من المحتاج لربيع عربي السودان أم الطائفية السياسية؟ : محمد حسن طنون
أنا متابع لأفكار واتجاهات السيد الصادق المهدي منذ أن دخل المعترك السياسي عام 1964م كرئيس لحزب الأمة ولما لم يبلغ الثلاثين الى أن جمع بين المنصبين رئاسة الحزب وإمامة الأنصار.
منذ ذلك التاريخ البعيد وإلى يوم الناس هذا لم أعرف له ثباتًا فكريًا ولا سياسيًا أبدًا.. فهو أول من عارض الجمع بين الإمامة والسياسة وقال يومئذ لا كهانة في الإسلام معارضًا عمه الشهيد الهادي المهدي وها هواليوم بعد أن بلغ من الكبر عتيًا جمع بينهما واقعًا في تناقض بين لا يخفى على من يتابعون مسيرته الفكرية والسياسية.
آخر تناقضاته تصريحاته الأخيرة في القاهرة من أن شعلة التغيير في السودان قد أوقدت وأن دلائل الرفض في السودان أكبر من تلك التي كانت سببًا في الإطاحة بنظامي مبارك وبن علي. وسكت عن مصير صديقه وحبيبه القذافي وليته سكت عن الكلام المباح عند هذا الحد ولكنه وليؤكد تناقضاته قال: «إن لفصائل الجبهة الثورية قضايا عادلة توجب استحقاقات محددة لأهل دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وأن من حقهم الاحتفاظ بأسلحتهم ومواقعهم إلى حين التوصل لاتفاق سياسي عادل».
قبل ثلاثة أعوام وفي ندوة بالسفارة السودانية بالقاهرة حذر السيد الصادق المهدي من مخاطر جمة تحيط بالسودان والإسلام كدين وبالعرب في هذا البلد الأمين. قلنا حينها إن إمام الأنصار أدرك أن السودان مستهدَف في عروبته وإسلامه وأنه رفع صوت النذير العريان ونبه لما هو قادم إن لم يستيقظ أهل الإسلام في السودان عربًا وعجمًا.
في تلك الندوة حذر من حروب إقليمية مدمرة بسبب النزاعات القبلية والعرقية المتداخلة بين هذه الدول وهو التحذير الذي تضمنته مذكرة حزب الأمة القومي لمجلس الأمن محذرًا من تكرار أحداث العاشر من مايو عام 2008.
أخطر ما قاله السيد الإمام في تلك الندوة هو تبيانه لحقيقة الحركة الشعبية وتوجهاتها حيث قال: إن هناك تيارًا عريضًا داخل السودان تقوده الحركة الشعبية لتحرير السودان يريد أن يفرض سودانًا إفريقيًا علمانيًا» انجلفوني» أي سودانًا أسود لا مكان للعرب فيه ولا مكان للدين فيه ويتحدث الإنجليزية لصالح الغرب المتهافت على ثروات إفريقيا الظاهرة والباطنة.
في تلك الندوة إمام الأنصار وقائد حزب الأمة أدرك تمامًا ما تدعو إليه الحركة الشعبية وأن دعوتها دعوة عنصرية بغيضة وظالمة لفرض نزاعات طائشة لا يجني أهل السودان منها الا الضنك والشقاء والخوف والجوع والنقص من الأموال والأنفس والثمرات.
في تلك الندوة كانت الفكرة حاضرة فنطق الإمام صوابًا أما في الندوة الأخيرة فغابت الفكرة تمامًا فأيد ما عارضه بالأمس فكيف يكون التناقض إن لم يكن هذا تناقضًا؟
الإسلام يحتقر أيما احتقار التجمع على العصبيات على الأسر والأجناس على الأعراق والقبليات لأنه تجمع على قانون الهوى الذي يقود الناس بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير والتجمع على أساس اللون أدهى وأمرّ.
لقد ظهر في بلادنا «شاس بن قيس اليهودي» عظيم الكفر شديد الطعن في الإسلام الحاقد على الإسلام وأهله ذلك المجرم الذي أراد أن يفرق بين الأوس والخزرج بعد أن جمعتهم أخوة الإيمان وذلك بإثارة العصبيات القديمة بينهم.
إن الذين يقودون دعوة الإفريقانية السودان الجديد أي التجمع على أساس لون البشرة بعد التنكر للمثل العليا التي جاءت بها الأديان السماوية إنما هي قيادات جاهلية همجية لا دين لها ولا خلق.. قيادات تريد فرض هذه الحماقات الجاهلية على المسلمين بقهر القوة بأمر من الأسياد من وراء البحار فهل إمام الأنصار يؤيد هذه الجاهلية مخالفًا جده الإمام الأصلي للأنصار محمد أحمد المهدي رحمه الله أم هي الميكيافيلية السياسية التي يؤمن بها الساسة بعيدًا عن الدين وبعيدًا عن المثل والأخلاق.
إننا نعتبر أن ما يدعو إليه تجمع «ياي» او كاودا سمه ما شئت من سودان جديد إنما هي دعوة جاهلية وثنية طاغية ونتهم بكل ما أوتينا من قوة النوايا الدفينة وراء التبشير بهذا السودان الجديد المرتد الى الوثنية ونحسب بكل صدق بل نجزم بيقين راسخ أن ذراري المسلمين الذين انساقوا وراء هذه الدعوة الجاهلة ويقودون الحملات السفيهة ضد التوجه الإسلامي والشريعة والدين ما هم الا مرتدون وخدم لليهود والنصارى بأجر زهيد خاسرين الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين. لا ينفع هؤلاء الذراري أنهم يحملون أسماء إسلامية وأن المسلمين يصلون عليهم إذا ماتوا ويدفنونهم في مقابر المسلمين وإن كانوا لا يدرون ما الكتاب وما الإيمان فكل أفكارهم مستمدة من ينابيع آسنة غربية كفرية شركية لا صلة لها بالإسلام.
لقد نعلم أن من وظفوا هؤلاء المساكين لن يستريح لهم بال إلا إذا أُزيل الإسلام وزالت دولته من الوجود وأبشرهم بأنهم لن يستريحوا أبدًا ونحن المسلمين لن نترك ديننا ولن نجمد شريعتنا ولن ننسى وحدتنا القائمة على التراضي والتشاور ولكننا لا نجور ولا نظلم غيرنا سواء اعتدلوا أم تطرفوا. سنظل كما يأمرنا ديننا نتعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان.
نداء الى أهل الإسلام في هذا البلد: الإسلام عروة وثقى بين أتباعه جميعًا فاتحدوا تحت راية الإسلام وتناصروا في حدود دستور الإسلام وتعاونوا على البر والتقوى وانصروا دينكم المستهدَف من قوى البغي والشر والعدوان وأي مسلك من منتسبين إلى الإسلام غير هذا المسلك فهو خروج من الإسلام.
لماذا يناصر السيد الصادق المهدي دعاة السودان الكفري الشركي الوثني الجديد؟ أليس من واجب العقلاء أن يستيقظوا لمواجهة خيانات دعاة السودان الجديد وإبطال مراد اليهود والنصارى من استغلال الأقليات الدينية والعصبيات القبلية لتمزيق البلاد.
إن الذي يحتاج الى ربيع عربي ليس هوالسودان وانما طائفة الأنصار التي في أمس الحاجة إلى إمام متوافق مع نفسه يقودها بما قاد به الإمام الأول محمد أحمد المهدي الكتاب والسنة فهل نشهد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق