مشروع الجزيرة.. الموت عطشاً (اليوم الرابع)
|
رشا بركات |
ما زلنا نواصل رحلتنا فى مشروع الجزيرة الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب العطش الذي كان أشد فتكاً بالمزارع وأحلامه؛ لأنه يحدث هذه المرة والمحاصيل على وشك الحصاد وفي كل أقسام المشروع لم يستثنِ قسماً. كانت الاستغاثات تأتي عبر لقاءاتنا المباشرة مع المزارعين وعبر الهاتف الجوال الذي لم يصمت دقيقة واحدة، ونكاد نجزم أن أغلب مزارعي المشروع اتصلوا بنا للمساعدة للحاق بمحاصيلهم وهم يشكون المعاناة وقلة الحيلة. في جولة اليوم التالي التقينا بمهندس ري قديم كان يعمل في خزان سنار انتقد حديث مدير مشروع الجزيرة وإرجاعه مشكلة عطش المشروع إلى حجز وزارة الري لمليوني متر من الماء عن المشروع وقال: إنه حديث يجافي الواقع؛ لأن مشكلة قلة الماء سببها الرئيس عدم قدرة الماء على الخروج من الخزان بسبب كثرة الطمي؛ فالماء موجود خلف الخزان وأبوابه مفتوحة لكن الماء محجوز ومنذ عقود، هذه المشكلة قائمة لكن لم يحاول أحد من المسؤولين حلها، فقد كنّا قديماً نعمل هناك وكان لدينا تراكتوران يبلغ طول الواحد 20 متراً وكانت مهمته تنظيف المنطقة من الطمي بصفة دائمة؛ لكن للأسف الشديد تم بيع هذان التراكتوران كخردة منذ سنوات وهذا شيء يحز في النفس؛ لأنه متعلق بحياة الناس وأمنهم من الجوع، والآن إذا رأيتم إحصائيات مهندسي الري في الخزان فسترون الفرق الكبير في كمية المياه الموجودة والمخصصة للمشروع والتي تذهب فعلياً، إضافة إلى هذا إن كانت هناك مشكلات في حصة المشروع فلماذا لا يؤخذ من حصة الدمازين لقلة المشاريع بها ولإنقاذ مشروع الجزيرة من الموت؟، خاصة وهناك أحاديث عن المنظمات المختصة بنذر فجوة غذائية؛ ولذا فلا يستغرب الناس من خلو الترع بالمشروع؛ لأن الماء لا يصلها أصلاً. لا توجد مياه شرب أما مزارعي منطقة الماطوري فقالوا: إن المياه لا تصلهم نهائياً في المنطقة الغربية، وقد تضررت محاصيلهم من العطش، بل إن الإنسان هنا نفسه لا يجد الماء فهم يشربون من الترعة ولا مسؤول يعمل على توصيل ماء الشرب النقي لهم؛ فكيف نتحدث عن عطش المحاصيل ونحن لا نجد ماء الشرب؟!. إقصاء الخبراء والتقينا المهندس صلاح محمد أحمد من شمال الجزيرة فقال: إن الماء الذي يخرج من الخزان ليس قليلاً، بل إنه كخبير لصيق بهذه المسألة ذكر أن كمية الماء هذا العام لم يرَ مثلها منذ عشر سنوات سابقة، وقد ذكر المسؤولون عنها بأن البحيرتين عند الخزان تحملان أكثر من طاقتهما التخزينية بيد أن المشكلة هي عدم تحكم المسؤولين في توزيعها بعدالة، والمسألة الثانية هي أن الدولة قصدت تجاهل بيوت الخبرة وخبراء المياه كسياسة تتبعها؛ مما أدى لانهيار المشروع، والمسألة الثالثة هي ازدياد المساحات المزروعة صيفاً وشتاءً مما أدى لعدم تغطية كل المساحات؛ لأن كمية الماء الموصى بها معروفة، وهذا يعني أن المزارعين أصحاب السلطة يوجهون الماء على مزارعهم ويتركون البقية الضعيفة تواجه المشكلة، والمسألة الرابعة والمهمة هي انعدام قياس الماء فقديماً كنّا نرى الغفير يحمل فانوسه بالليل ويقيس مستوى الماء من ترعة لأخرى حتى تستقر وتسير بعدالة، والآن انعدم هذا القياس وراح زمن المفتش المتابع. من هدم المشروع ومن شمال الجزيرة مكتب كاب الجداد التقينا المزارع عثمان الطاهر الذي قال: إن العطش فتك بمحاصيلهم وحتى الوابورات صارت لا تجذب الماء وينتظرون الترعة حتى تبلغ مقدار (6) براميل ليجذبها السحاب، ويضيف بأن هناك شخصاً معيناً عمل على انهيار المشروع ويسأل عنه وعن هجرة المزارعين لأراضيهم، والأن فقدوا 70%من إنتاجية المحاصيل الشتوية، ونتساءل لماذا نرى الآن نفس وجوه الموظفين القدامى الذين ذهبوا بعد خصخصة المشروع ويتم إعطاؤهم رواتب؟ وأذكر أنه تم استقطاع جزء من أراضينا لصالح مشروع أقيمت له دراسات الجدوى وسلمنا الأموال للبنك؛ لكن الوالي الشريف في ذلك الوقت تهرب من إعطائنا الرد حول المشروع ومرت سنوات ولا ندري عن أموالنا أوالمشروع شيئاً. محسوبية ويقول عبد المحمود الشيخ الطاهر رئيس اتحاد مزارعي منطقة عبد الماجد: إن زراعتهم وصلت حد الموت منذ أيام والسبب الأساسي هو أن المسؤولين قاموا بحفر ميجور عبد الماجد بطريقة غير سليمة لتوصيل الماء لميجور العوامرة مما أثر عليهم، وكان المفترض أن يتم عمل كُبري حتى يتم توزيع الماء بعدالة وليس بطريقة سياسىة كما فعلوا والآن الترعة متأثرة بهذا الحفر. المزارعون سبب العطش أحمد الخضر عبد الكريم ـ مكتب العمارة أقول إن المزارعين يتحملون مسؤولية العطش في المزارع اليوم؛ لأنهم أصبحوا يزرعون كل المساحات إذ لم تعد لدينا دورة زراعية كالسابق عندما كان الصيفي (32) محصولاً والشتوي (محصولين) لكن اليوم المزارع أصبح يزرع كل المحاصيل والماء مخصص بكمية معينه فكيف تسقى كل هذه المساحات؟! والسبب في ذلك قانون 2005 الذي أعطى المزارع الحرية فلم يحسنها وتهربت الدولة من مسؤوليته حتى انهار، والمزارع هنا مضطر لأن الحكومة انهكته بكثرة الضرائب فأراد تعويضها بزراعة المساحات الخالية. مكتب أم دقرسي ترعة أم جزيان وملاوى يوجد لدينا مساحات كبيرة من المحاصيل احترقت منها القطن بسبب العطش وخلو الترع من الماء وخاصة قسم ود الترابى حيث انخفض الماء بصورة كبيرة، والقمح عندنا فى مرحلة الشرايا ويحتاج للماء وإلا انتهى بعد أن تعبنا في زراعته منذ البداية. والترع مثل الغابة لم تنظف وأصبحت مرعى للبهائم، أما الشركات التي تم التعاقد معها على النظافة وتمويل الموسم فلا نعلم عنها شيئاً ولا نراها إلا وقت جمع الضرائب، والمزارع الذي لا يدفع يحضر له الأمن الاقتصادي، أما الروابط فأي عضو منها منشغل بحواشته ولا يدري هو نفسه الجهة التي يشكي لها، وقانون 2005 دمر المشروع تماماً وليس لنا أية علاقة به ولم تتم مشورتنا حوله ووضعه بعض الأشخاص لمصالحهم الخاصة. مكتب الفراجين ترعة دبيسة نتهت محاصيلنا من فرط العطش والترع خالية، وقمنا بتركيب (12) وابوراً في الترعة لسحب الماء، لكن لا يوجد ماء لترفعه رغم التكلفة العالية لإيجار الوابور والجازولين والحارس، والقمح الآن في أخطر مراحله قبل الحصاد فإن لم يأتنا ماء في الساعات القادمة سيموت ولا ندري كيف سنقابل الخسارة، فقد قام عدد كبير من المزارعين ببيع محصولاته الأخرى لمقابلة التكلفة. والشيء المؤسف أن القمح كان مبشراً؛ لكن موجة العطش هددته ويحتاج لشربتين حتى يحصد وتكلفة الماء بالوابور للحوشة (4 فدان) (110ج) للشربة الواحدة. ولابد أن نذكر أننا نقوم بتنظيف الترعة بأيدينا؛ لأن الشركة المتعاقد معها على ذلك لم تلتزم، وقمنا بشراء تقاوي القمح تجارياً مما جعله ناجحاً، وأحجمنا عن شراء تقاوي البنك لعلو تكلفتها وإلى الآن علينا ديون للبنك في المواسم الماضية. أحمد محمد المصطفى مهندس :لابد من ذكر حقيقة مهمة قبل أن نتحدث عن مشكلات ري المشروع وهي أن المشروع مسؤول عن تدميره 3 أشخاص تحديداً. أما النقطة الثانية المهمة فهي أن شركة الري والحفريات أحضرت شركة رؤية لحفر الترع، وقامت الشركة بهذه المهمة دون أي حسابات أو دراسة علمية. كذلك لا بد أن نتحدث عن الفوضى في المجال الزراعي حيث توفر الدولة أموالاً كبيرة لشركات محددة لاستيراد الآليات الزراعية دون ضمانات قرض ويستوردون ما يريدون وهذه، حقائق لابدّ من ذكرها ونحن نتحدث عن دمار المشروع. الأمير ود البصير المحيريبا: ترعة شكيرا نعاني من العطش الشديد لمحاصيلنا خاصة القمح الذي هو في آخر مراحله قبل الحصاد، والترعة ليس بها قطرة ماء والمزارع الذي لا يمتلك وابوراً سينتهى أمله، والقطن في حد ذاته كان نوعه غير جيد نسبة لقلة الرش ولسقيه بالوابور مما أدى لسوء إنتاجيته، ولا يأتنا الماء بالرغم من دفعنا لضريبة الري والتي بدونها ندخل السجن حتى غفير الترعة ندفع له مالاً ليفتح لنا الماء.
|
الخميس، 23 فبراير 2012
مشروع الجزيرة.. الموت عطشاً (اليوم الرابع)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق