الأربعاء، 9 مارس 2011

دستور الأسياد وقانون سكسونيا

بشفافية
٭ ورد في اعلى الصفحة الاولى- وهو ما يسميه الصحافيون المانشيت- لاحدى صحف الخرطوم الصادرة يوم الاثنين الماضي وبالخط الأحمر القاني لون الدم، ما مؤداه أن الناطق الرسمي باسم الشرطة قد تحفظ نيابة عن الشرطة قيادة وقاعدة على قيام أية مسيرات أو تظاهرات، وأنه حال قيامها ستتصدى لها الشرطة وستتعامل معها (وفقاً للدستور والقانون)، ولو أن سعادة الناطق باسم الشرطة كان قد قال ان الشرطة ستتصدى لأية مسيرات أو تظاهرات ثم سكت، لسكتنا نحن أيضاً ولقلنا في سرنا (إتصدى سااااكت هو في حد يقدر يحوش الشرطة عن التصدي)، ولكن عندما يحاول أن يبرر هذا التصدي بالدستور والقانون، هنا كان لابد أن نتصدى له لنسأل عن أية دستور أو قانون يتحدث سعادة الفريق، أى دستور وأى قانون ذاك الذي يمنع حق التعبير السلمي، والحقيقة أن ناطق الشرطة ليس وحده الذي يقول بذلك ولا قيادات الشرطة وحدها وإنما كل من نطق بحرف في الحكومة أو الحزب الحاكم أو أدلى برأى حول أية مسيرات أو تظاهرات مزمعة أو (مزعومة) كان يقول ذات الذي ظلت تقوله بتكرار قيادات الشرطة، أن أية مسيرات أو تظاهرات ستقمع بالقوة، ليست قوة الهراوات الكهربائية والنبابيت والعصي والغازات الحارقة، وإنما قوة الدستور والقانون، مع أن المعلوم بالبداهة حتى للهبنقة أن الدستور بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب مما يقولون، إذ أنه ينص بوضوح لا يلتبس حتى لـ(عوير أمو) في أكثر من مادة من مواده على حق- لا يُقيد اكرر لا يُقيد- في حرية التعبير لأى مواطن، كما أن الدستور أيضاً ينص بجلاء على مسؤولية الدولة في حماية وثيقة الحقوق، ووثيقة الحقوق هذه تنص كذلك بإبانة لا تفوت على أى غبي أوعيي على حقي التعبير والتجمع السلمي، فأى دستور هذا الذي ستتصدى الشرطة بموجبه لمنع حق التعبير وفض التجمعات السلمية، هل هو دستور السودان، ام دستور أفغانستان في عهد طالبان، أم هو يا ترى دستور الاسياد الذي يصدره الريح الأحمر وتقع أحكامه العجيبة على رأس المصابين بالزار، أما إذا كان القانون هو الذي يمنع ما منحه الدستور ويبطل ما أحقه وأجازه فتلك مصيبة أخرى تفرغ الدستور من معناه وتجرده من أهدافه ومقاصده، فأن يُحرّم ويُجرّم قانون ما أحلّه الدستور وهو القانون الأعلى الذي لا يُعلى عليه، فذلك قانون يعيدنا محلياً الى عهد قراقوش وحكم ابتكو، وعالمياً يعود بنا القهقري الى القرون الوسطى التي شهدت قانون سكسونيا، حيث المجد والعظمة للنبلاء والحكام والخزي والعار لمن دونهم، وللربط والتذكير والمقاربة سآتيكم بنبأ أبتكو وسكسونيا دون قراقوش فحكايته مطعون فيها...
وأبتكو الذي يُضرب به المثل في قساوة أحكامه هو طائر ذو منقار طويل أشبه بالساطور، ولهذا الطائر ممارسة سلطوية غريبة على أنثاه، ففي الوقت الذي تبدأ فيه الانثى بوضع البيض داخل العش، يبدأ هو في نتف ريشها ريشةً ريشة حتى تغدو ممعوطة تماماً، وذلك لجعلها عاجزة عن الطيران لتتفرغ بالكامل لعملية حضن البيض ورعاية الصغار في أيامهم الاولى، بينما يتولى هو عملية جلب الغذاء، وفي هذه الأثناء يبدأ ريش الصغار في النمو بالتزامن مع نمو ريش أمهم، ليطير الجميع في وقت واحد، أما سكسونيا الولاية الالمانية، كان قانونها العجيب الذي أصبح مضرباً للمثل على القوانين السيئة والمعيبة ينص على معاقبة الفقير الذي لا يسنده مال ولا جاه ولا سلطان إذا إرتكب جرماً ما، وهذا لا بأس عليه، أن ينال المجرم عقابه، أما كل البأس والبؤس في هذا القانون هو أنه نص على أن لا يعاقب نبيل أو صاحب سلطة أو مقام أو بسطة في المال في شخصه اذا إرتكب جرماً ما، إنما يؤتي به ليقف تحت أشعة الشمس كي يظهر ظله لتتم محاكمة ومعاقبة الظل لا الشخص، فهل نخطيء حين نقارب أو نقارن أى قانون يمنع حق التعبير والتظاهر السلمي بحكم أبتكو وقانون سكسونيا، أم ترانا محقين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق