الشيخ علي عبد الله يعقوب في إفادات جريئة حول الماضي والحاضر «1 ـ 3»
حاوره: أحمد يوسف التاي
يعتبر الشيخ علي عبد الله يعقوب من أبرز المؤسسين لحركة الإخوان المسلمين في السودان، بعد أن تشرَّب تعاليمها من صديقه مصطفى محمد علي في أربعينيات القرن الماضي.. وفي هذا الحوار التوثيقي الذي أجرته معه «الإنتباهة» لم يكتف يعقوب بالوقوف على الاطلال فقط ولكنه تجاوز ذلك متسللاً إلى محطات مهمة في حاضرنا الراهن، فكان الحديث عن الفساد أكثر جرأة وتحديداً وموضوعية، كما كان التعليق على المذكرة «التصحيحية» أكثر قوةً وتنبيهاً للذين يدفنون رؤوسهم في الرمال، ويقللون من شأن المذكرة. الشيخ علي عبد الله يعقوب كشف في هذا الحوار تفاصيل دقيقة عن صعود الترابي لقيادة الحركة الإسلامية، وكيف كانت إدارته لها، وكيف أنه همّش شيوخ الحركة الإسلامية واحتمى بالشباب أمثال علي عثمان وغازي صلاح الدين قبل أن ينقلبوا عليه ويطيحوه من خلال مذكرة العشرة.. وتفاصيل المعارك الشرسة مع الشيوعيين، ودعوته الصريحة للتحقيق مع قيادات «سماها» حامت حولها شبة الفساد، وتبريره لافتتان الإسلاميين بالسلطة والانشغال بالاستثمارات الضخمة، والتحذير من الشعور بالغبن داخل المؤتمر الوطني.. كل ذلك تناوله الشيخ علي عبد الله يعقوب بحكمة الشيوخ، وجرأة الفرسان وموضوعية العلماء، وبلاغة الفصحاء.. فإلى الحوار كلمةً كلمةً وحرفاً حرفاً..
> المنهج التربوي، كان الأساس الذي قامت عليه الحركة الإسلامية.. أين هذا المنهج الآن؟
< للإجابة على هذا السؤال يجدر بنا أن نشير أولاً إلى الظروف التي خرجت فيها حركة الإخوان المسلمين، فقد ظهر الفساد في كثير من البلاد الإسلامية، فكانت بيوت الدعارة مفتوحة الأبواب علناً في مصر، وكانت هنا في السودان البارات ومصانع البيرة منتشرة، ويحدث الفساد في كل البلاد الإسلامية، وكان ذلك بعد سقوط الخلافة الإسلامية في تركيا، وحدث فراغ كبير. وفي هذه الأثناء ظهر حسن البنا وكان منهجه تربوياً، وكان يريد أن يربي الناس، وينتشلهم من حالة الفساد، تأسياً بالرسول «صلى الله عليه وسلم» الذي آخى أولاً بين المهاجرين والأنصار ووحد بين المسلمين، فكانت الدولة الإسلامية التي عاصرت أكبر دولتين هما دولتا الفرس والروم، فكانت الأولى مجوسية والثانية مسيحية مثلما الآن روسيا شيوعية، وأمريكا مسيحية، وفي ذلك الوقت قام ذلك المعلم الشاب رحمه الله حسن البنا، فكان يجوب بدعوته الأرياف، وكان يعظ الناس في المقاهي وليس المساجد، والتف حوله كل من ينبض قلبه بحب الخير، وكان هو ذلك المنبع الذي ينهل منه الناس، فسمى الجماعة «الإخوان المسلمين»، ولما كان وعد بلفور تدرب الإخوان المسلمين على السلاح، وأنشأوا الكتائب بدعم ذاتي، فيجتمع كل خمسة منهم ويسمون الأسرة، فيتدارسون القرآن والسنة والسيرة، فامتلأ وجدانهم أثناء حرب فلسطين بالجهاد، واشتروا السلاح من البدو إلى أن دخلوا تل أبيب، وحدث بعد ذلك التآمر على الشيخ حسن البنا حتى تمت تصفيته بواسطة الملك فاروق، حتى لا ينتشر الإسلام، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون، فنشأت هذه الأسرة وسط المزارعين.
> هذا في مصر، فكيف نشأت الحركة في السودان؟
< في السودان نشأت الحركة على يد علي طالب الله وهو من أبناء القطينة، وقد ذهب إلى مصر وبايع الإمام حسن البنا، وكذلك عوض عمر وهو أول قارئ للقرآن في الإذاعة السودانية، وكانت أسرته كلها متدينة، وتأثر هذان بحسن البنا
> متى حدث ذلك تحديداً؟
ــ هذا كان في مطلع الأربعينيات، ووقتها كنا في المعهد العلمي بأم درمان عام 1947م، ولم أكن أنا أخاً مسلماً في ذلك الزمان، وانتشرت وقتها المعاهد العلمية الدينية مثل الأزهر، وكان الإجلاس على الأرض، وكان لكل أستاذ شجرة يجلس تحتها أو تحت عمود يلتف حوله الطلبة، فكان لكل أستاذ حيران، وكانت حركة الإخوان موجودة في المعاهد العلمية.
> كيف استهوت حركة الإخوان الطالب علي عبد الله يعقوب ومن أخذ بيده إليها؟
< هذا موضوع غريب بعض الشيء «يضحك»، في عام 1948م أنا كنت عضواً في اتحاد يسمى «الجمعية التمثيلية»، وفي ذلك الوقت سيَّرنا مظاهرة ضد الاستعمار الانجليزي، وكانت ميولنا آنذاك نحو مصر بحكم العلاقة بين الأزهر والمعاهد العلمية وحزب الأشقاء، الذي كان يتزعمه إسماعيل الأزهري، وهو حزب ينادي بالوحدة مع مصر، وكنت أصغرهم سناً، وكنت أصدر صحيفة حائطية في المعهد، وكان الأزهري أيضاً رئيس نادي الخريجين، وكان يعمل معلماً في مدرسة حي العرب.. والمهم أن المظاهرة انطلقت حتى نادي الخريجين وأخذنا معنا الأزهري في المظاهرة من المدرسة، وكنا نهتف بسقوط الاستعمار.
> كيف كانت ردة فعل المستعمر؟
< بعد انتهاء المظاهرة مباشرة، «رفتت» السلطات الأزهري من المدرسة، ونحن أيضاً «رفتونا» من المعهد.
> كل المتظاهرين فصلوهم؟
< لا «رفتوا» أعضاء اللجنة فقط، وفي ذلك الوقت اخترنا لبعثة إلى مصر، سميت بعثة الملك فاروق، وذهبنا في تلك البعثة وكنا «7» طلاب لندرس في الأزهر الشريف، ومن ضمن الـ «7» كان هناك «4» شيوعيين، «يضحك» ليدرسوا في الأزهر!!
وكان من بينهم اتحادي وهو محمد الشيخ الفادني، وعثمان محمد علي من الإخوان المسلمين، وأنا وقد كنت اتحادياً في ذلك الوقت، وكنا نسكن في شقة واحدة، وكان الشيوعيون يهاجمون حسن البنا ونقول لهم: يا جماعة هاجموا أفكاره ولا تهاجموه هو، فهو ميت وكان هناك مصطفى محمد علي الذي كان متعاطفاً معه جداً، وهذا كان منصوباً «شركاً» لي، وفعلاً «شرّك» لي وصرت أخاً مسلماً على يد الأخ مصطفى.
> يقال إنك خضت معارك شرسة ضد الشيوعيين.. فماذا عن هذه المحطة؟
< نعم لقد كنت عبارة عن نمر شرس، وأشرس ما أكون على الشيوعيين، وكنت أكرههم لأنهم لم يكونوا على خلق، فكانوا يتعاطون الخمر ويمارسون الفاحشة.. وطبعاً كانوا معي في الشقة.
> من من الشيوعيين البارزين كانت لك معه صولات؟
< كثيرون، لكن أذكر أني كنت أطرد التيجاني الطيب من الشقة وأمنعه من الدخول.
> «مقاطعاً» هل كان معكم بالشقة ضمن البعثة؟
< لا هو كان في جامعة الخرطوم وتم فصله، وكان يأتينا هنا ويوزع المنشورات، وكان «يندس» من البوليس عندنا في الشقة، ولعل هذا ما جعلني أكثر الناس معاداةً للشيوعيين خاصة عندما أتيت للسودان وأنا أشد خصومة للشيوعيين.
> متى كان انضمامك لحركة الإخوان تحديداً؟
< كان ذلك في عام 1949م.
> أين كان الترابي وقتها؟
< الترابي وقتها كان يدرس بالمدارس الثانوية، وأنا عندما دخلت حركة الإخوان المسلمين كان الترابي في مدرسة حنتوب، وللتاريخ أنا الذي رشحت وفوَّزت الترابي ليتقلد زعامة حركة الإخوان المسلمين.
> حدثنا بشيء من التفصيل عن هذه الخطوة وكيف تمت؟
< أصلاً كان هناك ثلاثة من القيادات يتنافسون على قيادة الحركة، وهم: الرشيد الطاهر بكر والشيخ صادق عبد الله عبد الماجد وحسن الترابي، وطبعاً وقتها كان الحكم عسكرياً «حكومة عبود» ونحن اجتمعنا بوصفنا مجلس شورى، وتم ترشيح هؤلاء الثلاثة، وأنا الذي فوَّزت الترابي.
> هل أنت نادم الآن على أنك فوَّزت الترابي آنذاك؟
< «صمت وتجاهل الإجابة عن السؤال، ومضى يقول» بعد أكتوبر اجتمعنا لاختيار زعيم لنا، وأنا عندما رشحت الترابي أقنعت الإخوة وقلت لهم إن لكل ثورة زعيم وقائد، وإن قائد هذه الثورة «يقصد ثورة أكتوبر» هو حسن الترابي، وعزمت على ترشيحه إلى جانب صادق عبد الله عبد الماجد، والرشيد، وبالمناسبة هذا الرجل النحيف خطيراً جداً، بل هذا أخطر شخص عرفته، فهو مقاتل من الدرجة الأولى، لكن صادق انسحب واصبح المتنافسان الآخران هما الترابي والرشيد الطاهر.
> لماذا رشحت الترابي.. بمعنى ما هي الميزات التي أعجبتك فيه آنذاك؟
< لأن الترابي كان زعيم ثورة أكتوبر، وكان متحدثاً لبقاً، هذا فضلاً عن أن الرشيد لم يصمت لكنه اعترض على رئاسة الترابي..
> لماذا اعترض الرشيد الطاهر على رئاسة الترابي للحركة؟
< قال إن سبب اعتراضه أن الترابي متزوج من آل المهدي..
> هل هذا يكفي لإقصائه من القيادة؟
< طبعاً الحجة لم تكن مقنعة.
> وماذا حدث بعد ذلك؟
< وقتها عندما رفض الرشيد ترشيخ الترابي، قلت للترابي والرشيد، اخرجا «يقصد خارج مكان الاجتماع» ثم قلت للحاضرين، الرشيد لا يصلح للأمارة لأن الذي يطلب الأمارة لا يؤمّر، وهذا نص، فعندما جاء ابن عباس للرسول «صلى الله عليه وسلم» وطلب أن يؤمّر لم يؤمّره الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وقال له لن نولي هذا الأمر لمن طلبه. وطبعاً الرشيد رفض الترابي في وقت لم يكن هناك منافس له غير الترابي بعد انسحاب صادق عبد الله، وهذا يعني أنه طلب الأمارة ـ يعني جيبوني أنا ـ لذلك ذكرت لهم هذا النص.
> لكن يا شيخ علي أليس من الغريب أن يتذرع الرشيد الطاهر بحجة هشة لإقصاء منافسه مثل زواج الترابي من آل المهدي؟
< طبعاً هو كان يقصد أن من المحتمل أن تؤثر الزوجة على زوجها ويتبع سبيل آبائها، وهذا الكلام غير منطقي، وأنا قلت له إن الرجل عندنا في السودان دائماً يؤثر على المرأة فتتبعه «يضحك».
> وهذا ما حدث بالفعل؟
< نعم هو ما حدث تماماً، وقلت لهم أيضاً إذا كان الصادق أخاها، فهو آنذاك طالب، والترابي أستاذ، ومن الممكن أن يؤثر الأستاذ على الطالب «ضحك» وقلت لهم: نفترض أن الترابي وقع بين نسيبه وزوجته، فنحن أيضاً يمكن أن نشكل قيادة جماعية وتجمع لأي أمر مهم وترجح الكفة، وبعد ذلك وافق الإخوان على ترشيح الترابي واختاروه بعد الحجة التي بينتها لهم، وبذلك جعلته أنا في القمة.
> وهل عمل الطاهر بكر بعد ذلك تحت قيادة الترابي بشكل طبيعي؟
< لا الرشيد بعد ذلك خرج من الحركة وانضم للحزب الاتحادي الديمقراطي وأصبح يخطب مع الاتحاديين، والترابي لم يكن معروفاً بعد أكتوبر لأنه درس بالخارج، وكان أستاذ القانون الدستوري بجامعة الخرطوم ولم يكن معروفاً، لكني أنا دعمته، وفوَّزته، وكونت منظمة الشباب الوطني و «حكمات» و «سعاد» كونوا الجبهة النسائية الوطنية، وسليمان السعيد كون منظمة العمال الوطنية، وميرغني النصري منظمة «المهنيين الوطنيين».
> ما هو الهدف من تكوين هذه المنظمات؟
< هذه المنظمات كونت لمواجهة الاتحادات التي كونها الشيوعيون، وهي المنظمات التي دعمت الترابي، فكان لدى الشيوعيين اتحاد الطلاب واتحاد العمال واتحاد النساء، وقلت لهم لازم نحاربهم بذات الأسلحة، والترابي وجد نفسه وسط هذه التنظيمات الاجتماعية المؤيدة والمؤازرة، وهذا هو سبب صعود الترابي إلى القمة.
> صف لنا أجواء المعركة آنذاك بينكم وبين الشيوعيين.
< المواجهة كانت عنيفة ومستعرة للغاية وشرسة.
> يقال إن الحركة الإسلامية في السودان استفادت كثيراً من قدرات الشيوعيين التنظيمية وسرية العمل.. فماذا تقول في ذلك؟
< والله طبعاً الشيوعيون استفادوا كثيراً من تنظيم وخبرة الاتحاد السوفيتي، وقد أمسكوا بالقواعد من خلال تلك الاتحادات التي أشرت إليها، وعندما كونوا اتحاد الطلاب كونا منظمة الشباب الوطني، وكذلك اتحاد العمال الوطنيين في مواجهة اتحاد العمال، يعني حاربناهم بسلاحهم وهكذا.. لأن هذه الفكرة تقربنا من الجمهور، والحقيقة هم سبقونا إلى هذه التنظيمات، والحمد لله وفقنا في حربنا على الشيوعية، وهذا توفيق من الله سبحانه وتعالى، وهم أيضاً سبقونا وكونوا الجبهة المعادية للاستعمار في 1948م.
> لكن يا شيخ علي حركة الإخوان المسلمين كانت غائبة عن معركة التحرير الوطني ضد الاستعمار، فإذا كان الشيوعيون قد كونوا الجبهة المعادية للاستعمار فأين الإخوان من تلك المعركة؟
< في ذلك الزمان الإخوان المسلمون كانوا قلة ولا يتجاوزون أصابع اليدين، وأنا عندما أتيت من مصر عام 1949م وجدت الإخوان معزولين وغير مؤثرين في الحياة.
> كم قضيت في مصر؟
< عشر سنوات من 49 ـ 1959م.
> وماذا درست هناك؟
< كنت أدرس اللغة العربية بالأزهر الشريف، وحصلت على «العالمية» من الأزهر.
> عندما أتيت من مصر ووجدت الإخوان معزولين.. ماذا فعلت أنت؟
< تحركنا بعد ذلك، وقالوا لي إن الحكم العسكري يمنعهم من أي تحرك، وقلت لهم إن الحكم في مصر أيضاً عسكري وقمعي ولكننا مع ذلك كنا نتحرك ونعمل، والحقيقة وقتذاك أن «عبود» كان يتعامل مع الاتحاد السوفيتي وقد دعمه ولذا فتح المجال للشيوعيين هنا للعمل، وكان اتحاد الشباب يرأسه خليل الياس، وهو الآن حيي موجود، واتحاد العمال كان يرأسه الشفيع، وكذلك عبد الخالق، واتحاد النساء كان بزعامة فاطمة أحمد إبراهيم.
إضافة تعليق@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الشيخ علي عبد الله يعقوب في إفادات جريئة حول الماضي والحاضر «2 ــ 3»
حاوره: أحمد يوسف التاي
> هناك من يقول إن الترابي أدار الحركة الإسلامية بيد قابضة غيّبت الشورى، وأنت من أبرز الذين عاصروه وعاونوه.. فما تقول في ذلك؟
< والله «شوف» الترابي تغير، وهذه طبيعة كثير من الناس.. والترابي في ذلك الوقت كان شاباً مثقفاً يجيد ثلاث لغات، الفرنسية والإنجليزية والعربية، وكان قارئاً جيداً للقرآن، وقيل إنه يحفظ القرآن، وكان عندما يخطب في الناس يستشهد بالقرآن، وكان خطيباً مفوهاً وأسلوبه جاذب ومقنع، وكان يجد قبولاً واسعاً في وسط الجماهير والشعب السوداني بطبيعة الحال شعب متدين، فتوسعت الحركة على أيامه.
> هل تستطيع القول بأن الترابي كان فتحاً للحركة وأضاف لها الكثير عند قيادته لها؟
< نعم، نحن عندما انتخبناه كان اسم الحركة «جبهة الميثاق الإسلامي» والميثاق تعني أن جماعة «تواثقوا»، وبعد ذلك أصبحت تضم الإخوان وأنصار السنة المحمدية أمثال الشيخ الهدية، وتضم الطرق الصوفية، يعني توسعت وضمت العلماء، وكان هناك سلوك غريب، فعندما تذهب مع أي شخص يقال لك إن هذا الشخص غير «أخو» لماذا تمشي معه؟! فكان شعار الإخوان كل من ليس معي فهو ضدي أو مع عدوي، وأنا عندما أتيت غيّرت هذا الشعار فأصبح الشعار كل من ليس مع عدوي فهو معي، وهناك فرق كبير بين الشعارين، وأنا رأيت أنه كل من ليس شيوعياً فهو معي لأن عدونا كان الشيوعيين فقط، والشخص الذي لا يصلي نسميه «مسلم عاصي»، وعملت على توسيع القاعدة وأنشأت مركز أم درمان الثقافي.
> قلت إن الترابي تغيّر ولم تُجب عن سؤالي فهل كان دكتاتوراً كما يزعم خصومه الآن بعد المفاصلة؟
< كانت هناك شورى في التنظيم، وكانت له هيئة قيادية، لكن الترابي في النهاية عمد إلى تقسيم التنظيم إلى فئتين: الشيوخ، والشباب، وهمّش الشيوخ في الحركة واحتمى بالشباب واهتم بهم، وكان من الشيوخ آنذاك المرحوم محمد يوسف، ومحمد عبد الرحمن محمد، وعلي عبد الله يعقوب ومن الشباب علي عثمان محمد طه، وغازي صلاح الدين، وانحاز الترابي إلى كتلة الشباب لأن الشيوخ كانوا أكبر منه ومنهم من في عمره، وهمّش الشيوخ تمامًا واهتم بالشباب، وهؤلاء الشباب أنفسهم الذين كتبوا مذكرة العشرة، وأطاحوه.
> في رأيك لماذا اهتم الترابي بالشباب وهمّشكم كشيوخ، هل ثمة دواعٍ أخرى؟
< هو طبعاً يريد أناسًا يسمعون الكلام فيطيعون، ويريد عناصر يتحكم فيها، وهو قطعاً لا يستطيع أن يتحكم في الشيوخ، ومنذ ذلك الوقت بدأ الصراع داخل الحركة، وبدأ يُقصي الشيوخ ويصطرع معهم ويحتمي بالشباب الذين خرجوا عليه وأطاحوه لأن الترابي فقد الشيوخ وفقد الحكمة والخبرة.
> وهل كان الشباب الذين ذكرتهم ينصاعون له وينفذون ما يريد؟
< نعم كانوا ينصتون عندما يتكلم، ويصمتون ولا أحد يتكلم، «ويَنْضُمْ» هو بس، ولا يعارضونه أبداً. وكانوا هكذا (طأطأ راسه إلى أسفل في إشارة الى التأدب الكامل في حضرة الترابي).
> ما أثر هذا الانقياد الكامل من جانب الشباب على شخصية الترابي القيادية في رأيك؟
< هذا الأمر أعطاه الإحساس بأنه القائد الفذ، ومما زاد هذا الإحساس أكثر أنه عندما تكون له ندوة أو محاضرة بالميدان الشرقي بجامعة الخرطوم بالنسبة للإخوان كأنما نزل لهم قمر من السماء، لأنه شاب مثقف، وأسلوبه جاذب، فيمتلئ الميدان والشوارع..
> هل كانوا يبجِّلونه لدرجة التقديس؟
< نعم تماماً.
> وأنتم كشيوخ لم يكن يعجبكم ذلك، أليس كذلك؟
< نعم لا يعجبنا ذلك إطلاقاً.
> ربما لأنكم كنتم تغيرون على الترابي؟
< لا أبداً، بس نحن لا نريد أساليب التقديس، المهم كانوا يهتمون به جداً، وكان هناك من يشد الرحال من مدني لحضور ندوات الترابي، وكانت الشوارع تمتلئ بالناس، عندما تكون محاضرة الشيخ الترابي.
> هل كنتم تنادونه بالشيخ منذ ذلك الوقت؟
< نعم لأنه هو الذي سمّى نفسه شيخاً ويحب أن ينادوه بـ «الشيخ» بدلاً من الدكتور، وأذكر في إحدى المرات بطابت «الجزيرة» وعندما تم تقديمه لمخاطبة الندوة قدموه بلقب الدكتور، ولما صعد المنصة قال أنا لا أحب هذه «الكلمة» يعني الدكتور وأحب أن يقال «الشيخ» ويريد أن نكون «حيرانه» والتفتّ إلى الفاتح عبدون وقلت له وقتها خلاص بقينا حيران للشيخ «يضحك» وأصبحت تطلق على يسن عمر الإمام، وبقية الإخوان..
> ذكرت الشيخ يسن عمر الإمام، كيف كانت علاقته مع الترابي فهل كان بمنزلة «الشيوخ» أم التلاميذ الطائعين؟
< أولاً يسن هذا تربّى في بيت دين، وأبوه كان إمام المسجد الكبير وإخوانه كذلك متدينون، ويسن كان شيوعياً لكن تأثر ببيئته، وانضم للإخوان.
> يؤخذ على الترابي تغييب منهج الشورى، وحرية الفرد.. هل هذا صحيح؟
< ليس بهذا المعنى، كل الذي فعله أنه أبعد الشيوخ وقرّب الشباب، ونحن كنا نعارض ونعترض، لهذا أقصانا، وأذكر أن الأخت لبابة الفضل قالت لي ذات مرة: (لو أن الترابي قال لي أكفري بكفر) والآن هي تؤيد خليل إبراهيم.
> ما الذي يعجبك عند الترابي وما لا يعجبك؟
< هناك صفتان أساسيتان لدى الترابي، أولاً بيته مفتوح أربع وعشرين ساعة لكل الناس، وفي كل وقت، وتجد الأكل والشرب وتستطيع مقابلته في أي وقت، وهذه فعلاً صفة الشيوخ، ويقال لك موجود، فالشيخ بيته مفتوح، وقلبه مفتوح، وجيبه مفتوح كذلك، وكانت هذه صفة المكاشفي، وفي هذا الترابي تأثر بالشيوخ، فهو متأثر جداً بكلمة الشيخ هذه، وخاصة أن جده الشيخ حمد النحلان، فالترابي سلوكه سلوك شيوخ، وهو رجل مفتوح البيت وما عندو قروش، لكن قدر العندو ينفقها للناس أكلاً وشرباً، والترابي كان له تأثير وجاذب، وحقق نجاحات.
> أليس من الظلم أن يتنكر البعض لإنجازات الرجل ومكاسبه للحركة حتى وصولها إلى الحكم؟
< والله «شوف» الترابي أنجز، ولما كان اسم الحركة الإخوان المسلمين حوّلها لـ«الجبهة الإسلامية القومية» وانفتحت على الناس، ثم حوَّلها للمؤتمر الوطني وأوصلها إلى الحكم.
> بعد سنوات من المفاصلة برأيك إلى أي مدى تأثرت الحركة الإسلامية بانشقاق الترابي؟
< (تنهد قليلاً، وأخذ نفسًا عميقًا) ثم قال والله شوف هناك تأثير عميق على نفسية الشباب، فالانشقاق كان بمثابة عملية الجراحة القاسية، كما تأخذ مشرط وتقطع قطعة من جسمك لأن الإخوان كان منهجهم واحدًا وكذلك سلوكهم وأهدافهم، فالعملية مؤلمة وخلقت شعورًا بالإحباط لأن الشباب كانوا مندفعين بحماس شديد، وحدث الآن إحباط.. وذات مرة قلت للترابي أنت أنشأت حركة ودولة، وطلبتُ منه عدم السفر إلى كندا وقلت له إذا ذهبت فسيقتلونك لأنك أنشأت حركة ودولة، وقلت له: هؤلاء قتلوا الإمام البنا لأنه أنشأ حركة فقط وأنت أنشأت حركة ودولة.
> تقصد السفر الذي تعرض فيه للاعتداء من جانب الملاكم هاشم بدر الدين؟
< نعم، قلت له لن تعيش يا الترابي ولن يدعوك تعيش لأنك أنشأت حركة ودولة.
> لكن الانشقاق من ناحية أخرى ضخ الدم في شرايين نظام الحكم الذي أنشأته الحركة، إذ يرى البعض أن انفراجاً حدث بعد المفاصلة من جانب القوى الدولية والإقليمية التي ترى في الترابي بعبعاً مخيفاً؟
< ليس بالضبط، فالترابي كان يتحرك بآليات وكنا معه، وكان ينظر إلى حركة المجتمع بالداخل، لكن الذي أريد أن أقوله لو أن الترابي لم يكن على قمة الحركة لكانت حركة تربوية تهتم بتربية الأفراد وسلوكهم.
> ولن تصل للحكم.. أليس كذلك؟
< الحكم كان بعيد المنال في ذلك الوقت ولم يكن هدفًا.
> وبالتالي غاب المنهج التربوي، وانشغل الناس بكيفية الوصول للحكم؟
< لا حتى الأسرة نفسها لم تكن أسرة دينية بل كانت اجتماعية (يقصد خلية الأسرة المكوَّنة من خمسة اشخاص) يعني يلتقي هؤلاء الخمسة ويكون بينهم التعاون والتكافل الاجتماعي.
> لكن يؤخذ عليكم كحركة إسلامية أنكم افتتنتم بالسلطة، وغاب المنهج والهدف؟
< لا، الإخوان كانوا معزولين، ودخلوا بعد ذلك على المجتمع بكل فئاته ودخلوا على الجيش، وعمر البشير نفسه كان أخو مسلم، وأنا أول من أنشأ مركزًا ثقافيًا في أم درمان، وجبت الكابلي ودخلت على الرياضة وجبت «منزول» أحسن لاعب في الهلال قدم محاضرة، وعلى الأطباء، وكان توجهنا بالدعوة الإسلامية، وجبت شرحبيل أحمد غنّى، يعني كنا منفتحين اجتماعياً ولم تكن أسرة دينية فقط، فالواحد منا يصلي ويزكي ويصوم ويؤدي ما عليه من واجبات دينية وفرائض ويحج لذلك مسألة «تربوي» هذه ليس فيها دقة، ويتواصلون اجتماعياً.
> لكن الآن حتى التواصل تعذر لانشغال الناس بالسلطة والاستثمارات الضخمة؟
< «يضحك»، وأمال عايزنا ننشغل بشنو، فالسلطة ذاتها هدف بالنسبة لنا، ولو أننا جلسنا في المساجد نتعبّد كيف لنا أن نصل للسلطة، والسلطة الآن مكّنتنا أن ننشئ بعض المشروعات وفتحنا الجامعات ودفعنا الاقتصاد، وأعتقد أنه كان لابد للإسلاميين من أن ينشغلوا بالسلطة..
> وبالاستثمارات الضخمة كذلك؟
< وما لها الاستثمارات يا أخوي؟! هل الاستثمارات عيب يا أخي؟!، أنا مثلاً الآن في بنك فيصل، وأنا الذي أسسته، هذا البنك الذي تجلس فيه الآن ودا ما عمل إسلامي؟
وأغلب الناس الشغالين ويتعاملوا معه ليسوا إخوان مسلمين مثل ناس البرير وهؤلاء عملاؤنا ومعنا عملاء مسيحيون.. الإخوان لم يكونوا تجارًا، وكان أخونا الطيب النص وهذا «فلَّس» ولم ينشغلوا بالمال.
> كان ذلك في الماضي، لكن الآن تجار ورأسمالية؟
< لا لا.. لم ينشغلوا بالمال لكنهم جلسوا في مراكز المال مثل الضرائب، والجمارك، والمالية مثلاً والبنوك أغلبها ماسكنّها الإخوان، يعني مسكوا على مقابض المال كتنظيم وليس كأشخاص.
> يعني نفس أسلوب اليهود في أمريكا؟
< نعم تمامًا فعلوا ما فعل اليهود في أمريكا فمسكوا مقابض المال في أمريكا، واليهود كانوا قلة في أمريكا، لكنهم تحكموا في المال، لذلك كانت لهم القوة فامسكوا بالبنوك ومراكز القوة والاقتصاد ولولا فعلهم هذا ماذا كانوا يساوون ومن أين لهم القوة والمؤسسات كلها الآن يتحكم فيها اليهود.
> يعني تحكمتم في مفاصل المال من أجل حماية السلطة والتشبث بها؟
< اي حركة لا تهدف إلى السلطة ليس لها قيمة وتكون حركة صوفية «ساكت»، الحركة لابد أن تصل للسلطة، والمال قطعاً يؤثر في السلطة.
> شيخ علي الآن الدولة والمجتمع كلاهما يتحدثان عن الفساد، ورئيس الجمهورية ونائبه الأول يرميان بثقلهما لمحاربته بعد أكثر من عقدين فما تقييمك لحجم الفساد وكيفية محاربته؟
> (الإجابة في الحلقة القادمة)...
إضافة تعليق@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الشيخ علي عبد الله يعقوب في إفادات جريئة حول الماضي والحاضر «3 ـ 3»
> شيخ علي، قضية الفساد في أجهزة الدولة تمثل الحدث الأبرز الذي يحتل مساحة كبيرة من اهتمامات الشارع السوداني؟
< «مقاطعاً» والله شوف، أنا لا أقول لك إن الإسلاميين يجلسون على أبراج عاجية ولا يدرون، لكنهم هم الآن في سدة السلطة، وهذا الفساد المثار إذا كان فسادًا ماليًا فهذا يكون باستغلال موظف لمنصبه ويُثري منه، سواء كان «أخو مسلم» أو غيره، وأغلب الناس الذين داخل السجون هم متعثرون.
> «مقاطعاً» هل تنفي وجود فساد وسط القيادات؟
< والله «شوف» كلمة فساد هذه شعار يُرفع لتخويف الحكام، وأنا هسع خائف منها عديل كده.
> هل ما يحدث الآن من تحركات رسمية لمحاربة الفساد هو نتاج الخوف؟
< أنا في تقديري الشخصي وحسب علاقتي بالمال، وأنا لي علاقة قوية بالمال أكثر من الترابي، والبشير، وعلي عثمان وغازي، أنا قاعد في البنك أتابع حركة المال، وأعرف الفساد المالي، وأقول إن الذين «أكلوا» المال دخلوا السجون.
> من الإسلاميين أم أنهم موظفون عاديون؟
< من الإسلاميين وغيرهم، بل هناك أناس من عائلتي ومن الإخوان مطلوب القبض عليهم لأنهم أكلوا أموال الناس، ومع ذلك أقول إنه إذا كان المقصود من الفساد استغلال النفوذ المالي، الإخوان ليس لديهم يد في ذلك، وإذا كان المقصود هو استغلال السلطة وتوظيف عديمي الكفاءة ووضعهم في المناصب، واختيار هذا بالوساطة لأنه قريب عمر البشير أو علي عثمان هذا يسمى «فساد»، لكن أنا حتى الآن ليس لديَّ بيِّنة أن عمر البشير شغّل أهله في الحكومة.
> أكثر ما يؤخذ على حكومة المؤتمر الوطني أنها تركت الحبل على الغارب، ولم تتخذ الخطوات الكفيلة بحماية المال العام ومحاسبة المفسدين على النحو المطلوب؟
< والله أنا شائف أن الناس الآن أمام شائعات تتصاعد، هذا نراه لأول مرة، «يضحك»، وأعتقد أن هناك شائعة ضخمة، وزاد الإعلام من تضخيمها، وكذلك حديث الناس.
> «قاطعته» هذا ليس كلام الناس ولا الإعلام، هناك تقارير رسمية من المراجع العام في كل سنة، ولم نسمع بمحاسبة؟
< صحيح، هناك أناس أغنياء وبنوا قصورًا وأنا واحد منهم، وعندي بيت في الرياض، وكنت أسكن في الثورة الحارة الأولى في منزل من الطين، ولما سكنت في العمارات واشتريت «عربية» بالأقساط قيمتها خمسة وسبعين جنيهًا الناس كانت مندهشة: علي عبد الله اشترى عربية، وعندو بيت في العمارات، والعمارات كانت قبل الرياض والفردوس، والمنشية، وأقول إن أغلب الذين بنوا عمارات في السودان كانوا من المغتربين، فمايو شرّدت الإخوان كلهم فاغتربوا في الكويت والسعودية والدول الخليجية، و«الأخو» بطبيعة الحال عندما يعود من الاغتراب أول ما يفكر فيه هو أن يبني منزلاً عشان تكون له دار ملك، والحكّامات زمان «بشكِّرن» الشخص صاحب الملك، لذلك الإخوان الذين اغتربوا جاءوا وبنوا هنا عمارات من كدّهم واغترابهم.
> الناس الآن تتحدث عن آخرين لم يغتربوا؟
< صحيح، هناك إخوان وزراء بنوا بيوتًا كبيرة، وما في داعي الواحد يذكر أسماءهم، وفي هذا الأمر قد تكون هناك شبهة فساد، ويجب أن يُساءلوا..
> وهؤلاء لم يكن لديهم بيوت وعمارات قبل الوزارة!
< نعم ما كان عندهم، ويتوجب أن يواجَه هؤلاء بالسؤال من أين لك هذا؟، وفي هذا انتهاز، وأعتقد الآن في شغل زي ده ماشي.
> هل تقصد أن هناك مساءلة وتحقيقات حول هذه الشبهات الآن؟
< نعم هناك الآن مساءلة، فمثلاً (م) كان موظفًا عاديًا وكان وزيرا، فهو بنى قصرًا ضخمًا، يُسأل المال دا جبتو من وين؟.
> هل هناك مساءلة وتحريات في الوقت الراهن له او لغيره؟
< هو طبعاً في القانون لا يولّى شخص أي منصب حكومي إلا أن يكون هناك إقرار ذمة، وبعد نهاية التكليف يُسأل من أين لك هذا؟ «إذا كانت هناك مظاهر ثراء»، ولازم يكون هناك إقرار ذمة، الآن إخواننا الحكام، تُثار ضدهم الشبهات، هسع أخونا وزير الخارجية ده متهم بأن لديه بيوت، وأخونا علي كرتي عدّ كم سنة هو؟، والخارجية فيها شنو بياكلوه هل فيها بنك، هل فيها مالية، بالعكس يا أخي فيها عبء ثقيل، لكن معليش الناس الراكبين عربات فاخرة وبانين طوابق، وهذا ذاته كلام مجتمع ساكت، وأريد أن أقول لناس «الإنتباهة» حقو ما تتأثروا بمثل هذا الكلام لأن إثارة هذه المواضيع تهد الدولة.
> هذه القضية الآن يأخذها الرئيس على محمل الجد وشكّل لها «آلية» فالأمر لم يكن حديث مجتمع فقط، والتحريات هي التي تبرئ ساحة من تحوم حوله شبهة الفساد؟
< والله طبعاً الحاكم دائماً حسّاس ووضعه حسّاس، يتأثر..
> هل تعتقد بعدم وجود فساد؟
< بكون في فساد، أصلاً هذه طبيعة الأشياء، فمثلاً المرأة إذا شافت جارتها ساكنة في عمارة تقول ليك يا أخي ما تبني لينا عمارة مثلها، أولادك بموتوا، هكذا الشيطان، ولهذا الشخص يبحث عن وسيلة لجمع القروش وهناك ألف وسيلة لجمع المال.
> هناك إنكار لحالات الفساد، وأنتم في المؤتمر الوطني تتهمون الصحف بإثارة هذه الموضوعات، لكن هناك قيادات إسلامية أقرت بوجود شبهات فساد لدى قيادات الصف الأول والثاني والثالث بالحركة الإسلامية.. بم ترد على هذا؟
< يا أخي لازم يكون هناك دقة في مثل هذا الحديث، فعندما تقول إن علي عبد الله عندو بيت في الرياض، وتروح تتحدث عن اتهامات كثيرة، فمثلاً يس عمر الأمام اتهمني عديل كده، وقال علي عبدالله «أكل» مال الأمير «يضحك» وهو لم يتحرّ الدقة.
> وبم رددت على اتهامات يس عمر الإمام لك؟
< أنا طبعاً كنت مغتربًا في السعودية، أنا وحكمات «زوجته»، وكنت بطرح الأسهم لأني كنت في الطرح، وحصلت على مبلغ «200» مليون دولار، هذا نصيبي القانوني، مثلاً علي عثمان عندو بيت قديم وبيت جديد، لكننا لم نتحرّ الدقة حتى الآن عن البيوت دي لقاها وين، بل نتكلم ساكت، الحقيقة أن الكلام الذي يُقال دون إثبات يعتبر قذفًا يوجب الحد.
> ولهذا السبب الآن هناك آلية وتحريات ووثائق ومستندات؟
< نعم هذا هو المطلوب، فإذا ثبت وجود فساد يجب أن يحاكَم المفسد، وإلا يجب محاكمة المدّعي بحد القذف.
> ما يقول شيخ علي في «مذكرة الأف أخ» وإلى ماذا يعزو ظهورها في هذا التوقيت بالذات؟
< هي طبعاً عملية احتقان.. أعتقد أنها عملية احتقان فقط.
> في رأيك ما سبب هذا الاحتقان؟
< والله حسب ما علمت أن هذه المذكرة وراءها المجاهدون من الشباب الذين كانوا دبّابين، وهؤلاء وجدوا إخوانهم الذين كانوا أمامهم حكامًا يملكون السيارات الفاخرة، وما فاضين ليهم عشان يقابلوهم ذاتو، ولو عايزين يقابلوهم ما بقدروا يقابلوهم.
> والمذكرة أيضاً تتحدث عن الفساد، وتصحيح المسار؟
< «شوف» الإخوان يريدون أن يكون هناك مثل أعلى، هم يريدون أن يأتوا إلى علي عبدالله يشربوا معه الشاي، ويتونسوا معه، وهم ما عايزين منو حاجة، ولو عندهم مشاكل يطرحوها له ويوجههم لكن الحكام انشغلوا منهم شديد.
> انشغلوا بالسلطة وإدارتها؟
< انشغلوا بالسلطة ليس من أجل السلطة، لأن السلطة مشغولية، وهل تفتكر أن عمر البشير الآن مرتاح، قطعاً ليس مرتاحاً.
> في رأيك ما حجم الأثر الذي ستُحدثه هذه المذكرة في المؤتمر الوطني؟
< هو طبعاً بعض الإخوان يأخذون على أصحاب المذكرة أنها تجاوزت القنوات، وكان يجب أن تمر عبر القنوات المعروفة، وهؤلاء يؤخذ عليهم نشرها في الصحف، والناس سوف يستجيبون لها، فعلى الأقل ستعالج بعض الغبن وتدمل الجرح الذي نشأ وستجعل الناس ينتبهون.
> هل سيكون لها أثر في التصحيح؟
< أعتقد أنها صحة وعافية وفي نفس الوقت ناقوس خطر، فهي دقت ناقوس الخطر تماماً، والخطر سيكمن في هذه المحطة.
> تقصد إذا تم تجاهل المذكرة؟
< نعم إذا تم تجاهلها سيأتي الخطر، وإذا لم يجلس الناس، ويتحاوروا ويتناقشوا ورجعوا، ولا أقول إذا رجعوا إلى الله، لأني لا أشك إطلاقاً في إيمان علي عثمان، ولا في تعبده ولا صيامه، يعني هم أصلاً مع الله، فإذا لم يفعلوا ذلك فإن الخطر ماثل لكنها ستنبه الإخوان في المؤتمر الوطني إلى تصحيح المسار، والحكومة مشغولة والبشير مشغول الأربع والعشرين ساعة، وحتى علي عثمان مقابلته ما زي زمان، ومرة قلت ليهو لما تموت بجيك، قال لي ليه؟، قلت ليهو لأنك بتقفل بابك في وجهي، قلت له الترابي دا بيتو مفتوح أربع وعشرين ساعة، قال لي ده حصل متين، تجي في أي وقت.
> تقصد باب المكتب أم المنزل؟
< الحقيقة مرات بجي في البيت، يقولوا لي دخل هسع، وما فاضي، أقول ليهم يا جماعة أنا علي عبدالله يعقوب، وعندما وجدته مرة في بيت عزاء قلت له تاني ما بجيك بس لما تموت بجي بشيل فيك الفاتحة، وأقول والله أخونا كان راجل فاضل وطيب «يضحك»، وبعد داك مشيت لقيت الباب «متاكا».. يقصد موارب قلت له برضو ما يا هو نحن دايرنو ينفتح عديل زي الترابي تماماً الأربع والعشرين ساعة «يضحك»، وهو قبل عتابي، وزمان وأنا أخو مسلم أمشي لأزهري، أطرق الباب يقول دا مين ويقولوا له دا علي عبدالله طوالي يقول دا ابننا افتحوا له الباب فنجد الماء والبلح وأنا ما جاي آكل معاه، ولا جاي آكل مع علي عثمان، ولا الترابي الحمد لله بيتي فيهو أكل أحسن من أكله وعندي طباخ أحسن من طباخو «يضحك»، الحقيقة أنا أعتقد أن المذكرة نبهت لأشياء مهمة وليس فيها خطر شديد بالعكس فيها نقد وإصلاح، والنقد عندما يأتيك من الداخل ينبهك لأشياء مهمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق