لو تتذكرون قبل بضعة شهور أعلن الرئيس أنه سيضع حداً حاسماً للجبايات ووجه بالفعل بتشكيل لجنة عليا لمحاربة الجبايات، بل قال: إن اللجنة ستداهم أجهزة الدولة وزارة وزارة، ومؤسسة مؤسسة، وشركة شركة، على حد وصف الرئيس، وأعلن حينها نافع علي نافع رئيساً للجنة محاربة الجبايات، وقطع دابرها، بل صدر توجيه بعدم التعامل مالياً مع أي أورنيك غير أورنيك "15" وكل من دفع مبلغاً دون تسلم أورنيك "15" فقد شرب الريح، وضاع حقه كما ضاع من قبل ولا زال يضيع في الجبايات وما شابهها من بنود صرف على الحكومة لا تنتهي ولا تتوقف، ثم صدرت عدة توجيهات بعدم التعامل مالياً مع أي أورنيك غير "15".. الواضح أن اللجنة لم تتشكل أصلاً، بل ماتت قبل أن تولد، بعد هذا التوجيه الرئاسي بفترة قليلة، أُغلق "80" مصنعاً بمنطقة الباقير الصناعية التابعة لمحلية الكاملين، هذه الحصة الاستثمارية توقفت بسبب الجبايات التي تفرضها الدولة على المستثمرين، المحلية تفرض رسوماً تبلغ قيمتها "25" مليون على مستثمر نظير لا خدمات مياه ولا كهرباء ولا حتى نفايات، إذن الرسوم المفروضة على هذا المستثمر تحت أي بند تُسمى، إن كانت الخدمات الأساسية والتي هي من واجب المحلية يقوم بها صاحب الاستثمار نفسه.. "80" مصنعاً رقم لا يُستهان به، وأياً كان حجم المردود الاقتصادي المحلي لهذه المصانع وحجم الخدمة والمنتج الذي تقدمه الـ "80" مصنعاً.. ثم توقف عدد من المصانع بعد الإغلاق.. قبل أيام استجارت مجموعة شركات دال بالبرلمان حتى يُخفف عنها عبء الجبايات. أما في العام الفائت فقد كشف تقرير اقتصادي عما لا يمكن أن يُصدق.. هل تعلمون أن هناك عدد (18) رسماً وضريبة تفرض على السلعة حتى تصل للمستهلك بخلاف تكاليف الترحيل والشحن، تتراوح قيمتها ما بين 30% إلى 50% من سعر السلعة، وهناك أنواع من الواردات تضاعف الرسوم والجبايات سعرها الأساسي بنسبة 100%.. هذه الـ (18) رسماً وضريبة تقتسمها (7) جهات حكومية، ليس هذا فحسب، فالتقرير كشف أن القيمة المضافة تأخذ ست مرات كما يلي: عند إذن التسليم، وعند دفع رسوم الجمارك، ثم الموانئ، وعند تفريغ الحاويات، وعند الترحيل، وفي رسوم الأرضيات. وضرب هذا التقرير الذي نشرته "الصحافة" مثلاً بسلعة الأرز قبل الـ (18) ضريبة وبعد دفعها فكان الفرق يقترب من نسبة الـ 50% ، طن الأرز، مستثنىً منه هذه الـ(18) ضريبة بلغ سعره 275 مليوناً، وطن الأرز بعد دفع سلسلة الـ(18) ضريبة يصبح سعره 542 مليوناً.. احسبوا كم نستورد من السلع الاستهلاكية اليومية، ثم احسبوا الدخل القومي للجبايات الخاصة بهذه السلع فقط، باستثناء الجبايات المفروضة على الشركات التي أصبحت تستغيث بالبرلمان والمستثمرين الذين أغلقوا مصانعهم. وواضح أن المسألة تُسارع الريح دون توقف، وهذا فقط البداية إن لم تتخذ سياسات حاسمة وجادة، فبدلاً من جذب المستثمرين، سنرفع شعار تطفيش المستثمرين. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق