الثلاثاء، 29 مارس 2011

م يأكلون البوش والكرشة ولكن.....!!

مايزال بعض الأفراد في بعض الدول العربية حين يعن لهم ما يدعوهم لذم الكسل واطلاق النكات على الكسالى، يتخذون من الفرد السوداني رمزاً للكسل و«الركلسة»، ومن ثمّ يتبارون ويتنافسون في إطلاق ترهاتهم السخيفة عليه، لدرجة أن أحد هؤلاء السخفاء أطلق نكتة ساذجة تقول إن السودانيين من شدة كسلهم أطلقوا على أحد مدنهم اسم كسلا، وقال آخر إن سودانيا أعلن رغبته في الانضمام لتنظيم القاعدة ولكنه اشترط لكي تتم عملية انضمامه رسمياً أن يُلحق بالخلايا النائمة، وغيرها عشرات المئات من النكات الشبيهة التي لا تخلو من الغرض، إذ ليس من اللباقة والكياسة والمنطق بل وحتى «التظارف» وصم شعب بكامله بوصمة الكسل، هذا غير أن السودانيين العاملين بدول من يؤلفون ويطلقون هذه النكات قد أثبتوا جدارة ومهارة وطهارة وأمانة ونشاطا وقدرة على تحمل أصعب المهام والمشاق، بل أن السودانيين كانوا هم واضعي اللبنات الأولى للبنى الاساسية التي إنطلقت منها تلك الدول، وهؤلاء هم من يفترض أن يتم من خلال أدائهم تقييم الشعب السوداني، وإن كان لابد من رسم صورة نمطية للسوداني فهي بالدليل العملي الماثل أمام تلك الشعوب يفترض أن لا تكون سوى أنه أمين وشجاع ومتفانٍ وعملي وجاد، ولكنه الغرض والمرض....
من النكات التي انطلقت اخيراً على خلفية انطلاق الثورات التي شهدتها وتشهدها المنطقة العربية وتدور في فلك الكسل السوداني، نكتة مؤداها أن الكسل وحده هو الذي حال بين السودانيين والخروج إلى الشارع للتظاهر، وتفاصيل النكتة تقول إن الرئيس السوداني اجتمع بأفراد شعبه وسألهم «عليكم الله إنتو لو عاوزني رئيس قولوا، ولاّ خلوني أمشي أنا ذاتي ما ناقص مشاكل» وجاءه الرد متكاسلاً خرج بصعوبة من بين التثاؤبات الجمعية «عليك الله يا زول ما تمشي، إحنا ذاتنا ما فينا حيل للمظاهرات»، فتأمل وتعجب من هذه الجهالة والسماجة والضحالة التي تقاصرت حتى عن أن تدرك أن الشعب السوداني سبق له أن فجرّ ثورتين غير مسبوقتين عندما كانت تلك الشعوب ليست كسولة فحسب بل تغط في نومٍ عميق.
وغير الكسل، رمى آخرون الشعب السوداني بالخنوع والخضوع، ففي مقولة منسوبة للقذافي - سواء كانت حقيقة مرة جرت فعلاً على لسان القذافي أو كانت نكتة جارحة - أنه قال مغاضباً ومعاتباً الشعب الليبي على ثورته عليه «يا جرذان، إخوانكم السودانة يأكلون البوش والكرشة ويدفعون جمارك وضرائب وقيمة مضافة ودمغة جريح ودمغة شهيد، وبعد ذلك يرقصون مع رئيسهم، هذا هو الشعب وهذا هو الولاء»....
إن أكثر ما يؤلم في هذه التقوّلات على الشعب السوداني، أنها لا تمت له بصلة، فهو ليس كسولا ولا خانعا، ومطلقو هذه النكات الساذجة هم الأولى بها وأحق من هذا الشعب الأبي المبادر الذي لا ينتظر أحداً يثور ليقتفي أثره، ولا ينتظر آخر يحدد له متى يثور وقد فعلها لوحده أكثر من مرة، فأين كنتم أعوامذاك لكي «تتريقوا» عليه هذا العام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق