النظام التعليمي في دولة قطر ..التعليم لمرحلة جديدة | |||||
بقلم: إبراهيم خليل الجيدة |
تاريخ نشر الخبر: | الجمعة 11/03/2011 |
هذا العنوان هو عنوان الدراسة التي صدرت مؤخرا للدكتور عبد الله الكبيسي وكنا قد وقفنا عند العرض العام لموضوعاتها في مقال سابق ، وقد تأخرنا كثيرا فالمقال ربما للمتغيرات العاتية التي تمر بها منطقتنا العربية وكنت سأخصص مقالي هذا عن هذه القضايا السياسية التي تعصف بالمنطقة ولكن التزامنا بما أشرنا إليه من استكمال هذه الدراسة دفعنا للمواصلة ليس هذا فحسب ولكن أيضا لأهمية هذه الدراسة العلمية الجادة فضلا عن أن العملية التعليمية لاتنفصل عن المواضيع السياسية . لأجل ذلك شرعنا في استكمال هذه الدراسة التي تستحق منا أكثر من وقفة. وسوف نقصر حديثنا في هذا الموضع على أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة وتصفها الدراسة بأنها نتائج صادمة الأمر الذي جعله يضع لها عنوانا هو " تحليل عام لصدمة نتائج التقويم الشامل " وجاءت هذه النتائج على النحو التالي : # نتائج اختبارات التقويم الشامل : وتعرض الدراسة ما قامت به هيئة التقويم بالمجلس الاعلى للتعليم من اختبارات شملت 14 ألف طالب و 12 ألف طالبة من المسجلين في العام الدراسي 2007 / 2008 لقياس ما حققه طلبة المدارس المستقلة من مستوى تحصيلي في مواد اللغة العربية والانجليزية والرياضيات والعلوم بناء على المعايير التي وضعتها هيئة التقويم وجاءت النتائج متدنية ففي مادة اللغة العربية لم يتجاوز الطلبة الذين حققوا المستوى المطلوب للمعايير 5 % واللغة الإنجليزية 7 % والرياضيات 1 % والعلوم صفر – 1 %. # وبالنظر إلى هذه النتيجة ليست الصادمة ولكنها المدمرة للعملية التعليمية هل من الممكن أن تقبل هذه النتائج في أي مجتمع ، إن نتيجة بهذا الشكل لابد أن تجعل القائمين على العملية التعليمية يقفون وقفة جادة أمام مسيرتهم وخططهم التعليمية . لاسيما أن الملايين من الريالات تنفق على هذه العملية التعليمية وفي النهاية تكون النتيجة بهذه الصورة غير المقبولة علميا ولا تربويا ولا ثقافيا ولا أخلاقيا. وأنها تدعو إلى إعادة النظر في العملية التعليمية منهجيا وتربويا واقتصاديا واجتماعيا وغيرها. # نتائج اختبارات timss لعام 2008 م فقد اشتركت دولة قطر في مسابقة الاختبارات الدولية لمنظمة timss وشارك فيها حوالي 68 دولة وبلغ عدد الطلاب المشاركين في المسابقة 14 ألف طالب وطالبة من المدارس المستقلة وما تبقى من مدارس وزارة التربية والتعليم وكانت نتائج طلاب دولة قطر في المستوى قبل الأخير بينما حقق طلاب دول عربية أخري النتائج الأفضل. # وبعيدًا عن الدخول في اختلاق الأعذار والمبررات وغيرها فإننا أمام نتائج مخزية لتلك المدارس وأدائها ويرى الدكتور الكبيسي أن النظرة التحليلية لهذا الأمر لاتخرج عن أحد احتمالين : الأول أن تكون المعايير التي تم على ضوئها قياس مستوى التحصيل الدراسي للطلبة غير واقعية أي أنها تتطلب قدرات أعلى من مستوى الطلاب ولكن هذا الاحتمال تم دحضه من قبل هيئة التقويم في أكثر من مرة بعد إعلان نتائج التقويم الشامل . والاحتمال الثاني ان تلك الاختبارات الشاملة التي قامت هيئة التقويم باجرائها هي اختبارات صحيحة مقننة وضعت لقياس مستوى التحصيل الدراسي للطلبة في المدارس المستقلة وهي التي تقوم المدارس على ضوئها بتدريس المواد الأربع الأساسية وعلى هذا الأساس فإن نتائج التقويم الشامل معبرة عن الواقع الفعلى لأداء الطلبة في تلك المدارس بغض النظر عن اعتراضات أصحاب المصلحة المباشرة من قبل القائمين على تنفيذ العملية التعليمية في المدارس المستقلة. ويرجح الدكتور الكبيسي الاحتمال الثاني ويرجع أسباب هذا الضعف إلى غياب فلسفة التعليم وغياب المنهج العام ويرى أن الأعباء الإدارية أثقلت كاهل المدارس المستقلة فجعلتها معنية بالمشكلات الإدارية أكثر من العملية التعليمية ، وإن كنا نرى ذلك ليس معوقا لأنه يعطي المدرسة قدرا من الحرية في اختيار مدرسيها الأكفاء حتى لا تلقي بتبعية اللوم على إدارة أخرى فرضت عليها المستوى الأكاديمي للمدرسين ، لكن الخلل قد يكمن إلى جانب ما ذكره الدكتور الكبيسي بانشغال القائمين على المدارس بالعملية الربحية أكثر من العملية التعليمية ، وقد تسند في بعض الأحيان إلى غير المتخصصين فيصبح الأمر بالنسبة له مشروعا تجاريا ربحيا وهذه طامة كبرى في التعليم عامة إذا نظر للربح على حساب المحصلة العلمية فتنهار كل أسس التعليم. # وتخلص الدراسة التي نرى أنها واحدة من أهم الدراسات في تقييم العملية التعليمية بدولة قطر إلى مجموعة من المحاور التي يجب ان تبني عليها المسيرة التعليمية ومنها : محور فلسفة التعليم وأن تكون مرجعيته مشتقة من مبادئ الدستور ومبادئ رؤية قطر الوطنية لعام 2030 والمحور الثاني إعداد منهج عام للتعليم يوحد الإطار الفكري لجميع المدارس دون الإخلال بحرية التصرف في إدارة المدارس للتعليم ، والمحور الثالث يتمثل في محتوى التعليم من حيث مراعاة قاعدة التوازن النسبي في توزيع المقررات الدراسية بحيث تؤدي في تكاملها إلى بناء شخصية الطالب . والمحور الرابع ان تكون لغة التعليم في جميع المدارس وفي كل المراحل التعليمية هي اللغة العربية ويعني بالانجليزية كمادة من المواد الدراسية وليس العكس ونتفق بدورنا مع الدكتور الكبيسي في هذا المحور لأن اللغة هي التي تشكل هوية الطالب وإذا كان الطالب لاتوجد له هوية فكربة حينئذ يكون كريشة في مهب الريح تقلبها الأهواء كيفما ترى وهذا معمول به في العملية التعليمية في كل بلاد العالم لاسيما الدول المتقدمة علميا ، والمحور الخامس الذي يطرحه الدكتور الكبيسي يتمثل في النظام الإداري والمالى ويرى ان هذا العبء تتحمله هيئة التعليم من حيث التجهيز والاحتياجات والإجراءات وغيرها وتتفرغ الادارات المدرسية للعملية التعليمية مع المحافظة على استقلالها الإداري . ولعل هذا الطرح الجيد يجعلنا نؤيد ما يذهب إليه الدكتور الكبيسي من حيث الرسالة العلمية والفكرية التي يجب أن يتحلى بها العلماء والمفكرون والباحثون المتخصصون في حقولهم العلمية ، فالمجتمعات لا تنهض إلا بعقول أبنائها والأوطان لا تتقدم إلا بمفكريها المخلصين ولا نتردد لحظة في أن الدكتور عبد الله الكبيسي هو واحد من هؤلاء الرجال المخلصين لثقافتهم وهويتهم ووطنهم . وهذه دراسة ندعو كل المتخصصين لقراءتها حتى نساهم في تطوير التعليم في وطننا لأن هذه الأوطان لها دين في أعناقنا. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق