الأحد، 3 أبريل 2011

التجربة الإسلامية في الميزان «4»

كسائر الانقلابات العسكرية لجأ النظام ــ في عشرية الإنقاذ الأولى ــ لاستخدام شتى وسائل القمع والقهر السياسي وكانت قبضة النظام الأمنية المشددة تذيق المواطنين الويلات، حيث تمت إحالة جيوش من الخدمة المدنية والعسكرية إلى الصالح العام لمجرد الشك في ولائها وانتمائها السياسي . . وكان توظيف السياسات الاقتصاد في التضييق على الخصوم بالمحاربة في الرزق من أبشع ما اقترفته الحركة الإسلامية من مظالم وتجاوزات لم يتم معالجتها حتى الآن رغم ما أبداه النظام من تراجع عن السياسات القمعية .
وكانت السياسة الخارجية في عهد الإنقاذ تسير وفق توجهات القائمين على الأمر ومزاجهم السياسي إزاء تقلبات الأحداث دونما استناد إلى رؤية استراتيجية أو توجه دبلوماسي معتدل لرجال الدولة وقد شاب التوتر علاقات السودان الخارجية بمحيطه العربي والأفريقي بسبب الازدواجية مابين توجهات رئيس الدولة الرئيس البشير ونهج مرشد النظام الدكتور/ حسن الترابي صاحب الطموح في الزعامة الأممية والدور الإقليمي الواسع فخسر السودان علاقاته بمصر ودول الخليج العربي إثر الموقف من غزو الرئيس صدام حسين للكويت كما خسر علاقاته بدول المغرب العربي والجوار الأفريقي نتيجة للتدخلات في الشئون الداخلية لهذه الدول ومحاولة استقطاب المعارضة الإسلامية المغاربية في المؤتمر العربي الإسلامي الذي اتخذ من الخرطوم مقراً له .
ورغم الحصار السياسي والاقتصادي والتطويق العسكري بجبهات المعارضة المفتوحة في الجنوب والشرق والغرب الذي تعرض له النظام إلا أنه نجح في استخراج وتصدير البترول وقلب المعادلة لصالحه مما عجل بتوقيع اتفاقية السلام الشامل التي هيأت للجنوب قدراً من الاستقرار والتنمية لدرجة تفوق ما حققته الحكومات الوطنية طوال الخمسين سنة السابقة لتوقيع اتفاق السلام الشامل بحسب تصريح للنائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق «سلفا كير ميارديت»في زيارته الأخيرة لأمريكا ورغم ذلك لم يجد النائب الأول للرئيس ما يقنعه بخيار الوحدة !!. . ولعل إرساء السلام من أبرز النجاحات التي تحسب لحكومة الإنقاذ في جنوب السودان وشرقه وتحقيق قدر من التنمية والاستقرار بعد أن توقف نزيف الدم وسكتت آلة القتل والتدمير .
يعتقد البعض أنه بمجرد التوقيع على اتفاقية السلام ستنقلب الحياة بين ليلة وضحاها إلى جنة ونعيم مقيم ويتصور البعض بسذاجة أن السلام سيجلب دولة تتماهى مع أشواقه وتمنياته أو يظن بمجرد إضافة مواد للدستور تقر الحريات والعدالة وحقوق الإنسان وعدم التمييز ستسفر عن نظام يرى كل مواطن فيه نفسه !! فدستور الولايات المتحدة لم يضمن حقوقاً متساوية للأمريكان بمجرد تحرير الرئيس إبراهام لينكولن للسود بل ناضل نشطاء الحقوق المدنية طويلاً حتى حصلوا على بعض الحقوق المتساوية مع البيض، ومع ذلك كان أوباما أول رئيس أسود يصل إلى سدة الحكم ولكنه لم يسلم من الاتهام بأنه مسلم يقود دولة ذات أغلبية مسيحية !! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق