الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي في حوار خاص «3-1»
حوار: هبة محمود
فجَّر الأستاذ كمال عمر المسؤول السياسي للمؤتمر الشعبي مفاجأة من العيار الثقيل حينما كشف عن الدور الذي يلعبه الحزب الاتحادي الأصل داخل القصر الجمهوري، مبيناً أن الأخير يسعى إلى إسقاط النظام من الداخل، واصفاً مشاركته بالنسبة للحكومة مكياجي وبالنسبة للمعارضة لديه غرضه الذي يؤديه، وحمَّل الأستاذ كمال عمر الإعلام مسؤولية إظهار المواقف المضطربة في التصريحات المنسوبة لحزبه، واعتبر أن حزب الأُمَّة غير مشارك في السلطة، وعزا الأسباب الحقيقية للمذكرات بأنها ترجع للفساد والصراع حول المال والسلطة، مشيراً في حال سقوط النظام فإن الحركة الإسلامية ستتوحد تلقائياً لأن السلطة هي السبب الأساسي في الفتنة الموجودة الآن بين الأخوان، وتوقَّع أن يرث منبر السلام العادل المؤتمر الوطني. وقال: إن القيادات الموجودة في المؤتمر الوطني ليست لديها القدرة الفكرية التي تستطيع أن تقاوم بها الفكرة الموجودة في منبر السلام العادل، وأضاف فكرة منبر السلام تتغول في كل جسد المؤتمر الوطني وكشف عن تنسيق تحالف المعارضة مع الخارج و كل ولايات البلاد والشباب والطلاب والقطاعات الأخرى من أجل إسقاط النظام ... فإلى مضابط لحوار ...
المراقب لخطاب المؤتمر الشعبي يشعر باضطراب في مؤسسات الحزب فكل تصريح أو قرار يصدر باسم الحزب يأتي الأستاذ كمال عمر في اليوم التالي وينفه، حتى إذا كان منسوباً للرئيس أو أحد نوابه وكان آخرها تصريح الأمين العام للحزب حول رئاسة مالك عقار للجبهة الثورية وتوقيع نائب رئيس الحزب عبد الله حسن أحمد لوثيقة الدستور الإسلامي؟
ما حدث ليس لأن مواقف الحزب أو قراراته مضطربة ولا تُعزى لأن الحزب غير منظم، وما حدث إلى حد كبير جداً يُحسب على الطريقة الإعلامية السائدة في البلد، وأنا اُحمِّل الإعلام جزء كبير من إظهار المواقف المضطربة والتصريحات المنسوبة لمجلس الحزب في يوم من الأيام، وفيما يتعلق بتحالف كاودا لم تكن تصريحاته حقيقية ولم يكن هذا حواراً بل التقط هذا الحديث من صحيفة ونسب له الكلام وكُنَّا مضطرين بالتنسيق بيني وبين الأمين العام لكي نصحح الموقف الذي كان قد تم وصححنا المسألة، فالخطأ من وسائل الإعلام وليس منا، وما صدر حول تصريحات شيخ حسن حول رئاسة مالك عقار للجبهة الثورية لم يُصرِّح بهذا الحديث وهذا حديث أقحم ولا توجد له مصداقية، وحديثي كان تصحيح لذلك.. أمَّا فيما حدث في وثيقة الدستور الإسلامي فإن الأخ عبد الله له تقديراته الشخصية وهو مكان تقدير بكاريزميته وقوة شخصيته وقدراته، وذهب للاستجابة لدعوة شخصية كانت توجب عليه أن يلبيها ليعلم كيف تدار الساحة السياسية وبأي فهم ولكنه عندما ذهب ورأى الموقف والحراك والآراء اكتشف بأنه لا يمكن أن يكون جزء في منظومة متخلفة مثل هذه.
ولكنه لم يرَ الموقف والحراك والآراء فقط بل وقَّع على الوثيقة؟
التوقيع برره بأنه شخصي باعتبار أنه إطار تأسيسي أولي غير ملزم، وكان قائم على الموقف الشخصي فقط ولكن إعلام المؤتمر الوطني صوَّر المسألة باعتبار أنه نائب الأمين العام ووقع نيابة عن الحزب وأدخل المؤتمر الشعبي في العملية كلها، واضطررنا بأن نوضح أن هذا لم يكن موقف الحزب وأن شيخ عبد الله ذهب بصفته الشخصية وهذا لا يحسب علينا بقدر ما أنه يحسب على طريقة التناول الإعلامي على الأرض.
لماذا توصفها بالمنظومة المتخلفة وأنتم معروفون بأنكم إسلامون والوثيقة تدعو إلى دستور إسلامي.. فأين التخلف؟
ما يسمى بالدستور الإسلامي يريد أن يرجعنا إلى مجموعة صفوية تعتمد على الخطاب المبدل والمؤول وبالتالي لا تمثل البعد الإسلامي للدستور لذلك أعلنا موقفنا فنحن حزب أصوله قائمة على الدين، والدين بالنسبة لنا في كل شعاب الحياة ولا يستطيع أحد أن يقول بأننا تخلينا عن قضية الدين وأصبح عملنا علمانياً، ففي حزبنا التدين فيه أساس مواقفنا خاصة في علاقتنا السياسية، فعندما نعاهد لا نغدر بعهودنا مع القوى السياسية، وعندما نخرج موقف نبنيه على أصول متعلقة بديننا ولا نجامل، فلم نجامل الأحزاب عندما تحدثت عند الدولة المدنية فقلنا بأن الدولة المدنية فيها ريحة علمانية ونحن لا نقبل العلمانية، وعندما يكون الشعب السوداني جمعية تأسيسية لأغراض الدستور هو الذي يحدد شكل الدستور والأسس التي يقوم عليها الدستور، ولكن هذه المرحلة ليست مرحلة أيدلوجيات.
هنالك دعوة لقيام مؤتمر الحركة الإسلامية في ظل مواقفكم هذه، أين ستكونوا من هذا المؤتمر حال قيامه؟
الحركة الإسلامية بالنسبة لنا هي أساس دعوتنا التي قمنا عليها ونعتبر أنفسنا الحركة الإسلامية الأصل وهنالك حركة إسلامية في السلطة واسمها الكيان الخاص، فإذا تأسست الدعوة داخل الكيان الخاص فلن نشارك لأن هذه الحركة يحركها المؤتمر الوطني، فأحد أسباب الخلاف بيننا أننا قلنا (الشوكة والقوى للحركة الإسلامية ولكنهم قالوا «لا» الشوكة للسلطة) وبالتالي نحن نمثل المد والكسب، والأصل في الحركة الإسلامية ولن نقبل أن يدعينا المؤتمر الوطني عبر ما يسمى بالكيان الخاص لنكون جزء منها، فنحن الأصل الذي يدعو الناس ويؤسس للحركة الإسلامية، وكانت هنالك جملة اتصالات في الفترة الماضية وحتى المذكرات التي صدرت كنا ملمين بكثير من تفاصيل الحراك السياسي ونعلم أين سيذهب جزء منهم ونشعر بأن مثال الحركة الإسلامية ضاع وأي محاولة لإعادة هذا المثال في إطار المؤتمر الشعبي ليس لدينا مانع ومن يريد الحركة الإسلامية الحقيقية فليأتي إلينا، فإن الحركة الإسلامية بكل مكوناتها وكسبها وتاريخها موجودة في المؤتمر الشعبي.
الأخوان المسلمون أيضاً يعتقدون أنهم التاريخ والأصل؟
الأخوان كانوا جزءاً من المكون التاريخي لكن خلال حركة التطور في الحركة الإسلامية كانوا خارج حركة التطور وعددهم منذ أن فارقونا وحتى الآن نفس المجموعة ولم يزيدوا وربما نقصوا ولكن الحركة الإسلامية منذ أن قامت كمجموعة صفوية ظلت في مرحلة تطور مستمر في الاسم والمعنى والمبنى إلى أن وصلت إلى السلطة، وما حدث إلينا كان نتيجة عدم تجاربنا في السلطة لذلك كان من الطبيعي أن يحدث ما حدث فإذا سقط النظام فإن الحركة ستتوحد تلقائياً لأن السلطة هي السبب الأساسي في الفتنة الموجودة الآن بين الإخوان.
قلت بأن الحركة الإسلامية بكل مكوناتها وكسبها وتاريخها موجودة في المؤتمر الشعبي ولكنها أيضاً موجودة في المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل؟
أخطر كيان الآن يواجه السودان في العضد والنسيج الاجتماعي هو منبر السلام العادل، فهو يطرح قضايا قبلية وإثنية وكان سبب أساسي في انفصال الجنوب، وهو الذي تبنى الفكرة العنصرية الجهوية ويفتكر أن السودان أصبح الآن دار قريش ودار العرب والقبائل العربية، وهذا فهم خاطئ ويصادم واقعنا الإثني ودعوة الدين التي تم طرحها تتنافى مع المبادئ الأساسية لأصول الدين، والإسلام يوحد الناس ولكن هذا المنبر يُفرِّق الناس، وثانياً طبيعي جداً أن نرى أحوال المؤتمر الوطني بمثل ما نراه اليوم لأن مجموعة منبر السلام العادل الآن تتحكم في المؤتمر الوطني وبالتالي إذا تحكمت على مفاصل الدولة وأصبحت جزء أصيل في القرار والحراك السياسي داخل المؤتمر الوطني فإننا على قناعة بأن المؤتمر الوطني ذاهب دون رجعة لأن فكرتهم من خلال الصحيفة فقط ثلث السودان انقطع منه ناهيك أن يكون فكرة حزب في يوم من الأيام، وإذا كانت القوانين في البلاد يُعمل بها لقُدَّم منبر السلام العادل والطيب مصطفى إلى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة لأنه كان السبب الأساسي في تأزم الأوضاع بين الشمال والجنوب، وكيف مسجل التنظيمات السياسية موجود الآن وهو شاعر بأن فكرة منبر السلام العادل تتغول في كل جسد المؤتمر الوطني وسيصبح جسد جهوي وانفصالي، وسيكون مصير البلاد مزيد من الأزمات وإشعال الحرائق والتقسيم والانشطار ونحن شاعرون بالتغول من قبل منبر السلام العادل على المؤتمر الوطني.
تشير بأن هناك تغوُّل من منبر السلام العادل ولكنهم يطمعوا في وراثة المؤتمر الوطني وقد وجهوا انتقادات حادة وقالوا لن يصلح حال الحكومة إلا بمشاركة المنبر في السلطة؟
إذا قرأنا الدستور وقانون الأحزاب السياسية هنالك جملة من الشروط لكي تصبح حزب لابد من الالتزام بها، وواضح أن منبر السلام العادل ذاهب في اتجاه أن يرث المؤتمر الوطني، وحتى دعوة الدستور الإسلامي هي شق من أفكار منبر السلام العادل أو هي أسسه، والميثاق عبارة عن عمود للطيب مصطفى ولا يمكن أن تستقيم فكرة الاستقرار والديمقراطية والحريات إذا استطاع هذا المنبر أن يرث المؤتمر الوطني، والوطني هو حزب سلطة ومستقبله زائل ولكن إذا ورث منبر السلام المؤتمر الوطني فنحن في السودان سنرث مزيداً من التأزم.
منبر السلام العادل أصبح حزب ينافس الأحزاب السياسية إذا قارنا عمره بعمر الأحزاب الأخرى؟
الطبيعي أن يكونوا حزب ويمارسوا العمل السياسي مثل الأحزاب الأخرى لكن لأنهم لديهم ارتباط بالسلطة فمنبر السلام رافد قبلي للسلطة وهو الخلفية القبلية في دعوته وبرامجه التي طرحها أحد واجهات السلطة الموجودة لذلك «طمعانين في أن يرثوا الوطني» وليست هنالك مشكلة بينهم وبين الحكومة وقد نجحوا في الأيام الأخيرة وغزو النظام بعدد من منسوبيهم داخل أجهزة الوطني، وظلوا يدعموا النظام بكثير من مواقفهم وأصبح النظام مرتبط بهم ارتباط وثيق، والآن أصبحوا يفكروا في أن يرثوا الوطني أو يدخلوا بداخله وينفذوا كل خططهم ومواقفهم وهذا أخطر ولا يوجد شك لدينا بأن ينجحوا لأن هنالك عدد كبير من الموجودين داخل السلطة يدعموا منبر السلام العادل في كل أفكاره، وسيجد المنبر الباب مفتوحاً على مصراعيه للدخول إلى غرف المؤتمر الوطني الداخلية والتحكم في كل مسارات حركة الحزب لأن المؤتمر الوطني لا يقوم على فكرة وهو قائم على السلطة..
أما منبر السلام العادل فهو قائم على فكرة وهي فكرة جهوية، ومن المؤكد أن يدخل المنبر إلى المؤتمر الوطني لأن القيادات الموجودة في المؤتمر الوطني ليست لديها القدرة الفكرية التي تستطيع أن تقاوم بها الفكرة الموجودة في منبر السـلام العادل.
في الفترة السابقة وجه منبر السلام العادل انتقادات للحكومة ودعاها إلى التغيير، هل يمكن أن يجمعكم تحالف لعمل تغيير باعتبار أنهم إسلاميون وأقرب إليكم من ناحية التوجه أكثر من الأحزاب الأخرى التي تتحالفون معها الآن؟
التغيير الذي يطرحه منبر السلام العادل لا يستقيم في أن يجلس في يوم من الأيام حزب من الأحزاب معه، فأفكاره خصمٌ على الاستقرار في السودان والديمقراطية والحريات، ولن نقبل أن نجلس معه في أي مستوى من مستويات العمل السياسي لأننا نشعر بأنه ليس حزب سياسي، هذا حزب قائم على القبلية ولا يمكن أن يساعد في استقرار السودان.
في الأيام الماضية ظهر تململ داخل الحزب وعليت الأصوات خاصة الشبابية منها مطالبة بتنحي شيخ الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي؟
ليس لدينا قيادات شبابية طالبت بإقالة الأمين العام، وهذا وهم خلقه المؤتمر الوطني في صحيفة معينة وقال بأن هنالك خمس مجموعات، فنحن لا نحتاج إلى مذكرات لأننا نمتلك نظام أساسي وكل عضويتنا مطلعة عليه وهو يعطيهم حرية التعبير، ويعلمون كيف جاء الأمين العام وكيف تنتهي ولايته، لذلك لا يحتاجون إلى كتابة مذكرات، وثانياً ليس لدينا سلطة أو مال أو مؤسسات لنتصارع عليها، والأسباب الحقيقية لهذه المذكرات هي الفساد والصراع حول المال والسلطة، بينما المنافسة في حزبنا فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، لذلك هوى الدنيا لا يدخل بيننا وهوى الدنيا الآن موجود في المؤتمر الوطني، وقد صدرت مذكرات كثيرة ويعقدوا اجتماعات أكثر، وقد اطلعنا على معلومات سرية للمؤتمر الوطني قبل أيام لا تعطيك الدرب، وهناك من يرون بأن المركب بدأت تغرق لذلك كتبوا مذكرة حتى يقولوا بأننا نبَّهنا الناس بما سيحدث، فمرض وفوبيا المذكرات غير موجودة لدينا وقد التقيت بكل المجموعات التي ذكروا بأنها كتبت مذكرة وهذه المجموعات موجودة فقط في خيال المؤتمر الوطني ونحن نعلم كيف نتعامل مع الأمين العام.
وماذا تحوي هذه المعلومات السرية وما المقصود من تلك الاجتماعات الكثيرة؟
المقصود منها الصراع الداخلي في أجهزة المؤتمر الوطني.
ولكن المطالب لم تقتصر بالمذكرات، ولديكم قياداتكم الشبابية تحدثت مباشرة بمطالبها وعلى رأسها هشام الذي طالب بتنحي الشيخ لأنه تأخر في اتخاذ القرار بالخروج إلى الشارع؟
قابلت هذا الشاب وهو عضو في الأمانة السياسية ويمثل الشباب وهو مقرر الأمانة السياسية وعلى خلفية ذلك الحديث جلسنا لنُقيِّم ما حدث، وكانت عبارة عن «انفعال شباب» فقط يتحدث في إطار أشواق سريعة للثورة وقد تكون خرجت منه كلمة هنا أو هناك ولكنه لم يقل بأن هذا رأي الطلاب أو الشباب أو أصحاب المذكرة «الفلانية» ولكن خرجت منه بعض الكلمات وفي تقديري تمثل ثورة الشباب وعنفوانه ولا تنبع من موقف ضد الأمين العام أو الحزب، ولم نقم بمحاسبته، فليس لدينا مجالس محاسبة لبعضنا ولكننا جلسنا وتفاكرنا واستمعنا للتسجيل ووجدناه صحيح ولكنه عبارة عن «غضبة شباب» ولا يمثل خط في داخل المؤتمر الشعبي ولا ضد قيادته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق