252222 |
استوقفني خير صغير تداولته بعض الصحف دون تفصيل يفيد بأن جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج (جهاز المغتربين) نظم لقاء أو ندوة أو ورشة تحت عنوان (عقدة المقاطعة وعقيدة المصالح) خلص فيها المشاركون لدعوة الحكومة للتعامل مع أمريكا بواقعية، وهذا موضوع في غاية الأهمية، لذا فإن مجرد طرق الجهاز له عمل كبير يستحق الإشادة لأن هذا الأمر من أهم القضايا التي تعنى السودان ولا تجد حظها من الدراسة والغوص في خباياها.
عفواً عزيزي القارئ لقد اخترت هذه العناوين الرئيسية لهذه المقالة بعناية بحيث تضع النقط فوق الحروف لتؤكد لنا حجم التناقضات التي يعتبر السودان الوطن أكبر ضحاياه. هذه التناقضات كما تعكس رؤوس المواضيع تؤكد انه ليس من مجموعة أو قوة حاكمة أو معارضة بل وحركات مسلحة تسلم من الوقوع في تناقضات كبيرة وخطيرة مما يؤكد أنها بلا استثناء وقعت تحت قبضة الإدارة الأمريكية وأصبحت آليات طيعة لتحقيق المصالح الأمريكية في السودان. وإذا كنت استثنيت الجنوب من هذه الآليات ليس لأنه لم يكن من أدواتها ولكن لأنه انفصل وأصبح دولة قائمة بذاتها لها الحق أن تدير شئونها وفق مصالحها حتى لو كانت عبر بوابة أمريكا وإسرائيل فالعالم مصالح. وعلينا أن نعترف بذلك فدولة الجنوب لم تعد دولة تحت التاج السوداني حتى نحكم توجهاتها.
وما يجدر توضيحه قبل الخوض في تفاصيل الموضوع فمن لا يفهم مصالح أمريكا في السودان لن يفهم تناقضاتها ولن يفلح في تفسير مواقفها فتناقضات أمريكا لا تتعارض مع مصالحها وتصب كلها في اتجاه تحقيق هذه المصالح بينما تقف تناقضات القوى السودانية بأشكالها المختلفة ضد مصالح السودان الوطن وتساهم في إنجاح الإستراتيجية الأمريكية تجاه السودان مما يؤكد أنها وبكل أسف غائبة عن الوعي، لهذا تفشل في التعامل مع الملف الأمريكي ولو أنها كانت تدركه وعلى وعي به لغيرت من مسارها ولنجحت في إفشاله ولتوحدت في موقفها تجاه هذا الملف ولما أصبحت آليات تحت خدمة الملف الأمريكي دون وعي منها.
مجموعة من الأسئلة لابد أن نطرحها ونتقصى في الإجابة عليها:
1- هل أمريكا مع الإنقاذ وحكمها أم ضدها كما توهَّم النظام؟
فإن كانت معه لماذا تضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب وتصعد من مقاطعتها له اقتصادياً وتحاصر قادته سياسياً وجنائياً؟ أما إن كانت ضده فلماذا إذن تعلن رسمياً رفضها للاتفاق الذي أقرته الحركات المسلحة لإسقاط ما أسمته النظام في الخرطوم؟ مع أن هذه الحركات ولدت في رحمها وتسلحت بدعمها وأنها راعية العمل المسلح في العالم للأنظمة التي تتهدد مصالحها لدرجة أن تتدخل مباشرة كما فعلت في العراق وليبيا، وكما تفعل في أفغانستان. ولكن الواضح أن أمريكا حريصة على بقاء الإنقاذ لأنه وسيلتها لتنفيذ مخططها وليس حباً فيها.
2- نظام الإنقاذ وحكومته إن كان يعتبر أمريكا هي العدو الأول له ولا يكف قادته عن إعلان مواجهتهم لأمريكا فكيف إذن هللوا لإعلان أمريكا أنها ضد إسقاط النظام بالسلاح فهل أمريكا حريصة على النظام لهذه الدرجة أم أن وراء الأمر شيء مما يقتضي من النظام أن يقرأ دوافعه قراءة صحيحة بدلاً عن التهليل له كما تعكس تصريحات قادته وما يتم تداوله في صحفه وكتابه.
3- القوى السياسية المعارضة للنظام وأعني بها القيادات السياسية وليس المعارضة العامة التي تمثلها أغلبية الشعب الرافضة لكل أطراف الأزمة التي يواجهها الوطن وهي القيادة التي كانت تتمثل في التجمع الوطني في الخارج قبل أن تتشتت أركانه ومبايعة قيادته الطائفية للنظام ومن لا يزال يرفع راية المعارضة منهم فالتجمع لا يقل تناقضاً عن النظام في مواقفه فلقد أشهر خارج السودان معارضته المسلحة للنظام منذ مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا سنة 95 ولم يكن إشهاره لهذا الأمر إلا تحت الضغوط الأمريكية لتوهمه بأنها ستدعمه لإسقاط النظام بالقوة بينما استهدفت أمريكا تسخير التجمع وتطلعاته للعودة للحكم بأي وسيلة كانت لتقوية ودعم الحركة الشعبية لتحرير الجنوب وزرع الحركات المسلحة في المناطق المهمشة في السودان تحت راية المعارضة السياسية للنظام مما سهل فعلاً مهمتها وحقق لها ما أرادت. وقد كان التجمع يعلم نوايا أمريكا تجاه السودان لأنها لم تكن خافية على المواطن العادي ولما عادت للسودان ها هي ترفض لأمريكا ما كانت تقبله لها وتدعو له لما كان بحاجة لدعمها لإسقاط النظام. فكل مواقف أمريكا من السودان بما في ذلك قرارات الجنائية كانت محل تأييد ودعم التجمع وقياداته والآن تبدلت مواقفها لما عادت للسودان وأصبحت تبحث لها عن موقع في النظام وبدت تنظر لأمريكا بغير نظرتها لما كانت خارج السودان يوم كانت طامعة في دعمها الذي لم يذهب في حقيقة الأمر إلا لصالح الحركة الشعبية والحركات المسلحة في الهامش مما مكَّن أمريكا أن تحقق المرحلة الأولى من مصالحها بفصل الجنوب مسخرة من أجل ذلك نظام الإنقاذ والتجمع آليات تحت قبضتها لتحقيق الانفصال.
4- موقف الحركات المسلحة في مناطق الأقليات التي لها قضايا مشروعة يفترض أن تحل ودياً في إطار السودان الموحد إلا أن هذه الحركات والتي نشأت وقويت تحت المظلة الأمريكية لم تكن تعلم حقيقة النوايا الأمريكية لهذا تفاجأت اليوم لما توحدت واتفقت على ما أسمته إسقاط النظام في الخرطوم بقوة السلاح ففوجئت بتبدل الموقف الأمريكي ورفضه لوحدتها مما يكشف عن نوايا أمريكا التي تدعم الحركات بلا حدود للتمرد في مناطقها وترفض لها أن تتوحد لإسقاط النظام مما يؤكد ضبابية الرؤى لدى الحركات المسلحة وتعارض رغبتها في حل قضايا مناطقها المهمشة والمشروعة وبين الوقوع في فخ الإستراتيجية الأمريكة التي لها دوافع غير ذلك. والتي تتمثل في تحرير السودان من الاستعمار العربي والذي أعلنته صراحة منذ فبراير 92 والذي يقوم على مصالحها في تجزئة السودان وفصل غربه وشرقه بعد أن فصلت جنوبه لمصالحها الحيوية التي لا تقف على السودان وحده وإنما تمتد لمصالحها في مصر والدول العربية وإفريقيا. فالقضية أكبر من فهمنا القاصر للمصالح الأمريكية التي جعلت من إسرائيل أهم أدواتها في منطقة الشرق الأوسط. فلقد حان الآن دور السودان ولا سبيل لذلك غير تجزئته .
مما لا شك فيه أن إعلان أمريكا رفضها وحدة الحركات المسلحة من مختلف مناطق السودان واتفاقها على إسقاط النظام بالسلاح لا شك أنه شكل مفاجأة كبيرة للأوساط السياسية حاكمة ومعارضة وللحركات المسلحة ولكن من يعرف مصالح أمريكا في السودان لابد أن تذهله المفاجأة لو أن أمريكا أعلنت دعمها لاتفاق الحركات المسلحة الثلاثي بين حركات دارفور وقطاع الحركة الشعبية الشمال والنيل الأزرق والسبب في ذلك أن أمريكا التي خططت لانتشار الحركات المسلحة وزودتها بالسلاح والمال مباشرة أو عبر حلفائها قصدت إثارة الحراك المسلح لكل منطقة على حدة في مواجهة الحكم القابض على مفاصل السلطة منفرداً والذي تعلم أن سياساته الإقصائية حسب العرق والجنس والدين وهيمنته على الثروة والسلطة وتسخير المال لحشد المؤيدين في هذه المناطق وتجاهل قضاياها، سيفضي في النهاية لتحقيق مطامعها وتنفيذ قرارها لتحرير السودان من الاستعمار العربي كما أسمته والذي سينتهي حسب رؤيتها أن يتمذق السودان لعدة دويلات صغيرة متسولة لا حول لها أو سلطان .
عفواً عزيزي القارئ لقد اخترت هذه العناوين الرئيسية لهذه المقالة بعناية بحيث تضع النقط فوق الحروف لتؤكد لنا حجم التناقضات التي يعتبر السودان الوطن أكبر ضحاياه. هذه التناقضات كما تعكس رؤوس المواضيع تؤكد انه ليس من مجموعة أو قوة حاكمة أو معارضة بل وحركات مسلحة تسلم من الوقوع في تناقضات كبيرة وخطيرة مما يؤكد أنها بلا استثناء وقعت تحت قبضة الإدارة الأمريكية وأصبحت آليات طيعة لتحقيق المصالح الأمريكية في السودان. وإذا كنت استثنيت الجنوب من هذه الآليات ليس لأنه لم يكن من أدواتها ولكن لأنه انفصل وأصبح دولة قائمة بذاتها لها الحق أن تدير شئونها وفق مصالحها حتى لو كانت عبر بوابة أمريكا وإسرائيل فالعالم مصالح. وعلينا أن نعترف بذلك فدولة الجنوب لم تعد دولة تحت التاج السوداني حتى نحكم توجهاتها.
وما يجدر توضيحه قبل الخوض في تفاصيل الموضوع فمن لا يفهم مصالح أمريكا في السودان لن يفهم تناقضاتها ولن يفلح في تفسير مواقفها فتناقضات أمريكا لا تتعارض مع مصالحها وتصب كلها في اتجاه تحقيق هذه المصالح بينما تقف تناقضات القوى السودانية بأشكالها المختلفة ضد مصالح السودان الوطن وتساهم في إنجاح الإستراتيجية الأمريكية تجاه السودان مما يؤكد أنها وبكل أسف غائبة عن الوعي، لهذا تفشل في التعامل مع الملف الأمريكي ولو أنها كانت تدركه وعلى وعي به لغيرت من مسارها ولنجحت في إفشاله ولتوحدت في موقفها تجاه هذا الملف ولما أصبحت آليات تحت خدمة الملف الأمريكي دون وعي منها.
مجموعة من الأسئلة لابد أن نطرحها ونتقصى في الإجابة عليها:
1- هل أمريكا مع الإنقاذ وحكمها أم ضدها كما توهَّم النظام؟
فإن كانت معه لماذا تضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب وتصعد من مقاطعتها له اقتصادياً وتحاصر قادته سياسياً وجنائياً؟ أما إن كانت ضده فلماذا إذن تعلن رسمياً رفضها للاتفاق الذي أقرته الحركات المسلحة لإسقاط ما أسمته النظام في الخرطوم؟ مع أن هذه الحركات ولدت في رحمها وتسلحت بدعمها وأنها راعية العمل المسلح في العالم للأنظمة التي تتهدد مصالحها لدرجة أن تتدخل مباشرة كما فعلت في العراق وليبيا، وكما تفعل في أفغانستان. ولكن الواضح أن أمريكا حريصة على بقاء الإنقاذ لأنه وسيلتها لتنفيذ مخططها وليس حباً فيها.
2- نظام الإنقاذ وحكومته إن كان يعتبر أمريكا هي العدو الأول له ولا يكف قادته عن إعلان مواجهتهم لأمريكا فكيف إذن هللوا لإعلان أمريكا أنها ضد إسقاط النظام بالسلاح فهل أمريكا حريصة على النظام لهذه الدرجة أم أن وراء الأمر شيء مما يقتضي من النظام أن يقرأ دوافعه قراءة صحيحة بدلاً عن التهليل له كما تعكس تصريحات قادته وما يتم تداوله في صحفه وكتابه.
3- القوى السياسية المعارضة للنظام وأعني بها القيادات السياسية وليس المعارضة العامة التي تمثلها أغلبية الشعب الرافضة لكل أطراف الأزمة التي يواجهها الوطن وهي القيادة التي كانت تتمثل في التجمع الوطني في الخارج قبل أن تتشتت أركانه ومبايعة قيادته الطائفية للنظام ومن لا يزال يرفع راية المعارضة منهم فالتجمع لا يقل تناقضاً عن النظام في مواقفه فلقد أشهر خارج السودان معارضته المسلحة للنظام منذ مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا سنة 95 ولم يكن إشهاره لهذا الأمر إلا تحت الضغوط الأمريكية لتوهمه بأنها ستدعمه لإسقاط النظام بالقوة بينما استهدفت أمريكا تسخير التجمع وتطلعاته للعودة للحكم بأي وسيلة كانت لتقوية ودعم الحركة الشعبية لتحرير الجنوب وزرع الحركات المسلحة في المناطق المهمشة في السودان تحت راية المعارضة السياسية للنظام مما سهل فعلاً مهمتها وحقق لها ما أرادت. وقد كان التجمع يعلم نوايا أمريكا تجاه السودان لأنها لم تكن خافية على المواطن العادي ولما عادت للسودان ها هي ترفض لأمريكا ما كانت تقبله لها وتدعو له لما كان بحاجة لدعمها لإسقاط النظام. فكل مواقف أمريكا من السودان بما في ذلك قرارات الجنائية كانت محل تأييد ودعم التجمع وقياداته والآن تبدلت مواقفها لما عادت للسودان وأصبحت تبحث لها عن موقع في النظام وبدت تنظر لأمريكا بغير نظرتها لما كانت خارج السودان يوم كانت طامعة في دعمها الذي لم يذهب في حقيقة الأمر إلا لصالح الحركة الشعبية والحركات المسلحة في الهامش مما مكَّن أمريكا أن تحقق المرحلة الأولى من مصالحها بفصل الجنوب مسخرة من أجل ذلك نظام الإنقاذ والتجمع آليات تحت قبضتها لتحقيق الانفصال.
4- موقف الحركات المسلحة في مناطق الأقليات التي لها قضايا مشروعة يفترض أن تحل ودياً في إطار السودان الموحد إلا أن هذه الحركات والتي نشأت وقويت تحت المظلة الأمريكية لم تكن تعلم حقيقة النوايا الأمريكية لهذا تفاجأت اليوم لما توحدت واتفقت على ما أسمته إسقاط النظام في الخرطوم بقوة السلاح ففوجئت بتبدل الموقف الأمريكي ورفضه لوحدتها مما يكشف عن نوايا أمريكا التي تدعم الحركات بلا حدود للتمرد في مناطقها وترفض لها أن تتوحد لإسقاط النظام مما يؤكد ضبابية الرؤى لدى الحركات المسلحة وتعارض رغبتها في حل قضايا مناطقها المهمشة والمشروعة وبين الوقوع في فخ الإستراتيجية الأمريكة التي لها دوافع غير ذلك. والتي تتمثل في تحرير السودان من الاستعمار العربي والذي أعلنته صراحة منذ فبراير 92 والذي يقوم على مصالحها في تجزئة السودان وفصل غربه وشرقه بعد أن فصلت جنوبه لمصالحها الحيوية التي لا تقف على السودان وحده وإنما تمتد لمصالحها في مصر والدول العربية وإفريقيا. فالقضية أكبر من فهمنا القاصر للمصالح الأمريكية التي جعلت من إسرائيل أهم أدواتها في منطقة الشرق الأوسط. فلقد حان الآن دور السودان ولا سبيل لذلك غير تجزئته .
مما لا شك فيه أن إعلان أمريكا رفضها وحدة الحركات المسلحة من مختلف مناطق السودان واتفاقها على إسقاط النظام بالسلاح لا شك أنه شكل مفاجأة كبيرة للأوساط السياسية حاكمة ومعارضة وللحركات المسلحة ولكن من يعرف مصالح أمريكا في السودان لابد أن تذهله المفاجأة لو أن أمريكا أعلنت دعمها لاتفاق الحركات المسلحة الثلاثي بين حركات دارفور وقطاع الحركة الشعبية الشمال والنيل الأزرق والسبب في ذلك أن أمريكا التي خططت لانتشار الحركات المسلحة وزودتها بالسلاح والمال مباشرة أو عبر حلفائها قصدت إثارة الحراك المسلح لكل منطقة على حدة في مواجهة الحكم القابض على مفاصل السلطة منفرداً والذي تعلم أن سياساته الإقصائية حسب العرق والجنس والدين وهيمنته على الثروة والسلطة وتسخير المال لحشد المؤيدين في هذه المناطق وتجاهل قضاياها، سيفضي في النهاية لتحقيق مطامعها وتنفيذ قرارها لتحرير السودان من الاستعمار العربي كما أسمته والذي سينتهي حسب رؤيتها أن يتمذق السودان لعدة دويلات صغيرة متسولة لا حول لها أو سلطان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق