الأحد، 3 أبريل 2011

مصطفي إدريس.. الخسارة مرتين

البروفيسور مصطفى إدريس البشير، تم تعيينه مديراً لجامعة الخرطوم قبل عام ونصف العام من الآن، أي في أبريل من عام 2009م على وجه التحديد، وأقبل البروفيسور مصطفى إدريس على إدارة الجامعة بهمة عالية، وحدد فلسفته في إدارة الجامعة من خلال مقال شهير في الصحف تحت عنوان «حبيبتي ذات الحسن والجمال» ولا أريد إعادة ما حواه ذاك المقال من أفكار في هذه المساحة المحدودة، ولكن منذ تقلده الموقع مديرا للجامعة، أظهر قدرا كبيرا من الجدية في العمل، وحرك الكليات والمعاهد والمراكز من خلال الطواف الشهير الذي قام به على كل المواقع بالجامعة، وخصص ستة أشهر بكاملها للتعرف على المشكلات والتحديات الأساسية التي تواجه الجامعة، ومن بعد ذلك حدد الأوليات والمشروعات التي عليه أن يقوم بتنفيذها، لتطوير الجامعة والنهوض بها إلى مصاف الجامعات العالمية، وهي لا تقل عنها في شيء.
وتبيَّن له من خلال هذا التعرف الواسع على قضايا الجامعة، أن الجامعة تواجه مشكلة مالية كبيرة، وفكر جلياً في تجاوز هذه المعضلة باستنهاض الإمكانات الكبيرة التي تزخر بها جامعة الخرطوم في مختلف المجالات ومجال الاستثمار على وجه التحديد، وعزز الاهتمام بالجوانب المالية والإدارية من خلال الاجتماع الذي كان يعقده كل أسبوع بطريقة راتبة لمناقشة كل هذه الجوانب. واهتم بدور الخريج، كما اهتم بعودة اتحاد الطلاب الذي غاب عن الجامعة لعدة سنوات، ونظم حملةً قويةً لإعادة الاتحاد من خلال انتخابات حرة ونزيهة أدت لعودة اتحاد الطلاب لدورة، وأخفقت الدورة الثانية لعدم اكتمال النصاب القانوني.
وشجع البروفيسور مصطفى إدريس كافة المبادرات التي تصدر عن المراكز المتخصصة وخاصة مركز ابحاث السلام بالجامعة الذي قاد العديد من المبادرات عبر منبر السياسات، آخرها كانت الندوة الشهيرة التي تحدث فيها الرئيس السابق لجنوب إفريقيا ومفوض الاتحاد الإفريقي للسلام في السودان ثابو أمبيكي، كما شجع البحث العلمي واهتم بموقع الجامعة على الإنترنت، وهو عمل كبير يقوده نائب مدير الجامعة البروفيسور الصديق أحمد المصطفى حياتي مع العاملين بشبكة وتقنية المعلومات، وقد ظهرت نتائجه في إحراز جامعة الخرطوم المركز الخامس بين الجامعات الإفريقية، والرابع عشر بين الجامعات العربية، وهي تعد العدة لاحتلال المركز الأول في القريب بإذن الله.
وكما هو معلوم فقد تم إعفاء البروفيسور مصطفى إدريس قبل أن يكمل حتى نصف مدة التكليف المقررة له بوصفه مديراً للجامعة، والناس يتساءلون عن السبب، في حين أن قرار الإعفاء الذي أصدره رئيس الجمهورية لم يبيِّن الأسباب، وجاء مقتضباً شأن هذه القرارات، وقد ذهب البعض إلى أن القرار صدر لرفض مدير الجامعة «والذي لم يكن وحده» وإنما معه كل الجامعة، لنزع أراضي الجامعة بالبركس التي تم نزعها وتمليكها لصندوق رعاية الطلاب بقرار جمهوري أيضا في سبتمبر من العام الماضي، ولم يكن مدير الجامعة هو المعترض الوحيد على هذا القرار الذي جاء مجحفا في حق جامعة الخرطوم التي تعد أقدم مؤسسة وأعز مؤسسة في السودان. ولكن الاعتراض على القرار هو اعتراض كل الأسرة الجامعية ممثلة في جميع مؤسساتها، بدءاً بمجلس العمداء ثم مجلس الأساتذة ومجلس الجامعة والطلاب والخريجين الذين كتبوا على صفحات الصحف ومواقع الإنترنت رافضين لهذا القرار. فكل هذه المؤسسات عبرت عن رفضها لقرار نزع أرض الجامعة وتمليكها لجهة أخرى في الدولة، فإن كان هذا هو السبب، فإن البروفيسور مصطفى إدريس ليس وحده في هذا الأمر. وإن كانت هناك أسباب أخرى مثل التعبير عن رأيه في الصحف من خلال عشر مقالات كتبها بصفته العلمية والأكاديمية، متناولاً فيها كثيراً من الموضوعات المهمة حسب رأيه، فإن العلماء وأساتذة الجامعات أولى بأن يقولوا رأيهم في الشأن العام وبكل صراحة ولا غضاضة في ذلك، مع عدم علمي التام بما إن كان هذا هو السبب. وأرجو ألا تكون الجامعة قد خسرت مرتين مرة بنزع أرض «البركس» والمرة الثانية بإعفاء المدير، وإذا عادت الأرض فإن بروفيسور مصطفى هو الرابح رغم الإعفاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق