مذكرة الإسلاميين.. وتهديد (الرئيس)
|
م.مهدي أبراهيم أحمد |
عندما تجلس إلى أحد الإسلاميين أو تقرأ حواراً له؛ يتضح لك حجم الخلاف الباطني الذي اعترى ذلك التنظيم، وقد تذهب تلك الخلافات بإنجازاته وبمسيرته الطويلة في العمل الحزبي والعام، فقد بدأت الخلافات صغيرة ثم تطورت لمراحل المذكرات التي نفثت فيها كل القيادات المهمشة هواءها الساخن؛ وما كان مستترًا خلف الغرف المغلقة لتحيله المذكرة إلى صوت علني يشخص الداء ويصف الدواء، ولكن الشجاعة تعوز الطبيب المعالج، فيلجأ إلى الاحتجاب والإبهام، فيجد أهل السلطة أنها تفتقر له والمذكرة تحمل آلاف التوقيعات ولكن لا اسم يتقدم ويحمل على عاتقه مسؤولية الإصلاح، كما فعل العشرة (الكرام) في مذكرتهم وما تبعها من حسم في الإصلاح، وتنفيذًا للبنود ولو كان فيها العزل والإقالة الصريحة. مذكرة الإسلاميين في ظل قبضة الأفراد وإنفرادهم بالقرار بعيدًا عن مؤسسات الشورى وهياكل التنظيم قد تفتقد (القائد) الفعلي الذي بات ينظر في العواقب النظر الإصلاحي، وحتى الرئيس نفسه يستصغر ذلك العدد مقارنة بالعضوية الكاملة التي تصل إلى الملايين. وكما قلت فإن غياب الشخص المسؤول منها وتهرب من وردت أسماؤهم ورشحت شخصياتهم لتوليها - عن وضع الحروف والنقاط عليها- جعل من تلك المذكرة هشة وضعيفة وأنها موضوع استهلاكي أقحم إلى الساحة السياسية لشغل الناس، مثلها مثل القضايا الأخرى التي أخذت رواجها وتبددت مع رياح الأيام. ومن عجب حتى المعارضة توهمت أن تلك المذكرة ما هي إلا نتاج لممارسات النظام الحاكم الذي خضع لقانون الأفراد، وهي دليل عافية على أن الربيع السياسي قد وجد طريقه إلى دار الحزب الحاكم. والشيخ الترابي يراهن على المذكرة الثالثة التي في رأيه أنها قد تكون التسونامي الذي يجتاح التنظيم الحاكم، والرئيس البشير يرى في محاسبة من وقعوا عليها شرطاً أساسياً لعدم لجوئهم لهياكل التنظيم ومؤسسات الشورى، كما أخذت قديماً مذكرة العشرة طريقها إلى مؤسسات الشورى بحضور قادة التنظيم والمكاتب القيادية. ومجمل أحاديث الإسلاميين تدور حول الفساد الذي بات يكتنف الدولة بل ويكون التلميح صراحة إلى وجوده، وأهل مكة أدرى بشعابها في غياب المحاسبة الحاسمة والمحاكمة الفاضحة التي تكون فيها العبر للسابقين واللاحقين، ولكن ما يحدث يجعل تلك القيادات تبوح جهرًا وترى في الإصلاح الذي حوته المذكرة واجباً لابد أن يسود، وقيماً لابد أن تأخذ حيزها في النقاش الجاد والتنفيذ العملي، حتى يعود للتنظيم رونقه الغائب وروحه الدينية برأيهم، التي كانت بدواعي القبليات والترضيات والتنازلات التي بظنهم أضعفت القوة وأوهنت العزائم وفتحت الباب واسعاً للدوس على كل المبادئ والقيم التي ارتضاها الحزب الإسلامي وجعلها دستورًا على مر العقود وطبائع الأزمان. وتلويح الرئيس بمحاسبة كل الموقعين على المذكرة التي لم يُعرف لها متزعم سوى توقيع صغير تذيل مجموعة من المطالب حمل اسم (ألف أخ) هو قد يكون خلاصة الإسلاميين الذين يرون في واقع التنظيم ما لا تراه جملة الملايين التي ذكرها الرئيس، وعدّ أن الألف منها قد يذوبون في بحور الملايين، وعلى الرغم من تضارب الأقوال في شأن الموقعين إلا أن كل الأسماء تهربت بدواعي العواقب المنتظرة التي لوح الرئيس لها بالمحاسبة، فما عادت تجدي القلة في بحور الكثرة، وما عاد ينفع الرأي المعارض وسط جحافل المؤيدين، فقط تحل المحاسبة محل المعارضة التنظيمية، وبات ذلك أمراً متاحاً في عالم سياستنا الحزبية. أعتقد أن المذكرة الألفية إذا وجدت الشجاعة الكافية والإرادة الحقيقية الداعمة للتغيير الفعلي والإصلاح الحقيقي، لألقت حجرًا في بركة التنظيم الحاكم الساكنة، فقد فعلت مذكرة العشرة في وقتها ما لم تفعله مذكرة الألف في زماننا هذا، وحتى تلك المذكرة الأخيرة مطالبها أقل من مطالب مذكرة العشرة، فقط هي تدعم الإصلاح وتطالب بمحاربة الفساد وتحديد الفترات الزمنية للمناصب وكلها يمكن مناقشتها داخل الأطر التنظيمية، ولكن رواج مذكرة (الألف) جاوز رواج مذكرة (العشرة)، ولكن الأخيرة تتفوق عليها ببروز الأسماء وشجاعة الموقعين. بقلم : Mhadi4282@hotmail.com
|
الأربعاء، 22 فبراير 2012
مذكرة الاسلاميين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق