ومهما يكن من أمر التجربة السودانية التي قادها الدكتور حسن الترابي التي أطلق عليها الاستاذ الصحافي بالشرق الاوسط إمام محمد إمام مسمى التقية وبسط القول في تعريف التقية وفقهها وأهميتها في السياسة الشرعية للمسلمين ومفهومها الديني في مقاله بصحيفة «التيار» الاسبوع الماضي. وجاء إمام بنموذج آخر هو النموذج التركي الذي أرسى دعائمه رئيس وزراء تركيا الحالي رجب طيب أوردغان، الا ان المنهج الذي قام بقيادة الشيخ الترابي وهو الانفتاح او البروستوركا كما اطلق عليها الدكتور عبد اللطيف البوني في إحدى مقالاته، فإن الحركة الاسلامية قد مضت فيه لدرجة الانصهار في المجتمع السوداني من غير انتهازية او امتطاء لهذا المجتمع لتحقيق اهداف تكتيكية تعود بالنفع على اشخاص محددين او قيادة من القيادات. والدليل على ذلك ان الامين العام للحركة وشيخها كان هو اول من ضحى بالذهاب الى السجن كما جاء في إشارة الأستاذ إمام ورضي الترابي ان يكون حزبه وحركته ضمن القوى السياسية المحظورة، حتى إذا حدث اصلاح في القوى السياسية من حيث التنظيم والممارسة السياسية يكون هذا الاصلاح شاملا وتستفيد الحركة من اخطائها لأنها كانت لديها أخطاء سياسية واعلامية واقتصادية تم التذكير بها من خلال المقال الشهير الذي كتبه العميد حقوقي بالقوات المسلحة وقتها محمود قلندر رئيس تحرير صحيفة الجيش في الايام الاولى لانقلاب 30 يونيو 1989م، والذي حمل الجبهة الاسلامية القومية جزءاً من أخطاء الفترة الديمقراطية بالسودان، وان كان على درجة اقل من القوى السياسية الاخرى التى تم توجيه الاعلام الانقادي لاخطائها وفشلها، وكانت الفكرة التي عبر عنها قلندر وقتها تعني ان الحركة الاسلامية تريد ان تقول ما اردت الا الاصلاح ما استطعت وما ابرئ نفسي مما حدث للعملية الديمقراطية من فشل واخفاق أدى للانقلاب عليها بواسطة القوات المسلحة. لقد كان للجبهة الاسلامية نصيب من ذلك الاخفاق شأن الآخرين مما يؤكد الرغبة المستمرة في الاصلاح والانفتاح على الآخر من غير انتهازية او تكتيك. هذا على الصعيد العام، أما على الصعيد التنظيمي والسياسي فقد قامت الحركة الإسلامية السودانية بضم واستيعاب العديد من الكوادر من قيادات اليسار والحزب الشيوعي السابقين وقادة التصوف وجماعة انصار السنة المحمدية.. في جبهة الميثاق الإسلامي والجبهة الاسلامية وتولوا فيها ارفع المواقع.
ومن أمثلة هؤلاء الاستاذ الراحل أحمد سليمان المحامي الذي كان من أبرز قادة الحزب الشيوعي السوداني واليسار، وهو صاحب رؤية وقناعة بدور المؤسسة العسكرية في السلطة، وذلك وفقا لرؤيته بأن الاحزاب السياسية السودانية لن تستطيع احداث التنمية المطلوبة، وهي أحزاب طائفية وله معها ومع اليسار من بعد ذلك خلافات سياسية معلومة، أو لطبع شمولي تطبع به الاستاذ أحمد سليمان منذ أن كان قائدا من قيادة الحزب الشيوعي السوداني ونظام مايو لمدة من الزمن. والمثال الآخر هو انخراط الجماعة السلفية ممثلة في أنصار السنه المحمدية في الجبهة الاسلامية القومية، ومثلهم شيخ الجماعة الشيخ الراحل محمد هاشم الهدية وآخرون، أما المتصوفة فحدث ولا حرج، وأبرزهم هو الشيخ عبد الرحيم البرعي شيخ الزريبة بكردفان وأبناؤه وطائفة من أهل التصوف في السودان شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
وقدم إلى إحدى الجامعات طالب ذي خلفية أنصارية وينتمي لقواعد حزب الأمة وتم تجنيده في صفوف الحركة الاسلامية ليصير بعد عام واحد رئيسا لاتحاد الطلاب بالجامعة وقائدا للاتحاد العام للطلاب السودانيين الذي جري تأسيسه في الثمانينيات من القرن العشرين . ثم تولى بعد ذلك العديد من الملفات داخل السودان وخارجه بعد تخرجه من الجامعة.
وإذا كان هذا الانفتاح هو الايجابي لما له من فوائد وثمار على كافة الأصعدة، إلا أن بعضه كان سالبا ومضرا حيث التحقت بعض الكوادر والقيادات المستوعبة في الصف الاسلامي وأحدثت به ضررا بالغاً، وهي علي وجه التحديد الكوادر المايوية التي استفادت من تعاطف الإسلاميين معها في حقها في العودة الى الحياة السياسية عقب انتفاضة أبريل 1986م بعد أن تمت محاصرتها بواسطة القوى السياسية الاخرى وخاصة التجمع الوطني الديمقراطي الذي عمل على حرمانها من إعادة تنظيم نفسها لكونها امتدادا للاتحاد الاشتراكي المحلول وحرمانها كذلك من العمل السياسي والإعلامي، لكون تلك القيادات رموزا وبقايا للنظام مايو المباد .. وقد جاءت الكوادر المايوية ودخلت في المؤتمر الوطني وهي تحمل الحقد على الحركة الاسلامية التي تعتقد أن قيادتها وكوادرها قد قامت في السابق باختراقها والقضاء عليها من الداخل، وخاصة الأمين العام للحركة الشيخ حسن الترابي، وارادت ان تمارس ذات الدور وتنتقم لنفسها. وقد فعلت فعلتها في توسيع الشقة بين الاسلاميين عقب قرارات الرابع من رمضان، كما انضمت لرئيسها المخلوع جعفر نميري عقب عودته من الخارج، وقامت بترشيحه لرئاسة الجمهورية في انتخابات ما بعد المفاصلة بين الإسلاميين مباشرة، حيث سقط ولم يكن آبها للسقوط بعد أن حقق هدفه من ذاك الترشح في انتخابات غير تعددية.
ورغم هذا الجانب السلبي الذي أشرنا إليه.. فقد حققت الحركة الاسلامية من خلال مسيرة الانفتاح الطويلة جملة من المكاسب اولها التحول من حركة صفوية منغلقة على نفسها إلي تيار واسع، ثم جبهة عريضة حافلة بالعديد من التحالفات والتواصل مع بقية القوى السياسية كافة من أجل المصلحة الوطنية العليا. ثانيا الوصول الى واجهة القيادة في المجتمع وطرح المشروع الاسلامي كخيار امام الشعب من غير أن تكون الرؤية المتصلة بهذا المشروع هي رؤية خاصة بالحركة الإسلامية، وذلك لوجود مسلمين آخرين في الساحة الوطنية معنيين بالعمل الإسلامي مباشرة، ولوجود غير المسلمين الذين كفل لهم الإسلام حقوقا دينية وسياسية، وفرض على المسلمين صون هذه الحقوق ورعايتها. ثالثا: تمكنت الحركة الإسلامية من البقاء في السلطة من خلال منهج الانفتاح ولا أقول الوصول إلى السلطة، والفرق بين الجانبين واضح. وأخطر ما يواجهه المؤتمر الوطني وهو الآن في السلطة هو اصراره على الانفراد بالسلطة واحتكارها انطلاقا من فكرة الرشد السياسي والقدرة على الحكم والقيادة التي يتراءى للمؤتمر الوطني أنه يتمتع بها دون الآخرين مسلمين وغير مسلمين. وقد أحسنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بأنها أعلنت أنه ليس لديها اتجاه في الوقت الحالي لتولي السلطة أو تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية من بين صفوفها على الرغم من كونها القوى الأكثر جاهزية في مصر للعب هذا الدور بعد غياب الحزب الوطني الديمقراطي الذي تطالب جماهير ثورة «25» يناير بحله وإبعاده من المنافسة الديمقراطية في مصر.
ومن أمثلة هؤلاء الاستاذ الراحل أحمد سليمان المحامي الذي كان من أبرز قادة الحزب الشيوعي السوداني واليسار، وهو صاحب رؤية وقناعة بدور المؤسسة العسكرية في السلطة، وذلك وفقا لرؤيته بأن الاحزاب السياسية السودانية لن تستطيع احداث التنمية المطلوبة، وهي أحزاب طائفية وله معها ومع اليسار من بعد ذلك خلافات سياسية معلومة، أو لطبع شمولي تطبع به الاستاذ أحمد سليمان منذ أن كان قائدا من قيادة الحزب الشيوعي السوداني ونظام مايو لمدة من الزمن. والمثال الآخر هو انخراط الجماعة السلفية ممثلة في أنصار السنه المحمدية في الجبهة الاسلامية القومية، ومثلهم شيخ الجماعة الشيخ الراحل محمد هاشم الهدية وآخرون، أما المتصوفة فحدث ولا حرج، وأبرزهم هو الشيخ عبد الرحيم البرعي شيخ الزريبة بكردفان وأبناؤه وطائفة من أهل التصوف في السودان شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
وقدم إلى إحدى الجامعات طالب ذي خلفية أنصارية وينتمي لقواعد حزب الأمة وتم تجنيده في صفوف الحركة الاسلامية ليصير بعد عام واحد رئيسا لاتحاد الطلاب بالجامعة وقائدا للاتحاد العام للطلاب السودانيين الذي جري تأسيسه في الثمانينيات من القرن العشرين . ثم تولى بعد ذلك العديد من الملفات داخل السودان وخارجه بعد تخرجه من الجامعة.
وإذا كان هذا الانفتاح هو الايجابي لما له من فوائد وثمار على كافة الأصعدة، إلا أن بعضه كان سالبا ومضرا حيث التحقت بعض الكوادر والقيادات المستوعبة في الصف الاسلامي وأحدثت به ضررا بالغاً، وهي علي وجه التحديد الكوادر المايوية التي استفادت من تعاطف الإسلاميين معها في حقها في العودة الى الحياة السياسية عقب انتفاضة أبريل 1986م بعد أن تمت محاصرتها بواسطة القوى السياسية الاخرى وخاصة التجمع الوطني الديمقراطي الذي عمل على حرمانها من إعادة تنظيم نفسها لكونها امتدادا للاتحاد الاشتراكي المحلول وحرمانها كذلك من العمل السياسي والإعلامي، لكون تلك القيادات رموزا وبقايا للنظام مايو المباد .. وقد جاءت الكوادر المايوية ودخلت في المؤتمر الوطني وهي تحمل الحقد على الحركة الاسلامية التي تعتقد أن قيادتها وكوادرها قد قامت في السابق باختراقها والقضاء عليها من الداخل، وخاصة الأمين العام للحركة الشيخ حسن الترابي، وارادت ان تمارس ذات الدور وتنتقم لنفسها. وقد فعلت فعلتها في توسيع الشقة بين الاسلاميين عقب قرارات الرابع من رمضان، كما انضمت لرئيسها المخلوع جعفر نميري عقب عودته من الخارج، وقامت بترشيحه لرئاسة الجمهورية في انتخابات ما بعد المفاصلة بين الإسلاميين مباشرة، حيث سقط ولم يكن آبها للسقوط بعد أن حقق هدفه من ذاك الترشح في انتخابات غير تعددية.
ورغم هذا الجانب السلبي الذي أشرنا إليه.. فقد حققت الحركة الاسلامية من خلال مسيرة الانفتاح الطويلة جملة من المكاسب اولها التحول من حركة صفوية منغلقة على نفسها إلي تيار واسع، ثم جبهة عريضة حافلة بالعديد من التحالفات والتواصل مع بقية القوى السياسية كافة من أجل المصلحة الوطنية العليا. ثانيا الوصول الى واجهة القيادة في المجتمع وطرح المشروع الاسلامي كخيار امام الشعب من غير أن تكون الرؤية المتصلة بهذا المشروع هي رؤية خاصة بالحركة الإسلامية، وذلك لوجود مسلمين آخرين في الساحة الوطنية معنيين بالعمل الإسلامي مباشرة، ولوجود غير المسلمين الذين كفل لهم الإسلام حقوقا دينية وسياسية، وفرض على المسلمين صون هذه الحقوق ورعايتها. ثالثا: تمكنت الحركة الإسلامية من البقاء في السلطة من خلال منهج الانفتاح ولا أقول الوصول إلى السلطة، والفرق بين الجانبين واضح. وأخطر ما يواجهه المؤتمر الوطني وهو الآن في السلطة هو اصراره على الانفراد بالسلطة واحتكارها انطلاقا من فكرة الرشد السياسي والقدرة على الحكم والقيادة التي يتراءى للمؤتمر الوطني أنه يتمتع بها دون الآخرين مسلمين وغير مسلمين. وقد أحسنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بأنها أعلنت أنه ليس لديها اتجاه في الوقت الحالي لتولي السلطة أو تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية من بين صفوفها على الرغم من كونها القوى الأكثر جاهزية في مصر للعب هذا الدور بعد غياب الحزب الوطني الديمقراطي الذي تطالب جماهير ثورة «25» يناير بحله وإبعاده من المنافسة الديمقراطية في مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق