(أبـريل) الآخــر...!؟
الخرطوم: ماجد محمد علي: لم تمضِ بضعة أعوام على انتفاضة الشعب ضد حكم الرئيس الراحل نميري، حتى طوى انقلاب يونيو «الإنقاذ» صفحة ابريل،والتى بدورها لم تكن قد بارحت بعد محطة البحث عن مكونات وهياكل، يتفق عليها لبناء دولة تعددية بمزاج سوداني، بعد ان قاربت سنى مايو بين الرؤى المتصارعة وصهرت اطياف المجتمع المختلفة. طوى يونيو احلام ابريل وتطلعاته، فيما دفع ابريل ثمن ذلك التوق للتعدد فى حقبة الثمانينيات، والنزق للحرية فى محيط يعيش ازهى عصور الديكتاتورية والتسلط.
كان ابريل زهرة يانعة ارتوت من دماء العصفورة ذات الثلاث اعوام مشاعر محمد عبدالله، وآخرين هم ازهري مصطفى، عبدالجليل طه، حامد حسن محمد ، محمد الحسن فضل الله ، وليم دينق ، وذلك بالاضافة الى 79 جريحا و 2641 معتقلا عانقوا الشمس بعد الانتفاضة. ذهبت مشاعر ولم تصمد زهرة ابريل، بعد ان مهدت الاطياف السياسية التاريخية، الطريق الذي لم يكن ابدا وعرا لقطافها. ذهب ابريل وعاد منذ حينها مرات عديدة، والقضايا هى ذات القضايا بذاتها ولحمها وسداتها ،والاطياف هي هي بغضها وغضيضها ، والخطاب هو ذات الخطاب يبدأ من حيث انتهى فى ابريل الاغر، وينتهى فى ابريلنا هذا من حيث بدأ فى حضرة مشاعر ووالدتها.
قالت القوى السياسية فى ابريل الانتفاضة، ان البلاد على شفير الهاوية، وان الرئيس القائد لم يك يتمتع باي من مؤهلات القيادة،وان سياساته المطبقة ستقود لاتساع الهوة بين الشمال والجنوب، و أن الاوان قد حان لينتفض شعب البلاد ليخلصها من حكم المشير....... والخ...!، وحضر شعب البلاد حينها ولم يذهب الا بعد ان ازاح المشير، ولم تعد معه العصفورة مشاعر وعشرة من شباب البلاد الى منازلهم.
وجاء يونيو ليجد قضايا البلاد معلقة على مشجب ابريل، فالدستور الدائم محل خلاف ، ومصادر التشريع محل خلاف،وهيكلة الحكم محل خلاف، حتى هوية البلاد محل جدال!. وما اشبه الليله بالبارحة، فعندما حل ابريل من هذا العام وجد ذات القضايا فى انتظاره، الا انه وجد شعب البلاد اكثر توقا، غير انه لم يجد خارطة البلاد على حالها،فقد انفصل الجنوب.
وتقول القوى السياسية اليوم، ان الانقاذ التى جاءت لتنقذ البلاد، تحتاج البلاد اليوم لمن ينقذها منها . وتقول المعارضة فى ابريلنا هذا ايضا،ان المرحلة القادمة بعد انفصال الجنوب تقتضي حوارا وطنيا تشترك فيه الاطياف السياسية بشفافية عالية، وذلك لوضع خطوط عريضة لدولة السودان الشمالي الجديدة. وتحذر المعارضة الحزب الحاكم من أن «الرحلة المصرية والتونسية تنتظر قادة الحكومة» . ومن ان الانتفاضة فى انتظاره ما لم يصل إلى اتفاق حول أجندة وطنية. وتقول المعارضة كذلك،ان رياح التحول الديمقراطي القادمة من المنطقة العربية،لا محالة سوف تهب على السودان. وتسخر المعارضة من قول مسؤولي الحكومة بأن الحالة السودانية فى ابريلنا هذا، لا تشبه الحالة في الدول الأخرى، ثم تنفرج اسارير المعارضة وتعود لتقول:»بل تفوقها. و في أكثر من عشرة بنود، أهمها الفساد وتزوير الانتخابات وهيمنة الحزب الواحد والإعلام الكاذب»!
وتقول ايضا قوى اخرى من شجرة المعارضة التاريخية،ان الحوار الذي يدور بين الاحزاب والمؤتمرالوطني « تخزيل لارادة الجماهير ونوع من تلوين الحقائق لاثارة احباط الشعب السوداني» . وتتهم هذه القوى قيادات الاحزاب بالتهرب من التغيير لتخوفهم من تجاوز الجماهير لهم، ويعبر عن هذا تصريح لعلي محمود حسنين قال فيه صراحة» ان كانوا لايستطيعون تحمل المسؤولية عليهم ان يترجلوا ويفسحوا المجال للشباب « في اشارة الى قادة الاحزاب السياسية المعارضة، ورأى نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل، فى قيادات شجرة المعارضة التاريخية،تتبعه اشارة موحية وهى ان ماكينة الانتفاضة ظلت متعطلة لسنوات طويلة ،وان تحريكها يتطلب التحرك من الاطراف وليس من العاصمة المثلثة،وكما يشير الى ان الثورات في الشرق الاوسط بدأت في الاطراف والاقاليم وليست في العواصم. وهو لعمري اكتشاف يستحق ان تتدارسه قوى المعارضة،التى تنتظر ان تأتي الانتفاضة ضحى،بعد ان ينجح مجلس الاحزاب فى زجر كتيبة الوطني الاستراتيجية، ويفسح لها شوارع الخرطوم الفسيحة.
ولكن هل يستهدف هذا الحوار فعلا طي صفحة الماضي وتجاوز الخلافات، من اجل العمل على تحقيق المصلحة العامة لاهل السودان؟..ام ان الحوار المعني يمضي باتجاه تحقيق مصلحة الاحزاب حكومة ومعارضة ؟.. وهل تدخل الاحزاب هذا الحوار وهى تنظر للمصلحة القومية ام انها تسعى لمصالحها الحزبية ؟.. وهل ما يصدح به قادة الحزب الحاكم من دعوات لاهل البلاد ورموزها، للدخول فى حوارات غير مشروطة من اجل الوصول الى اجماع حول القضايا الوطنية، هل يصدر عن نوايا صادقة لمشاركة ابناء الوطن، فى عمل ينتشله من الدرك الذي ينحدر اليه فى ابريلنا هذا ، ام ان هذه الدعوات واللقاءات الفردية فى اعلى مستوياتها، يقصد بها تخفيف حدة التوتر فى البلاد، وابطال التأثيرات الثورية القادمة من المتوسط ؟. ومايدعو لمثل هذه التساؤلات ان رفض الوطني للتنازل عن مكتسباته التى حققتها نيفاشاـ وامن عليها ابريل آخرـ يقف حجر عثرة،أمام دعوة المعارضة لتشكيل حكومة قومية لادارة الشأن الوطني بعد حل الحكومة الحالية، واجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعد ترقيع دستور 2005 الانتقالي. ويتعارض ايضا مع ما ظلت تعلنه القيادات العليا للحزب بان اجندة الحوار مع الآخرين مفتوحة،وان رجال الوطني لا يطمعون فى التشبس بالسلطة ولا تستحوذهم شهوة الحكم.
وتقول المعارضة ايضا،إن حوارها مع الحزب الحاكم يهدف إلى كتابة دستور جديد يكفل حق المساواة في المواطنة ويكفل حقوق الإنسان واللامركزية الفيدرالية ضمن 6 ولايات للشمال مع تمثيلها في رئاسة الدولة وكفالة الحرية الدينية، وحل أزمة دارفور بما يستجيب لتطلعات أهل دارفور المشروعة ، وأن تكفل الحريات العامة وتكون مفوضية مستقلة للمراقبة، وأن يطبق برنامج اقتصادي إصلاحي، وأن يتم تحقيق العدالة والمصالحة، وأن تتكون حكومة قومية جامعة موزونة التكوين وليس لأي حزب فيها هيمنة على مؤسسات الدولة الرسمية، وهي انتقالية إلى حين إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة تأتي بقيادة جديدة ومجلس جديد يجيز الدستور الدائم للبلاد. وتعتقد المعارضة التاريخية ان حوارها مع الوطني ـ حال نجاحه ـ سيقود الى «تغيير النظام بالوسائل الناعمة وتجنيب البلاد الفوضى»، لكنها تلوح يوما بعد يوم الى انها قد تستخدم وسائل أخرى حال فشل الحوار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق