الرأي22(الأرشيف) |
٭ ومازال الحديث يتكاثر في الصحافة السودانية حول حديث رئيس الجمهورية أمام قطاع الشباب والطلاب بالمؤتمر الوطني بإنشاء مفوضية لمحاربة الفساد، والفساد مربوط بكل الانظمة الحاكمة أيا كان نوع هذه الانظمة المعروفة، والحديث عن الفساد في السودان وفي حكوماته المتعاقبة ان كانت ديمقراطية أو عسكرية لم يرق في يوم من الايام ليكون حدثاً توثقه الصحافة ومراكز الدراسات حول رموز تلك الانظمة التي كانت تمتلك القرار السياسي في ذلك الوقت، وما يتاح لها من تلك المواقع ان تتدخر شيئاً لنفسها عندما يدور الزمان ويجيء بآخرين في قمة السلطان.
والواقع في السودان يشير الى شُح الامكانيات التي تجلب الموارد المالية، فلهذا كانت العفة التي يتمتع بها المسؤولون في السودان من شيماء اهل البلد، بالاضافة إلى أن ضيق ذات اليد وقلة الموارد في السودان تجعل قضية الفساد لا تأخذ الحيز المطلوب داخل أجهزة الإعلام ومجالس الأنس في المدن والقرى والملتقيات الاجتماعية.
واذا عدنا الى الوراء فإن الزعيم اسماعيل الازهري مات وبيته مرهون، ورغم أن بيته هذا الموجود الآن في ام درمان لا يقارن بأى بيت لشاب الآن يصول ويجول، ولا يعرف عن تاريخ السودان الحديث شيئاً، ناهيك عن تاريخ السودان القديم.
وكان الحديث بالمثل لا يدور عن الرئيس الأسبق المرحوم جعفر نميري، ولكن كان هناك حديث عن زوجته بثينة خليل، عن كثرة ثيابها فقط، ولم يكن هناك حديث عن المقتنيات من المجوهرات الثمينة أو القصور أو المنتجعات.
ولكن الأمر قد يختلف في عهد الإنقاذ الوطني «9891ــ 1102م» وكما ذكرنا فإن الفساد أمر يتعلق بكل الانظمة التي تحكم، ولم يخل أى نظام من تهمة الفساد ان كان في نظام رئاسي او برلماني أو ملكي او جماهيري كما تزعم القيادة الليبية التي يحاصرها الطوفان «الجماهيري» من أجل إنهاء ذلك الحكم الذي استمر لاكثر من اربعين عاماً.
واذا نظرنا الى حكومات «الانقاذ الوطني» التي تعاقبت في تلك الفترة من 98 ــ 1102م وحتى الآن، فلم تكن تهمة الفساد بعيدة عن القيادات العليا والمتوسطة والصغيرة، والتهمة لا يسندها اساس في كل الاحاديث، وترجع الى سبب واحد هو أن معظم كوادر الحركة الاسلامية التي ساندت ثورة الانقاذ الوطني كانت من جموع الطلاب والمعلمين وصغار الموظفين وأهل الدعوة، ولم تعرف الحركة الإسلامية قيادات ذات ثراء واسع، وكانت تعتمد في أنشطتها على اشتراكات العضوية، أو بعض الدعم الذي يأتي من الخارج للدعوة أو لإنشاء بعض المؤسسات ذات الصلة بالتنمية الاجتماعية أو البشرية.
وبالتالي فإن أي نوع من أنواع الثراء يظهر على أحد أعضاء الحركة الإسلامية من كوادرها العليا او الوسيطة أو الدنيا، يجعل مجالس المدينة تبدأ همساً بهذا التغيير الذي طرأ على فلان هذا، والامر قد يكون واضحاً أو بيناً، لأن فلاناً تاريخه معروف لدى الجميع اذا كان في ولايته أو وسط زملائه في الجامعة أو في مواقع العمل، وتبدأ الاسئلة تتصاعد الى ان تصل الى شبه إجماع على ان الأمر خرج عن التطور العادي، الى أمر ترفع فيه الحواجب دهشةً.
و«الإنقاذ» بدأت عفيفة وهى تحاول جاهدة أن تغطي مواردها واحتياجاتها أو قل اولوياتها، لكن الميزانية بدأت مثل غطاء مصعب بن عمير، ان غطى الرأس انكشفت الساقان، واذا غطى الساقين انكشف الرأس. وظلت على هذه الحالة وهى تحاول أن تجد الحلول، الى ان جاء استخراج البترول، وهنا جاء الفارق بين الحقب السياسية الماضية وحقبة «الإنقاذ» بعد استخراج البترول. وهذه مرحلة يمكن ان يفرد لها حديث من أهل الاختصاص، باعتبار ان النفط وفر موارد اضافية لم تكن متاحة للحقب السياسية السابقة، وبالتالي ان كانت هناك تهم للفساد فإن البعض يعتبرها تبدأ من هذه المرحلة، باعتبار أنه يوجد ما يدعو لها اكثر من فترة الانقاذ الاولى، أو قبل استخراج البترول.
والسؤال المطروح: هل ناهضت الإنقاذ عمليات فساد خلال فترتها الاولى والثانية في فترة الجمهورية «الاولى»؟ وهل تريد الانقاذ بإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد في هذه الفترة حتى تذهب الى الجمهورية «الثانية» وهى اكثر نقاءً وشفافيةً، وتفتح صفحةً بيضاء خاليةً من التجاوزات والاعتداءات على المال العام، ام ان الامر مجرد احتياطات للاستفادة من العبر التي كشفتها الثورات في مصر وتونس والآن ليبيا.
هذه الأسئلة أيضاً إجاباتها تأتي لاحقة، وربما يجيب عنها إنشاء مفوضية محاربة الفساد وإنجازاتها خلال الستة أشهر الاولى أو السنة الاولى، لأن عمليات التحري والتقصي في مثل هذه الامور قد تأخذ شهوراً وسنوات، وبعضها لا ينتهي حتى بعد نهاية الدورة الرئاسية للبشير في عام 5102م.
ولكن سننظر في تاريخ «الإنقاذ الوطني» في محاربة بعض الأشياء التي قد تدخل بكاملها او جزء منها ما يعرف بالفساد في نظر العامة.
ولعل أولى هذه القضايا هى قضية «الدواء» التي أثيرت داخل المجلس الوطني في سنوات «الإنقاذ الوطني» الاولى، وكانت اسئلة قد طرحت حول فعالية دواء الملاريا في ولاية الجزيرة التي كانت تعاني في تلك الفترة «حميات» انتشرت وسط اهالي الجزيرة، وكان وقتها المحامي أمين بناني هو رئيس لجنة الحسبة والمسؤول الأول عن هذا الملف، وجاءت نتائج التحقيقات مشيرة الى شركة كبيرة وصاحبها اسلامي، وكما ذكر لي الاستاذ بناني وقتها فإنه ذهب الى قيادي كبير في الحركة الاسلامية، واشار الى نتائج التحقيق التي تشير الى تلك الشركة وصاحبها الاسلامي، فلم يكن من ذلك القيادي الاسلامي إلا أن وجه بناني الى ان يذهب الى النهاية، واينما وقع «السيف» سيف التحقيق فليقع، ما دام الأمر مرتبطاً بالناس.
وهذه الحادثة تشير الى حديث الرئيس البشير امام الطلاب، بأن المفوضية لن يتم تكوينها من «إخوان مسلمين» حتى لا يُقال ان هؤلاء يدارون عن المفسدين من إخوانهم.
وحادثة الدواء والاتهامات تشير إلى شركة مديرها «إسلامي» والمحقق فيها إسلامي «بناني»، وذلك القيادي الذي وجه بالاستمرار الى نهاية الأمر «إسلامي»، وبالتالي فإن تخوف الرئيس ليس في محله، لأن الحركة الاسلامية اذا اصبحت مثل ما اشارات تخوفات الرئيس فإنها لم تعد حركة اسلامية، وإنما يمكن أن نطلق عليها أى اسم آخر.
ولعل من القضايا التي أُثيرت في وقت سابق ووجدت حظاً في الصحافة السودانية، قد ارتبطت بالدكتور علي الحاج واللواء «م» سيد الحسين الذي شغل منصب والي كردفان الكبرى، ثم بعد ذلك أصبح مديراً تنفيذياً لطريق الإنقاذ الغربي.
واللواء سيد الحسين عبد الكريم كان مديراً لمكتب الفريق فتحي أحمد علي رئيس هيئة الأركان قبل ثورة الإنقاذ الوطني، وبعد قيام الثورة قيل إن اللواء سيد الحسين كان ضمن فريق الانقلاب من خلال وجوده في مكتب رئيس هيئة الأركان، وكان له دور فعَّال في إنجاح الإنقاذ، وبعد فترة تم تعيينه والياً لكردفان الكبرى قبل أن تقسم لثلاث ولايات. ومن الأشياء الجميلة التي نفذها سيد الحسين أنه يأخذ حكومته ويذهب بها الى المسجد الكبير في مدينة الابيض، ويناقش قضايا الجمهور مباشرة، ويوجه الوزير المختص بالاجراءات اللازمة تجاه تلك القضايا. وكتب عنه الشهيد محمد طه محمد أحمد حلقات عن أدائه في صحيفة «الإنقاذ الوطني» تحت عنوان «عصفور النار» وكان اسماً لأحد المسلسلات التي عرضت في تلفزيون السودان في ذلك الوقت.
ولكن محمد طه كتب حلقات أخرى هاجم فيها سياسات اللواء سيد الحسين، عندما اشارات بعض التقارير الى عملية فساد مالي، واتضح بعد ذلك أنه لم يكن فساداً وإنما هو تقدير في ترتيب الاولويات، حسب ما أشار الى ذلك مسؤول نافذ في ذلك الوقت.
ثم أُثيرت شبهات حول طريق الإنقاذ الغربي ودخلت القضية البرلمان، وبعدها قال علي الحاج قولته المشهورة «خلوها مستورة»، ويبدو أن التحقيقات في هذا الأمر لم تشر الى اتهامات تجاه شخص محدد، وإنما مديونيات لدى رجل الأعمال الراحل آدم يعقوب، وقام أنجاله بجدولة الدفعيات المالية.
والقضية التي نالت حظها من الإعلام هى قضية «نجل» السيد شريف التهامي الذي تولى وزارة الري بعد المهندس يعقوب أبو شورة، وهى قضية العطاء الذي ناله ابنه، وادى الى حديث سمع خارج الوزارة بين الوزير شريف التهامي ووزير الدولة عصام صديق حول هذا الموضوع، وبسببه تقدم وزير الري شريف التهامي استقالته من المنصب درءاً لتلك الشبهات.
وخرج شريف التهامي من الوزارة ودخل زوج ابنته وزيراً ثم مستشاراً لرئيس الجمهورية، بصفته رئيساً لاحد أحزاب الامة المنشطرة.
ولعل هذه أبرز المحطات لأحداث شابتها رائحة فساد خلال مسيرة الإنقاذ، وأخذت حظها من الإعلام في بعض جوانبها، أما ما لم يظهر في وسائل الإعلام فالله به أعلم، هذا إذا لم نأخذ قضية المحافظ عبد الله النحيلة الذي عمل في سنجة والقضارف وطالته بعض الاتهامات، وفسرها البعض بأنها محاولة لاغتيال شخصية سياسية كان يمكن أن تسهم في العمل العام.
وحتى لا يبقى الهمس جهراً حول الفساد، فإن المفوضية يجب أن تكوَّن سريعاً وتبدأ عملها، حتى تنجز أعمالاً يراها الشعب السوداني قبل أن تنتهي ولاية الرئيس البشير في عام 5102م.
والواقع في السودان يشير الى شُح الامكانيات التي تجلب الموارد المالية، فلهذا كانت العفة التي يتمتع بها المسؤولون في السودان من شيماء اهل البلد، بالاضافة إلى أن ضيق ذات اليد وقلة الموارد في السودان تجعل قضية الفساد لا تأخذ الحيز المطلوب داخل أجهزة الإعلام ومجالس الأنس في المدن والقرى والملتقيات الاجتماعية.
واذا عدنا الى الوراء فإن الزعيم اسماعيل الازهري مات وبيته مرهون، ورغم أن بيته هذا الموجود الآن في ام درمان لا يقارن بأى بيت لشاب الآن يصول ويجول، ولا يعرف عن تاريخ السودان الحديث شيئاً، ناهيك عن تاريخ السودان القديم.
وكان الحديث بالمثل لا يدور عن الرئيس الأسبق المرحوم جعفر نميري، ولكن كان هناك حديث عن زوجته بثينة خليل، عن كثرة ثيابها فقط، ولم يكن هناك حديث عن المقتنيات من المجوهرات الثمينة أو القصور أو المنتجعات.
ولكن الأمر قد يختلف في عهد الإنقاذ الوطني «9891ــ 1102م» وكما ذكرنا فإن الفساد أمر يتعلق بكل الانظمة التي تحكم، ولم يخل أى نظام من تهمة الفساد ان كان في نظام رئاسي او برلماني أو ملكي او جماهيري كما تزعم القيادة الليبية التي يحاصرها الطوفان «الجماهيري» من أجل إنهاء ذلك الحكم الذي استمر لاكثر من اربعين عاماً.
واذا نظرنا الى حكومات «الانقاذ الوطني» التي تعاقبت في تلك الفترة من 98 ــ 1102م وحتى الآن، فلم تكن تهمة الفساد بعيدة عن القيادات العليا والمتوسطة والصغيرة، والتهمة لا يسندها اساس في كل الاحاديث، وترجع الى سبب واحد هو أن معظم كوادر الحركة الاسلامية التي ساندت ثورة الانقاذ الوطني كانت من جموع الطلاب والمعلمين وصغار الموظفين وأهل الدعوة، ولم تعرف الحركة الإسلامية قيادات ذات ثراء واسع، وكانت تعتمد في أنشطتها على اشتراكات العضوية، أو بعض الدعم الذي يأتي من الخارج للدعوة أو لإنشاء بعض المؤسسات ذات الصلة بالتنمية الاجتماعية أو البشرية.
وبالتالي فإن أي نوع من أنواع الثراء يظهر على أحد أعضاء الحركة الإسلامية من كوادرها العليا او الوسيطة أو الدنيا، يجعل مجالس المدينة تبدأ همساً بهذا التغيير الذي طرأ على فلان هذا، والامر قد يكون واضحاً أو بيناً، لأن فلاناً تاريخه معروف لدى الجميع اذا كان في ولايته أو وسط زملائه في الجامعة أو في مواقع العمل، وتبدأ الاسئلة تتصاعد الى ان تصل الى شبه إجماع على ان الأمر خرج عن التطور العادي، الى أمر ترفع فيه الحواجب دهشةً.
و«الإنقاذ» بدأت عفيفة وهى تحاول جاهدة أن تغطي مواردها واحتياجاتها أو قل اولوياتها، لكن الميزانية بدأت مثل غطاء مصعب بن عمير، ان غطى الرأس انكشفت الساقان، واذا غطى الساقين انكشف الرأس. وظلت على هذه الحالة وهى تحاول أن تجد الحلول، الى ان جاء استخراج البترول، وهنا جاء الفارق بين الحقب السياسية الماضية وحقبة «الإنقاذ» بعد استخراج البترول. وهذه مرحلة يمكن ان يفرد لها حديث من أهل الاختصاص، باعتبار ان النفط وفر موارد اضافية لم تكن متاحة للحقب السياسية السابقة، وبالتالي ان كانت هناك تهم للفساد فإن البعض يعتبرها تبدأ من هذه المرحلة، باعتبار أنه يوجد ما يدعو لها اكثر من فترة الانقاذ الاولى، أو قبل استخراج البترول.
والسؤال المطروح: هل ناهضت الإنقاذ عمليات فساد خلال فترتها الاولى والثانية في فترة الجمهورية «الاولى»؟ وهل تريد الانقاذ بإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد في هذه الفترة حتى تذهب الى الجمهورية «الثانية» وهى اكثر نقاءً وشفافيةً، وتفتح صفحةً بيضاء خاليةً من التجاوزات والاعتداءات على المال العام، ام ان الامر مجرد احتياطات للاستفادة من العبر التي كشفتها الثورات في مصر وتونس والآن ليبيا.
هذه الأسئلة أيضاً إجاباتها تأتي لاحقة، وربما يجيب عنها إنشاء مفوضية محاربة الفساد وإنجازاتها خلال الستة أشهر الاولى أو السنة الاولى، لأن عمليات التحري والتقصي في مثل هذه الامور قد تأخذ شهوراً وسنوات، وبعضها لا ينتهي حتى بعد نهاية الدورة الرئاسية للبشير في عام 5102م.
ولكن سننظر في تاريخ «الإنقاذ الوطني» في محاربة بعض الأشياء التي قد تدخل بكاملها او جزء منها ما يعرف بالفساد في نظر العامة.
ولعل أولى هذه القضايا هى قضية «الدواء» التي أثيرت داخل المجلس الوطني في سنوات «الإنقاذ الوطني» الاولى، وكانت اسئلة قد طرحت حول فعالية دواء الملاريا في ولاية الجزيرة التي كانت تعاني في تلك الفترة «حميات» انتشرت وسط اهالي الجزيرة، وكان وقتها المحامي أمين بناني هو رئيس لجنة الحسبة والمسؤول الأول عن هذا الملف، وجاءت نتائج التحقيقات مشيرة الى شركة كبيرة وصاحبها اسلامي، وكما ذكر لي الاستاذ بناني وقتها فإنه ذهب الى قيادي كبير في الحركة الاسلامية، واشار الى نتائج التحقيق التي تشير الى تلك الشركة وصاحبها الاسلامي، فلم يكن من ذلك القيادي الاسلامي إلا أن وجه بناني الى ان يذهب الى النهاية، واينما وقع «السيف» سيف التحقيق فليقع، ما دام الأمر مرتبطاً بالناس.
وهذه الحادثة تشير الى حديث الرئيس البشير امام الطلاب، بأن المفوضية لن يتم تكوينها من «إخوان مسلمين» حتى لا يُقال ان هؤلاء يدارون عن المفسدين من إخوانهم.
وحادثة الدواء والاتهامات تشير إلى شركة مديرها «إسلامي» والمحقق فيها إسلامي «بناني»، وذلك القيادي الذي وجه بالاستمرار الى نهاية الأمر «إسلامي»، وبالتالي فإن تخوف الرئيس ليس في محله، لأن الحركة الاسلامية اذا اصبحت مثل ما اشارات تخوفات الرئيس فإنها لم تعد حركة اسلامية، وإنما يمكن أن نطلق عليها أى اسم آخر.
ولعل من القضايا التي أُثيرت في وقت سابق ووجدت حظاً في الصحافة السودانية، قد ارتبطت بالدكتور علي الحاج واللواء «م» سيد الحسين الذي شغل منصب والي كردفان الكبرى، ثم بعد ذلك أصبح مديراً تنفيذياً لطريق الإنقاذ الغربي.
واللواء سيد الحسين عبد الكريم كان مديراً لمكتب الفريق فتحي أحمد علي رئيس هيئة الأركان قبل ثورة الإنقاذ الوطني، وبعد قيام الثورة قيل إن اللواء سيد الحسين كان ضمن فريق الانقلاب من خلال وجوده في مكتب رئيس هيئة الأركان، وكان له دور فعَّال في إنجاح الإنقاذ، وبعد فترة تم تعيينه والياً لكردفان الكبرى قبل أن تقسم لثلاث ولايات. ومن الأشياء الجميلة التي نفذها سيد الحسين أنه يأخذ حكومته ويذهب بها الى المسجد الكبير في مدينة الابيض، ويناقش قضايا الجمهور مباشرة، ويوجه الوزير المختص بالاجراءات اللازمة تجاه تلك القضايا. وكتب عنه الشهيد محمد طه محمد أحمد حلقات عن أدائه في صحيفة «الإنقاذ الوطني» تحت عنوان «عصفور النار» وكان اسماً لأحد المسلسلات التي عرضت في تلفزيون السودان في ذلك الوقت.
ولكن محمد طه كتب حلقات أخرى هاجم فيها سياسات اللواء سيد الحسين، عندما اشارات بعض التقارير الى عملية فساد مالي، واتضح بعد ذلك أنه لم يكن فساداً وإنما هو تقدير في ترتيب الاولويات، حسب ما أشار الى ذلك مسؤول نافذ في ذلك الوقت.
ثم أُثيرت شبهات حول طريق الإنقاذ الغربي ودخلت القضية البرلمان، وبعدها قال علي الحاج قولته المشهورة «خلوها مستورة»، ويبدو أن التحقيقات في هذا الأمر لم تشر الى اتهامات تجاه شخص محدد، وإنما مديونيات لدى رجل الأعمال الراحل آدم يعقوب، وقام أنجاله بجدولة الدفعيات المالية.
والقضية التي نالت حظها من الإعلام هى قضية «نجل» السيد شريف التهامي الذي تولى وزارة الري بعد المهندس يعقوب أبو شورة، وهى قضية العطاء الذي ناله ابنه، وادى الى حديث سمع خارج الوزارة بين الوزير شريف التهامي ووزير الدولة عصام صديق حول هذا الموضوع، وبسببه تقدم وزير الري شريف التهامي استقالته من المنصب درءاً لتلك الشبهات.
وخرج شريف التهامي من الوزارة ودخل زوج ابنته وزيراً ثم مستشاراً لرئيس الجمهورية، بصفته رئيساً لاحد أحزاب الامة المنشطرة.
ولعل هذه أبرز المحطات لأحداث شابتها رائحة فساد خلال مسيرة الإنقاذ، وأخذت حظها من الإعلام في بعض جوانبها، أما ما لم يظهر في وسائل الإعلام فالله به أعلم، هذا إذا لم نأخذ قضية المحافظ عبد الله النحيلة الذي عمل في سنجة والقضارف وطالته بعض الاتهامات، وفسرها البعض بأنها محاولة لاغتيال شخصية سياسية كان يمكن أن تسهم في العمل العام.
وحتى لا يبقى الهمس جهراً حول الفساد، فإن المفوضية يجب أن تكوَّن سريعاً وتبدأ عملها، حتى تنجز أعمالاً يراها الشعب السوداني قبل أن تنتهي ولاية الرئيس البشير في عام 5102م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق