أخي دكتور نافع... تطاولنا في الجزء الأول من المحاولة التحليلية على الحزب الحاكم منتقدين الجمع بين القيادة السياسية والتنفيذية أو التشريعية للحد الذي يُفقد رقابة التنظيم على الحكومة بريقه المفترض حيث تتوحد شخصية المُراقِب )بكسر القاف (مع شخصية المُراقَب بفتحها ويضعف بالتالي الدور الرقابي للحزب ، بل يضحى الحزب في كثير من الأحيان (حصانة) تُضاف للحصانات المتعددة لأولئك القيادات بدلاً من أن يكون (رقابة) تُضاف للرقابات الأخرى فتتداخل مساحات الحزب بمساحات الحُكم في (تمكين) سياسي يقضي على القطاع التنفيذي والتشريعي كما قضى من قبل (التمكين) بالخدمة المدنية عليها... هذا التمكين تسبّب في ضعف مقدرات الحزب على التطوّر، أقلّه بالشكل الملحوظ فـ(تكلّست) كثير من القيادات بمقاعدها التنظيمية والتنفيذية والتشريعية وتعطّلت بسبب ذلك مقدرات التطوّر والتي برع فيها الحزب سابقاً في تطوّره التأريخي منذ جبهة الميثاق وما قبلها وفقد الحزب ومنذ فترة ليست بالقصيرة القدرة على خلق المبادرة وقيادتها فبعدا نيفاشا، ملتقى كنانة لحل قضية دارفور والثورة الزراعية لم يقود الحزب أية مبادرات حقيقية وفق ما عَّود به الشارع السوداني وحتى تلك المبادرات الثلاثة والتي خرجت فتية ومبشرة وشاحذة للهمم إلا أنها جميعها تكسرت على صخور التحجُّر التنظيمي لعدد غير قليل من القيادات كانت دوماً ترى بخلاف ما تراه تلك المبادرات وبخلاف ما يراه منظِّروها أخي د. نافع... لقد خلق الخالق الأراضين السبع والسموات السبع في ستة أيام وكان بمقدوره عزّ وجل أن يقول لها كُوني فتكون، وخلق لليوم الواحد بداية (تشرق) معها شمس صباحها وخلق له نهاية تغرُب معها شمسه وجعل لليوم ساعات قدرها أربع وعشرين ساعة لتتكرّر لنا الصباحات وكان له عز وجل أن يجعل للحياة الدُنيا صباح واحد ومساء واحد تنتهي به ومعه الحياة الدُنيا ولكنه قصد إرسال الإشارات التي يُفترض بنا فهمها والعمل بها علّ وعسى أن نصيب ما يُريد لنا إصابته من خير فـ (سُنّة) التجديد والتغيير فطرة بشرية وظاهرة كونية والحزبُ حالياً يحتاج إلى صباحات جديدة تعقُب مساءاته الكثيرة ويحتاج إلى تغيير حقيقي وملموس ومحسوس يُشبع تلك الفطرة البشرية ويتوافق مع تلك الظاهرة الكونية وهو تغيير مطلوب أن يمس الأشخاص والأفكار والبرامج حتى تتحرك عجلة الحزب وبالتالي عجلة الحكومة من جديد بروح تملأ النفوس بأمل يبحث عن الكثيرون بين أخبار القنوات الفضائية وما تنقله من ململات جماهيرية تحركها رغبات قاتلة بالتغيير... ولا نُنكر محاولات هنا وهناك لمحاولة إعادة الحياة في شرايين الفعل السياسي وآخرها مبادرة مستشارية الأمن القومي حول الحوار الوطني والتي أُعلن عنها قبل أيام قليلة ولكنها نفسها مهددة بمواجهة حرب داخلية يمكن أن تقُعد بها لو لم تعلو همة أصحاب المُبادرة برغم أهميتها وركونها للإستراتيجي والوطني أكثر ولكنها ومع المُهدّات الداخلية لا تعدو أن تكون أرضاً خصبة لزراعة ألغام الهدم فيها ... أخي دكتور نافع ... أفلحت الإنقاذ في تغيير نظرة الأجيال لشكل الإنتماء الطائفي وحاربت بشكل مدروس وملموس الطائفية والبرجوازية يقودها في ذلك قطاع كبير من قيادات الإنقاذ والذين جاءوا من عُمق الشارع السوداني حينها حتى أن كثيراً من قيادات الإنقاذ حينها ظلُّوا بمنازلهم بأطراف العاصمة القومية بمرزوق وأمبدة والحاج يوسف وغيرها مقدمين نموذجاً عملياً على النزاهة وعفة اليد ولكنها (أي الإنقاذ) وبمرور الزمان وفقدان القدرة تدريجياً على التطوّر تحولت هي نفسها إلى طائفية حديثة وأنشأت طبقة برجوازية جديدة حاولت أن تحل محل الطبقة البرجوازية التقليدية بالشكل الذي أخل بالبنيان الإجتماعي حيث لم تنشأ طبقة برجوازية حديثة بقدر ما تحولت طبقة بروليتارية إلى طبقة برجوازية، فأضحت طبقة بسمات طبقة أُخرى، والطائفية الحديثة والبرجوازية الحديثة خلقتهم أو أسهمت في خلق المزاوجة بين السياسي والتنفيذي والتشريعي فتم اختزال الهمَّ الوطني في الهمِّ الحزبي في الهمِّ الخاص لعدد من القيادات حتى صار الوطن على شفا جُرُفٍ هارٍ... نخشى أن ينهار بنا أخي د.نافع ... المزاوجة السياسية /التنفيذية والتشريعية فتحت مسامات الفساد فأخرجت أرض عدد من القيادات زُخرفها حتى إذا إزينت أتاها أمر الله ليلاً أو نهاراً... وتحوّل عدد من القيادات إلى فيل يطأ بلحظة شبقٍ خاصٍّ ما.. يحاول التنظيم جمعه في سنوات و(أُخوّة) التنظيم تحتم نصرة (الأخ) ظالماً أو مظلوماً لتأتي أهمية مراجعة نظرية (التمكين) السياسي وفصم عُرى العلاقة بين التنظيم والدولة ليستقيم التنظيم وتتقدم الدولة كسابق عهدها مع ضرورة وأهمية دراسة ومراجعة تأثيرات الحُكم على الحزب والعكس بعكسه مع وضع الكوابح الضرورية لجماح الشعور بالإنتماء كميزة يحاول البعض التدثُر بها لتمرير أجندات كثيراً ما تكون متقاطعة مع رؤية الحزب السياسية والفكرية والأخلاقية وتصبح كثير من (إضافات) الحزب عبارة عن (خصم) كبير من أرصدته السياسية لتبرُز أهمية سؤال: كيف سيكون حال الحزب (لو ) فقد الحُكم ..؟!!، وهو السؤال الذي يجب أن تُفرّغ له لجان لدراسته ووضع معالجات لما يُمكن حدوثه من تأثيرات سالبة بمسيرة الحزب بحال فقده لأفضلية الحُكم ورصد من سيكونون بسطحه بلحظة الطفو والغرق..!! أخي دكتور نافع ... كثير من المياه تجري تحت جسر التنظيم من خلال متابعاتنا كقُرّاء ومهتمين للشأن العام وفي المشهد ما حدث مؤخراً بين السيد عبدالحميد موسى كاشا ووزارة الخارجية أو ما بين وزير الدولة بوزارة الصحة ووكيل الوزارة وغيرها من أحداث تتناقلها الصُحُف وتقتلها التقارير والتحليلات بحثاً، وهي لا يُمكن أن تُقرأ بمعزل عن خلل ما بداخل التنظيم، فبرغم أن ما حدث هنا وهناك في إطار الخلاف حول الصلاحيات والسُلطات الحكومية إلا أن قُوة الحزب وقُوة أجهزته هي وحدها التي تعيد الأمور إلى نصابها... فما يحدث هنا وهناك يُشير إلى أن الأرض تحت أقدام قيادات التنظيم ليست بالقُوة التي تصورها الأجهزة التنظيمية ولكنها تحوي قليلاً من هشاشةٍ وكثيراً من مخاطر تُهدّد قوة الحزب مستقبلياً... فرجاء...رجاء... رجاء تحسس تحت أقدامك... والله المُستعان |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق