العبر المستفادة من التدخل الأممي في ليبيا | |||||
بقلم / فيصل علي سليمان الدابي : |
تاريخ نشر الخبر: | الثلاثاء 29/03/2011 |
عقب قيام النظام الليبي باستخدام الطائرات والدبابات في ضرب المدنيين الذين شاركوا في المظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح وسقوط آلاف القتلى في صفوف المدنيين واضطرارهم لاستخدام الأسلحة الخفيفة للدفاع عن أنفسهم، صدرت ردود أفعال عربية قوية ، فقد أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي نزع الشرعية عن نظام القذافي وطالبت بفرض حظر جوي على ليبيا ثم تبنت جامعة الدول العربية ذات الموقف ومن ثم قام مجلس الأمن بإصدار القرار رقم 1973 القاضي بحماية المدنيين الليبيين عبر فرض حظر جوي على ليبيا وضرب آلة الحرب الرسمية التي تهدد سلامة المدنيين الليبيين. بتحليل مجريات الأحداث نخرج بالعبر الآتية: العبرة الأولى هي أن المجتمع الدولي قد أمن على حق الشعوب في تنظيم المظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح وبالتالي فإن القوانين التي تمنع التظاهرات السلمية في بعض الدول هي قوانين مخالفة للشرائع الدولية. العبرة الثانية هي أن المجتمع الدولي قد أرسى سابقة دولية جديدة مفادها أن مبدأ حماية المدنيين أولى بالحماية من مبدأ السيادة الداخلية للدولة. العبرة الثالثة هي أن استخدام السلاح ضد الشعب يورط النظام في معركة قانونية دولية، فتهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ستلاحق رموز النظام أينما حلوا. العبرة الرابعة هي أن عدم استخدام روسيا والصين لحق النقض ضد قرار الحظر الجوي وتصويت جنوب أفريقيا ضد ملك ملوك أفريقيا المزعوم وانقلاب إيطاليا وتركيا على القذافي يثبت أن المصالح الدولية الكبرى تتغلب على المصالح الثنائية مهما بلغت درجة قوتها. العبرة الخامسة هي أن التورط في مواجهة عسكرية مع المجتمع الدولي هو بمثابة انتحار سياسي فمجريات العمليات العسكرية الدولية في ليبيا تثبت أن القوة العسكرية المحلية الشرسة التي كانت تستأسد على شعبها قد تحولت إلى نعامة لا تملك سوى الهرب والاختباء وأنها ستتعرض في نهاية المطاف إلى هزيمة عسكرية وسياسية ساحقة. العبرة السادسة هي أن ضرب الشعوب بالسلاح الناري أو التهديد بذلك هو حماقة سياسية وعسكرية كبرى قد تؤدي إلى مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي وفي كل الأحوال فإن الحكومات والشعوب هي التي ستدفع فاتورة الحرب العسكرية في نهاية المطاف ،الليبيون مثلاً هم الذين سيدفعون ثمن المدن التي خُربت ومحطات النفط التي قُصفت ، العبرة السابعة هي أن مشاركة دولة قطر ثم دولة الإمارات في فرض الحظر الجوي على نظام القذافي تؤكد أن بعض الدول العربية لا تكتفي بالاستنجاد بالغرب لحماية الشعوب العربية وإنما تساهم في ذلك لأن واجب حماية المدنيين هو واجب إنساني مقدم على أي واجب آخر. العبرة الثامنة هي أن آلة الإعلام الرسمي للنظام الليبي ، الذي قام باغتيال واعتقال مصوري ومراسلي قناة الجزيرة وغيرها من القنوات الدولية والتشويش على القنوات الفضائية الخارجية ، قد خسرت الحرب الإعلامية فلقد أصبح من المستحيل في هذا العصر ممارسة التضليل والتعتيم الإعلامي الرسمي في ظل انتشار وسائل الإعلام الشعبي ممثلة في صور الجوال والإنترنت، أما العبرة التاسعة والأخيرة فهي أن التدخل الأممي في ليبيا يُرسل رسالة واضحة لبقية الحكومات الأخرى من الحكومات العربية مفادها أنه لا سلامة للأنظمة دون سلامة الشعوب وأن المشاكل السياسية في هذه الدول يجب أن تحل بالإصلاحات الجذرية لا باستخدام القوة المسلحة والاعتقالات التعسفية ولا بصرف بقشيش أو بدل ثورة لكل مواطن فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بالديمقراطية والتغيير والإصلاح أيضاً! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق