الأربعاء، 30 مارس 2011

الاستثمار... مطلوب خطوات تنظيم..!!

الاستثمار... مطلوب خطوات تنظيم..!!

** بولاية الجزيرة، قبل خمس سنوات تقريبا، باعت حكومتها مباني وأرض وزارة الأشغال لمستثمرعربي واستلمت قيمتها على (داير المليم).. ولكن عندما ذهب المستثمر لاستلامها وجد مباني الوزارة تكتظ بالأبقار والأغنام والضان، فتساءل بدهشة عن مصدر تلك الأنعام وصاحبها، فخرج إليها صاحبها بكامل المستندات والوثائق التي تثبت ملكيته لأرض الوزارة، وهنا لم يجد المستثمر حلا لأزمته غير شراء مباني الوزارة وأرضها من هذا المواطن أيضا، بعد أن قلبت له حكومة الولاية ظهر المجن بنهج (أنا مالي، اتصرف معاهو).. هذا ما حدث.. وما يحدث بدريم لاند ليس ببعيد عن هذا، أي باعت حكومة الولاية ذاتها أرضا لأحمد بهجت وعصام الخواض واستلمت قيمتها، وعندما شرعا في استثمارها هبت عواصف المواطنين وجهات حكومية أخرى، ولا تزال الأرض كما هي محض فيافي بلا استثمار، والحكومة الولائية التي استلمت قيمتها قبل ست سنوات تتمادى في اللامبالاة بنهج (أنا مالي، اتصرفوا)..!!
**وبولاية الخرطوم أيضا، عندما كان المتعافي واليا عليها، ذهب مستثمر سوداني إلى محافظة جبل أولياء، واشترى من سلطات أراضي الخرطوم وبعلم المحافظة أفدنة حجرية غير صالحة للزرع بغرض إنشاء مزرعة أسماك، واستلم شهادة البحث بكل أختامها المعتمدة ودفع قيمتها على (داير المليم)، ثم استجلب عدة المشروع وعتاده، وكذلك استقدم الكوادر الأجنبية ذات الخبرة في هذا المجال..ولكن عند لحظة التنفيذ، خرج إليه المتعافي شخصيا وأصدر أمرا ولائيا بنزع تلك الأفدنة الحجرية، فرض المستثمر تنفيذ الأمر.. ثم تقاضيا وكسب المستثمر كل مراحل التقاضي بدرجاتها المختلفة، ورغم ذلك انتصر عليه المتعافي ونزع الأرض بموجب قرار استصدره من رئاسة الجمهورية..وهنا لم يكن أمام المستثمر غير الاستسلام ثم القبول بقضاء الله وقدره، وباع عدة المشروع وعتاده وأعاد الكوادر الأجنبية إلى حيث كانت، ولا أدري أستلم التعويض أم لا؟ حيث آخر عهدي به قبل ثلاث سنوات، وكان يطارد (حكومة الخضر) لتعوضه عن الضرر الذي ألحقته به (حكومة المتعافي)، ولم يكن قد استلم رغم التوجيه الرئاسي بتعويضه عادلا وعاجلا، بل كانت حكومة الولاية تمارس معه نهج (امشي وتعال)..!!
**وبولاية...عفوا، لو استرسلت في سرد تلك النماذج التي تضج بها دهاليز الاستثمار في بلادي، فلن يصدرعدد اليوم - من الأولى إلى الأخيرة - إلا بـ(إليكم) فقط، وكلها نماذج تعكس قبح الحال، بحيث بطل كل قصة يقول لبطل الأخرى (ها، أخير إنت)..وقائعها تعكس بكل وضوح أن أمر الاستثمار لا يدار بمؤسسية تتحكم عليها مؤسسات الدولة وأجهزتها وقوانينها، بل مراكز القوى هي التي بيدها (القرار النهائي)، إن اتفقت معك وتراضت عنك فستستثمر كما تشاء بلا جمارك وبلا ضرائب وبلا إتاوات، وإن اتفقت عليك وأدارت لك ظهرها فما عليك إلا أن (تشيل بقجتك وتتخارج بأقل خسائر)، أو كما فعل ذاك الحالم بالاستثمار في مزارع الأسماك.. وللأسف، ما أسرده هنا يسردونه بمنتهى الصراحة في ورشهم ومؤتمراتهم وسمناراتهم التي تناقش قضايا الاستثمار، ولكن ينتهي سردهم بانتهاء المناسبة، ولا تجد توصياتهم الأنيقة طريقا يؤدي إلى حيث (توفير المناخ المناسب للاستثمار).. تموت التوصيات بين مطرقة السلطات الولائية والسلطة الاتحادية، وما بين هذه وتلك (ألف مركز قوى)..!!
** و... تابع ما يحدث حاليا بالولاية الشمالية، نموذجا طازجا..صراع حول الأرضي الاستثمارية بين سلطة ولائية وأخرى اتحادية وهي: وحدة السدود.. لو كان قطار الاستثمار يمضي على سكك المؤسسية، لما حدث هذا الصراع..ولكن أبت الفوضى - ومراكز القوى- إلا أن تفرض ذاتها، فحدث ما حدث ولا يزال، واستقالة نائب الوالي بتلك الطريقة الشتراء - سردتها البارحة – ما هي إلا بعض ملامح الصراع.. وثمة أسئلة على شاطئ هذا الصراع، أليست الحكومة التي أعطت سلطة التصرف في أرض دريم لاند لحكومة الجزيرة الولائية ثم سلطة التصرف في كل أراضي الخرطوم لحكومة الخرطوم، هي ذات الحكومة التي تحرم على حكومة الشمالية سلطة التصرف في أراضي مروي ودنقلا وغيرها؟ إن كان كذلك، فلماذا تصبح السلطة التصرف بالجزيرة والخرطوم (رجل)، ثم تتحول إلى (كراع) بالشمالية؟ بمعنى: لماذا الخيار والفقوس؟ ولماذا تغييب حكومة الشمالية عن إدارة أرض الولاية واستثمارها؟ وما قيمتها في حياة الناس إن هي غابت أوغيبت عن أداء واجبها هذا؟ هكذا الأسئلة، وهي ليست لتمكين سلطة حكومة الولاية من أرض الولاية وإبعاد وحدة السدود، لا ما لهذا سألت، ومن السذاجة اختزال الصراع في حكومة الولاية ووحدة السدود فقط، حيث سواسية كل السلطات - الاتحادية منها والولائية - في سوء الإدارة وعدم توفير المناخ المناسب للمستثمر، بدليل أن النماذج المذكورة أعلاه - بأبقارها وأسماكها ودريمها - نماذج ولائية.. ولكن الأسئلة مردها كشف التخبط - ونهج (حقي كم؟) - الراسخ في العقل الاستثماري للبلاد..ولا ندري إلى متى تدير الدولة ملف الاستثمار بهذا العقل المعوج؟ عفوا، ربما لحين انعقاد الورشة رقم مليون لمناقشة قضايا الاستثمار!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق