الأربعاء، 9 مارس 2011

وسقط جهاز أمن الدولة

9
الأمن يعني الامان، الاستقرار، السلام، الطمأنينة، حوّلت الى كابوس عندما التصق معها جهاز فصارت هي الخوف، القلق، الموت، العذاب، التنكيل، الاحتقار، الخطف، السحل، ضيق المكان، ظلام، المهانة. اذا قيل لك في مصر جهاز أمن الدولة فالرد على طول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وتسير رياح الثورة المباركة 52 يناير لان الشباب ما زال يحرسها حتى لا تقطف او يلتف حولها. اقيلت الحكومة برموزها الموالية فحسني مبارك سيء السمعة. وتم اختيار او تكليف رئيس وزراء خاطب الشباب بميدان التحرير رمز الحرية والكرامة والصمود، قائلاً: استمد شرعيتي منكم ومن ميدان التحرير فحملته الجماهير الثائرة على الاكتاف وكأنه عريس.
إن الثورات حالة استثنائية حالة طارئة وثورية. ولذا كان لا بد من تطهير المؤسسات او اصلاحها عاجلاً. ولذا كان الزحف المقدس نحو مقار جهاز أمن الدولة وتأمين المستندات والملفات من اولئك الذين ساموا الناس العذاب. عندما علموا ان الثورة ماضية ومحروسة خافوا على خزيهم وعارهم وفكروا وقدروا ان لا مفر من ابادة المستندات وحرقها. فدخلت عليهم الجماهير بقوة الارادة والعزيمة واستلمت ما تبقى من مستندات.
قال أحد العلماء المسلمين ان الله يكره جهاز أمن الدولة، لان الحديث يقول: «ان الله يكره فلان فاكروه» وان شعب مصر كله يكره جهاز أمن الدولة. لماذا لانه كان دولة داخل دولة، ولأنه فاشل، منحرف وهو حاكم مصر. يستدلون على ذلك بالآتي:-
1- الجهاز يسيطر على مفاصل الدولة، فلا توجد وزارة أو مؤسسة لا وبها جهاز أمن الدولة.
2- التعيين للوظائف العليا بل الدنيا لا يتم الا بموافقة جهاز أمن الدولة حتى وظيفة المأذون من صلاحيات جهاز أمن الدولة.
3- الجامعات والمعاهد العليا الحركة فيها والسكون من جهاز امن الدولة.
4- الاحزاب السياسية لكل النشطاء بها ملفات وحتى منظمات المجتمع المدني.
5- لا بد من الحصول على موافقة أمنية وهي الموالاة للنظام والغرب الحاكم.
6- الفساد المالي والاخلاقي وانتهاك حرمات الناس والتعدي على حقوقهم واخص خصائصهم.
7- الخطف والاعتقال لسنوات طويلة دون ان يجرأ أحد بمجرد السؤال لماذا أنا هنا. فنون في التعذيب لا يعلمها الا الله بسحل القتل. احتقار القضاء، يطلق سراح المعتقل تبرأ ساحته امام العدالة. ثم يخرج واهله معه ولكنه يأخذ عنوة من أمام أهله وأسرته واطفاله وزوجته بحجة إن الأمن له اجراءات. ثم أن رائداً في جهاز الأمن فوق لواء في الشرطة بل يرأس المحافظ ورئيس الشرطة بالمحافظة انه جهاز اسطوري دولة داخل دولة. ويكفي ان المخابرات الاميركية ترسل بعض الموقوفين لجهاز أمن مصر للاستجواب وعندما طلب من عمر سليمان ان يأخذ دماً من أحد أقرباء أيمن الظواهري للمطابقة مع أحد الموتى الذين ظنوا انه ايمن الظواهري قال الرجل لهم: «نقطع ذراع أحد أقاربه ونبعثها لكم دافئة» هكذا. كما جاء في بعض القصائد اسمعتم بالانسان تنفخ بطنه حتى يصير كالبالون، أسمعتم بالانسان تضغط رأسه حتى يقول أنا المسيء خذوني، ثم الافظع إجبار المساجين على ممارسة الفاحشة هكذا مورست مع جماعة الاخوان المسلمين.
من الممارسات العجيبة والمنحرفة استدراج المساكين وفتح ملفات لهم وابتزازهم والاعتداء على أموالهم بل أعراضهم.
ولكن رغم ذلك كله ترى هناك وجهات نظر أخرى تقول الانباء على الجهاز واعادة هيكلته ومحاسبة المسؤولين فيه وتقديمهم الى العدالة لا سيما اولئك الذين اصدروا التعليمات بحرق الملفات لانها ملك لشعب مصر.
لقد اتضح ايضاً انهم يمارسون الابتزاز مع الوزراء الكبار من وزير الخارجية الى أصغر محافظ. الكل ترتعد فرائصه من الامن حتى قال أحدهم هؤلاء لا علاقة لهم بالبشر او كما قال الاديب الطيب صالح من أين أتى هؤلاء؟
قال أحدهم في صالون ابراهيم عيسى بقناة الجزيرة ان احد الذين أوقفهم جهاز امن الدولة دخل وعمره ثمانية عشر سنة أكمل الجامعة وحضر الماجستير داخل السجن وخرج بعد أن شاب رأسه.
إن الصفات هي هي والافعال هي هي وربما يتبادلون التجارب والتدريب والكل ينهل من جهاز امن مصر. فعندنا مثلاً في السودان قد حل جهاز الامن العام عام 4691م عقب ثورة أكتوبر بمطالبة من الجماهير وتكرر ذات السيناريو في ثورة ابريل 5891م الانتفاضة ضد أمن نميري وكان مطلب الثوار آنذاك حل جهاز الامن، بل لولا تدخل الجيش لاقتحمت الجماهير مباني الجهاز ولكنها ذهبت الى كوبر واطلقت السجناء، يرى بعض أهل الاختصاص ان حل الجهاز كان له آثار سالبة إذ ان البلد صارت مرتعاً لكل مخابرات الدنيا.
من أهم واجبات الدولة المحافظة على كيان الامة وحماية وحدتها أرضاً وشعباً ومواردا مع الابقاء والمحافظة على هويتها وتوفير الحماية وتحقيق الامن وصيانة الاموال والممتلكات والتأمين من الاخطار داخلية كانت أو خارجية. وهذا من مقاصد الشريعة الاسلامية الخمسة «الدين، النفس، والعقل، والنسل والمال». اذا سلمنا ان دولة مصر هي دولة علمانية محاطة بالقوى الكبرى اميركا ومخابراتها كما لها رجال في مصر امثال حسني مبارك المخلوع وعمر سليمان ذراع مبارك ورجل اميركا واسرائيل. قد تجد العذر لهم لانه لا يوجد ضابط الدين هناك. أما السودان فانه ما زال يدعي ان لا خيار له سوى المشروع الحضاري.
فان المشروع الحضاري أساسه الانسان المؤمن والعامل بمقتضى الشريعة السمحاء، وهذا يستدعي ان يتم اختيار رجل الامن على اساس الدين والاخلاق والتقوى لان ضعاف النفوس يستغلون السلطة المطلقة والسلاح المصاحب لترويع الآمنين ويستعمل التجسس على الابرياء وقد يفشل الجهاز في تنفيذ مهامه بسبب أفراده أو ضعف تدينهم أو حتى إنعدام أخلاقهم هنا لا بد ان تتوفر الامانة والتقوى «ان خير ما استأجرت القوي الامين» سورة القصص. ثم التواضع وعدم الغرور والصدق في القول والعمل «يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» الحجرات.
أقول ذلك وقد كتب مشيداً بخطاب رئيس الجهاز وهو يتولى قيادته وقد استشرد بخطاب سيدنا ابو بكر الصديق قائلاً الضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له والقوي ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ولا تأخذ الناس بالظنون والشبهات. وان يكون الجهاز اماناً للخائف وعندها قلت نحن معك والرجل كما يقول أهل السودان يمسك من لسانه.
إن حديث الناس عن الفتاة التي قيل إنها اغتصبت من قبل ثلاثة أفراد من رجال الامن كما جاء بالصحف وبعض المواقع الالكترونية يستدعي تكوين لجنة سريعة لمعرفة الحقيقة. هذا جهاز دولة الشريعة، ثم المدينة تتحدث عن اعتقال نساء لمدة ستة أيام داخل منزل يحرسه افراد من الجهاز هذا أيضاً يستدعي تكوين لجنة سريعة.
اما تصرفات بعض منسوبي الجهاز مع بعض المعتقلين يحتاج الى وقفة. والاعتقال في الساعات المتآخرة بالليل مع وجود أفراد مدججين بالسلاح مسألة خطيرة وقد يفعلها آخرون بقصد تصفية حسابات فلماذا لا يكون نهاراً التوقيف وبمستندات ثم يتحدث الناس عن اساءات والفاظ جهوية تحتاج الى وقفات ووقفات. والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق