مع الأحداث .. حمى الله مصر | |
| |
بقلم/ بابكر عيسى: قلبي على مصر، تلك البلاد العظيمة التي رفعت راية العروبة على امتداد مسارات التاريخ، والتي كانت بالنسبة لنا- نحن أبناء العروبة- الرئة التي نتنفس بها، والقلب الذي ينبض، والحواس التي نستشعر بها التحديات والمخاطر.. لأننا نحب مصر فإننا نخاف عليها، وهي تواجه أخطر التحديات وجنين الثورة ما زال يتشكل، وسط تجاذبات عاصفة ورياح عاتية تكاد تقتلع الخيام التي يحتمي بها الثوار. خوفنا على مصر يتجسد في خوفنا على الثورة التي تخط بأحرف من نور مساراً جديداً في المشرق العربي، وأي إخفاق أو فشل لهذه الثورة المباركة يعني انتكاسة كارثية ستلقي بظلالها على أرجاء بعيدة وقريبة من العالم العربي.. ويجب تقديم ثورة 25 يناير كنموذج يحتذى وتجربة رائدة تُشكل نبراساً لأي مخاض ثوري أو عصيان مدني أو انتفاضة شعبية تصحح أخطاء الماضي وتفتح نافذة للأمل والضوء تُمهد الطريق نحو استعادة الكرامة والحكم الرشيد.. وأعتقد جازماً أن أي سيناريو لإجهاض هذه الثورة سيكون مرفوضاً من الجماهير العريضة التي ستظل ساهرة ومتيقظة حتى لا تُسرق ثمار الثورة ويأتي قادمون جدد بأقنعة متسامحة ووجوه تتستر بالتُُقية حتى يشبعوا نهمهم الذي لا يرتوي للسلطة والحفاظ عليها كغنيمة مهما كان الثمن. ما حدث ليلة الأربعاء في بورسعيد في أعقاب مباراة لكرة القدم جعلني أضع يدي على قلبي وأصرخ بملء الهواء المخزون في داخلي: إن هذه جريمة في حق الوطن، وإن مصر تستحق من أبنائها أكثر من ذلك، مصر تستحق الحب والحنان والرعاية، تستحق أن تتواصل معزوفة السلام والتضامن والمحبة التي انتظمت أيام الثورة الأولى، كما تستحق أن نسهر عليها حتى يتم التحول السلمي والحضاري من خانة الثورة إلى مربع الدولة، لتبدأ مصر من جديد في لعب دورها الريادي والقيادي للأمة العربية، بلد رائد وشعب مقدام. أكثر من 75 قتيلاً ومئات الجرحى في مباراة لكرة قدم تشتعل بعدها النيران في الممتلكات العامة ويتحول الوطن إلى خيمة عزاء، وساحة عريضة من الاتهامات والاجتهادات والشكوك والافتراضات، حتى أن الجميع أصبح في لحظة ما خائناً للوطن أو لا يريد له الخير ولا السلامة. الذين كانوا يحكمهم سلوك القطيع في الاستاد الرياضي لم يكونوا يسيئون لأنفسهم ولا لمدينتهم بقدر ما كانوا يسيئون لمصر، ومثل هذا الانفلات البغيض يجب أن يوضع له حد، ويجب أن يكون ظل الدولة حاضراً، وألا يسمح لأي قوى بأن تشوه هذا الانتصار الرائع للثورة المصرية. قلبي على مصر لأنها في مكان القلب منا جميعاً رغم مآخذنا على الكثير الذي حدث في الماضي ولكننا نتطلع للمستقبل بأمل كبير وواثق أن تعود مصر للإمساك برسن هذه الأمة وقيادتها على طريق الخير والعزة والرخاء، وهذا لن يتحقق ما لم يتم النهوض بمصر وكتابة واقع جديد يشكل قوة دفع نحو أفق جديد يستشعر فيه المواطن المصري بالعزة والكرامة والحرية وأن ينعم بالحكم الرشيد حتى تلاحق مصر الدول التي سبقتها في مضمار التطور والتحديث، وأبناء مصر قادرون على ذلك. | |
|
الجمعة، 3 فبراير 2012
مع الأحداث .. حمى الله مصر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق