم السنوسي والأمين عبداللطيف وأحمد صلاح بخاري وصلاح أحمد محمد صالح وعباس المعتصم وميرغني النور جاويش.. منهم خبراء المراسم والمؤتمرات الدولية مثل عوض حسين.. منهم من كان أديبًا وشاعرًا مثل جمال محمد أحمد ومحمد أحمد محجوب ومحمد المكي إبراهيم وصلاح أحمد إبراهيم وعمر عبدالماجد عبدالرحمن وسيد أحمد الحردلو وعبد الهادي الصديق.. منهم من برز في المنظمات الدولية مثل التيجاني الماحي (الأمم المتحدة) وأحمد السيد حمد ومهدي مصطفى الهادي والدرديري أحمد إسماعيل (الجامعة العربية) وعطا الله حمد بشير (الايقاد).. منهم الرياضيون مثل شارلس مينانق وحيدر حاج الصديق قاقارين وعبد المحمود عبد الحليم.. منهم المتصوفون أمثال هاشم عبد الرازق صالح وأحمد التيجاني محمد الأمين. والكثير منهم من المحامين.. وغيرهم كثيرون عملوا في صمت وبنكران ذات ومعظمهم تولاهم الله برحمته أو تقاعدوا بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا.. أما في آخر الزمن، زمننا هذا، فإن معظم السفراء وكبار المسؤولين قد ابتلى الله بهم الشعب السوداني ورئاسة الدولة.. يدخلون العمل الدبلوماسي من الشباك بالواسطة أو التعينات الحزبية والطائفية.. لا يتم فحص المؤهل والتخصص والخبرة والسن والجنسية السودانية.. الكثيرون غير معروفين للشعب السوداني ولا يعرفون عن السودان شيئًا ربما عدا مكان مولدهم!! وعلى مستوى السفراء أصبح العمل جاذبًا للمغضوب عليهم أو الطامعين من الوزارات الأخرى أو الأحزاب السياسية مدنيين وعسكريين. وتدني العمل الدبلوماسي: 1- تعددت منابر العلاقات الخارجية وأصبحت الدول تتردد في قبول ترشيحات السودان. 2- أصبحت الأغراض الشخصية أهم من مصالح الدولة القومية. 3- لم يعد الدبلوماسي قادرًا على تقديم المشورة للدولة. 4- لم يشترك الدبلوماسيون في مفاوضات خارجية مصيرية. 5- أصبح السودان هدفًا لشكاوى متعددة في منظمات دولية. 6- أصبحت العلاقات تتوتر بسرعة مع دولة هامة. 7- أصبحت السفارات السودانية مدعاة للسخرية والاستخفاف والسخط من الأجانب والجاليات السودانية على حد سواء. لاشك أن لكل مشكلة سببًا والعلاج يبدأ من جذور المشكلة.. وكلنا ما زلنا نحلم مستقبلاً بدبلوماسية فعالة وسفارة سودانية محترمة كما كانت من قبل.. مع تحياتي لمن تبقى في الخدمة من طلابي وزملائي الدبلوماسيين الأكفاء والمتقاعدين ورحم الله من رحل منهم. (بقلم:د. عم محمد علي محمد ).. |
الجمعة، 23 ديسمبر 2011
سفراء آخر زمن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق