بهذا العنوان استهل السيد هاشم عبد المطلب عنوان مقاله الذى أحضره اليّ ووعدت بنشره اليوم. يقول السيد هاشم: (لقد فاحت رائحة الفساد وعمت أرجاء البلاد وكثر الحديث عنه وتناولته الصحف بإسهاب حتى وعد السيد علي عثمان النائب الأول للرئيس حملة القضاء عليه بدءاً بمؤسسات الدولة وتطهير الخدمة المدنية التي شاخت بالفساد والمحسوبية وأصابها الشلل. وللفساد أشكال ومداخل عديدة ومتشعبة جذورها ضاربة في الأعماق ومن الصعوبة اقتلاعها إلا بمجهود جبار وتضافر المواطنين الشرفاء مع أجهزة المراجع العام. فمثلاً الرشوة جزء من أشكال الفساد نجدها في جميع المستويات بالوزارات والمؤسسات من درجة وزير ومدير إلى خفير ولولاها لن تنجز مهمة وهى أنواع وأشكال.
لقد صار موضوع الفساد حديث المجتمع السوداني في كل وقت وحين، ما التقى شخصان إلا ودار الحديث حول الذمم الخربة وأشكال الرشوة وتفشي أساليب الخداع والمراوغة والتحايل بالنصب والاحتيال والشكوى من تدهور الخدمات في الوزارات والمحليات والمؤسسات الخدمية الأخرى والغش في المعاملات التجارية كبيع بضائع نافذة الصلاحية، وما خفي أعظم.
الكل ساخط وحانق على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والكل يرصد مشاهد ومظاهر القسوة والأخلاق الرديئة التي صارت تلقائية والأفعال والسلوكيات العنيفة التي تزداد قبحاً كل يوم ولا يخلو الحديث عن تراجع القيم لدى أغلب الناس وانعدام الرغبة في الإصلاح والاستقامة، بل كادت السلبية تخنق الجميع وتشل أي محاولة للتغيير. ثمة أشياء أخرى تبدو مؤثرة وموجعة إذا نظرنا إلى طبيعة الإنسان السوداني الذي أصابه تغيير وتحول كبير في حياته واختفاء الدفء والشهامة والكرم والنخوة والأصالة والتفاؤل والاحترام وتمركز كل فرد حول ذاته لا يرى سواها ولا يكترث للآخرين، هذه ظاهرة تكاد تكون عامة في الشعب السوداني. روح المجتمع شاخت وأصابتها اللامبالاة وحالة الاكتئاب التي تصيب الإنسان عندما يتذكر الأيام الجميلة التي عاشها عقب الاستقلال أيام الرخاء والأمان والراحة النفسية. فمن يا ترى أوصل البلاد إلى هذا الوضع المتردي الذي يرفضه الجميع؟
إن الحاكم المسلم عليه أن يلتزم بمنهج الله يحكم نفسه أولاً ثم يحكم الناس وبينهم. لقد كان سيدنا عمر بن الخطاب يأتي بأقاربه وأصحابه ويقول لهم من خالفني في كذا جعلته نكالاً للمسلمين ومن رأى منكم اعوجاجاً فليقومني، فيقول أعرابي: والله يا عمر لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناك بحد السيف، فيقول عمر الحمد لله الذي جعل فى أمة محمد من يقوم عمر بالسيف. فعلى ولاة الولايات والوزراء محاسبة أنفسهم أولاً، وليستقيموا ويبقوا عشرة على ممتلكات الدولة، ثم يقوّموا إداراتهم بكل صدق وأمانة ويقدموا كل فاسد للعدالة. إن ملفات المراجع العام مليئة بأشكال الفساد وما خفي أعظم. إن مهمة اقتلاع جذور الفساد ونظافة الخدمة المدنية صعبة للغاية وتحتاج إلى تضافر الجهود وجيش من فرق المراجعة والمتابعة الأمنية. إن مرافق الدولة إن لم تكن كلها فمعظمها تعج بالفساد خاصة المؤسسات الخدمية. كما نالت المشاريع الاستثمارية حقها من الفساد، وأحدث ما تناولته الصحافة عن الفساد في المشاريع الاستثمارية مشروع دريم لاند، أي فساد دريم لاند الذي أثاره الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار، وقبل ذلك عدة مشاريع استثمارية فشلت بسبب الفساد، بدءاً بمشروع سمو الأمير محمد الفيصل الزراعي بالدمازين ومشاريع النيل الأبيض الزراعية والفساد في الأراضي الزراعية والسكنية على قفا من يشيل.. حاجة مخيفة ومرعبة. أن الشعب السوداني في ورطة حقيقية ومركبة ، والله نسأله التوفيق والسداد.
هاشم عبد المطلب مختار
الأحد، 22 يناير 2012
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق