الأربعاء، 30 مارس 2011

الاقتصاد السوداني بين المطرقة والسندان

الاقتصاد السوداني بين المطرقة والسندان

تشير كل الدلائل إلى أن الاقتصاد السوداني الآن يعاني أكثر من أي وقت مضى محنة حقيقية لا ينفع معها الترقيع وسياسة رزق اليوم باليوم ولا بوسائل التطبيب الفيزيائية التقليدية والعلاج بحبوب المسكنات لأمراض عقيمة مستفحلة.. أنه يحتاج لعملية جراحية وعلاج شامل خلال عملية إصلاح سياسي واقتصادي كاملة وإلا حدثت كارثة حقيقية في البلاد سيتأثر بها حتماً المواطن والنظام السياسي برمته.
مما نقرأه ونسمعه ونشاهده ويقول به المحللون الاقتصاديون العالمون ببواطن الأمور ويؤكده العاملون في النشاط الاقتصادي بالذات القطاع الخاص ومؤسسات التمويل من بنوك وقطاعات الإنتاج أن ثمة ركود واضح بل ركود تضخمي يكاد يطبق على الجميع بل أطبق عليهم فعلاً. وهنا نروى وقائع حقيقية مؤسفة للغاية.. يقول من عركتهم التجارب في مجال الأعمال والاستثمار إن كثيراً منهم أفلس عندما اندفع للعمل في الفترة الماضية بل كان مصيرهم السجن وأغلق الكثيرون مصانعهم وأعمالهم والأذكى حول أمواله للدولار للخارج .. يعيش مرتاحاً بلا مضايقات من عائدها في البنوك العالمية والإقليمية إضافة لارتفاع قيمة الدولار المستمر مقابل الجنيه السوداني فاستفاد مرتين (هناك من حول للدولار منذ كان سعره عشرين جنيهاً!).
القطاع الاقتصادي في الدولة وعلى رأسه وزارة المالية وبنك السودان يواجهان مشكلة حقيقية كما تدل الإحصاءات ويحاولان انتهاج سياسات مالية ونقدية وائتمانية تحتاج لمعجزة حقيقية لنجاحها.. بنك السودان يواجه ضعفاً في احتياطيات النقد الأجنبي وضغوطاً لمواجهة الواردات وقيمة الجنيه تنخفض يومياً، ووزارة المالية تواجه عجزاً كبيراً مستمراً فى الميزانية وإذا رأى وزير المالية حل المشكلة من قروض أو مساعدات ومنح خارجية فذلك رابع المستحيلات في ظل أوضاع مالية دولية وإقليمية بالغة الصعوبة والتعقيد فالكل مشغول بمشاكله الداخلية والإقليمية هذا غير التزامات الديون المتراكمة بل خدمة الديون التي حلت ولا مناص من سدادها أولاً قبل طلب المزيد. من ناحية أخرى فإن ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي وضمور القطاع التجاري والاستثماري لا يرفد الميزانية بما تحتاجه من إيرادات كافية لتواجه الصرف الحكومي الهائل في المركز والولايات لا يرغبون ولا يقدرون على التقشف لأسباب كثيرة معروفة، واذا أضفنا لذلك الصرف على القطاع الأمني الكبير بمؤسساته الثلاث الرئيسية والذي سيتوسع كثيراً إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع الدولة الوليدة في الجنوب بخصوص البترول وبقية القضايا المعروفة وسيشكل ذلك حتماً ضغوطاً مالية عظيمة لا أدري كيف سيواجهها القطاع الاقتصادي، هل بزيادة الأسعار والضرائب المباشرة وغير المباشرة وما أثر ذلك على معيشة المواطن التي أصبحت لا تطاق وقد زيدت مؤخراً والتي ستؤدي حتماً لتوترات سياسية واجتماعية إذا زيدت مرة أخرى.
الحلول ممكنة إذا سيطرت الحكمة السياسية وتوجهنا لحل مشاكلنا بعقلية سياسية واقتصادية متفتحة تستوعب الآراء الصحيحة وأسند أمر إدارة البلاد لأهل الكفاءة والدراية والأمانة لا أهل الولاء. وأؤكد للمرة الألف أن الحلول الجزئية الإسعافية السطحية اليومية فاشلة والحل هو حل سياسي واقتصادي شامل لكافة قضايا الوطن وهذا يحتاج لتنازلات حقيقية وصادقة وشفافة من الجميع حاكمون ومعارضون وغيرهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق