الجمعة، 8 أبريل 2011

فوق صفيح ساخن!!


تشهد المدن السودانية هذه الأيام حراكاً شعبياً لشباب يطالب بتغيير ظروفه المعيشية والسياسية. فلقد أتت الصحف السودانية في خلال الأيام الماضية بخبرين عن مسيرتين خرجتا بمظاهرات محدودة. الأولى كانت لخروج مجموعة من طلبة جامعة الخرطوم المنتمين لمجموعة «شرارة» إلى الطرقات بعد مشاركتهم في ركن نقاش داخل الحرم الجامعي. وقامت قوة الشرطة بالإستعانة بشرطة مكافحة الشغب والتي إستخدمت الغاز المسيل للدموع والعصي لتفريق المظاهرة. واقتادت مجموعة من الشباب إلى قسم شرطة الخرطوم شمال. وهنالك تم تقديم بلاغ ضدهم بالإزعاج العام والإخلال بالأمن والسلامة (الصحافة، 4 ابريل 2011).
ثم كان هنالك الخبر الثاني حملته صفحات ذات الصحيفة، وينص عن خروج حوالي مائتي خريج إلى طرقات مدينة الفولة بولاية جنوب كردفان. والسبب، المطالبة بإيجاد فرص عمل للخريجين الذين جدوا في حياتهم الدراسية لكي يجدوا ان الطرقات هي التي تحتويهم بدلا من المكاتب ولكي يجدوا ان الجيب خاليا من المرتبات، حتى وإن كانت متواضعة. وليست الوظائف هي مطالب الشباب الوحيدة، بل كانت هنالك طلبات أخر تضمنت معالجة الأضرار التي سببها استخراج النفط في المنطقة وإنشاء مكتب تنفيذي لصندوق الخريجين. وليس هذا هو الخروج الأول لمجموعة الخريجين بالفولة، بل كانت هي المرة الثانية التي يخرجون فيها في خلال شهر واحد.
وبالرغم من إعجابي بمحاولة الشباب إسماع صوتهم حتى وإن كان على نطاق محدود، كان إحباطي من التعامل الرسمي. فعلى سبيل المثال، لم يبدِ المسؤولون بالفولة تفهمهم للظروف القاسية وللعوامل النفسية التي يعيشها الخريجون والعاطلون عن العمل. ولم يحاولوا حتى تهدئة الوضع بل قابلوا الطلبات بالإستهجان والرفض ووصف معتمد المدينة الإحتجاجات بغير المبررة، (طيب)، إذا كان هنالك شباب (زي الفل) لا يجد عملا او رعاية صحية لهم ولأسرهم إذن ليخطرنا معتمد المدينة بالله عليه، حتى نستطيع ان نفيد ونستفيد، عن الأسباب التي قد يعتقد انها تبرر للعاطلين عن العمل التظاهر؟ وليت سيادته اكتفى بهذا، بل وصف المطالبين بحقوقهم في العمل «بالمتعجلين..» حقيقة، (اليدو في المويه) ليس كمن الذي تشتعل في نفسه النار. ترى، كيف يكون الإنسان متعجلا وهو لا يملك نفقات نفسه؟ وترى، كيف يكون متعجلا وهو لا يستطيع ان يعني بأسرته وهو الذي لا يستطيع حتى ان يبتاع لنفسه-بأمواله الحرة- طعاما؟ وواصل سيادة المعتمد قوله ان الخريجين مستعجلين «دون وضع اعتبار لترتيبات حكومة الولاية..» وهنا إحترت، ترى ما هي ترتيبات حكومة الولاية؟ سبحان الله، لقد ظللت طوال حياتي اخدع نفسي كمواطنة وأنا أقنعها أن الأمن والبطالة والرعاية الصحية والتعليم هم من أولويات أية مدينة، دولة، او ولاية، لكن يبدو ان للحكومات في زماننا (الأغبر) هذا أولويات أخرى لا ندري نحن الشعب عنها شيئا.
إن ما تقوم به حكومتنا في هذه اللحظات يثبت عدم تفهمها للأوضاع التي يعيشها السودان خاصة، والمنطقة عامة. لربما إستطاعت شرطة مكافحة الشغب ان تقضي على مظاهرة محدودة اليوم لكنها لن تملك شيئا في مرات قادمة. ولربما خرج شباب الفولة اليوم في مظاهرة صامتة لكنها، إن لم يسعَ المسؤولون الذين يضعهم شباب اليوم على صفيح ساخن للإستجابة لطلباتهم، ستتحول إلى هادرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق