الاثنين، 7 مارس 2011

الثورات العربية والدوائر الجهنمية

أي
٭ لم أعلق على الثورات العربية التي قامت ضد الأنظمة الشمولية العسكرية الباطشة، لم يكن ذلك استهواناً من شأنها، ولكن من اشفاقي عليها، لا شك ان الانظمة العربية الباطشة قتلت كل شيء في المنطقة العربية، أولاً قتلت البيئة بكل معانيها، البحار والأنهار التي كانت نظيفة جعلتها مصباً للنفايات القادمة من المناطق الصناعية، قتلت الخضرة في الاشجار وحطمت النتؤات في الجبال، أما في الجانب الانساني فقتلت فيه الروح بما تحمل من مرح وفرح، وتفكير سلس في العقول، إن الابداع العربي مات يوم ان استلمت الطقم العسكرية السلطة منذ جمال عبد الناصر 2591 وحتى آخر ضابط استلم السلطة في أي من البلاد العربية، ويمكنكم مقارنة الابداع ما قبل التسلط من شعر ونثر وطرح للفكر وما بعد التسلط.
أما قضيتنا الاسلامية العربية المحورية وهى قضية فلسطين فضاعت نهائياً ما بين الملكية العربية الفاسدة والانظمة العسكرية الباطشة، والنظامان عملة واحدة ولكنها تحمل واجهتين «طُرة وكتابة» كيف كانت فلسطين في زمن السلطان عبد الحميد حتى عام 2291م وكيف كانت في عهد هذه الانظمة الطاغوتية ، السلطان عبد الحميد عندما راوده اليهود حول فلسطين قال قولته المشهورة أقطع اصبعي اذا إمتد ليعطيكم فلسطين، ولكن اذا قدر لملكي أن ينهار فسوف تأتيكم فلسطين مجاناً! وهذا ما حصل فقد جاءتهم فلسطين مجاناً لماذا؟.
لأن السلطان التركي عبد الحميد يعرف العرب حوله معرفة تامة، يعرف شرهم في حب الدنيا بما في ذلك السلطة والنساء والمال اعني بذلك الحكام وليس الشعوب. فعندما حانت لهم الفرصة في الحكم راودهم اليهود ومن شابههم من النصارى وكان ما كان من خلافات داخلية وهمية وحروب عبثية حتى كان التراجع المشهود في حزيران 7691، أما من التطور الصناعي في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين الذي عم اوربا وبعض دول آسيا فلم يكن للعرب فيه نصيب لأن الانظمة العربية الغاشمة كانت على صدور العلماء وهم تحتها يئنون فكيف يبدعون؟
والعلماء الذين في كنف السلطة كيف يبدعون والمال عند السلطان والسلطان يركزه على حمايته الامنية والعسكرية وما تبقى لنزواته ورشوات لزبانيته والبحث العلمي دون مال يبقى كالمقال الذي يكتب في (الجورنال) تقرأه في الصباح وتكبه في صندوق القمامة في المساء. إذن لا خلاف أن النظم الدكتاتورية لا بواكي لها، والدليل على ذلك إنسحاب معظم القيادات التي كانت تدعم الدكتاتورية سواء في تونس أو مصر أو ليبيا والبقية تأتي وانضمامها الى الثوار، لأنه واضح جداً كانوا يعملون ضد قناعاتهم إما خوفاً أو طمعاً، وهذا المنوال سوف يتكرر، وحتى اذا حصل هذا الطوفان في بلادنا سوف ترون رؤوساً كباراً يعتذرون اليكم عندما يرجعون اليكم. لذلك نقول ونقول على الحكام ان يتدثروا بالعدل ويمكن الجمع بين حكم الفرد والعدل، اعتقد يمكن للطاغية ان يكون عادلاً، حتى فرعون عندما جاءه موسى طلب المشورة من شعبه، وحتى ملكة سبأ طلبت المشورة من شعبها عندما جاءتها رسالة من سيدنا سليمان عليه السلام. ولكن للاسف (طُغاة العالم العربي) حتى حق المشورة لا يعطونه لشعوبهم واذا ما إستشاروا يستشيرون الذين يتخلون عنهم في اقرب لفة، وما صدام حسين منا ببعيد.
بعد كل هذا الكلام لي تخوف كبير ظل يراودني منذ سقوط النظام التونسي الكافر الذي كان يمنع الناس من الصلاة التعبدية غير الفريضة في المساجد، التخوف هو سرقة هذه الثورات من الدكتاتورية. والامثلة في ذلك كثيرة، في بداية القرن العشرين انتفض العرب ضد الاتراك واذا كان السلطان عبد الحميد بارا بفلسطين كما ذكرنا فإن نظامه كان فاسداً ظالماً باطشاً فعندما قام العرب ضده بثورتهم بزعامة الشريف حسين ووعدوا من الاوربيين بحكم مستقل، فسهلوا على الغزاة السيطرة على تركيا ولكن العرب فوجئوا بانتفاضة سايكس بيكو في نهاية الحرب العالمية الاولى وهما وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا وهى الاتفاقية التي قسمت العالم العربي ما بين بريطانيا وفرنسا وايطاليا وامريكا فيما بعد، وكذلك انتفاضة الشعب السوداني في اكتوبر 46 وبعدها 5891م والتي لم يذكرها ذاكر ولم يشد بها مشيد، ولم يدر حولها حديث عندما يذكر الاعلام أن ثورة تونس اول ثورة عربية، اين الاخوة العروبيين ليعرفوا أنهم لن ولم يكونوا في يوم من الايام في اللائحة العربية، بدليل لم يذكر شيئ عن ثورتي اكتوبر وابريل الثورات الاولى ضد الانظمة العربية ولكن ورشاش السوداني عند الآخرين صيف قاحل يا ليت قومي يعلمون؟ المهم الخوف كل الخوف ان تسرق هذه الثورات ويبدو ان الشعوب فهمت الدرس بعض الشيء، ففي مصر لا زال الثوار يحرسون الثورة في ميدان التحرير وكذلك تونس فيجب الزيادة في الضغط على المجالس العسكرية التي تتسلم زمام الامور من الدكتاتوريين لأن الفرق بينهما كمن يستطيع ان يميز الاسود من الابيض عند الفجر خاصة للذي صحى من النوم فجأة.
ثانياً: يجب مطالبة الدول الغربية بوقوفها صراحة من الانظمة الديمقراطية ووجوب وقوفها ضد الانظمة الدكتاتورية المتبقية والا يجب تهديد الغرب مباشرة بالوقوف ضد مصالحه في الوطن العربي.
ثالثاً: وجوب استرداد الاموال التي نهبها الحكام والغرب يعرف ان الحكام كانوا يتلقون رواتب فلا يمكن ان تكون هذه الرواتب مليارات ممليرة، لابد من إعادة هذه الاموال لأنها إن لم تعاد فسوف يحارب بها الحكام الساقطون شعوبهم مرة أخرى. الغرب سرق خيراتنا في السابق واستعمرنا بها والآن الغرب يحمي مسروقاتنا التي نهبها الحكام ليحاربوننا بها مرة أخرى، يجب ان تتوقف دائرة اللهب الحمراء التي يديرها الغرب.
رابعاً: لابد للثوار ان يفهموا أنه ليست لمصلحة الثورات الآن ان تعادي الغرب ولا يجب إستفزازه بالمشاريع التي تثير حفيظته وحُسناً فعل الاخوان المسلمون في مصر بإنزوائهم بعيداً عن الثورة بالرغم أنهم ليسوا ببعيدين عنها، وحسناً فعلاً الغنوشي برغبته في الاستقالة ليفتح لمجال لآخرين مع قناعتي التامة وبكل هدوء سيفوز الاسلاميون بالديمقراطية إن هم صبروا قليلاً، ولكن مع التدرج مع الغرب حتى يساق سوقاً لليوم الموعود الذي سيشارك فيه المسلمون وليس الاخوان المسلمون.
أهنيء من اعماق قلبي الثورات الشبابية ضد الظلم في كل مكان ولكن أيضاً قلبي عليكم خوفاً من سرقة قلوبكم التي تحمل الضمائر الحية عندها سنكون شعوباً بلا ضمائر ولا قلوب حية وقتئذٍ سيعود الظالمون بأقوى مما كانوا... وربنا يستر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق