ر الجيش والدبلوماسية في (النهضة الزراعية)/ عبد المحمود نور الدائم الكرنكي
ما دور الجيش اليوم في النهضة الزراعية؟. ما دوره في حصاد المياه؟. ما دور الدبلوماسية السودانية في النهضة الزراعية؟. النهضة الزراعية همٌ وطني كبير. تنجح النهضة عندما يصبح همها الوطني همّاً شخصياً لكافة الفعاليات الوطنية. في ما أصبح اليوم يعرف بـ (النهضة الزراعية) و (حصاد المياه)، عرف السودان مشاركة الجيش في (الثورة الزراعية) و(حملة مكافحة العطش)، وبناء الطرق والكباري والمطارات)، وغيرها. عرف السودان مشاركة الجيش في مشاريع الكهرباء والمياه والزراعة. حيث شهد مشاركة الجيش مع الإدارة المركزية للكهرباء في شدّ خط الضغط العالي من الدمازين إلى ود مدني 0791 ـ 2791م. كما شارك الجيش في بداية السبعينيات في (حملة مكافحة العطش)، بحفر الآبار الجوفية في مدن وقرى غرب السودان وشرق السودان وشمال السودان. حيث حفر الجيش آباراً جوفية في غرب السودان في (سودري) و (أم بادر) و (حمرة الشيخ) و (القلعة) و (شرشار) و (كبكابية) و (كتم). كما حفر الجيش آباراً جوفية في شرق السودان في (المفازة) و(السَّرَف الأحمر) و (الحواتة) و (الفشقة) و (حلة حكومة) و (حلة العمدة) و (قرية البطانة). كما حفر الجيش آباراً جوفية في شمال السودان في (الأراك) و (حزيمة) و (مقاشي) و (الزومة) و (الدهسيرة) و (مروي شرق) و (البركل). أيضاً حفر سلاح المهندسين قائد تلك الحفريات المائية خمس عشرة من الآبار الجوفية في وسط الجزيرة.
فيما أصبح اليوم يُعرف بـ (النهضة الزراعية)، كانت هناك (الثورة الزراعية)، عندما أطلقت حكومة الرئيس جعفر نميري في بداياتها (مشروعات الثورة الزراعية) في الفترة 0791 ـ 3791م. في تلك (الثورة الزراعية) قام الجيش (سلاح المهندسين) بشقّ القنوات وإصلاحها في المناطق الزراعية، وقام بتشييد وبناء ترعتي الجنيد وخشم القربة، وتشييد ترعة مشروع (سرور) الزراعي في (ود رملي)، وتشييد ترعة مشروع الجموعية الزراعي، وتأسيس مزرعة معهد شمبات الزراعيّ وتسوية المساحة. لذلك يأتي السؤال اليوم عن دور الجيش في (النهضة الزراعية). فقد كان الجيش (سلاح المهندسين) حاضراً فاعلاً في (الثورة الزراعية)، في عهد الرئيس جعفر نميري. واليوم يشهد السودان (النهضة الزراعية) التي دخلت عامها الرابع وأنفقت عشرات المليارات. ولكن لا يزال السودان يستورد القمح والأغذية واللحوم البيضاء (الدواجن) والألبان بمئات الملايين من الدولارات. فاتورة استيراد الألبان وحدها تبلغ مائة مليون دولار. فاتورة تصدير القطن تبلغ (32) مليون دولار، حسب التقرير الأخير لبنك السودان. واضح أن (النهضة الزراعية) تحتاج إلى تغيير في المنهج، كما تحتاج إلى تدعيم إضافي من كافة الفعاليات الوطنية. المسار الحالي لـ (النهضة الزراعية) يضعها في نهاية المطاف في سلَّة المهملات.. المسار الحالي لـ (النهضة الزراعية) يعطي إشارات إنذار مبكّر إلى فشل، نظير لفشل (الثورة الزراعية) التي أطلقها الرئيس جعفر نميري في الفترة 0791 ـ 3791م. ووفقاً للمعطيات الواقعية، فإن (النهضة الزراعية) ستلاقي مصير (الثورة الزراعية المايوية). كما ستلاقي مصير (السودان سلّة غذاء العالم). حيث أن (النهضة الزراعية) هي الطرح الجديد لمشروع النظام المايوي بقيادة الرئيس نميري والذي سمى (السودان سلّة غذاء العالم). مثلما يحدث في (النهضة الزراعية) اليوم، كذلك في إطار (السودان سلة غذاء العالم)، انعقدت مئات الحلقات الدراسية والندوات، وصدرت آلاف التصريحات، والتقى المتخصّصون والفنيّون في الزراعة في ملايين الاجتماعات لكن في النهاية بعد (علم الكلام)، أصبح المشروع الإستراتيجي (السودان سلّة غذاء العالم) مجرد شعار سياسي. وكم انكسرت الآمال الكبيرة عندما تمخَّض مشروع (السودان سلّة غذاء العالم) عن (شعار سياسي) وليس (دولة زراعية كبرى). فشل مشروع (السودان سلّة غذاء العالم) المايوي، كما فشلت مشروعات (الثورة الزراعية) المايوية، وتساقطت كأوراق الخريف. حيث سقط مشروع سوبا الزراعي ومشروع السوكي الزراعي ومشروع الجموعية الزراعي. كما بدأ انهيار شيخ المشاريع مشروع الجزيرة.
(النهضة الزراعية) اليوم إذا لم تراجع منهجها وأداءها بصورة حاسمة، ستصبح مجرد شعار لا غير. ستصير إلى ما صارت إليه (سلة غذاء العالم) و (الثورة الزراعية). البداية الصحيحة لـ (النهضة الزراعية) هى أن تقدِّم إجاباتها على السؤال لماذا فشلت (الثورة الزراعية) ولماذا فشلت (سلّة غذاء العالم)؟. عدم الوعي بتلك الأسئلة وعدم معرفة إجاباتها ستجعل من (النهضة الزراعية) فشلاً جديداً، مثل فشل (سلّة غذاء العالم) و (الثورة الزراعية). في ذلك السياق ينبغي طرح السؤال لماذا تتعثر الشراكة الزراعية السودانية ـ الصينية. لماذا لم تشهد حراكاً ونتائج كما حدث في شراكة النفط. حتى لا يتكرَّر فشل التجربة الزراعية المايوية، يجب أن يعلم قادة (النهضة الزراعية) عدداً من الحقائق، منها أن نجاح (النهضة الزراعية) مستحيل بمعزل عن استمالة رأس المال العربي وتوظيف مدخراته في مشاريعها. الدول العربية تستورد أغذية بما يقارب مائة مليار دولار، تشمل الحبوب والقمح والأرز والسكر والزيوت واللحوم الحمراء والبيضاء والألبان والفاكهة والخضروات، وغيرها. لا نجاح لـ (النهضة الزراعية)، إلا بأن يصبح رأس المال العربي شريكاً في (النهضة الزراعية) بأمواله وخبراته. وفي ذلك الإطار يُطرح السؤال عن دور الدبلوماسية السودانية في (النهضة الزراعية)، دورها في إيجاد التمويل العربي وغير العربي، والترويج لمشاريع (النهضة الزراعية)، والتسويق الجذاب لفرص الاستثمار الزراعي في السودان.
(النهضة الزراعية) همٌّ وطني كبير. ستنجح (النهضة الزراعية)، عندما يصبح همّها الوطني همّاً شخصِّياً لكافة الفعاليات السودانية الوطنِّية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق