٭ لا اود الدخول في مناقشة ايهما الاجدر بالاولوية الاصلاح السياسي او الاقتصادي لأنه سوف يتحول لحوار المغالطة التاريخي (البيضة قبل الفرخة ام الفرخة قبل البيضة)!! لأن المرحلة الحالية التي تمر بها بلادنا لا تتحمل مثل هذا النقاش ...؟!
٭ فاليوم نجد ان اغلبية اهل السودان منذ مطلع العام محبطين بسبب ظهور نتيجة الاستفتاء بأغلبية (98%) والتي ادت لانفصال الجنوب في يوليو الماضي والتي سبق ان حذر السيد/ رئيس الجمهورية من انها سوف تكون كارثة اذا لم يتحقق معها السلام الدائم بين الدولتين. وللاسف هذه الكارثة حدثت بالتمرد الجديد في جنوب كردفان ثم النيل الازرق هذا بخلاف ما نسمعه من اقتتال بين بعض القبائل الجنوبية ازهق الآلاف واصبحنا ننظر اليه كأحداث داخلية في دولة اجنبية لا شأن لنا بها ...! وتمددت حالات الاحباط بعد واقعة اجراء الانتخابات للبرلمان المصري بمنطقة حلايب داخل الحدود السودانية بالرغم من المشاعر الطيبة التي ابداها اهل السودان تجاه ثوار مصر وحكومتهم الجديدة وزادت حالات الاحباط مع الصمت على ضياع حوالي مليون فدان من الاراضي الخصبة تعرف باراضي الفشقة استولى عليها بعض المزارعين الاثيوبيين!
وهنالك مشكلة توطين المناصير واعتصامهم الممتد لاشهر امام رئاسة الولاية الشمالية بالدامر وسط ضبابية الحلول المقترحة لهذه المشكلة حسب آراء اصحابها؟!.. وهنالك المشاكل العديدة التي ادت لاحتلال وقفل بعض الجامعات بالبلاد ومن بينها جامعة الخرطوم (قلعة النضال الطلابي).. وسط هذا الاحباط المتفاقم بلا حدود تزداد يوميا وبمعدلات عالية المشكلة الاقتصادية التي تزيد من معدلات الضائقة المعيشية للأغلبية العظمى من اهل السودان مستوري الحال..
٭ هذه المقدمة اردت ان اوضح منها بخطوط متوازية الحالة العامة للبلاد والتي تقريبا حاليا يدور بها (حوار طرشان ممثلا في طبقة حاكمة تعيش في رفاهية بما لديها من مرتبات وبدلات ومخصصات وامتيازات بينما اغلبية شعبهم يعاني من شظف الحياة والبطالة والعطالة المنظمة باحالة مئات الآلاف للمعاش للصالح العام وبالغاء الوظيفة تحت مسمى (الخصخصة) والتخلص بالبيع لكل اصول الحكومة الحكومة (المرافق العامة اسس في عهد التركية السابقة) ...! ومعهم الملايين من الشباب رجال ونساء عطالة من خريجي الجامعات والمدارس المختلفة والفاقد التربوي بأنواعه كبار وصغار بعضهم وجد فرصة السفر لكل انحاء العالم بما فيه دولة اسرائيل كما تطالعنا صورهم في اجهزة الاعلام المختلفة..! و(حوار الطرشان) هذا يدور في بلد اصبح فيها قناعة بأن الطريق الاول نحو الثراء هي السلطة بحيث صارت هي المدخل الاول لابواب الثراء وهذه قناعة خطيرة قتلت روح الابداع والاجتهاد لدى الشباب ومسح هذه القناعة من عقول اغلبية اهل السودان الواقفين على الرصيف يتفرجون على ما يدور بالساحة السياسية من مشاكسات بين اعضاء الحزب الواحد الحاكم فعليا صار تحديا خطيرا لتصحيح المفاهيم!
٭ الظروف الحرجة السياسية والامنية الحالية التي تمر بها بلادنا افرزت وضعا اقتصاديا خطيرا يتمثل بفقدان الموازنة العامة لأغلبية ايراداتها التي كانت تأتي لها من التحكم في اغلبية بترول السودان السابق بحدوده التي كانت مليون ميل مربع وايضا فقدان مليارات الدولارات عائدات صادرات البترول لميزان المدفوعات ! وكان المفترض منذ البداية ان ينتبه الذين قادوا او شاركوا في مباحثات مفاوضات السلام في مشاكوس ونيفاشا وهم يتكرمون باهداء حق تقرير المصير من الحزب الحاكم لمفاوضيهم من الحركة الشعبية للنتائج والافرازات الاقتصادية الخطيرة لذلك.. ثم بعد ان وقعوا معهم الاتفاقية في يناير 2005م كان عليهم على مدى ستة اعوام ان يستعدوا للآثار السالبة لانفصال جنوب السودان من خلال توفير نصف الايرادات من البترول بالدولار لهذه الايام وذلك بدلا من صرفها في استضافة العديد من مؤتمرات القمة وبناء الفلل الرئاسية واستيراد العربات الفاخرة لها وبالرغم من كل هذا الصرف خرجنا من مولدها بدون (حمص) كما يقول المثل البلدي...
٭ هذا الوضع الاقتصادي الخطير الذي هو نتاج طبيعي للظروف الحرجة السياسية والامنية نتيجة لاتفاقية مشاجكوس ونيفاشا وافرازاتها المتمثلة في انفصال الجنوب وفقدان ايرادات البترول التي حسب تصريحات معظم قيادات الطبقة الحاكمة كانت تشكل (75%) خمسة وسبعون في المائة من ايرادات البترول .. اصبح بالفعل مؤثرا وضاغطا خطيرا لحياة اهل السودان متمثلا في الانهيار اليومي لاسعار العملة الوطنية الجنيه السوداني .. والذي وأنا اكتب هذه الحلقة في يوم مرور عشرين عاما على اعلان سياسات التحرير الاقتصادي في 1992/2/2م، نجده قد تحرك بعد اعلان وتنفيذ انفصال جنوب السودان ليصبح في حدود (5200) خمسة آلاف وخمسمائة جنيه (بالقديم) وهذا يعني انه تدهور وانهار بعد الانفصال بحوالي (76%) ستة وسبعون في المائة وصارت قوته الشرائية تعادل ما قيمته (24%) اربعة وعشرون في المائة من قوته الشرائية قبل الانفصال وهذا يعني بوضوح بخلاف الدخول في قياس الآثار السالبة لمعدلات التضخم عليه ان كل اصحاب المرتبات والاجور والمعاشات فقدت دخولهم حوالي ثلاثة ارباع قيمتها قبل الانفصال وهذا امر خطير سوف يكون له ما بعده من افرازات اقتصادية واجتماعية على المستوى المعيشي لذوي الدخول المحدودة الذين طحنتهم المعاناة بلا رحمة منذ اعلان ما صار مسمى في السودان بسياسات التحرير الاقتصادي منذ مطلع فبراير 1992م، بينما هذا التحرير لا يوجد فعليا على ارض الواقع وخير مثال لذلك ما يحدث كل دقيقة في مداخل ومخارج الكباري بالعاصمة القومية وعبر كل الشوارع من نقاط لتفتيش كل انواع العربات التجارية وتعطيلها في كل وقفة لمدة تتراوح بين ربع الى نصف ساعة.. واذا عرفنا ان عدد نقاط التفتيش تبلغ بين بورتسودان وحتى محطة سوبا حوالي (55) نقطة تفتيش وداخل العاصمة القومية من سوبا للمنطقة الصناعية بامدرمان او الخرطوم بحري يتم ايقاف العربات التجارية في مداخل ومخارج الكباري وبالشوارع بواسطة نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة المفاجئة حوالي (15 الى 20) نقطة تفتيش ومراجعة لرخص العربات والسائقين وفواتير ومستندات الحمولة من بضائع مختلفة علينا ان نتخيل حجم الوقت الضائع في ايقاف العربات التجارية والآثار السلبية لذلك والتي تؤدي لزيادة تكلفة نولون الشحن وزيادة الاسعار لأهل السودان؟!
٭ المطلوب في رأيي تحرك عاجل وسريع من الحزب الحاكم وحكومته العريضة بواقعية وبشفافية عالية لمواجهة الاحوال الاقتصادية عامة بالبلاد ولايقاف الانهيار اليومي للجنيه السوداني وذلك بقرارات اقتصادية تعترف بالقرارات والمنشورات العديدة الخاطئة التي اوصلتنا لهذه المرحلة الحرجة وتعمل على الغائها كليا او تصحيحها عاجلا بدون مكابرة ولف ودوران حول عدم الاعتراف بالاخطاء كما جرت العادة في امثلة اقتصادية عديدة من قبل ادت لنتائج وافرازات سلبية خطيرة..!
٭ هذا التحرك العاجل والسريع المقترح من جانبي ارى ان يشمل المحاور التالية:
٭ اولا: صدور قرارات ومراسيم سيادية حاسمة تؤكد حرية تداول النقد الاجنبي في جانب استلام التحويلات من الخارج بالعملة التي حولت بها والودائع بالنقد الاجنبي الذي اودعت به بحيث تستعيد المصارف السودانية مصداقيتها في التعامل بالنقد الاجنبي وتعود الطمأنينة لكل من لديه عملات اجنبية بالداخل وبالخارج لكي يعيد ايداعها في البنوك بدلا من وجودها خارج البلاد او داخلها لكن خارج النظام المصرفي.. وان يتبع ذلك تسهيل فتح كل انواع الحسابات لدى البنوك بعد ان تعقدت بسبب المنشورات والشروط العديدة الصادرة من ادارة السلطة النقدية بالبلاد.
٭ ثانيا: تحفيز المصدرين بما في ذلك الذين يعملون في تجارة الذهب بمنحهم نسبة معتبرة من عائدات صادراتهم لا تقل عن (55%) للاحتفاظ بها في ارصدتهم بالبنوك والتصرف بها كما يشاءون بالبيع للآخرين او بتمويل وارداتهم منها وذلك لابعادهم في التفكير في وسائل التهريب التي تشتكي منها كل الجهات في تجارة الذهب مثلا..! وتحفيز المصدرين هذا لكل انواع السلع مهم ضمن سياسات التحرير الاقتصادي!
٭ ثالثا: اعادة العمل بنظام الاستيراد بدون قيمة (النل ڤاليو) بهدف الاستفادة من مدخرات كل السودانيين بالخارج وقفل الباب امام تعدد اسعار الدولار الحالية حيث يوجد حاليا سعر للدولار النقد بالداخل ومن حساب لحساب ايضا بالداخل وللدولار بالخارج! كما ان اعادة نظام الاستيراد بدون تحويل يشجع السودانيين للاستفادة من التسهيلات المصرفية بالخارج بضمان عقاراتهم واعمالهم بالخارج مما يزيد من حجم الموارد الحقيقية للاقتصاد السوداني الذي له طاقات استيعابية عالية اذا ما وجدت التمويل سوف تولد وظائف جديدة عديدة.. اذن المطلوب صدور قرارات سيادية تؤكد هذا التوجه وتدعم المصداقية فيه لمدى زمني يشجع المستثمرين لولوج مجالات الاستثمار المتنوعة بالبلاد. واود هنا ان اكرر ما ذكرته في حلقة سابقة بان جملة ودائع السودانيين بالخارج كما ذكر في ندوة اقامتها صحيفة السياسة السودانية السابقة في عام 1988م، قدرت بحوالي ثمانية مليارات دولار اكرر ثمانية مليارات دولار امريكي !! ومؤخرا قدرتها بعض المصادر الاقتصادية بانها بلغت حوالي اربعة وثلاثون مليار دولار حيث زادت اربعة اضعاف ما كانت عليه في تقديرات عام 1988م، وهذا المبلغ يشمل المبالغ المودعة نقدا بالبنوك بمعظم دول العالم في اوربا وامريكا وآسيا ودول الخليج واستراليا ونيوزيلندا وكندا ولا يشمل العقارات والاصول الثابتة.. وطبعا هنالك عشرات الآلاف من السودانيين يملكون منازل وشقق في بريطانيا وسويسرا وامريكا وكندا وبمصر وبدولة الامارات العربية المتحدة وهذه لاتندرج تحت الاربعة وثلاثين مليار المقدرة كارصدة للسودانيين بالخارج! وطبعا قبل الانفصال كتبت الصحف كثيرا عن الممتلكات العقارية من عمارات وخلافها في استراليا واوربا وامريكا وهؤلاء كانوا ايضا في ذلك الوقت يندرجون تحت مسمى سودانيون!
٭ المطلوب صدور قرارات اقتصادية واقعية علمية وعملية تعيد الطمأنينة لأهل واسواق السودان وتوقف انهيار قيمة الجنيه السوداني وكساد الاحوال وتنطلق من مباديء حرية الاقتصاد بالابتعاد عن الاجراءات البوليسية والتي تفتح ثغرات الفساد والافساد الذي له ثمن غالي جدا يزيد من الاسعار ومن معاناة اهل السودان الذين دق وكسرالغلاء عظامهم ...!
٭ فاليوم نجد ان اغلبية اهل السودان منذ مطلع العام محبطين بسبب ظهور نتيجة الاستفتاء بأغلبية (98%) والتي ادت لانفصال الجنوب في يوليو الماضي والتي سبق ان حذر السيد/ رئيس الجمهورية من انها سوف تكون كارثة اذا لم يتحقق معها السلام الدائم بين الدولتين. وللاسف هذه الكارثة حدثت بالتمرد الجديد في جنوب كردفان ثم النيل الازرق هذا بخلاف ما نسمعه من اقتتال بين بعض القبائل الجنوبية ازهق الآلاف واصبحنا ننظر اليه كأحداث داخلية في دولة اجنبية لا شأن لنا بها ...! وتمددت حالات الاحباط بعد واقعة اجراء الانتخابات للبرلمان المصري بمنطقة حلايب داخل الحدود السودانية بالرغم من المشاعر الطيبة التي ابداها اهل السودان تجاه ثوار مصر وحكومتهم الجديدة وزادت حالات الاحباط مع الصمت على ضياع حوالي مليون فدان من الاراضي الخصبة تعرف باراضي الفشقة استولى عليها بعض المزارعين الاثيوبيين!
وهنالك مشكلة توطين المناصير واعتصامهم الممتد لاشهر امام رئاسة الولاية الشمالية بالدامر وسط ضبابية الحلول المقترحة لهذه المشكلة حسب آراء اصحابها؟!.. وهنالك المشاكل العديدة التي ادت لاحتلال وقفل بعض الجامعات بالبلاد ومن بينها جامعة الخرطوم (قلعة النضال الطلابي).. وسط هذا الاحباط المتفاقم بلا حدود تزداد يوميا وبمعدلات عالية المشكلة الاقتصادية التي تزيد من معدلات الضائقة المعيشية للأغلبية العظمى من اهل السودان مستوري الحال..
٭ هذه المقدمة اردت ان اوضح منها بخطوط متوازية الحالة العامة للبلاد والتي تقريبا حاليا يدور بها (حوار طرشان ممثلا في طبقة حاكمة تعيش في رفاهية بما لديها من مرتبات وبدلات ومخصصات وامتيازات بينما اغلبية شعبهم يعاني من شظف الحياة والبطالة والعطالة المنظمة باحالة مئات الآلاف للمعاش للصالح العام وبالغاء الوظيفة تحت مسمى (الخصخصة) والتخلص بالبيع لكل اصول الحكومة الحكومة (المرافق العامة اسس في عهد التركية السابقة) ...! ومعهم الملايين من الشباب رجال ونساء عطالة من خريجي الجامعات والمدارس المختلفة والفاقد التربوي بأنواعه كبار وصغار بعضهم وجد فرصة السفر لكل انحاء العالم بما فيه دولة اسرائيل كما تطالعنا صورهم في اجهزة الاعلام المختلفة..! و(حوار الطرشان) هذا يدور في بلد اصبح فيها قناعة بأن الطريق الاول نحو الثراء هي السلطة بحيث صارت هي المدخل الاول لابواب الثراء وهذه قناعة خطيرة قتلت روح الابداع والاجتهاد لدى الشباب ومسح هذه القناعة من عقول اغلبية اهل السودان الواقفين على الرصيف يتفرجون على ما يدور بالساحة السياسية من مشاكسات بين اعضاء الحزب الواحد الحاكم فعليا صار تحديا خطيرا لتصحيح المفاهيم!
٭ الظروف الحرجة السياسية والامنية الحالية التي تمر بها بلادنا افرزت وضعا اقتصاديا خطيرا يتمثل بفقدان الموازنة العامة لأغلبية ايراداتها التي كانت تأتي لها من التحكم في اغلبية بترول السودان السابق بحدوده التي كانت مليون ميل مربع وايضا فقدان مليارات الدولارات عائدات صادرات البترول لميزان المدفوعات ! وكان المفترض منذ البداية ان ينتبه الذين قادوا او شاركوا في مباحثات مفاوضات السلام في مشاكوس ونيفاشا وهم يتكرمون باهداء حق تقرير المصير من الحزب الحاكم لمفاوضيهم من الحركة الشعبية للنتائج والافرازات الاقتصادية الخطيرة لذلك.. ثم بعد ان وقعوا معهم الاتفاقية في يناير 2005م كان عليهم على مدى ستة اعوام ان يستعدوا للآثار السالبة لانفصال جنوب السودان من خلال توفير نصف الايرادات من البترول بالدولار لهذه الايام وذلك بدلا من صرفها في استضافة العديد من مؤتمرات القمة وبناء الفلل الرئاسية واستيراد العربات الفاخرة لها وبالرغم من كل هذا الصرف خرجنا من مولدها بدون (حمص) كما يقول المثل البلدي...
٭ هذا الوضع الاقتصادي الخطير الذي هو نتاج طبيعي للظروف الحرجة السياسية والامنية نتيجة لاتفاقية مشاجكوس ونيفاشا وافرازاتها المتمثلة في انفصال الجنوب وفقدان ايرادات البترول التي حسب تصريحات معظم قيادات الطبقة الحاكمة كانت تشكل (75%) خمسة وسبعون في المائة من ايرادات البترول .. اصبح بالفعل مؤثرا وضاغطا خطيرا لحياة اهل السودان متمثلا في الانهيار اليومي لاسعار العملة الوطنية الجنيه السوداني .. والذي وأنا اكتب هذه الحلقة في يوم مرور عشرين عاما على اعلان سياسات التحرير الاقتصادي في 1992/2/2م، نجده قد تحرك بعد اعلان وتنفيذ انفصال جنوب السودان ليصبح في حدود (5200) خمسة آلاف وخمسمائة جنيه (بالقديم) وهذا يعني انه تدهور وانهار بعد الانفصال بحوالي (76%) ستة وسبعون في المائة وصارت قوته الشرائية تعادل ما قيمته (24%) اربعة وعشرون في المائة من قوته الشرائية قبل الانفصال وهذا يعني بوضوح بخلاف الدخول في قياس الآثار السالبة لمعدلات التضخم عليه ان كل اصحاب المرتبات والاجور والمعاشات فقدت دخولهم حوالي ثلاثة ارباع قيمتها قبل الانفصال وهذا امر خطير سوف يكون له ما بعده من افرازات اقتصادية واجتماعية على المستوى المعيشي لذوي الدخول المحدودة الذين طحنتهم المعاناة بلا رحمة منذ اعلان ما صار مسمى في السودان بسياسات التحرير الاقتصادي منذ مطلع فبراير 1992م، بينما هذا التحرير لا يوجد فعليا على ارض الواقع وخير مثال لذلك ما يحدث كل دقيقة في مداخل ومخارج الكباري بالعاصمة القومية وعبر كل الشوارع من نقاط لتفتيش كل انواع العربات التجارية وتعطيلها في كل وقفة لمدة تتراوح بين ربع الى نصف ساعة.. واذا عرفنا ان عدد نقاط التفتيش تبلغ بين بورتسودان وحتى محطة سوبا حوالي (55) نقطة تفتيش وداخل العاصمة القومية من سوبا للمنطقة الصناعية بامدرمان او الخرطوم بحري يتم ايقاف العربات التجارية في مداخل ومخارج الكباري وبالشوارع بواسطة نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة المفاجئة حوالي (15 الى 20) نقطة تفتيش ومراجعة لرخص العربات والسائقين وفواتير ومستندات الحمولة من بضائع مختلفة علينا ان نتخيل حجم الوقت الضائع في ايقاف العربات التجارية والآثار السلبية لذلك والتي تؤدي لزيادة تكلفة نولون الشحن وزيادة الاسعار لأهل السودان؟!
٭ المطلوب في رأيي تحرك عاجل وسريع من الحزب الحاكم وحكومته العريضة بواقعية وبشفافية عالية لمواجهة الاحوال الاقتصادية عامة بالبلاد ولايقاف الانهيار اليومي للجنيه السوداني وذلك بقرارات اقتصادية تعترف بالقرارات والمنشورات العديدة الخاطئة التي اوصلتنا لهذه المرحلة الحرجة وتعمل على الغائها كليا او تصحيحها عاجلا بدون مكابرة ولف ودوران حول عدم الاعتراف بالاخطاء كما جرت العادة في امثلة اقتصادية عديدة من قبل ادت لنتائج وافرازات سلبية خطيرة..!
٭ هذا التحرك العاجل والسريع المقترح من جانبي ارى ان يشمل المحاور التالية:
٭ اولا: صدور قرارات ومراسيم سيادية حاسمة تؤكد حرية تداول النقد الاجنبي في جانب استلام التحويلات من الخارج بالعملة التي حولت بها والودائع بالنقد الاجنبي الذي اودعت به بحيث تستعيد المصارف السودانية مصداقيتها في التعامل بالنقد الاجنبي وتعود الطمأنينة لكل من لديه عملات اجنبية بالداخل وبالخارج لكي يعيد ايداعها في البنوك بدلا من وجودها خارج البلاد او داخلها لكن خارج النظام المصرفي.. وان يتبع ذلك تسهيل فتح كل انواع الحسابات لدى البنوك بعد ان تعقدت بسبب المنشورات والشروط العديدة الصادرة من ادارة السلطة النقدية بالبلاد.
٭ ثانيا: تحفيز المصدرين بما في ذلك الذين يعملون في تجارة الذهب بمنحهم نسبة معتبرة من عائدات صادراتهم لا تقل عن (55%) للاحتفاظ بها في ارصدتهم بالبنوك والتصرف بها كما يشاءون بالبيع للآخرين او بتمويل وارداتهم منها وذلك لابعادهم في التفكير في وسائل التهريب التي تشتكي منها كل الجهات في تجارة الذهب مثلا..! وتحفيز المصدرين هذا لكل انواع السلع مهم ضمن سياسات التحرير الاقتصادي!
٭ ثالثا: اعادة العمل بنظام الاستيراد بدون قيمة (النل ڤاليو) بهدف الاستفادة من مدخرات كل السودانيين بالخارج وقفل الباب امام تعدد اسعار الدولار الحالية حيث يوجد حاليا سعر للدولار النقد بالداخل ومن حساب لحساب ايضا بالداخل وللدولار بالخارج! كما ان اعادة نظام الاستيراد بدون تحويل يشجع السودانيين للاستفادة من التسهيلات المصرفية بالخارج بضمان عقاراتهم واعمالهم بالخارج مما يزيد من حجم الموارد الحقيقية للاقتصاد السوداني الذي له طاقات استيعابية عالية اذا ما وجدت التمويل سوف تولد وظائف جديدة عديدة.. اذن المطلوب صدور قرارات سيادية تؤكد هذا التوجه وتدعم المصداقية فيه لمدى زمني يشجع المستثمرين لولوج مجالات الاستثمار المتنوعة بالبلاد. واود هنا ان اكرر ما ذكرته في حلقة سابقة بان جملة ودائع السودانيين بالخارج كما ذكر في ندوة اقامتها صحيفة السياسة السودانية السابقة في عام 1988م، قدرت بحوالي ثمانية مليارات دولار اكرر ثمانية مليارات دولار امريكي !! ومؤخرا قدرتها بعض المصادر الاقتصادية بانها بلغت حوالي اربعة وثلاثون مليار دولار حيث زادت اربعة اضعاف ما كانت عليه في تقديرات عام 1988م، وهذا المبلغ يشمل المبالغ المودعة نقدا بالبنوك بمعظم دول العالم في اوربا وامريكا وآسيا ودول الخليج واستراليا ونيوزيلندا وكندا ولا يشمل العقارات والاصول الثابتة.. وطبعا هنالك عشرات الآلاف من السودانيين يملكون منازل وشقق في بريطانيا وسويسرا وامريكا وكندا وبمصر وبدولة الامارات العربية المتحدة وهذه لاتندرج تحت الاربعة وثلاثين مليار المقدرة كارصدة للسودانيين بالخارج! وطبعا قبل الانفصال كتبت الصحف كثيرا عن الممتلكات العقارية من عمارات وخلافها في استراليا واوربا وامريكا وهؤلاء كانوا ايضا في ذلك الوقت يندرجون تحت مسمى سودانيون!
٭ المطلوب صدور قرارات اقتصادية واقعية علمية وعملية تعيد الطمأنينة لأهل واسواق السودان وتوقف انهيار قيمة الجنيه السوداني وكساد الاحوال وتنطلق من مباديء حرية الاقتصاد بالابتعاد عن الاجراءات البوليسية والتي تفتح ثغرات الفساد والافساد الذي له ثمن غالي جدا يزيد من الاسعار ومن معاناة اهل السودان الذين دق وكسرالغلاء عظامهم ...!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق