فعلاً تلك لوحات تاريخية انتقاها الاستاذ حسن نجيلة (عليه الرحمة) في سفره «ملامح من المجتمع السوداني»، مازجت بين السياسي والاجتماعي محمولة بين أجنحة الأدب والشعر والحكي. وتلك لوحة مزدوجة تقارب بين ظاهرة اجتماعية يبدو إنها ضاربة في القدم وتحول اجتماعي بدأت بذرته التي رسمها حسن نجيلة في ذكرياته.
بأسلوبه البديع تناول نجيلة قصة الفتاة الأمدرمانية التي انتحرت بأن ألقت بنفسها في النيل، بسبب التحرش الجنسي. والحكاية المعروفة الآن باسم تحرش الأقارب الجنسي وهو ظاهرة شائعة في المجتمعات العربية، ويعاني منها الذكور والإناث معاً، في تلك المجتمعات المنغلقة على نفسها. تلك الفتاة حاول قريب لها غوايتها ومراودتها عن نفسها لفترة طويلة، بحكم رابطة الدم القريبة التي تتيح له التواجد في المنزل ولقائها على انفراد لتتنازعها حالة نفسية بين السقوط فريسة الغواية والمحافظة على عفتها وطهارتها، وكما كتب الاستاذ حسن نجيلة بلغة أدبية راقية «فاحتواها النهر وهي في ريق العمر وروعة الجمال».
ووقف الشاعر أحمد محمد صالح ليلقي قصيدته «شهيدة العفاف» في نادي الخريجين:
عرفت في سالف الأيام جارية البدر يخجل حسناً أن يجاريها
خد أسيل وطرف ناعس غنج
وقامة تزدري بالبان تشبيها
ومبسم نظم الدر النضيد به
فسبح العاشقون الله في فيها
وعفة رضعتها منذ نشأتها
وشيدت بين أهليها مبانيها
حتى إذا اكتملت منها محاسنها
وأصبحت فتنة في عين رائها
سعى إليها فتى ضل الشباب به
وظن أن ثراء المال يغريها
تلك لوحة حين مقاربتها بتحول اجتماعي غرست بذرته منذ ذاك الزمان، تكشف مدى الصراع بين التخلف والحداثة والرغبة في العلم والمعرفة، وهو صراع ما زال مسترماً حتى اليوم. فقد شهدت مدرسة أم درمان الأميرية في مساء الخميس 9 ديسمبر عام 1920م مسرحية مثلها طلبة كلية غردون تدور فكرتها حول تعليم المرأة. تلك المسرحية التي حضرها جمهور كبير من بينهم «مس إيفانس» التي جاءت خصيصاً من مصر لتتولى الإشراف على إعداد تعليم المرأة في السودان.
وصف الاستاذ حسن نجيلة موقف المجتمع بأنه انقسم إلى فريقين «فريق يدعو إلى هذه البدعة الجديدة (تعليم البنات) وفريق آخر يرى أن هذا النشاط سيفضي إلى فساد الحياة الاجتماعية، ويرى أن تعليم المرأة خدمة استعمارية لكي تخرج على تقاليد الدين والتقاليد الكريمة».
وما بين المسرح والشعر جاءت نصرة تعليم المرأة لتضع بذرة التحول الاجتماعي والاعتراف بأهمية تعليم ودور المرأة في المجتمع، فها هو الشاعر عبد الله عمر البنا يصعد إلى المسرح ليلقي قصيدته التي يناصر فيها المرأة ويرسم فيها صورة المرأة الجاهلة والمراة المتعلمة ويقول فيها:
واهجر سبيل الجاهلات
فغنما بالجهل تمتهن البلاد وتخرب
هن اللواتي جارهن مروع
مما يقلن وقولهن مكذب
هن اللواتي زوجهن مهدد بالفقر
ينفق ماله أو ينهب
هن اللواتي دينهن مضيع
هن اللواتي طفلهن مترب
ثم يأتي لصورة المرأة المتعلمة:
وعليك بالمتعلمات فإنما ترجو ملائكة الجمال وتخطب
القانتات العابدات السائحات المستفز كمالهن المعجب
حتى يصل إلى:
ويرى بهن الطفل في أطواره ما يرتقي بخلاله ويهذب
يغذونه بالعلم قبل فطامه والعلم أقرب للعلاء وأجلب
لا أجد ما أقول أكثر مما قاله الاستاذ حسن نجيلة «هكذا الحياة صراع بين قديم وجديد.. ولا يلبث الجديد حتى يصير قديماً منهزماً في صراعه مع الجديد وهكذا دواليك». فقبل تلك الوقائع بأعوام أنشأ الشيخ بابكر بدري أول مدرسة للبنات في رفاعة وليس في الخرطوم، رغم ذلك جاءه التصديق من وزارة المعارف لإنشائه ومكتوب عليه «عليك أن تفتح المدرسة في بيتك الخاص وباسمك الخاص».
بأسلوبه البديع تناول نجيلة قصة الفتاة الأمدرمانية التي انتحرت بأن ألقت بنفسها في النيل، بسبب التحرش الجنسي. والحكاية المعروفة الآن باسم تحرش الأقارب الجنسي وهو ظاهرة شائعة في المجتمعات العربية، ويعاني منها الذكور والإناث معاً، في تلك المجتمعات المنغلقة على نفسها. تلك الفتاة حاول قريب لها غوايتها ومراودتها عن نفسها لفترة طويلة، بحكم رابطة الدم القريبة التي تتيح له التواجد في المنزل ولقائها على انفراد لتتنازعها حالة نفسية بين السقوط فريسة الغواية والمحافظة على عفتها وطهارتها، وكما كتب الاستاذ حسن نجيلة بلغة أدبية راقية «فاحتواها النهر وهي في ريق العمر وروعة الجمال».
ووقف الشاعر أحمد محمد صالح ليلقي قصيدته «شهيدة العفاف» في نادي الخريجين:
عرفت في سالف الأيام جارية البدر يخجل حسناً أن يجاريها
خد أسيل وطرف ناعس غنج
وقامة تزدري بالبان تشبيها
ومبسم نظم الدر النضيد به
فسبح العاشقون الله في فيها
وعفة رضعتها منذ نشأتها
وشيدت بين أهليها مبانيها
حتى إذا اكتملت منها محاسنها
وأصبحت فتنة في عين رائها
سعى إليها فتى ضل الشباب به
وظن أن ثراء المال يغريها
تلك لوحة حين مقاربتها بتحول اجتماعي غرست بذرته منذ ذاك الزمان، تكشف مدى الصراع بين التخلف والحداثة والرغبة في العلم والمعرفة، وهو صراع ما زال مسترماً حتى اليوم. فقد شهدت مدرسة أم درمان الأميرية في مساء الخميس 9 ديسمبر عام 1920م مسرحية مثلها طلبة كلية غردون تدور فكرتها حول تعليم المرأة. تلك المسرحية التي حضرها جمهور كبير من بينهم «مس إيفانس» التي جاءت خصيصاً من مصر لتتولى الإشراف على إعداد تعليم المرأة في السودان.
وصف الاستاذ حسن نجيلة موقف المجتمع بأنه انقسم إلى فريقين «فريق يدعو إلى هذه البدعة الجديدة (تعليم البنات) وفريق آخر يرى أن هذا النشاط سيفضي إلى فساد الحياة الاجتماعية، ويرى أن تعليم المرأة خدمة استعمارية لكي تخرج على تقاليد الدين والتقاليد الكريمة».
وما بين المسرح والشعر جاءت نصرة تعليم المرأة لتضع بذرة التحول الاجتماعي والاعتراف بأهمية تعليم ودور المرأة في المجتمع، فها هو الشاعر عبد الله عمر البنا يصعد إلى المسرح ليلقي قصيدته التي يناصر فيها المرأة ويرسم فيها صورة المرأة الجاهلة والمراة المتعلمة ويقول فيها:
واهجر سبيل الجاهلات
فغنما بالجهل تمتهن البلاد وتخرب
هن اللواتي جارهن مروع
مما يقلن وقولهن مكذب
هن اللواتي زوجهن مهدد بالفقر
ينفق ماله أو ينهب
هن اللواتي دينهن مضيع
هن اللواتي طفلهن مترب
ثم يأتي لصورة المرأة المتعلمة:
وعليك بالمتعلمات فإنما ترجو ملائكة الجمال وتخطب
القانتات العابدات السائحات المستفز كمالهن المعجب
حتى يصل إلى:
ويرى بهن الطفل في أطواره ما يرتقي بخلاله ويهذب
يغذونه بالعلم قبل فطامه والعلم أقرب للعلاء وأجلب
لا أجد ما أقول أكثر مما قاله الاستاذ حسن نجيلة «هكذا الحياة صراع بين قديم وجديد.. ولا يلبث الجديد حتى يصير قديماً منهزماً في صراعه مع الجديد وهكذا دواليك». فقبل تلك الوقائع بأعوام أنشأ الشيخ بابكر بدري أول مدرسة للبنات في رفاعة وليس في الخرطوم، رغم ذلك جاءه التصديق من وزارة المعارف لإنشائه ومكتوب عليه «عليك أن تفتح المدرسة في بيتك الخاص وباسمك الخاص».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق