الثلاثاء، 15 مارس 2011

مفوضية الفساد وكشف المستور

مفوضية الفساد وكشف المستور
انفجار الأغلبية الصامتة نتاج طبيعى للوضع المسيطر على معظم الدول العربية والافريقية.. وضع قائم على التسلط السياسى القاهر للاصوات الاصلاحية، لذلك استشرى الفساد المالى والرشاوى والمحسوبية، ووصل الامر الى ان البعض يطرح تساؤلا فى البرامج الدينية هل الرشوة فى حالة تعسر قضاء بعض مصالحه فى الدواوين الحكومية حلال؟ خاصة بدونها ستتوقف اموره وتتعطل، بالاضافة الى ارتفاع نسبة البطالة والفقر.. وسيتم تجميل هذا الواقع عبر الاعلام المسيس الذى يتجاوز الاوضاع الاقتصادية السيئة ومعاناة المواطن فى الحصول على لقمة عيش شريفة.
فى ظل هذه الأوضاع المتردية ينشأ الترهل الادارى وتكثر المحليات والمحافظات التى تشكل عبئاً على الدولة، وكان يجب على الدولة أن تتجه نحو تقليص الظل الادارى من اجل تخفيف الصرف.
وإذا عدنا للفساد نجد ان الرئيس عمر حسن احمد البشير تحدث لاحد الوسائط الاعلامية بأن انواع الفساد ثلاثة.. بدأها بالرشاوى ثم العمولات على العقود واخيرا فساد المؤسسات الامنية والعدلية الذى اعتبره فسادا محمياً ويشكل خطورة على الدولة، فالثلاثى الذى ذكره يمثل الداء الحقيقى الذى ينخر فى اساس الدولة، لذا يجب العمل فورا على محاربته واجتثاثه عبر قوانين وضوابط صارمة، واذا اريد للمفوضية أن تفعل ذلك يجب أن تكون قومية، وعلى رأسها رجل محايد لا ينتمى للحزب الحاكم، ومشهود له بالنزاهة، بالاضافة الى تمتعه بصلاحيات واسعة تتيح له التحرك وحق المساءلة. وكل ذلك لن يتم وينجز الا اذا وجدت ارادة سياسية حقيقية، لأن مبدأ المحاسبة والمساءلة تم تغيبه، فمن الصعب استئصال الفساد، خاصة بعد استبدال كل ذلك بسياسة التسويات او الاعفاء من المناصب والترقيات. والمطلوب محاكمة كل من استغل نفوذه لتحقيق مصالحه الشخصية مهما كان، سواء أكان يستند إلى سلطة او علاقات شخصية واجتماعية بأصحاب النفوذ.
والمنعطف الذى تمر به معظم الدول العربية يمتاز بنضج ووعى سياسى، فهو ليس مدى عشوائياً، وانما منظم لا تهيمن عليه الحزبية، ولا تستطيع الانظمة ايقافه.. فهذا المد له مطالبه التي من ضمنها استرداد اموال الدولة المنهوبة ومحاسبة كافة رموز الفساد الذين صنعوا واقعا اقتصاديا مترديا، فهم صعدوا الى القمة واصبحوا فى حماية كاملة يبسطها لهم صولجان السلطان، لذلك لا بد من البدء بمحاسبة المنتفعين واصحاب المصالح.
والثورات كشفت عن حجم الفساد عبر ارصدة الحاكم وزوجته وابنائه واقربائه والقيادات والمنتمين للحزب الحاكم.. تلك الأرصدة أكدت أن حجم الفساد خيالي.
وتم التحفظ على تلك الاموال التى تم نهبها.. انها ارصدة بالمليارات اذهلت الجميع.. سبحان الله. والشعوب تموت جوعا ومرضا وتزداد فقرا، والأموال مكدسة فى البنوك الخارجية كما قال احد الشعراء الليبيين تحت عنوان بطاقة إعانة:
صفيح .. صفيح
وطفل كسيح
وقلب جريح
الأم تمزقها ألف لوعة
وتحرقها ألف دمعة
وعبر الليالى تذوب كشمعة
وستة أطفال لا يشبعون بكاءً
وبعد انشاء المفوضية هنالك تساؤلات يجب طرحها: هل من حق المفوضية مساءلة المسؤولين، أم أن هناك حصانة تحمى المسؤولين وتجعلهم فوق المساءلة؟ وهل من حق المسؤول ان ينشئ شركات ومصانع، او يكون مساهما فى شركات كبرى وهل .. وهل .. وهل؟.. انها تساؤلات كثيرة خاصة فى سريان مقولة «عفا الله عما سلف» أو «خلوها مستورة» أو التعتيم على ما يحدث بشتى الوسائل، فالمرحلة هى مرحلة كشف المستور قبل أن تتحرك الأغلبية الصامتة وينفجر الوضع، ويأتى يوم يفرق فيه المسؤول عن أخيه، ويتبرأ الوزير من منصبه، ويتنازل الذين صعدوا من انتمائهم للحزب الحاكم.. إنه يوم لا تنفع فيه قوة أمنية أو عسكرية.. فاتقوا شر ذلك اليوم.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق