محمد إبراهيم الشوش: لا أدري من وضع السيدة الشابة وزيرة الدولة بالإعلام فى ذلك الموقف الحرج ، للدفاع عن الحكومة عبر منبر قناة الجزيرة ضد التهمة الموجهة لها بسرقة نفط الجنوب و هى تهمة خطيرة برغم الاستهانة بها و التقليل من شأنها من قبل المسئولين. وهي خطيرة خاصة لدولة يحيط بها اعداء من شتى الاشكال و الالوان، يلتمسون اقل ثغرة لايذائها، و قد اكتملت لهم حصيلة كبيرة من وسائل الايذاء، تسندهم جحافل من شهود الزور و حشد من العملاء والطابور الخامس افقدهم الحقد و الجهل و الفشل كل احساس بوطنهم . و حكومة الجنوب تستر عورتهم بالحديث عن حكومة المؤتمر الوطني لا حكومة السودان التى يخونون ، حتى تقيهم تهمة الخيانة العظمى للوطن ، لعنهم الله أنى يؤفكون.
***
هل كان اختيار الوزيرة الناشئة لهذه المهمة عشوائيا ، أم ان الحكومة قد عجمت عيدانها التى تئن تحت ثقلها وعددها موازنة دولة عظمى ، فوجدتها اصلبها عودا واسرعها بداهة ، و اعلمها بخفايا و اسرار مبايعات النفط ، فدفعت بها للحلبة. ام ان الكرة ظلت تدور في ساحة الوزراء المنتفعين بنعمة حكم لا يريدون الدفاع عنه ، حتى وقعت في يدى اقلهم خبرة بقانون الاختفاء و التستر، فأخذت الكرة وجرت بها الى قناة الجزيرة بغير علم بخفاياها ، كما حمل الانسان امانة الارض غرورا و قد جبنت عنها جبال الخبراء الذين شبوا و شابوا فى نعيم الدولة و تعلموا كيف يتوارون عن الانظار بهواتفهم التى لا تجيب ، و اجتماعاتهم التى لا تتوقف. و الحمد لله الذى هيأ للبلاد رئيسا تسع عباءته الواسعة جميع الصامتين . وكان يمكن ان يملأ هذا الفراغ الرسمى عدد كبير من الحكماء و المحللين من خارج الحكم تمتلئ قلوبهم بحب الوطن و لكن حتى هؤلاء يجدون من الاهمال و عدم التقدير و المكابرة و انعدام الشفافية ما جعلهم ينتقلون الى صفوف المعارضة: ابرزهم الدكتور عبد الوهاب الافندى و الدكتور الطيب زين العابدين وعشرات غيرهم يصمتون الآن و سيتحدثون غدا. وكل دول العالم الواعية تعمل المستحيل لتنمية هذا الرصيد الذى لا يعوض . و لكن السودان يعامل النابغين من ابنائه الذين يمدون اياديهم له بسياسة: الباب يفّوت جملا
***
و اذا لم يكن للحكومة يد فى اختيار الوزيرة لهذا البرنامج ، فهل هى مكيدة مدبرة من قناة الجزيرة
ان تتجاهل العلماء والخبراء الضالعين فى هذه القضية و من بينهم اعضاء مفاوضات اديس ابابا ، و يضمون فى صفوفهم وزير مالية سابق ووزير دولة يمسك بملف هذه القضية ، لتختار وزيرة اعلام لا صلة لها بالموضوع لتقف امام وزير نفط دولة الجنوب وفى يده كل اوراق اللعبة التى خططتها عقول حازقة. و من هذه الاوراق ورقة اغلاق انابيب النفط ، مع ضمان استلام سعره كاملا بلا كلفة ترحيل ، الى اثارة زوبعة اعلامية و تنتهي بسيل من الدموع عند مجلس الامن الذى نعرف حكمه مسبقا ، الى محاولة ابتزاز الحكومة السودانية للتنازل عن بعض حقوقها و اراضيها بحكم ان صفقة النفط هى واحدة من القضايا العالقة .
قناة الجزيرة التى تملك سجلا كاملا بالخبراء في كافة المجالات تعرف ان المقابلة غير متكافئة لكنها لم تكن تعرف ان المعركة الكلامية ستنتهي بالضربة القاضية قبل ان تبدأ، اذ اكدت الوزيرة واقعة السرقة موضع التهمة ، مؤكدة ان الحكومة لم تسرق نفط الجنوب خلسة بل اخذته عنوة و في وضح النهار لتسديد ما على حكومة الجنوب . ولعلها كانت تتقمص روح بنى تغلب الذين قال عنهم شاعرهم الفحل عمرو بن كلثوم او كما قال:
و نأخذ ان اردنا النفط عنوة و يسرق غيرنا متلصصينا
يبدو ان هذا هو القانون السائد فى اوساط المسئولين اذ قال احدهم بصراحة : لقد اخذنا نصيبنا و شحنا سفننا
***
وحقيقة الامر ان ليس في الموضوع سرقة اكانت خلسة او علنا بالاكراه . و لا هى قضية من القضايا العالقة بين الشمال و الجنوب . و انما هى صفقة تجارية عادية بين بائع و مشتر اصابها التلف و خالفت كل صفقات الدنيا . فكل صفقة مالية تقوم بالضرورة على اتفاق مسبق ووفق ضمانات مالية. اما ان يقوم طرف بخدمات دون تحديد لكلفتها ودون موافقة الطرف الآخر اعتمادا على شئ اسمه ،حسن النية، حتى اذا تراكمت الديون اخذت قسرا بوضع اليد فذلك لا يمثل قانون اليوم بل قانون بنى تغلب الذى شرعته سيوفهم؟ و اين لنا اليوم تلك السيوف
كان على حكومة الشمال ان تعد وبصورة دقيقة تكلفة الترحيل ليكون جاهزا قبل الانفصال، فإما قبلته حكومة الجنوب او رفضته و بحثت لها عن طرق اخرى لنقل بترولها و كفى الله المؤمنين شر القتال. ولقد كانت لحظة الانفصال معلومة و مؤكدة للجميع قبل سنتين من اعلانها غير المفاجئ باغلبية تزيد عن 95%.
اما ان تواصل حكومة الشمال نقل النفط و دفع التكاليف من موازنتها المتعثرة ومن جوع اهلها و فقرهم و حاجتهم على مدى سبعة اشهر كاملة ، ثم تضع يدها على نفط الجنوب وفق سعر حددته بنفسها يصل الى 36 دولارا للبرميل لايدرى احد وفق اي حسابات تم الوصول اليه ، فذلك يتعارض
مع اسلوب التعامل التجارى . ونحن متهمون في المحيط العالمى حتى و نحن ابرياء، فكيف الحال ونحن نتصرف خارج القانون؟ لا ننكر ان هنالك احوالا يتم فيها حجز الاموال لتسديد الديون ولكن ذلك لا يتم الا وفق تعاقد قانونى قام المديون بخرقه
***
كنتيجة لهذا التخبط الذى ايدته السيدة الوزيرة. اتسعت الثغرة لتصبح هوة خطيرة لا يعرف مداها الا الله: اصبح الجنوب هو المظلوم لا الظالم و المسروق لا السارق و سيعيد مجلس الامن لهم كل قطرة نفط اخذت منهم بالقوة . سيضيفون الى ذلك جملة من الاتهامات تضع السودان فى دوامة من الدعاوى القضائية تستمر لعدة سنوات لن ينعم السودان فيها بمليم واحد من حقوقه. وليس ذلك فحسب بل سيتعرض السودان في مفاوضات اديس ابابا لضغوط و ابتزاز للتنازل عن حقوقه في القضايا العالقة وهذا هو ثمن التسيب و التفريط .
وحتى لا نواجه وضعا تفوق تكلفته مديونية الجنوب، فان علينا ان نرفض رفضا باتا وحاسما اعتبار هذه المديونية واحدة من القضايا العالقة بين البلدين ، وفصلها فصلا تاما عن القضايا الوطنية كأبيي وترسيم الحدود و السلام فى ولايتى جنوب كردفان و النيل الازرق و تدخل دولة الجنوب في دارفور، وان نبادر باعادة ما اخذناه عنوة وبلا سند قانونى من نفط الجنوب وتكوين لجنة من كبار الاقتصاديين و خبراء النفط مع الاستعانة بالخبرة الاجنبية و التجارب المماثلة لتحديد هذه المديونية تحديدا علميا دقيقا ، وتعليق اى تعامل تجاري مع الجنوب حتى يتم دفع فاتورة الترحيل بالكامل.
و على الشعب السودانى ان يكون مراقبا يقظا بكافة هيئاته التشريعية و الرسمية و الشعبية بما يجري من مفاوضات فى اديس ابابا . واذا كان الرئيس سلفاكير يخشى ان يتعرض لسوء ان وقع على وثيقة لا تخدم شعبه، فليكن شعبنا بمستوى ذات الحرص . و ليذكر المفاوضون انهم يقفون على الحافة وان كل القضايا المطروحة تقع في الجانب الشمالي وان اى خطوة الى الوراء تعنى الوقوع في الهاوية.
mi_shoush@hotmail.com
***
هل كان اختيار الوزيرة الناشئة لهذه المهمة عشوائيا ، أم ان الحكومة قد عجمت عيدانها التى تئن تحت ثقلها وعددها موازنة دولة عظمى ، فوجدتها اصلبها عودا واسرعها بداهة ، و اعلمها بخفايا و اسرار مبايعات النفط ، فدفعت بها للحلبة. ام ان الكرة ظلت تدور في ساحة الوزراء المنتفعين بنعمة حكم لا يريدون الدفاع عنه ، حتى وقعت في يدى اقلهم خبرة بقانون الاختفاء و التستر، فأخذت الكرة وجرت بها الى قناة الجزيرة بغير علم بخفاياها ، كما حمل الانسان امانة الارض غرورا و قد جبنت عنها جبال الخبراء الذين شبوا و شابوا فى نعيم الدولة و تعلموا كيف يتوارون عن الانظار بهواتفهم التى لا تجيب ، و اجتماعاتهم التى لا تتوقف. و الحمد لله الذى هيأ للبلاد رئيسا تسع عباءته الواسعة جميع الصامتين . وكان يمكن ان يملأ هذا الفراغ الرسمى عدد كبير من الحكماء و المحللين من خارج الحكم تمتلئ قلوبهم بحب الوطن و لكن حتى هؤلاء يجدون من الاهمال و عدم التقدير و المكابرة و انعدام الشفافية ما جعلهم ينتقلون الى صفوف المعارضة: ابرزهم الدكتور عبد الوهاب الافندى و الدكتور الطيب زين العابدين وعشرات غيرهم يصمتون الآن و سيتحدثون غدا. وكل دول العالم الواعية تعمل المستحيل لتنمية هذا الرصيد الذى لا يعوض . و لكن السودان يعامل النابغين من ابنائه الذين يمدون اياديهم له بسياسة: الباب يفّوت جملا
***
و اذا لم يكن للحكومة يد فى اختيار الوزيرة لهذا البرنامج ، فهل هى مكيدة مدبرة من قناة الجزيرة
ان تتجاهل العلماء والخبراء الضالعين فى هذه القضية و من بينهم اعضاء مفاوضات اديس ابابا ، و يضمون فى صفوفهم وزير مالية سابق ووزير دولة يمسك بملف هذه القضية ، لتختار وزيرة اعلام لا صلة لها بالموضوع لتقف امام وزير نفط دولة الجنوب وفى يده كل اوراق اللعبة التى خططتها عقول حازقة. و من هذه الاوراق ورقة اغلاق انابيب النفط ، مع ضمان استلام سعره كاملا بلا كلفة ترحيل ، الى اثارة زوبعة اعلامية و تنتهي بسيل من الدموع عند مجلس الامن الذى نعرف حكمه مسبقا ، الى محاولة ابتزاز الحكومة السودانية للتنازل عن بعض حقوقها و اراضيها بحكم ان صفقة النفط هى واحدة من القضايا العالقة .
قناة الجزيرة التى تملك سجلا كاملا بالخبراء في كافة المجالات تعرف ان المقابلة غير متكافئة لكنها لم تكن تعرف ان المعركة الكلامية ستنتهي بالضربة القاضية قبل ان تبدأ، اذ اكدت الوزيرة واقعة السرقة موضع التهمة ، مؤكدة ان الحكومة لم تسرق نفط الجنوب خلسة بل اخذته عنوة و في وضح النهار لتسديد ما على حكومة الجنوب . ولعلها كانت تتقمص روح بنى تغلب الذين قال عنهم شاعرهم الفحل عمرو بن كلثوم او كما قال:
و نأخذ ان اردنا النفط عنوة و يسرق غيرنا متلصصينا
يبدو ان هذا هو القانون السائد فى اوساط المسئولين اذ قال احدهم بصراحة : لقد اخذنا نصيبنا و شحنا سفننا
***
وحقيقة الامر ان ليس في الموضوع سرقة اكانت خلسة او علنا بالاكراه . و لا هى قضية من القضايا العالقة بين الشمال و الجنوب . و انما هى صفقة تجارية عادية بين بائع و مشتر اصابها التلف و خالفت كل صفقات الدنيا . فكل صفقة مالية تقوم بالضرورة على اتفاق مسبق ووفق ضمانات مالية. اما ان يقوم طرف بخدمات دون تحديد لكلفتها ودون موافقة الطرف الآخر اعتمادا على شئ اسمه ،حسن النية، حتى اذا تراكمت الديون اخذت قسرا بوضع اليد فذلك لا يمثل قانون اليوم بل قانون بنى تغلب الذى شرعته سيوفهم؟ و اين لنا اليوم تلك السيوف
كان على حكومة الشمال ان تعد وبصورة دقيقة تكلفة الترحيل ليكون جاهزا قبل الانفصال، فإما قبلته حكومة الجنوب او رفضته و بحثت لها عن طرق اخرى لنقل بترولها و كفى الله المؤمنين شر القتال. ولقد كانت لحظة الانفصال معلومة و مؤكدة للجميع قبل سنتين من اعلانها غير المفاجئ باغلبية تزيد عن 95%.
اما ان تواصل حكومة الشمال نقل النفط و دفع التكاليف من موازنتها المتعثرة ومن جوع اهلها و فقرهم و حاجتهم على مدى سبعة اشهر كاملة ، ثم تضع يدها على نفط الجنوب وفق سعر حددته بنفسها يصل الى 36 دولارا للبرميل لايدرى احد وفق اي حسابات تم الوصول اليه ، فذلك يتعارض
مع اسلوب التعامل التجارى . ونحن متهمون في المحيط العالمى حتى و نحن ابرياء، فكيف الحال ونحن نتصرف خارج القانون؟ لا ننكر ان هنالك احوالا يتم فيها حجز الاموال لتسديد الديون ولكن ذلك لا يتم الا وفق تعاقد قانونى قام المديون بخرقه
***
كنتيجة لهذا التخبط الذى ايدته السيدة الوزيرة. اتسعت الثغرة لتصبح هوة خطيرة لا يعرف مداها الا الله: اصبح الجنوب هو المظلوم لا الظالم و المسروق لا السارق و سيعيد مجلس الامن لهم كل قطرة نفط اخذت منهم بالقوة . سيضيفون الى ذلك جملة من الاتهامات تضع السودان فى دوامة من الدعاوى القضائية تستمر لعدة سنوات لن ينعم السودان فيها بمليم واحد من حقوقه. وليس ذلك فحسب بل سيتعرض السودان في مفاوضات اديس ابابا لضغوط و ابتزاز للتنازل عن حقوقه في القضايا العالقة وهذا هو ثمن التسيب و التفريط .
وحتى لا نواجه وضعا تفوق تكلفته مديونية الجنوب، فان علينا ان نرفض رفضا باتا وحاسما اعتبار هذه المديونية واحدة من القضايا العالقة بين البلدين ، وفصلها فصلا تاما عن القضايا الوطنية كأبيي وترسيم الحدود و السلام فى ولايتى جنوب كردفان و النيل الازرق و تدخل دولة الجنوب في دارفور، وان نبادر باعادة ما اخذناه عنوة وبلا سند قانونى من نفط الجنوب وتكوين لجنة من كبار الاقتصاديين و خبراء النفط مع الاستعانة بالخبرة الاجنبية و التجارب المماثلة لتحديد هذه المديونية تحديدا علميا دقيقا ، وتعليق اى تعامل تجاري مع الجنوب حتى يتم دفع فاتورة الترحيل بالكامل.
و على الشعب السودانى ان يكون مراقبا يقظا بكافة هيئاته التشريعية و الرسمية و الشعبية بما يجري من مفاوضات فى اديس ابابا . واذا كان الرئيس سلفاكير يخشى ان يتعرض لسوء ان وقع على وثيقة لا تخدم شعبه، فليكن شعبنا بمستوى ذات الحرص . و ليذكر المفاوضون انهم يقفون على الحافة وان كل القضايا المطروحة تقع في الجانب الشمالي وان اى خطوة الى الوراء تعنى الوقوع في الهاوية.
mi_shoush@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق