الأحد، 22 يناير 2012

ومـا أدراك مــا المـذكـرة!! (1-2)

ومـا أدراك مــا المـذكـرة!! (1-2)

أرسل إلى صديقطباعةPDF
تقييم المستخدم: / 3
ضعيفجيد

مدادٌ كثيرٌ أُريق حول المذكِّرة مجهولة المصدر والتي نُسبت إلى مجموعة يُزعم أنها تنتمي إلى الحركة الإسلامية ولعلّ أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو أية قيمة حقيقية في علم الإعلام والصحافة لخبر مجهول المصدروأية قوة أو حجِّية لمذكِّرة يعجزُ أو يجبُن كُتّابُها عن ذكر أسمائهم؟!
ذلك يحُطُّ من قدر تلك المذكرة ويُفقدها أهم عوامل تأثيرها المتمثل في صدقية وجدية ورسالية من تبنَّوها وأقول إن ما أثارته من اهتمام وجدل أكبر من حجمها ولولا الفراغ السياسي ــ أعني غياب مبادرات الإصلاح ــ لما وجدت ذلك الضجيج فمن يعجز عن الإعلان عن اسمه لا يحق له أن ينصح أو أن يتصدّى للقضايا المثارة في المذكرة ولن أجد العذر لأولئك الناصحين فالجبن منقصة كما أن الشجاعة والإقدام كمال وفاقد الشيء لا يُعطيه وكان الواجب يقتضي أن يتحلّى أولئك النفر بالشجاعة الكافية التي يُفترض أن تتوافر في من يتصدى للشأن العام خاصة من الإسلاميين الذين يُفترض أنهم يطلبون الأجر من الله نظير صدْعهم بالرأي والنصح ويقدِّمون المهج والأرواح في سبيل ذلك أُسوة بمن سبقوهم من الصادقين الذين لم تفتنهم الدنيا وزينتُها وتجعلهم يتوارَون خوفاً وفَرَقَاً!؟
هبْ أنهم كُثر ولا تحتمل المذكرة قائمة أسمائهم ــ الألفية مثلاً ــ أما كان من الممكن أن يختاروا بضعة أسماء تمثلهم حتى يُكسبوا مذكِّرتهم شيئاً من الاحترام والمصداقية ويجنِّبوها التسفيه والتحقير؟!
على كل حال فإني لا أستبعد أن تكون هذه المذكرة من بنات أفكار (بلطجية) المؤتمر الوطني بغرض إلهاء الساحة السياسية وملء الفراغ وسحب البساط من تحت أقدام الصادقين من المتبرِّمين بالأوضاع المزرية التي نتقلب في رمضائها!! فقد بات معلومًا أن المؤتمر الوطني درج على اجتراح حيل وتمثيليات ماكرة يمرِّر بها قراراته بأساليب شتى يحاول من خلالها تحقيق مكاسب معينة مثل إعطاء البرلمان دوراً (مصنوع) يرفض من خلاله قراراً أو توجُّهاً حكومياً حتى يصدِّق الشعب المسكين المخدوع أن ممثليه يملكون أن يقولوا «لا» للسلطة التنفيذية ويستطيعون أن ينحازوا إلى أنَّات الجوعى والمكروبين!!
لم أستغرب أن تأتي المذكرة اعتذارية خجلة حال من يجبُن عن أن يجهر حتى باسمه ولذلك توارت عن مواجهة العلة الحقيقية وأدت النافلة وتركت الفريضة وكأنها كانت تحاول أن تعمِّي على الناس خاصة من المنتمين للحركة الإسلامية القضايا الرئيسية والمهمة الأساسية وذلك ما يجعلني أشعر بأن القصة كلها (مفبركة) ولذلك وجب علينا أن نتجاوز النوافل التي أشارت إليها المذكرة ونتصدى للفرائض فعندما سُئل المغيرة بن شعبة عن عمر بن الخطاب قال: كان له عقل يمنعه من أن يُخدع وورع يمنعه من أن يَخدع وبالرغم من ذلك فإن الإنصاف يجعلني أقول إن بالمذكرة بعض الإشراقات القليلة لكنها بالقطع لم تتناول القضية الأساسية المتمثلة في تغييب الدور الحقيقي للحركة الإسلامية كما سأبيِّن.
كاد الناس ينسون أن الحركة الإسلامية هي التي أنشأت الإنقاذ وحكمت البلاد كفاحاً عدة سنوات قبل أن يولد المؤتمر الوطني الذي جاء بمرجعية مختلفة بالقطع ليست هي مرجعية الحركة الإسلامية التي ما جاءت إلا لإقامة نظام إسلامي حقيقي.. أقول إن المؤتمر الوطني جاء بمرجعية مختلفة هي التي نصَّبت رياك قاي نائباً لرئيس المؤتمر الوطني.. رياك قاي الذي انضم يوم ميلاد دولة جنوب السودان إلى الحركة الشعبية وقرَّر من تلفزيون جوبا ضم جميع ممتلكات الوطني في جنوب السودان بما فيها العربات إلى الحركة الشعبية.. إنها ذات المرجعية التي جعلت المؤتمر الوطني يجعل المادة «ب» في المبادئ والأهداف من نظامه الأساسي حتى بعد أن عدل بعد خروج الجنوب ورياك قاي من بلادنا وإسلامنا تنصُّ على الآتي:
(العمل على توجيه الحياة العامة والخاصة لعبادة الله بالتزام شرائع الكتب السماوية وحفظ الدين وكريم المعتقدات للمسلمين والمسحيين وأهل الملل الأخرى، بقيم الاستقامة والطهارة وحفز دوافع البر والخير والتكافل الاجتماعي)!! اقرأوا بربكم كيف يساوي بين الإسلام والمسيحية والوثنية في بلاد المشروع الحضاري؟!
إنها ذات المرجعية التي تروغ عن كلمة (الله) (وتزوغ) وتزْورّ حين تقول: (إعلاء قيم الجهاد في سبيل الحق والوطن)!!
إنها الدغمسة وربِّ الكعبة.. حين (تشرك) الأديان الأخرى بالإسلام بالرغم من أن قرنق قد وافق على حاكمية الإسلام في الشمال أيام كان الجنوب يدغمس حياتنا فإذا بنا ننكص على أعقابنا حتى بعد أن ذهب قرنق ورياك قاي.. إنها الدغمسة التي كان ينبغي أن نتجنّبها بفرز الإسلام في فقرة منفصلة باعتباره أساس الشريعة التي توجِّه الحياة العامة والخاصة لكنه الحرج الذي حذَّر منه القرآن (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) حرج يجعل المدغمسين ممّن اختطفوا البوصلة وحوَّلوها نحو قبلة أخرى غير تلك التي اتَّخذتها الحركة الإسلامية هادياً يجفلون من عبارة الجهاد في سبيل الله!!
فهل كتب أصحاب المذكرة ما كان يتعيَّن عليهم أن يكتبوا ومن تراه غيَّب الحركة واختطف منها البوصلة؟!
غداً نجيب بإذن الله.

إضافة تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق