لأمين السياسي للمؤتمر الشعبي في حوار خاص «3-2»
حوار: هبة محمود:
فجَّر الأستاذ كمال عمر المسؤول السياسي للمؤتمر الشعبي مفاجأة من العيار الثقيل حينما كشف عن الدور الذي يلعبه الحزب الاتحادي الأصل داخل القصر الجمهوري، مبيناً أن الأخير يسعى إلى إسقاط النظام من الداخل، واصفاً مشاركته بالنسبة للحكومة مكياجي وبالنسبة للمعارضة لديه غرضه الذي يؤديه، وحمَّل الأستاذ كمال عمر الإعلام مسؤولية إظهار المواقف المضطربة في التصريحات المنسوبة لحزبه، واعتبر أن حزب الأُمَّة غير مشارك في السلطة، وعزا الأسباب الحقيقية للمذكرات بأنها ترجع للفساد والصراع حول المال والسلطة، مشيراً في حال سقوط النظام فإن الحركة الإسلامية ستتوحد تلقائياً لأن السلطة هي السبب الأساسي في الفتنة الموجودة الآن بين الأخوان، وتوقَّع أن يرث منبر السلام العادل المؤتمر الوطني. وقال: إن القيادات الموجودة في المؤتمر الوطني ليست لديها القدرة الفكرية التي تستطيع أن تقاوم بها الفكرة الموجودة في منبر السلام العادل، وأضاف فكرة منبر السلام تتغول في كل جسد المؤتمر الوطني وكشف عن تنسيق تحالف المعارضة مع الخارج و كل ولايات البلاد والشباب والطلاب والقطاعات الأخرى من أجل إسقاط النظام ... فإلى مضابط لحوار ...
موقفكم حيال الحركات المسلحة غير واضح، ترفضون العمل العسكري ولكنكم تؤيدون الحركات وقد أشدتم باختيار الفريق مالك عقار لرئاسة الجبهة الثورية؟
نحن موقفنا ثابت حيال الحركات المسلحة وليس لدينا عداء معها، ونقدر بأنه فرض عليها وضع سياسي جعلها تحمل السلاح وهي الآن تزاوج مابين العمل السياسي والعمل المسلح وتنتظر لحظة حوار سياسي عميق للدخول مع الحكومة أو أي جهة أخرى لحسم الملفات العالقة، أما نحن فقد اخترنا لأنفسنا الوسائل السلمية واسلم طريق للإسقاط هو التظاهرات والاعتصام والإضرابات لأنها أنجع الوسائل في التحول الديمقراطي، لذلك ظللنا طيلة الفترات السابقة ننادي بإسقاط النظام عبر الخروج إلى الشارع. والحركات المسلحة أيضاً طرحت مشروع سياسي في الحريات والدولة الديمقراطية وسيادة حكم القانون والفترة الانتقالية وليس لدينا مصلحة سياسية في هذه المرحلة لنشكل عداء ضد القوى المسلحة، وافتكر أن موقفنا السياسي في المؤتمر الشعبي ومنذ قيامه كنا موقع اتهام من قبل السلطة، ومتهمين بالعلاقة مع حركة العدل والمساواة والجنوب، ونحن غير مهتمين بالافتعاليات والحيثيات التي تخلقها الحكومة ضدنا بقدر ما أننا مهمومون بقضية الوطن لذلك نفتكر أن الموقف الصحيح في هذه المرحلة أن يحدث حوار وطني شامل كامل بين كل القوى المسلحة والسياسية حتى نصل إلى معادلة سياسية نخرج من خلالها هذا الوطن من أزمته الحالية، والأزمة في المنهج والبرنامج الذي يطرحه المؤتمر الوطني، وقناعتنا بأنه لن يصبح حل في أي مرحلة من المراحل وأي حل سياسي لا يحتوي على سلطة انتقالية وذهاب المؤتمر الوطني لن نشارك فيه وهذا موقفنا حيال كل الحركات والقوى السياسية وليس من مصلحتنا أن نخسر طرف من الأطراف، واختيار الحركات المسلحة لمالك عقار هذا شأن يخصهم ومالك له خبرات وقدرات مقارنة بالآخرين في الحركات المسلحة، وأنا غير معني بأن أحدد من يقود الجبهة الثورية ولكنه مجرد رأي سياسي وليس لدينا مصلحة في الدخول في خصومة مع هذه الحركات.
تدعون إلى حوار شامل لحل القضايا الوطنية بمشاركة كل القوى السياسية وفي نفس الوقت ترفضون مشاركة المؤتمر الوطني.. كيف تستقيم هذه المعادلة السياسية في غياب أحد الأطراف؟
في الحوار الشامل الذي يفضي إلى حكومة انتقالية إذا قبل الوطني أن يكون جزء من الحوار ليس لدينا مشكلة وأسلم لنا بأن يقبل المؤتمر الوطني فكرة الحكومة الانتقالية ويسلم السلطة سلمياً وهذا أفضل من أي عمل سياسي آخر، إذا قبل هذه الفكرة وهي فكرة ممتازة يمكن أن تقي البلاد من شرور «الانتقال الخشن» وهو خيار الحرب الدائرة والانتفاضة القادمة، فإذا وافق أن يسلم الحكومة إلى حكومة انتقالية أفضل له ولنا وقطعاً لن يكون معزولاً سياسياً من هذا التوافق.
برأيك لمن يسلم المؤتمر الوطني الحكومة في ظل عدم التوافق الذي تعيشه أحزاب المعارضة؟
إذا قبل المؤتمر الوطني بفكرة الحكومة الانتقالية فلدينا تجارب تاريخية منذ أكتوبر وابريل التي كانت نتيجتها حكومة انتقالية، وفي واقعنا اليوم نرى بأن التجارب السابقة يجب أن تتطور لأن الأزمة أصبحت كبيرة، ففي تجارب أكتوبر وابريل كان الحراك في الخرطوم والتي بدورها غيَّرت الحكم في السودان، أمَّا الآن فإن أطراف السودان كلها تتململ وحملت السلاح، وفكرة الحكومة الانتقالية تتوافق عليها الأحزاب وليس لدينا اختلاف على الشخصيات فهنالك شخصيات قومية وحزبية ويمكن أن نتفق على محاصصة حزبية وعلى أشخاص، وأنسب طريقة أن تجلس القوى السياسية وتختار شخصيات معروفة بحيادة مواقفها وقدراتها السياسية لتحكم البلاد في الفترة المقبلة، والآن نحن قوى من قوى المعارضة حددنا مشروع دستورنا وشكل الحكومة الانتقالية والأشخاص الذين يتم اختيارهم ومدة الفترة الانتقالية وشكل المجلس التشريعي الذي يحكمها والقضاء، ولن يكون هنالك فراغ سياسي في حال ذهاب المؤتمر الوطني لأننا لا نريد أن يمر السودان بتجارب تونس ومصر ودول الربيع العربي لأن السودان إذا مرَّ بأي فراغ سيزيد من التأزم وبالتالي نحن جاهزون بميثاق سياسي ومشروع دستور انتقالي، والوضع مرتب تماماً لإسقاط النظام .
أين الترتيب وحتى الآن هناك خلاف حول طريقة إسقاط النظام.. فأنتم تنادون بإسقاط النظام عبر التظاهرات وحزب الأمَّة القومي حليفكم يدعوا إلى التغيير؟
في يوم 26/12/2010م في دار حزب الأمة وقبل قيام الربيع العربي اتفقنا كقوى سياسية بأن النظام فقد شرعيته السياسية والدستورية لأن ثلث السودان ذهب، وتدار حرب في دارفور، وهنالك تكميم للأفواه، وتزوير للانتخابات، بالإضافة للأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد، كلها أسباب جعلتنا نتوافق بأن يذهب النظام. وحزب الأمَّة في وقتها قال بأنه يريد الرجوع إلى مؤسساته وحاور الوطني حول الأجندة الوطنية، وأخطرنا بأن الوطني لا يستحق ذلك الحوار، وأغلق باب الحوار وانضم إلى مجموعتنا «مجموعة التغيير» والآن حزب الأمَّة متوافق معنا على ذهاب الحزب الحاكم وصحيح أنه يتحدث عن مصطلح التغيير ولكن لا أرى فرق كبير بين مصطلح التغير والإسقاط لأننا متفقون جميعاً بذهابه، وهذا لا يمثل صعوبات بالنسبة للمعارضة لكي تتوافق حول برنامج التغيير، وإذا لم تعمل الأحزاب للتغيير فإن الشعب سيعمل لذلك، فمعظم الثورات التي قامت كانت الأحزاب تنتظر وفي نهاية الأمر تستلم لأن التجربة الإنسانية لم تجد النظام الأمثل لتمثيل الناس غير الأحزاب، وأحزابنا الآن متفقة على تغيير النظام وإسقاطه.
منذ التاريخ الذي ذكرت وحتى الآن هنالك مُتغيّرات فتحالف قوى المعارضة فقد الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي أصبح الآن مشارك في السلطة؟
حتى الحزب الاتحادي الأصل المشارك الآن في السلطة قواعده جميعها في الولايات وداخل ولاية الخرطوم انضمت لتحالف قوى المعارضة وتعمل معه في إستراتيجية إسقاط النظام، وهذا حزب في القصر، ومسألة التغيير هي مسألة وقت فقط وستأتي بغتة مثل يوم القيامة، والوطني الآن ينتظر يوم قيامته لأن كل علامات يوم القيامة في التغيير بالنسبة للمؤتمر الوطني ظاهرة أمامنا.
حديثك يلمح لما حدث في عهد مايو عندما ادخل الرئيس الراحل نميري أحزاب المعارضة الممثلة في الجبهة الوطنية عبر المصالحة الوطنية وشاركت وبدأت تحفر حتى أسقطت نظامه.. هل تلمح بأن الاتحادي المشارك الآن في السلطة يقوم بذات الدور هو وحزب الأمَّة؟
المماثلة هذه لا أتفق معك فيها 100% لأنني لا اعتبر أن حزب الأمَّة الآن مشارك في السلطة، ولكن يمكن أن اعتبر الاتحادي وهو حقيقة مشارك في السلطة وفعلاً «شغال يحفر لينا في القصر» وهذا أفضل دور يقوم به لأن القصر عندما يُحفر من الداخل أفضل لنا من الحفر بالخارج، لذلك فائدة عمل الاتحادي من داخل القصر فيه فائدة كبيرة، لذلك المؤتمر الوطني لا يملأ يده من الحزب الاتحادي الديمقراطي لأن مشاركته- قلتها من قبل- بأنها مكياج سياسي وليس له قيمة.
لكن يبدو أن دور الحزب الاتحادي الأصل لم يكن مكياج سياسي كما وصفت، فهم الآن يعملون لمصلحة المعارضة ويتآمرون بحكم موقعهم في السلطة حسب حديثك؟
بالنسبة للحكومة مكياج سياسي، ولكن بالنسبة للمعارضة لديه غرضه الذي يؤديه دون شك.
إذا كان هذا هو الدور الذي يقوم به الاتحادي الأصل من داخل القصر كيف قَبِل المؤتمر الوطني بهذا الوضع؟
المؤتمر الوطني نحن من نعرفه جيداً، وقد ادخل الحزب الاتحادي معه في السلطة ليكون جزءاً من أزمة دارفور والجنوب، والأزمة الاقتصادية، وأزمة الحريات، والحزب الاتحادي ممثل في قيادته يتحمل مسؤولية الخلل الذي يحدث في أجهزة الدولة بحكم مشاركته وهو جزء من معادلة الأزمة، ونحن نعذر قواعد الاتحادي والقيادات التي أعلنت موقفها لأن غياب المؤسسية جعل السيد الميرغني ينفرد بالقرار وهو ليس قرار مؤسسي بل قرار شخص.
الشعب فقد فيكم الثقة فكل مرة تتوعدوا بإسقاط وتؤكدوا استعدادكم ولكننا لا نرى شيء في أرض الواقع؟
صحيح في الفترة الماضية حدث تراخي في انجاز خط التغيير وكان ذلك لبعض العوامل والأسباب لأن الثورة القادمة ليست ثورة عاصمة أو منسوبة لحزب لوحده، فهي ثورة تخص الشعب السوداني أجمع، ولكي تكتمل الفكرة بمشاركة الجميع نحتاج إلى وقت، والآن الفكرة اكتملت والتنسيق حدث في كل الولايات ومع الشباب والطلاب وقطاعات المحاميين والأطباء وفي الخارج، وهم يعملون معنا حالياً بالإضافة إلى أننا كقوى سياسية كنا نفتكر أن هنالك أوراق أساسية ورئيسة في التغيير لابد أن تكتمل، والآن ملامح الأوراق على وشك أن تكتمل ومن الآن وإلى الأمام يمكن أن نتحاسب في طول مسألة التغيير، وجزء من تأخير التغيير «خَلع النظام» فهو الآن يعتقل دون وازع أو أي ذنب، ويمنع كل ندوات القوى السياسة في الولايات، ويعلق كل الصحف ويراقب، وهذا تعبير عن الهلع والهوس للنظام في التعامل مع قضية التغيير.
ذكرت بأنكم قمتم بالتنسيق مع الخارج، على أي مستوى تم هذا التنسيق؟
مع كوادرنا في الخارج، فالسودانيون كلهم الآن أصبحوا موجودين في الخارج، وهنالك ترتيبات لتنظيم كل هذه الأجسام الموجودة في الخارج لأنها مهمة في مسألة التغيير القادم.
أصبح أي تنسيق مع الخارج مرتبط بالعمالة لضعف إمكانيات كوادر المعارضة؟
أعني بالخارج «أبناء وطننا» ومهم جداً أن يعلموا ماذا تفعل المعارضة، وما هو دورهم في المرحلة القادمة، فلهم دور فاعل جداً في حال سقوط النظام، فالعائدات التي ستأتي منهم يمكن أن تدعم الخزينة العامة وتُوفِّر قدر كبير من العملة الصعبة لكي نستطيع أن نواجه بها مصاريف الانتقال إلى الحكم الجديد، ونحن وضحنا لهم شكل التغيير القادم وملامحه، والناس موحدين على ماذا ومختلفين على ماذا.
أنتم تتحدثون عن التغيير وتطالبون بتماسك المعارضة، والحركات المسلحة أيضاً تطالب بالتغيير، ما هو شكل التغيير الذي يجمعكم؟
ليس لدينا تنسيق سياسي مباشر مع هذه الحركات ولكن في المستقبل لا نرفض أي تنسيق سياسي بيننا، فنحن متفقون معها سياسياً ولكننا مختلفون عسكرياً.
إذا حدث تغيير كيف ستستوعبونهم، فشكل التغيير في حال عدم التنسيق لن يوقف الحرب وربما يعيد التجارب السابقة التي أسقطت النظام وظلت الحرب؟
إذا سقط النظام فهناك مسائل جوهرية نتفق عليها مثل الحريات، والحكم الراشد، وحتى إذا سقط النظام لن نواجه معهم مشاكل مثلما حدث عندما سقط نظام نميري، والحركة الشعبية رفضت وقف الحرب ولكننا نشعر بأن المطروح في الساحة السياسية أعمق وأقوى ويقوم بعمل تواصل بيننا وبين الحركات.
ولكن علاقتكم مع الجنوب والحركات المسلحة متواصلة وأكدتها بعض الجهات بأنها مستمرة، وقد كانت السبب وراء اعتقال الشيخ إبراهيم السنوسي وعلي شمار لتآمرهم مع الحركات المسلحة عبر جوبا؟
هذا حديث غير صحيح فإبراهيم السنوسي هو مسؤول التنظيم في الحزب وهو المسؤول عن عضوية الحزب وأوكلت له القيام باتصالات مع عضويتنا في كينيا وجنوب السودان فلدينا عضوية كبيرة جداً في الجنوب، والسنوسي ذهب لترتيب أوضاع هذه العضوية، وعلي شمار ذهب معه لنفس الغرض وكانت جولتهم سياسية ليس لها صلة بعمل عسكري أو انقلابي فنحن جربنا كل الخيارات وكفرنا بالانقلاب وضد العمل المسلح لأننا حزب قائم على دعوة.
قيادات المعارضة يهددون دائماً بالحركات المسلحة؟
كل تحالف المعارضة ممثل في قواه السياسية متفقة على منهج التغيير السلمي عبر الثورة الشعبية والاعتصام، أما الحديث عن قدوم الحركات المسلحة فإنه ناقوس خطر يُقرع للمؤتمر الوطني حتى يلتفت سياسيا إلى القضايا السياسية ويبرم السلام مع هذه الحركات، فاتفاقية الدوحة خدعة من قبل المؤتمر الوطني والحرب مازالت مستمرة في دارفور وبصورة اشد، والاتفاقية لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.
لكن شيخ الترابي الأمين العام وبعض قيادات المعارضة شاركوا في مؤتمر أصحاب المصلحة الذي عقد قبل اعتماد الوثيقة؟
حقيقة ذهبنا وشاركنا ولكننا لم نبارك الاتفاقية، وذهب ورأينا منظر الاتفاقية وقيّمناها في محتوياتها ولم نجد بأنها تخاطب أزمة دارفور لأن دارفور تريد الإقليم الواحد وحقها في السلطة والثروة، وهي تتحدث عن حقوقها في التحول الديمقراطي بتغيير النظام لأنهم يفتكرون أن هذا النظام لا يحترم المركزية، فقد زوروا الانتخابات وأتوا بكاشا ولم يحترموا التزوير وشالوه.
إذا لم تباركوا ولم توافقوا على الوثيقة عبر مؤتمر أصحاب المصلحة فلماذا شاركتم.. فهناك بعض أحزاب المعارضة فضلت عدم المشاركة؟
المشاركة كانت بغرض إجراء لقاءات مع القطريين وأهل دارفور، وكانت فرصة لنا لمقابلتهم وبالفعل التقينا بهم ولكن اكتشفنا أن الوثيقة- ونحن شهود عليها- لا تخاطب القضايا الأساسية لأزمة دارفور، وستسمعين قريباً بأن هذه الاتفاقية إنفض سامرها، وحركة التحرير والعدالة لا تمتلك عشرة عساكر وهنالك حركات متطورة في دارفور وهي تحتاج إلى وضع دستوري جديد يعطي دارفور حقها، فلا يمكن حل أزمة دارفور في منأي عن أزمة السودان والأقاليم الأخرى لأنها ستصبح معادلة عرجاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق